يشيّد الشاعر (بيوته) في قلوب الناس، وربما تغدو أحياء، ومدائن، عامرة بكل ما هو مُعزز لإنسانية الآدميين، ويتقاطع الشاعر المسكون بالخلود، مع الزُّهاد، والعرفانيين، بقدر ما يعشقهم المريدون، ويترقبون التجلّي، بقدر ما هم مفتونون بالتخلّي، والتحلّي، لينقشوا في جدارية التاريخ ما يحفظ مكانتهم في سِفر المبدعين.
وحين يرحل شاعر دون إنذار مسبق، يحضر شعره، وتستعاد مواقفه ومحافله، وانفراداته النوعية، وكأنما أطلّت ذاته الشاعرة من علٍ لشدّ انتباه الناقد والقارئ، المهجوسين بالكلام الذي لا يشبهه كل كلام.
بالأمس القريب ودّعنا أستاذ الإتقان لفرائد (الشقر)، وحادي قوافل القصائد الحسان، سعود بن سعيد بن سحبان الخزمري، أبرز سادة الموروث الجنوبي، وداعاً جَبَرَ المشوار بالغياب، فانكسر خاطر الأبجدية، واتشحت الأحرف الثكلى بالسواد، وانشغلت المشاعر بالتلفت علّ ما حدث لا يعدو أضغاث أحلام في منام. لم يسرف شاعرنا الأصيل، في تبديد لغته، أو عرض بضاعته الغالية في كل سوق، ليقينه أن القيمة ليست الثمن، وأن الأبقى ما يسكن الذاكرة، و يستغوي الذائقة، ويلامس الوجدان، ومما يؤكد استيعاب الشاعر لطبيعة الزمن، وحتمية التحولات، يصوغ من بسيط اللفظ عمق الدِلالة: «في ما مضى يعمرون الناس من كل شيباح، واليوم جونا الخواج وزودو فالعمارا، حتى الحجر قام يتغبّن يقول فات عمري، والله لاقفى زمان الفايدة والغنيمات، ورمية الغيب لو باغيرها ما تغيري». نما قاموس ابن سحبان، في بيئته، وعبّر عن إنسان المكان، من قمم النقاء، إلى سهول الدفء، مروراً بصفاء الينابيع، وغيول الأودية، و أحاديث الأسمار، ومعاناة المتعبين، وسطّر بالمعنى والمبنى والمغنى، في كتاب الحب، ما سيزداد بالغياب أناقةً وألقاً واستدراجاً للحدس إلى مواطن الجمال:
«يا سلامي عد سيل غزيرٍ والعصاه، لاندر وادي سقاما وصادف ماي راش، والقبايل تتنقى وجوده كلهم، بعد جود الله في كل وادي منتبع ما، والمزارع يرتوي زرعها وترابها».
وحين يرحل شاعر دون إنذار مسبق، يحضر شعره، وتستعاد مواقفه ومحافله، وانفراداته النوعية، وكأنما أطلّت ذاته الشاعرة من علٍ لشدّ انتباه الناقد والقارئ، المهجوسين بالكلام الذي لا يشبهه كل كلام.
بالأمس القريب ودّعنا أستاذ الإتقان لفرائد (الشقر)، وحادي قوافل القصائد الحسان، سعود بن سعيد بن سحبان الخزمري، أبرز سادة الموروث الجنوبي، وداعاً جَبَرَ المشوار بالغياب، فانكسر خاطر الأبجدية، واتشحت الأحرف الثكلى بالسواد، وانشغلت المشاعر بالتلفت علّ ما حدث لا يعدو أضغاث أحلام في منام. لم يسرف شاعرنا الأصيل، في تبديد لغته، أو عرض بضاعته الغالية في كل سوق، ليقينه أن القيمة ليست الثمن، وأن الأبقى ما يسكن الذاكرة، و يستغوي الذائقة، ويلامس الوجدان، ومما يؤكد استيعاب الشاعر لطبيعة الزمن، وحتمية التحولات، يصوغ من بسيط اللفظ عمق الدِلالة: «في ما مضى يعمرون الناس من كل شيباح، واليوم جونا الخواج وزودو فالعمارا، حتى الحجر قام يتغبّن يقول فات عمري، والله لاقفى زمان الفايدة والغنيمات، ورمية الغيب لو باغيرها ما تغيري». نما قاموس ابن سحبان، في بيئته، وعبّر عن إنسان المكان، من قمم النقاء، إلى سهول الدفء، مروراً بصفاء الينابيع، وغيول الأودية، و أحاديث الأسمار، ومعاناة المتعبين، وسطّر بالمعنى والمبنى والمغنى، في كتاب الحب، ما سيزداد بالغياب أناقةً وألقاً واستدراجاً للحدس إلى مواطن الجمال:
«يا سلامي عد سيل غزيرٍ والعصاه، لاندر وادي سقاما وصادف ماي راش، والقبايل تتنقى وجوده كلهم، بعد جود الله في كل وادي منتبع ما، والمزارع يرتوي زرعها وترابها».