ضاق الأوروبيون ذرعاً بتوالي موجات فايروس كورونا الجديد، وما يرافقها من أسماء سلالات متحورة جديدة، وقرارات تقضي عاماً بعد الأخر بإلغاء التجمهر التقليدي الحاشد للاحتفال بمقدم السنة الجديدة. وحتى عيد الميلاد لم يخل هذه السنة مما حدث له خلال السنة المنصرمة. ولذلك كان رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، صريحاً وواضحاً حين قال الأسبوع الماضي، إنه يدرك أن صبر شعب بلاده على الوباء العالمي كاد ينفد، وأنه مدرك تماماً مدى شعور الناس بالتعب من التصدي للفايروس، والإجراءات المشددة التي تواكب تلك الجهود المضنية. وتقول بلومبيرغ إنه جنباً إلى جنب ذلك الشعور بالإجهاد بدأ يظهر شعور آخر آخذ في التجذر، مفاده أن فايروس كورونا الجديد لا يمكن القضاء عليه من خلال تعميم اللقاحات المناوئة له، وتدبير الإغلاق. ويرى هذا الفريق من الناس أن الفايروس أضحى وباء «محلياً»، يجب على الناس أن يتعلموا كيف يتعايشون معه، ربما لسنوات قادمة. وبدأت تتشكل خلال الأسبوع الماضي ملامح الطريقة التي سيواجه بها الأوروبيون أزمتهم الوبائية المتفاقمة، على الأقل من خلال القرارات السياسية لحكومات بلدانهم، ومن خلال إحباط تلك الشعوب مما فيهم فيه من بؤس وشقاء. ويجمع الزعماء السياسيون على أنهم لن يلجأوا هذه المرة إلى الإغلاق، الذي لم يؤد في السابق إلى النتائج المرجوة صحياً. وتركزت معظم قراراتهم أخيراً في العودة لإلزامية لارتداء الكمامات في الأماكن العمومية، وتوسعة نطاق حملات التطعيم، فيما تراهن جميع الحكومات الأوروبية على توزيع أكبر قدر ممكن من الجرع التنشيطية الثالثة من لقاحات كوفيد-19. وحتى إيطاليا التي كانت الأكثر تضرراً في أوروبا من الموجة الأولى من فايروس كوفيد-19، أعلنت الخميس تدابير أقل صرامة مما اتخذته خلال تلك الموجة.. فقد عمدت إلى تقصير فترة صلاحية «التصريح الأخضر» (شهادة التحصين)، ما يحتم على مواطنيها أخذ الجرعة التنشيطية الثالثة. واكتفت بمنع التجمهر حتى نهاية يناير المقبل. وقال وزير الصحة الإيطالي روبيرتو سبيرانزا، إن اللقاحات ستبقى سلاحاً أساسياً في الحرب على الوباء العالمي. ويأتي ذلك في ظل اقتناع عام بأنه على رغم سرعة التفشي التي تتسم بها سلالة أوميكرون؛ إلا أن من خضعوا للقاحات أقل عُرضة للخطر الصحي إذا ما أصيبوا. وهو ما يطمئن الحكومات الأوروبية التي تخشى إلى درجة الرعب أن يسفر تسارع التفشي الفيروسي عن انهيار منظومات الخدمة الصحية في بلدانها.