نَعَى الوسط الثقافي، الوجيه «عبدالمقصود خوجة»، -رحمه الله- في أمريكا. ومع أن «خوجة» لم يَنَلْ من التعليمِ إلا أيسره، فقد درسَ المرحلة الابتدائية في مدارس الفلاح بمكة المكرمة، وأكمَلَ تعليمَهُ في المعهد العربي الإسلامي بدمشق؛ إلا أن تجربته، وعلاقته بوالده، أسهمت في إعداد، وبناء رؤية ثقافية كانت الأساس الذي انطلق منه «خوجة» وكانت لمناصبه الإدارية دور كبير في صقل شخصيته الثقافية، كيف لا وقد تقلد منصبين في مدينة الثقافة والنور في وقتها «بيروت»، قبل أن تهيمن عليها الحزبية الطائفية، (مندوب الديوان الملكي السعودي في المفوضية السعودية ببيروت)، ثم العمل في المكتب الصحفي بالسفارة السعودية بلبنان. ولاحقًا إثر عودته إلى الوطن عمل «مدير المكتب الخاص للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر، ومدير الإدارة العامة للصحافة والإذاعة والنشر بمدينة جدة المدينة التي أحبها وأحبته.
وباستقالته عام 1383هـ/ 1964م من القطاع الحكومي، دخل قطاع الأعمال الحرة، التي نجح فيها نجاحًا واضحًا من خلال علاقاته التي كونها خلال عمله الحكومي داخل المملكة وخارجها، ومنها علاقته بالأمير سلطان بن عبدالعزيز، فأسس شركات عدة، في مجال أعمال البناء والمقاولات والصناعة، منها مجموعة خوجة المختصة بتطوير المشاريع السكنية.
وبعد أن أغدق الله عليه من نعمه وأفضاله ولتأثره ببيروت وأضوائها وصخبها وحراكها السياسي والاجتماعي، ولعمله الحكومي في الإعلام وظّف ثروته المباركة في دعم الأنشطة الثقافية ومساندتها، فأسس «منتدى الاثنينية الثقافي الأدبي»، في العام الهجري 1403- الذي يُقام مساء كل اثنين في قصره بجدة، احتفاءً برموز الأدب والشعر والفكر، فكرم من خلاله أسماء مهمة لمعت في مجالات الثقافة والفكر والأدب ليس فقط من المملكة العربية السعودية (عبدالقدوس الأنصاري وعبدالرحمن الأنصاري، ومحمد مهدي الجوهري، وسمير سرحان، و (ألكسي غاسيليف، وبنيامين بوبوف).
ولم يقتصر دعمه للجانب الثقافي وحسب، بل امتد إلى جوانب أخرى، مثل: الجانب الرياضي، (أندية الوحدة بمسقط رأسه مكة، والطائي والجبلين في حائل)، ودعم النادي الثقافي الأدبي في مدينتي جدة، ومكة المكرمة، والجمعيات الخيرية، مثل: الجمعية الخيرية بالمدينة المنورة، وجمعية البر في مدينتي: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وتنوعت هذه الجمعيات بين جمعيات تحفيظ القرآن الكريم (الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة) والرعاية الاجتماعية (جمعية رعاية الأيتام بمكة المكرمة، وجمعية رعاية الأطفال المعاقين بالغربية، ورعاية الأطفال المعاقين بالرياض)، والمراكز الصحية، ومنها مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، وجمعية أصدقاء القلب الخيرية، وطب الأنف والأذن والحنجرة بجدة، ومرضى السكر، وجمعية أصدقاء مرضى الزهايمر).
وأذكر وأشكر تكريم الاثنينية، لي في العام 1436هـ، وكانت ليلة لا تنسى، ورغم أنها المرة الأولى التي أحظى فيها بشرف لقاء المرحوم عبدالمقصود خوجة، إلا أنها تركتْ في نفسي أثرًا طيبًا لا ينسى، فشخصيته الهادئة الواثقة، وتعامله الطيب، وخلقه الرفيع، وثقافته الواسعة، وحنكته تجعلك تحس أنك في بيتك. ولفت انتباهي ما اسميته بـ: الطقوس (الترتيبات) التي يمّر بها الضيف (المُكَرَم)، فبعد دفع تكاليف السفر والإقامة المتميزتين، تكون الطقوس أو الترتيبات على النحو الآتي:
- ليلة التكريم يأخذك السائق إلى قصر (دار) المرحوم خوجة في السابعة مساءً، فالبوابة المخصصة للمُكَرَمِ لا تُفتح أبدًا إلا في تمام الساعة السابعة والنصف، ولا يمكن الدخول قبلها، لذلك اضطر السائق الدوران مرة أخرى بدلًا من الوقوف عند البوابة.
- الاستقبال الرسمي الراقي من لدن المُضِيف وفريق المنتدى، مع سجادة حمراء ذكرتني باستقبالات القادة والمهرجانات الفنية العالمية. يتبعها حفاوة رائعة من المُضِيف، وشخصيًا لم أحظّ باستقبال خوجة، فقد أناب ابنه الفاضل محمد سعيد عبدالمقصود خوجة، الذي لا يقل عن أبيه بشاشة وهيبة.
- الانتقال برفقة الفريق وكاميرات التصوير الفوتوغرافية والمتلفزة إلى قاعة أنيقة؛ إذ استقبلتُ من صاحب الدار (كما يحب أن يسميها)، بمعية كبار الضيوف من وزراء سابقين وكبار رجالات جدة من مفكرين وأدباء، وازدانت هذه القاعة الأنيقة بصور المكرمين الذين بلغ عددهم أكثر من 450 مكرمًا.
- وإثر استراحة قصيرة تبادلنا فيها أطراف الحديث، تشرفتُ بإهدائه بعضًا من مؤلفاتي المتواضعة ولوحة كُتب عليها اسمه بالقلم النبطي، نفذها الأخ سعيد الأحمري، وأخذنا الوجيه -رحمه الله- إلى المكان المخصص للتكريم، الذي يبدأ في تمام الساعة الثامنة.
يلقي في البداية خوجة كلمته الترحيبية، يتلوه المتحدثون، الذين كانوا وقتها أربعة أشخاص، منهم الزميل والأخ المفكر الدكتور زيد الفضيل، والعربي القومي الميول المفكر طبيب الإسنان عبدالله مناع، وفوجئتُ بمشاركته. ثم طُلب مني إلقاء فكرة مختصرة عن الآثار وأعمالنا في موقع (دادان).
- وانتهاء الفقرات، يتولى المُضِيف -المرحوم بإذن الله خوجة- تقديم هداياه التكريمية للمُكَرَم، أبرزها لوحة كسوة الكعبة.
رحم الله خوجة فقيد الثقافة وأسكنه فسيح جناته وتجاوز عنا وعنه وألهم عائلته ومحبيه الصبر والسلوان، ونسأل الله عز وجل أن تكون هذه الاثنينية وفعالياتها، ومنها إصداراتها المجانية التي بلغت حتى الآن 185 إصدارًا مع إصداراتها للأعمال الأدبية للأدباء السعوديين القدامى وتوثيقها في ميزان حسناته.
وباستقالته عام 1383هـ/ 1964م من القطاع الحكومي، دخل قطاع الأعمال الحرة، التي نجح فيها نجاحًا واضحًا من خلال علاقاته التي كونها خلال عمله الحكومي داخل المملكة وخارجها، ومنها علاقته بالأمير سلطان بن عبدالعزيز، فأسس شركات عدة، في مجال أعمال البناء والمقاولات والصناعة، منها مجموعة خوجة المختصة بتطوير المشاريع السكنية.
وبعد أن أغدق الله عليه من نعمه وأفضاله ولتأثره ببيروت وأضوائها وصخبها وحراكها السياسي والاجتماعي، ولعمله الحكومي في الإعلام وظّف ثروته المباركة في دعم الأنشطة الثقافية ومساندتها، فأسس «منتدى الاثنينية الثقافي الأدبي»، في العام الهجري 1403- الذي يُقام مساء كل اثنين في قصره بجدة، احتفاءً برموز الأدب والشعر والفكر، فكرم من خلاله أسماء مهمة لمعت في مجالات الثقافة والفكر والأدب ليس فقط من المملكة العربية السعودية (عبدالقدوس الأنصاري وعبدالرحمن الأنصاري، ومحمد مهدي الجوهري، وسمير سرحان، و (ألكسي غاسيليف، وبنيامين بوبوف).
ولم يقتصر دعمه للجانب الثقافي وحسب، بل امتد إلى جوانب أخرى، مثل: الجانب الرياضي، (أندية الوحدة بمسقط رأسه مكة، والطائي والجبلين في حائل)، ودعم النادي الثقافي الأدبي في مدينتي جدة، ومكة المكرمة، والجمعيات الخيرية، مثل: الجمعية الخيرية بالمدينة المنورة، وجمعية البر في مدينتي: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وتنوعت هذه الجمعيات بين جمعيات تحفيظ القرآن الكريم (الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة) والرعاية الاجتماعية (جمعية رعاية الأيتام بمكة المكرمة، وجمعية رعاية الأطفال المعاقين بالغربية، ورعاية الأطفال المعاقين بالرياض)، والمراكز الصحية، ومنها مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، وجمعية أصدقاء القلب الخيرية، وطب الأنف والأذن والحنجرة بجدة، ومرضى السكر، وجمعية أصدقاء مرضى الزهايمر).
وأذكر وأشكر تكريم الاثنينية، لي في العام 1436هـ، وكانت ليلة لا تنسى، ورغم أنها المرة الأولى التي أحظى فيها بشرف لقاء المرحوم عبدالمقصود خوجة، إلا أنها تركتْ في نفسي أثرًا طيبًا لا ينسى، فشخصيته الهادئة الواثقة، وتعامله الطيب، وخلقه الرفيع، وثقافته الواسعة، وحنكته تجعلك تحس أنك في بيتك. ولفت انتباهي ما اسميته بـ: الطقوس (الترتيبات) التي يمّر بها الضيف (المُكَرَم)، فبعد دفع تكاليف السفر والإقامة المتميزتين، تكون الطقوس أو الترتيبات على النحو الآتي:
- ليلة التكريم يأخذك السائق إلى قصر (دار) المرحوم خوجة في السابعة مساءً، فالبوابة المخصصة للمُكَرَمِ لا تُفتح أبدًا إلا في تمام الساعة السابعة والنصف، ولا يمكن الدخول قبلها، لذلك اضطر السائق الدوران مرة أخرى بدلًا من الوقوف عند البوابة.
- الاستقبال الرسمي الراقي من لدن المُضِيف وفريق المنتدى، مع سجادة حمراء ذكرتني باستقبالات القادة والمهرجانات الفنية العالمية. يتبعها حفاوة رائعة من المُضِيف، وشخصيًا لم أحظّ باستقبال خوجة، فقد أناب ابنه الفاضل محمد سعيد عبدالمقصود خوجة، الذي لا يقل عن أبيه بشاشة وهيبة.
- الانتقال برفقة الفريق وكاميرات التصوير الفوتوغرافية والمتلفزة إلى قاعة أنيقة؛ إذ استقبلتُ من صاحب الدار (كما يحب أن يسميها)، بمعية كبار الضيوف من وزراء سابقين وكبار رجالات جدة من مفكرين وأدباء، وازدانت هذه القاعة الأنيقة بصور المكرمين الذين بلغ عددهم أكثر من 450 مكرمًا.
- وإثر استراحة قصيرة تبادلنا فيها أطراف الحديث، تشرفتُ بإهدائه بعضًا من مؤلفاتي المتواضعة ولوحة كُتب عليها اسمه بالقلم النبطي، نفذها الأخ سعيد الأحمري، وأخذنا الوجيه -رحمه الله- إلى المكان المخصص للتكريم، الذي يبدأ في تمام الساعة الثامنة.
يلقي في البداية خوجة كلمته الترحيبية، يتلوه المتحدثون، الذين كانوا وقتها أربعة أشخاص، منهم الزميل والأخ المفكر الدكتور زيد الفضيل، والعربي القومي الميول المفكر طبيب الإسنان عبدالله مناع، وفوجئتُ بمشاركته. ثم طُلب مني إلقاء فكرة مختصرة عن الآثار وأعمالنا في موقع (دادان).
- وانتهاء الفقرات، يتولى المُضِيف -المرحوم بإذن الله خوجة- تقديم هداياه التكريمية للمُكَرَم، أبرزها لوحة كسوة الكعبة.
رحم الله خوجة فقيد الثقافة وأسكنه فسيح جناته وتجاوز عنا وعنه وألهم عائلته ومحبيه الصبر والسلوان، ونسأل الله عز وجل أن تكون هذه الاثنينية وفعالياتها، ومنها إصداراتها المجانية التي بلغت حتى الآن 185 إصدارًا مع إصداراتها للأعمال الأدبية للأدباء السعوديين القدامى وتوثيقها في ميزان حسناته.