كتاب ومقالات

سرُّ الاستدامة المالية بين التوفير والتقنين

Class="articledate">الخميس ربيع 2024 / Class="articledate">الخميس 03 / أكتوبر 1446 الأول

قاضي Creativekadi@ حسان



(التوفير المالي)؛ عملية حفظ المال وتخصيصه لتحقيق الأهداف المستقبلية أو للاستفادة منه في أوقات الحاجة الطارئة، فهو عادة مدروسة تهدف إلى تعزيز الاستقلالية المالية وتجنُّب الأزْمات.

أما التقنين؛ فهو التوازن الحكيم بين التوفير والإنفاق، بحيث لا يتم الإفراط في الادخار إلى حدِّ البخل، ولا الإسراف في الإنفاق إلى حدِّ التبذير، ويُعد نوعاً من الوسطية المالية التي تسمح بالاستمتاع بالموارد المتاحة مع الحفاظ على استدامتها.

في المقابل؛ فإن البُخل والإسراف لا يجب أن يكونا جزءاً من إستراتيجياتنا المالية، فالبخل ليس تقنيناً، والإسراف ليس كرماً.

الاقتصاد الشخصي الإيجابي؛ هو موازنة دقيقة بين توفير المال وإنفاقه بشكل مدروس، مما يُعزز من الاستفادة القصوى من الموارد المالية المتاحة دون الإفراط أو التقتير، فينبغي علينا العمل بالوسطية والتخطيط للاستدامة في التعاطي مع أمورنا المالية لتحقيق الاكتفاء والاستقلالية المالية.

مثال من الواقع للتقنين: يظهر في الادخار الشخصي، إذ يمكننا تحقيق الاستدامة المالية الشخصية عن طريق تخصيص جزء من الدخل الشهري للادخار في حساب توفير أو استثمار طويل الأمد، مما يضمن وجود موارد مالية في حالات الطوارئ أو لتمويل مشاريع مستقبلية، بينما يظهر الإسراف في الإنفاق الفوري على الكماليات دون التفكير في المستقبل، مما يؤدي إلى عدم تحقيق أي استدامة مالية.

تماماً كما هو الحال في الادخار، إذ يمكن تطبيق التقنين، أيضاً، في مجالات الاستثمار لتحقيق الاستدامة المالية، فيتمثل التقنين هنا في استثمار جزء من الدخل في مشاريع مستدامة أو عقارات، بعد دراسة جدوى تلك الاستثمارات. في المقابل، تتجلى السلبية في تجنب أي استثمار خوفاً من المخاطرة، مما يؤدي إلى عدم تحقيق أي نمو مالي.

التصرف في المال يجب ألا يكون عشوائياً؛ فالإدارة المالية والاقتصاد هما علوم تساعدنا على تحقيق أهدافنا المالية بفعالية. التخطيط المالي السليم يتضمن وضع ميزانية، مراقبة الإنفاق، والتفكير في المستقبل.

لذلك، التخطيط الجيد يتطلب وعياً كاملاً بالأهداف والاحتياجات الحقيقية، والابتعاد عن العشوائية في التصرفات المالية؛ سواء على المستوى الفردي أو المؤسساتي، فالمنظومة المالية المؤسسية تتطلب تنظيماً وتخطيطاً دقيقاً لضمان استمراريتها ونموها.

أخيراً..

إن البُعد عن البخل والإسراف والتركيز على التقنين والتوفير المدروس يمكن أن يضمن لنا حياة مالية مستقرة ومستدامة، فلنعملْ على تطوير هذا التوازن من خلال التخطيط والوعي المالي، لتحقيق الاكتفاء والاستقلالية المالية والاستفادة من أموالنا بطرق إيجابية ومستدامة.