أخبار

دبلوماسية الخليج تنتصر لـ«معركة السلام»

من جدة.. إلى المنامة

2024 ذو القعدة مايو / Class="articledate">الاثنين / / 1445 20

القادة العرب المشاركون في قمة البحرين.

Ghadawiabdullah@ عبدالله (المنامة) الغضوي

صحيح أن مملكة البحرين للمرة الأولى تستضيف قمة عربية على أراضيها، لكنها فعلت كل ما من شأنه إنجاح القمة ووضع بصمة العروبة عليها، في الوقت الذي أحوج ما يكون فيه العرب إلى استعادة الوزن السياسي الاقتصادي والاجتماعي والحضاري على الخارطة العالمية.

قبل أشهر من انعقاد القمة العربية العادية في دروتها الـ33، كان وزير الخارجية البحريني الدكتور عبداللطيف الزياني ينتقل من دولة عربية إلى أخرى، من أجل قمة عربية مكتملة الأركان والحضور والرؤية والموقف، في ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة وبالتحديد الأوضاع في غزة.

وبالفعل كانت البحرين، والملك حمد بن عيسى آل خليفة على موعد مع قمة عربية استثنائية من حيث الحضور والموقف العروبي الواضح والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والتأكيد مرة أخرى ومرات على أن العرب ما زالوا على موقفهم من القضية الفلسطينية ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

في خطاب ملك البحرين، كان لافتا الحديث عن معركة جديدة في الشرق الأوسط، وهي معركة السلام، ففي الوقت الذي تتسع فيه دائرة الحروب والتوترات جاءت كلمة الملك حمد بن عيسى لتتحدث عن «معركة السلام في الشرق الأوسط».

من يعيد قراءة خارطة المواقف العربية وكلمات القادة في هذه القمة يدرك أن ثمة بلورة واضحة لموقف عربي جديد فاعل على مستوى المنطقة والعالم، وكان هذا واضحا في حديث ملك البحرين بالقول «إن هناك حاجة لبلورة موقف عربي ودولي مشترك وعاجل، يعتمد طريق التحاور والتضامن الجماعي لوقف نزف الحروب، وإحلال السلام النهائي والعادل، كخيار لا بديل عنه، إن أردنا الانتصار لإرادتنا الإنسانية في معركة السلام».

بل إن إعادة النظر في حديث الأمين العام لجامعة الدول العربية، واستعراضه المواقف الدولية مما يجري في غزة، والرفض الكامل والحازم للتهجير وانتقاد العجز الدولي، لأمر يحسب إلى قمة البحرين التي جرى التحضير لها لتكون علاقة فارقة في مسار القمم العربية.

يمكن القول وبشكل طبيعي لتطور القوى الإقليمية الفاعلة، إنه ليس بالصدفة أن تكون القمة العربية الثانية والثلاثين في جدة، والتي كانت أيضا حافلة بالحضور الدولي الواسع والطرح السياسي المتقدم في سياق القمم العربية، ومنها إعادة سورية إلى الجامعة العربية، وحضور الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي وكلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولعله مؤشر على القدرة على التأثير الدولي وليس الإقليمي فقط في إطار دبلوماسية السلام والتعايش لا الحرب والأزمات.

واليوم يستمر الأمر من جدة إلى المنامة، إذ رسخت قمة البحرين قواعد السياسة العربية في الموقف من فلسطين بالتأكيد على السلام الاستراتيجي في إطار المصالح العربية وتعزز ذلك من خلال الحضور العربي اللافت في هذه القمة والتي كانت مملكة البحرين تعمل من أجله بكل دبلوماسية رشيقة ومؤثرة، ولعل في هاتين القمتين المتعاقبتين قراءة من نوع جديد للديناميات المحركة في المنطقة، هذه الدينامية تقول: إن دول الخليج باتت أحد أبرز حوامل القضايا العربية المتقدمة على الخارطة السياسية، وباتت هي الفعل وصانعة الفعل السياسي.

وبكل تأكيد ومن خلال القراءة الهادئة لن يكون الفعل السياسي الخليجي أمرا مؤقتا بقدر ما هو مقدمة لأفعال ذات تأثير إقليمي ودولي، وهذا ما بينه وزير خارجية البحرين خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب أعمال القمة بقوله: إن طرح الملك حمد لمؤتمر سلام، ليس إلا مقدمة لسلسلة من المبادرات واللقاءات والحوارات للتوصل وبشكل حقيقي إلى سلام ينقل المنطقة إلى مرحلة جديدة.

لاحظ المراقبون بشكل واضح، حالة عربية جديدة في التعاطي مع الأزمات ومع الوضع في غزة تحديدا، وكي لا نفرط في التفاؤل، لكن من المهم الإشارة إلى هذا التحول اللافت في سعي العرب إلى بلورة موقف جديد أكثر فاعلية.

وفي الأيام القادمة، سيكون لمملكة البحرين التي تترأس الدورة الثالثة والثلاثين، تحركات سياسية واسعة على المستوى العربي وحتى الدولي، وبطبيعة الحال الوضع في غزة سيكون أولوية هذه التحركات.

إن تحول موازين القوة على المستوى الإقليمي والدولي، أنتج مراكز ثقل وتأثير سياسي تحت ثنائية جدة -المنامة، الأمر الذي وصفه وزير الخارجية البحريني في حوار مع «عكاظ» بـ«الشراكة الاستراتيجية التاريخية»، ولعل هذا من مؤشرات التفاؤل السياسي في البيت العربي.