المملكة والكويت.. وشائج أخوية يؤطرها تاريخ مشترك
/ 1445 30 18 الثلاثاء / 2024 18:08 يناير / Class="articledate">الثلاثاء
(الرياض) «عكاظ»
تتسم العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت بالتطور والنمو في شتى المجالات، وتشهد مواقف البلدين الشقيقين تفاهماً متبادلاً حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية، فيما تجمع أبناء الشعبين وشائج الإخاء، يؤطرها التاريخ المشترك والعادات والتقاليد العربية الأصيلة والموروث الشعبي والثقافي، كما هو الحال مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتمتاز العلاقات السعودية - الكويتية التي تعود إلى أكثر من 130 عاماً بخصوصية متفردة وروابط رسمية وشعبية، حيث إنها مبنية على الأخوة ووحدة المصير، وقد عزز رسوخها حرص قيادتي البلدين الشقيقين على توطيد وتطوير هذه العلاقات، وتعزيز أوجه التعاون المشترك في مختلف المجالات.
ونتج عن ذلك إحداث نقلة نوعية في علاقات البلدين شملت التعاون في جميع المجالات، الأمر الذي كان من ثماره قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ذلك المجلس الذي حقق للخليجيين في إطار العمل الخليجي المشترك على مدار مسيرته المباركة الكثير من الإنجازات نحو مستقبل مشرق تتحقق فيه آمال أبناء الخليج وطموحاتهم بصورة عامة.
وتزخر العلاقات السعودية - الكويتية بصفحات من البطولة والمواقف المشرفة، وتأتي بفضل الله ثم بفضل قيادتي البلدين، فهي ماضية في طريقها بخطوات واثقة ونظرة ثاقبة نحو مستقبل زاهر يحقق الأمن والرخاء للبلدين والشعبين الشقيقين.
وتاريخياً يعود عمق العلاقة بين البلدين إلى عام 1891، حينما حلّ الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود، ونجله الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمهما الله- ضيوفاً على الكويت، قُبيل استعادة الملك عبدالعزيز الرياض عام 1902، متجاوزة في مفاهيمها أبعاد العلاقات الدوليّة بين جارتين جمعتهما جغرافية المكان إلى مفهوم الأخوة، وأواصر القربى، والمصير المشترك تجاه أي قضايا تعتري البلدين الشقيقين والمنطقة الخليجية عمومًا.
وأضفت العلاقات القوية التي جمعت الإمام عبدالرحمن الفيصل، بأخيه الشيخ مبارك صباح الصباح الملقب بمبارك الكبير - رحمهما الله - المتانة والقوة على العلاقات السعودية - الكويتية، خصوصا بعد أن تم توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - الذي واصل نهج والده في تعزيز علاقات الأخوة مع الكويت، وسعى الملك عبدالعزيز إلى تطوير هذه العلاقة سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً، وجعلها تتميز بأنماط متعددة من التعاون.
وفي الوقت الذي كان يؤسس فيه الملك عبدالعزيز آل سعود قيام الدولة السعودية في ظل الظروف الصعبة التي كان يمر بها في ذلك الوقت، حرص -رحمه الله- على توثيق عُرى الأخوة ووشائج المودة مع دول الخليج العربي، ومنها دولة الكويت التي تعد من أوائل الدول التي زارها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- حيث زارها خلال الأعوام 1910، 1915، و1936.
ووقع الملك عبدالعزيز -رحمه الله- عددًا من الاتفاقيات الدولية، ومنها ما تم مع حكومة الكويت في الثاني من شهر ديسمبر 1922، وهي اتفاقية العقير لترسيم الحدود بين المملكة والكويت، وإقامة منطقة محايدة بين البلدين، وذلك بدعم من الملك عبدالعزيز آل سعود، والشيخ أحمد الجابر الصباح -رحمهما الله.
كما جرى في 20 أبريل 1942 التوقيع على اتفاقية تهدف لتنظيم العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين البلدين، كان من أهم ما تضمنته جانب الصداقة وحسن الجوار والأمور التجارية، إضافة إلى ما يهتم بالأمور الأمنية مثل تسليم المجرمين.
ودعمت المملكة استقلال الكويت في يونيو 1961، حيث سارع الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى إقامة أول تمثيل دبلوماسي تعزيزًا لاستقلالها، وكان سفير المملكة العربية السعودية أول من قدم أوراق اعتماده من السفراء في دولة الكويت، كما أسهمت في دعم انضمامها لجامعة الدول العربية.
وقاد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وأخوه الشيخ جابر الأحمد -رحمهما الله- الجهود الدبلوماسية التي أدت إلى كسب التأييد الدولي لتحرير الكويت، انطلاقاً من الأخوَّة التاريخية للعائلتين الكريمتين والشعبين الشقيقين.
واستكمالاً لهذه العلاقات الوطيدة، وثق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- روح التعاون بشكل أكبر مع الأشقاء في الكويت، حينما وافق مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة برئاسته في ذي القعدة 1439هـ على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي الكويتي، ثم جرى التوقيع على المحضر بعد 24 ساعة من الموافقة عليه في اجتماع جرى في الكويت، بغية دعم العمل الثنائي المكثف بين البلدين، وتعزيز العمل الجماعي المشترك، ولوضع رؤية مشتركة لتطوير واستدامة العلاقات والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما يتسق مع أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وجدد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز هذه العلاقات بزيارته في الثالث من سبتمبر 2018 لدولة الكويت لترسيخ عمق العلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين الشقيقين، تلاها زيارته في ديسمبر 2021 صدر عنها بيان مشترك وطد أوجه التعاون المتبادل في مجال تشجيع الاستثمار المباشر في كلا البلدين تفعيلاً لمذكرة التفاهم الموقعة بينهما والعمل على تعزيز الفرص التبادل الاستثماري وتوحيد الجهود وتذليل العقبات وتوفير فرص للاستثمار بين البلدين في مجالات متعددة كالمجال الصحي والسياحي والأمن الغذائي والتنمية البشرية، لا سيما في قطاع الشباب وتمكين المرأة، وكذلك التعاون في مجالات التحول الرقمي والأمن السيبراني.
وما يؤكد عمق العلاقات بين البلدين هو احتفاء الكويتيين بزيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز خلال جولته الخليجية في ديسمبر 2021.
وسارت العلاقات السعودية - الكويتية وما تزال بخطى ثابتة ومدروسة على امتداد تاريخها الطويل، فمنذ الدولة السعودية الأولى مروراً بالدولة السعودية الثانية وصولاً لهذا العهد الزاهر، ومسيرة العلاقات بين المملكة والكويت تتطور وتزدهر بفضل حكمة وحنكة القيادة الرشيدة في البلدين التي أرست قواعد هذه العلاقة ووطدت عراها ومتنت أواصرها ورسمت خطوط مستقبلها في جميع المجالات وعلى مختلف الأصعدة الرسمية منها والشعبية.
وأصبح التعاون والتنسيق السعودي - الكويتي تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية يسعى لتحقيق ما فيه خير لشعوب دول المجلس وشعوب الأمتين العربية والإسلامية وخدمة قضايا العدل والسلام في العالم أجمع.
وعملت الحكومة الكويتية بقيادة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح -رحمه الله - على تنمية المسيرة الاقتصادية وتعزيز العلاقات التجارية بين المملكة والكويت، لفتح آفاق أوسع للنمو الاقتصادي، الذي أحرز نمواً إيجابياً وتنوعاً اقتصادياً في البلدين خلال الفترة الماضية وانطلاقاً من توجيهات قادة البلدين، لا يقتصر مجال التعاون بين البلدين على الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية بل يتعداه ليشمل المجالات الثقافية والرياضية والاجتماعية والفنية، امتداداً لما سبق ذلك التعاون من دعم.
ومنذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في شهر رجب عام 1401هـ جمعت بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت أكثر من اتفاقية خليجية مشتركة ومن أهم هذه الاتفاقيات الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول مجلس التعاون الموقعة بين الدول الأعضاء في المجلس في شهر شعبان عام 1401هـ.
وتلا هذه الاتفاقية الاقتصادية المهمة إنجاز اقتصادي آخر تحقق عند إنشاء مؤسسة الخليج للاستثمار في شهر محرم عام 1404هـ، وقبل هذه وتلك أتت وتأتي مشروعات سعودية - كويتية مشتركة كبيرة. وشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين نموًا خلال الـ10 سنوات الماضية لتصل إلى 83.5 مليار ريال.
وتسعى الجهود بين البلدين الشقيقين لتسريع وتيرة الجهود الرامية لتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية بين المملكة ودولة الكويت، وتنويع الشراكات بين القطاع الخاص السعودي والكويتي في المشاريع التنموية المرتبطة برؤية (المملكة 2030) ورؤية (الكويت 2035) وذلك بما يحقق التكامل الاقتصادي الخليجي.
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين المملكة والكويت مزيدًا من التطور والنمو المستمر، خصوصا بعد إنشاء مجلس التنسيق السعودي - الكويتي، الذي يسعى إلى وضع رؤية مشتركة تعمل على تعميق واستدامة العلاقات بين البلدين، وتعزز من التعاون والتكامل في الموضوعات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية والثقافية.
ونتيجة للجهود الكبيرة والدور التاريخي لولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وقعت المملكة مع الكويت في 27 ربيع الآخر 1441هـ الموافق 24 ديسمبر 2019، اتفاقية ملحقة باتفاقيتي تقسيم المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين البلدين، ومذكرة تفاهم تتعلق بإجراءات استئناف الإنتاج النفطي في الجانبين.
وسيسطر التاريخ الإنجاز الضخم الذي حققه القطاع النفطي العام، والمتمثل في حل ملف المنطقة المقسومة بشكل حازم ونهائي، الذي أعاد الإنتاج لتحقيق عوائد مليارية لاقتصاد البلدين بدعم سياسي يؤكد للتاريخ أن الأشقاء سيبقون للأبد بعون الله.
وتعكس الزيارة تقدير سمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد ومكانة المملكة على المستويين الإقليمي والدولي، كونها أول زيارة خارجية له منذ توليه إمارة الكويت، كما تعكس حرصه على تعزيز التواصل والتشاور مع القيادة الرشيدة -حفظها الله- حول مستجدات الأحداث في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
ولأمير دولة الكويت مكانة خاصة لدى ولي العهد، كما يحظى بالدعم والتأييد الكامل من القيادة في جهوده لخدمة مصالح دولة الكويت، بما يعزز العلاقات التاريخية التي تربط المملكة بدولة الكويت.