زوايا متخصصة

ولي العهد والسوداني يؤسسان لأقوى مرحلة اقتصادية

مستشار رئيس الحكومة العراقية لـ «عكاظ»: مدن صناعية كبرى بين البلدين

Class="articledate">الجمعة 2023 / محرم 11 Class="articledate">الجمعة 24 / أغسطس هـ 1445 /

محمد النجار

حاوره: الغضوي عبدالله Ghadawiabdullah@

للمرة الأولى في تاريخ العلاقات السعودية العراقية، يصل مستوى التعاون الاقتصادي إلى هذه الدرجة، ولعل في هذا أملاً في نمو المنطقة والبلدين لما فيه خير واستقرار شعوبها، هكذا يرى مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الاستثمار محمد النجار، الذي حاورته «عكاظ».

وكشف النجار خلال حواره عن الرؤية المشتركة لولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مؤكداً أن بوصلتها الاقتصاد المستدام والتنمية المجتمعية، وبناء قاعدة اقتصادية قوية.

وقال: إن الطموحات كبيرة في تأسيس علاقة اقتصادية تكاملية عميقة، لافتاً إلى أنه لتحقيق رؤية قيادتي البلدين تعمل الصناديق في المملكة مع صندوق التنمية العراقي على إطلاق حاضنات استثمارية في أربعة مجالات حيوية.. فإلى تفاصيل الحوار:

قاعدة اقتصادية قوية

• ما حجم وشكل الاستثمارات السعودية في العراق؟ يُقال إنها تصل إلى ثلاثة مليارات دولار.

•• الرقم قد يكون أكثر من ثلاثة مليارات دولار؛ وهو مخصص لدعم الطاقة الكهربائية وبعض المشاريع الأخرى، والقليل من مشاريع التطوير العقاري، ودعني أقول إنه في سياق طموح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن الطرفين يطمحان لبناء قاعدة اقتصادية قوية، إذ تعتبر هذه المرحلة الأفضل في تاريخ العلاقة بين البلدين. اليوم لدى السعودية والعراق أرضية متفق عليها ورؤية مشتركة تنطلق من زاوية اقتصادية بحتة، لذلك يعتبر هذا الرقم المتداول إعلامياً من هذا المنظور قليلاً، إذ يعمل الطرفان على زيادته، وقد التزمت المملكة العربية السعودية بإطلاق شركة استثمارية في العراق بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وإنشاء علاقة مع صندوق الاستثمارات العامة، الأمر الذي يوسّع العمل بين البلدين حتى منتصف العام القادم على أقل تقدير، ويضاعف الرقم المستثمر من قبل السعودية في العراق.

وفي الوقت ذاته نسعى لإيجاد استثمار عراقي متبادل مع السعودية، من خلال الشركات التي ستعمل في العراق، وتحسين شراكات القطاع الخاص بين الشركات الكبرى السعودية والعراقية، للاستفادة من التسهيلات المقدمة من خلال الاستثمارات التي يقوم بها الصندوق السعودي.

حاضنات الاستثمار

• ماذا عن دور وأهمية صندوق التنمية العراقي؟

•• صندوق العراق للتنمية، هو صندوق تنموي استثماري؛ بمعنى آخر له دوران، إنشاء مشاريع تنموية للعراق وجلب الاستثمارات؛ حيث يمثل هذا الصندوق منصة عمل مشتركة للبلدين، لتسهيل الإجراءات المتعلقة بدخول المستثمرين، وأخيراً أجريت زيارة من قبل المملكة لمجموعة الصناديق الموجودة، وتم طرح فكرة حاضنات الاستثمار؛ وهي فكرة متطورة تتيح للمستثمر السعودي الدخول والعمل في العراق دون المرور بالبيروقراطية والتعقيدات الإدارية للمعاملات، ولاقت هذه الحاضنات تقبلاً واسعاً من الجانب السعودي، إذ تم إصدار قرار من مجلس الوزراء السعودي، يتعلق ببدء المفاوضات من قبل صندوق الاستثمار مع الطرف العراقي؛ المتمثل بصندوق العراق للتنمية، ومن المتوقع أن يفتح هذا الطرح أبواباً واسعة في وجه المستثمرين من ذوي الاستثمارات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.

أما عن أهمية فكرة حاضنات الاستثمار، فتقوم فكرة الحاضنات على تفعيل دور الاستثمارات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وتوحيد بيئة الاستثمار بين البلدين، وفكرة الحاضنات تقوم على إنشاء شركة مشتركة بين صندوق العراق للتنمية وصناديق الاستثمار في السعودية، ما يتيح أخذ المشاريع الكبرى كإحدى المدن التي نعمل على بنائها التي تضم بين 70 و80 ألف منزل، فالمستثمر يتعامل مع هذه الشركة التي توفر له الظروف الملائمة للعمل والنجاح، وقررنا إنشاء أربع شركات من هذا النوع، شركة معنية بالتطوير العقاري، وشركة معنية بالصناعة، وشركة معنية بالتكنولوجيا وشركة معنية بالزراعة، تعمل بالمبدأ نفسه.

• هل تقدم المشاريع من العراق للسعودية؟ أم سيتم إنشاء لجان مشتركة بين الطرفين للاتفاق على القطاعات الأكثر حاجة للاستثمار؟

•• توجد قطاعات عدة؛ قطاع الغاز والطاقة التابع لوزارة النفط، وقطاع السكن المطروح من قبلنا، وإنشاء عدد من المدن السكنية، وهذه المشاريع مشتركة بين صندوق العراق للتنمية والصناديق السعودية، وستتم مشاريع الطاقة عبر تفاوض مباشر بين الجهات ووزارات النفط، دون تدخل الصندوق العراقي، مع احتمال دخول الصندوق السعودي مع أحد المستثمرين الخاصين، أما بقية المشاريع تكون بين المستثمرين مع القطاعات كمظلات استثمارية وهي أربعة قطاعات.

المشاريع العقارية، لها أهمية كبيرة في العراق، نحن بحاجة لـ3.5 مليون وحدة سكنية، وسيكون هناك تعاون في مجال التطوير العقاري، ونحن في العراق الآن النسبة الأكبر من استهلاك الشعب، قائم على الاستيراد، وسيكون هناك تعاون في مجال الصناعة، عبر إنشاء مدن صناعية مشتركة، وهناك تعاون في مجال التكنولوجيا والمعلومات عبر خلق شراكات بين الشركات العراقية وشركات التحول الرقمي السعودية، وهناك أيضاً تعاون في مجال الزراعة الحديثة المتطورة، حيث ستكون هناك شركات حاضنة للاستثمارات الزراعية، ووظيفة الحاضنة تسهيل دخول المستثمرين وتسريع عملية مباشرتهم للاستثمار.

• في ظل التقارب السعودي الإيراني، هل لذلك دور إيجابي في التعاون الاقتصادي بين العراق والسعودية؟

•• هذه الاتفاقيات والرؤى المشتركة بين ولي العهد ورئيس الوزراء، سبقت التقارب السعودي الإيراني، وهذا الاتفاق فتح شهية المستثمرين ولفت أنظارهم، وهذا التقارب كان موجوداً منذ وصول رئيس الوزراء، تبعاً لوجود علاقة خاصة بين ولي العهد وبينه، فالفكرة كانت موجودة والزخم موجود، ولكن الزخم الذي تصاعد شجّع المترددين وبنى لديهم ثقة بأن المنطقة مقبلة على مرحلة من الاستقرار والازدهار السياسي والاقتصادي والعسكري، بوجود التقارب بين إيران والسعودية؛ وهما قوتان إقليميتان كبريان في المنطقة، الأمر الذي يخلق نوعاً من الاستقرار لرأس المال في البلدين.

• ما الخطط أو الاستشارات التي تضعها على طاولة الحكومة للنهوض بالاقتصاد العراقي؟

•• تمتاز الحضارة العراقية سابقاً بالفكر الفردي، فكيف يمكن لنا أن ننوع الاقتصاد، يجب علينا استثمار القوة الحقيقة الموجودة لدى الشعب العراقي.. القدرة على الخلق بشكل مكثف، كنا، سابقاً، نأتي بموارد النفط ندخلها الموازنات، دون الأخذ بعين الاعتبار الاقتصاد الفردي، الذي يعتبر أهم جزء من الاقتصاد، وكنا نفتقد لوجود سياسات اقتصادية تُعنى بتطوير الإبداع والفكر والمبادرة، بينما الآن طرحنا يعتمد على كيفية تفعيل الفكر العراقي عبر صندوق العراق التنموي الذي يهدف لتحقيق أمور عدة، وتطوير القطاع الخاص ليكون الرائد في التشغيل، وتطوير رأس المال البشري؛ ليصبح قادراً على مواكبة متطلبات القرن الـ21، حيث كنا سابقاً بلداً مصدراً للخبرات، وأصبحنا بلداً مستورداً بسبب الحروب، وتفعيل الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتبر مفقودة حالياً في الاقتصاد، فلدينا شركات كبرى وأخرى لا تذكر، وإحداث أسلوب جديد في التمويل، يخرج عن نطاق التمويل المعروف في العراق؛ الذي يعتمد على إبراز ملكية منزل أو أرض، للحصول على قرض، وهذه الأمور الأربعة إذا تم الاعتناء بها، سنحدث تحولاً كبيراً.

مغادرة الخبرات العراقية

• كثير من الخبرات العراقية غادرت بسبب الظروف الأمنية، فهل هناك خطة لاستقطاب الخبرات العراقية وتأمين سلامتهم من الملاحقات الأمنية؟

•• نعم.. أعتقد أن التغيرات التي طرأت منذ وصول رئيس الوزراء إلى سُدَّة الحكم إلى اليوم واضحة لكم، إذ تعتبر هذه الفترة الأطول للعراق دون مشاكل، وهذا خلق الكثير من الفرص؛ من ضمنها تفكير الكثير من الشباب بالعودة إلى العراق، والتغيرات الجارية في أوروبا تشجع الكثير من العوائل على العودة؛ سواء من الغلاء أو وجود أفكار لا تلائم العوائل العراقية، المردود المادي والمناصب التي يمكن أن تشغلها هذه الخبرات أصبحت تقريباً بما يعادل الدول الأخرى شريطة العمل في القطاع الخاص، في الحقيقة قد تكون أعلى من الدول الأخرى بسسبب النظر لخطورة العراق، والوضع المجتمعي بشكل عام عاد إلى طبيعته القديمة، والطبيعة الصحيحة للمجتمع، وتجاوزنا الفروقات المذهبية والطائفية والعرقية تقريباً، وتخلص المجتمع من تبعات مرور «داعش» و«القاعدة» والحرب الأهلية.

ونحن كدولة لا نرغب بالتدخل، ولكننا سنعمل على بناء رأس المال البشري، ولكن لا نريد أن نفعل كالنظام السابق يتدخل في كل شيء، ونحن سنعمل على تطوير القطاع الخاص، ليتمكن من استقطاب هذه الخبرات.

• ما سقف طموحات رئيس الوزراء في مجال الاستثمارات وخصوصاً الخليجية؟ وما خطة رئيس الوزراء؟ وإلى أين يريد أن يصل؟

•• هناك نقطة مهمة في موضوع الاستثمار، الاستثمار بشكل عام نراه حاملاً أساسياً في تغيير فكر إدارة الاقتصاد العراقي، وخلق مورد جديد للعراق يتيح تنمية خارج نطاق النفط، ويتيح بناء الصناعة والزراعة بشكل عام ضمن القطاع الخاص، وبناء القطاع الخاص من أهم الجزئيات التي ينظر لها رئيس الوزراء عن طريق التعاون مع دول الخليج أو السعودية، فمن وجهة نظرنا الدولة المفروض أن تخلق بيئة، والقطاع الخاص يستفيد من هذه البيئة، واستفادته من البيئة تعود على الدولة كمردود أفضل اقتصادياً واجتماعياً وخدمياً، هذا ما يسعى له رئيس الوزراء.

• ما تحديات التطور والنمو الاقتصادي في العراق؟

•• التحدي الأول الذي نراه الفكر السائد في إدارة الاقتصاد، وهو فكر مزيج بين الاشتراكية وقوانين فترة الحصار غير المجدية، والتحدي الأكبر يكمن في تغيير أسلوب إدارة الاقتصاد؛ سواء على مستوى إدارة البلاد أو الأفراد أو دخول الأفكار الجديدة.

والتحدي الثاني يتمثل في كيفية إيجاد فرص لتفعيل 60% من السكان تحت 30 سنة، فنحن من الدول التي تتميز بوجود الشباب المتميز والمعطاء، والتحدي يكمن في خلق اقتصاد قادر على استيعاب هذه الطاقات؛ أي استيعاب أكثر من 400 ألف داخل لسوق العمل سنوياً، والتحدي الثالث يتمثل في خلق الهوية الوطنية الجماعية؛ التي تعنى بمصلحة الجماعة لا الأفراد.