ناقة.. رحلة مثيرة في عالم لغة مشعل الجاسر البصرية
نضوج ملحوظ للجاسر في التجربة الطويلة الأولى
Class="articledate">الاثنين 20 ديسمبر / / 02:00 الاثنين 1445 جمادى
اليوسف (جدة) Analyusuf@ أنس
عرض المخرج مشعل الجاسر، فيلمه الطويل الأول «ناقة» في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي قبل طرحه على منصة نتفلكس في قاعة امتلأت بنحو ألف متفرج في جدة.
يكشف فيلم الجاسر الأول الطويل تطوراً ملحوظاً في بناء القصة، إذ يقدم قصة بسيطة في إطار زمني محدد، ويتقدم بثبات في سرد الأحداث، ما أسهم في بناء سيناريو متماسك بإيقاع مثير يصل إلى ذروته.
ولم يسهب الجاسر في تفسير شخصيات العمل بشكل مباشر، تاركاً لتقدم الفيلم في أحداثه مساحة واضحة تشرح خلفيات الشخصيات خصوصاً الرئيسية منها، وانعكس بوضوح تأثير البيئة على كل شخصية. وظهرت شخصية سارة، التي قدمتها الممثلة أضواء بدر، بصورة قوية وذات إصرار كبير، وفي الوقت ذاته بشخصية الفتاة الحساسة حين انهارت بكاء بعدما انقطعت بها السبل في الصحراء. كان مميزاً تقديم شخصية نسائية بهذا الشكل المغاير للسائد، واللافت هو التحولات العنيفة التي مرت بها شخصية سارة، رغم ذلك كانت مصرة على الوفاء بالتزاماتها والعودة في الوقت المحدد لوالدها وقدرتها على تجاوز عقبات لا تنتهي في طريقها، في ما يبدو أنه أشبه بانعكاس واقعي للناقة التي ارتبطت بها في منتصف الفيلم.
وتمكن الجاسر، من خلق مواقف كوميدية ذات طابع خاص، في مقدمتها مشهد خيمة الشاعر أبو فهد، المشهد الذي أظهر ذكاء قلما تشاهده في الأعمال السعودية التي تحشر الكوميديا في وجه المشاهد، إلا أن الجاسر من خلال الخيمة ذات المساحة الشاسعة صنع موقفاً كوميدياً فنياً مستخدماً إسقاطات ذكية من خلال السجادة الحمراء التي تمتد بمساحة الخيمة وهي التي كانت باهظة الثمن لصديقة سارة في بداية الفيلم.
الجاسر الذي عُرف بلغة بصرية استعراضية في أعماله القصيرة على «يوتيوب»، ظهر أكثر نضجاً في فيلمه الطويل الأول، وكانت لغته البصرية مبررة في الفيلم، ولقطاته السريعة وتحولاته ذات الأبعاد بالصورة أضافت أبعاداً جمالية تفسر إثارة الفيلم وتسارعه، وكانت متوائمة بشكل مناسب مع مجريات الفيلم. وقدم الجاسر مشاهدَ في غاية الصعوبة من خلال الاعتماد على «الناقة» في كثير من اللقطات التي لا يبدو جميعها تم تصويرها بناقة حية، إلا أن التوظيف المناسب لتقنيات مختلفة أظهرت الناقة بطلاً ثالثاً في الفيلم بتركيبة تتماشى مع لغة الفيلم البصرية.
وبالعودة إلى بداية الفيلم، حين أخذ الجاسر المشاهد إلى مشهد زمني قصير في السبعينات الميلادية ثم بدأ قصته، دون ربط واضح لعلاقة المشهد بالفيلم وارتباطه بالأحداث الخاتمة. لعل لدى الجاسر ما يبرر هذا المشهد إلا أنه لم يكن واضحاً في ثنايا القصة.
حالة مشعل الجاسر، المخرج، متفردة في السينما السعودية، ولعل وجود مثل هذه التركيبة الجسورة في وسط صناعة تخطو خطواتها الأولى يرفع كثيراً من المنافسة المحلية، وسيظل مشعل محل جدل بأسلوبه الفني الخاص باعتباره مختلفاً عن الكثير من قرنائه، إذ ببساطة لن تجد مشعل يوماً من الأيام يخرج مسلسلاً تقليدياً أو فيلماً ليس من بنات أفكاره أو حتى كتابته.