أخبار

«الحرب الأُخرى» !

تدمير غزة يزيد الكراهية عالمياً.. ومناهضو فظائع إسرائيل يتظاهرون داخل الكونغرس

03:11 الثاني Class="articledate">الجمعة 1445 Class="articledate">الجمعة / 19 / ربيع

مفوض شرطة لندن سير مارك راولي أفحم وزيرة الداخلية. (وكالات)

موسكو) «عكاظ»، أحمد (واشنطن، (لندن)، ياسين بروكسل، _online@ وكالات

أضحت الحكومات والصحافة العالمية مهتمة بتفاقم العداء لليهود في عواصم بلدان العالم؛ وهو ما تجلى من خلال التظاهرات الحاشدة للمناوئين للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، المطالبين بوقف إطلاق النار، وإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وأجملت (رويترز) المشهد أمس (الأربعاء) بالقول: «في لوس أنجليس رجل يصرخ: اقتلوا اليهود». وفي لندن قيل لفتيات يهوديات في ملعب المدرسة إن «رائحتهن عفنة مثل اليهود، ويجب أن يبقين خارج الملعب». وفي الصين مداخلات في مواقع التواصل تشبّه اليهود بـ«الحشرات الطفيلية، ومصاصي الدماء، والأفاعي». وهي مداخلات استقطبت آلاف علامات «الإعجاب» (Like). والواقع أن المسألة تأخذ صيغاً عدة؛ ففي بعض الدول يعتبر التظاهر ضد ما تقوم به إسرائيل «معاداةً للسامية». وتشير (رويترز) إلى أن معظم حوادث «معاداة السامية» تأتي في هيئة إساءات لفظية، وتهديدات، وشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي، و«شخبطات» على جُدر المؤسسات العمومية، والأسواق التجارية، والجسور، ومحطات القطارات والأنفاق، وتلطيخ جُدُر المنشآت والمساكن اليهودية. وتشير الإحصاءات الصادرة -رسمياً- في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا إلى أن حوادث معاداة السامية ارتفعت بعدة مئات في المئة منذ 7 أكتوبر 2023، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وفي المقابل، فإن دولاً؛ منها الولايات المتحدة وبريطانيا، أبلغت عن ارتفاع ملموس في عدد حوادث كراهية المسلمين (إسلاموفوبيا)، منذ 7 أكتوبر الماضي.

وفي عدد كبير من الحوادث، تطور الأمر إلى درجة وقوع اعتداءات، ويقول المراقبون إن تفاقم الغضب يعزى إلى الارتفاع المخيف في عدد القتلى الفلسطينيين، الذين لا ذنب لهم. وقالت خبيرة العلوم السياسية الفرنسية نونا مائير إنه في ضوء الهجوم الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين أضحى لفظ «اليهودي» معادلاً لـ«إسرائيل» لدى كثيرين، وهو ما يعادل قتل الأطفال الفلسطينيين. وتجلى العداء لليهود والصهيونية في أوضح صوره -أخيراً- في حادثة اقتحام مطار داغستان الروسي، حيث كان المحتجون يبحثون عن يهود في رحلة قادمة من تل أبيب الأحد الماضي. وأقر أحد حاخامات اليهود في موسكو بأن الشعور المعادي لإسرائيل تحول إلى عدوان مكشوف على يهود روسيا. وفي جنوب أفريقيا زحف المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين (السبت الماضي) إلى أكبر حي يهودي في جوهانسبيرغ، وقاموا بنزع صور الرهائن الإسرائيليين في غزة.

وقد تباين الرد الرسمي على تلك الحوادث من بلد لآخر؛ ففي الولايات المتحدة وأوروبا الغربية سارعت السلطات إلى الإعراب عن مساندتها للجاليات اليهودية، والتنديد بمعاداة السامية، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى دول أخرى.

في بريطانيا، اضطر مفوض شرطة لندن سير مارك راولي تفنيد انتقادات وجهتها وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان إلى الشرطة؛ بدعوى أنها كان ينبغي أن تعتقل من رفعوا شعار «الجهاد» في تظاهرة قام بها عشرات الآلاف في العاصمة البريطانية. وقال راولي إن الشرطة لا تستطيع أن تلزم الناس بـ«الذوق والاحترام»، وإن القوانين يجب أن تُغيّر إذا أراد السياسيون أن يتم اتخاذ إجراءات أشد صرامة. وجاءت تصريحات مفوض الشرطة عقب استدعاء الوزيرة بريفرمان له ليبرر لها عدم قيام الشرطة باعتقال من هتفوا بالدعوة إلى «الجهاد»، في مظاهرة السبت الماضي، التي نظمها «حزب التحرير الإسلامي». وقال راولي إن القوانين ربما كانت بحاجة إلى تعديل. وسارع مقر رئاسة الحكومة (10 داونينغ ستريت) إلى الإدلاء بتصريح نفى وجود أي خطط لتعديل القوانين. وخرج زعيم المعارضة العمالية سير كير ستارمر ليقول إن من الواجب سد أي ثغرات في القوانين. ويتعرض ستارمر لشد وجذب داخل حزبه الطامح للإطاحة بالمحافظين في الانتخابات العامة القادمة، خصوصاً من جانب النواب المعروفين باصطفافهم تقليدياً مع الفلسطينيين؛ الذين يطالبون بإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار. وقال سير مارك راولي عقب لقائه الوزيرة البريطانية: أوضحت لها أننا لا تأخذنا رأفة بأي شخص يتعدى الخط القانوني (الفاصل بين القانون والخروج عليه). إننا محاسبون أمام القانون. ولا يمكننا أن نفرض على الناس الذوق أو الاحترام، لكن يمكننا أن نفرض القانون. وقد اعتقلنا 34 شخصاً حتى الآن. وكان راولي قائداً لشرطة مكافحة الإرهاب، وعند تقاعده في 2018 كتب تقريراً أشار فيه إلى وجود «ثغرات» في القوانين تسمح للمتطرفين بالقيام بممارساتهم من دون خوف من عقوبة. وأوصى التقرير بإجراء عدد من الإصلاحات القانونية، لكن الحكومة البريطانية لم تهتم بأي منها! وقال راولي إن لقاءه مع الوزيرة بريفرمان خلص إلى أن الشرطة ملزمة بتنفيذ القانون إلى الحد الذي يحدده القانون، وإن تعريف ذلك الحد أمر يقرره البرلمان. وأجمع قادة الشرطة والنيابة في إنجلترا وويلز على أن الهتاف المنادي بالجهاد، في مظاهرة السبت في لندن، ليس فيه أي انتهاك للقانون البريطاني.

وفي بروكسل؛ أعلنت أربعة اتحادات لعمال النقل (الثلاثاء) أن على أعضائها رفض التعامل مع أي شحنات عسكرية يتم إرسالها إلى إسرائيل. وذكر بيان لنقابات (إيه سي في بْلَس)، و(بي تي بي)، و(بي بي تي كي)، و(إيه سي في ترانسكوم) أن عمال المطار شاهدوا شحنات أسلحة في مطارات بلجيكية عدة جاهزة للنقل جواً إلى إسرائيل. وأضاف البيان: بينما ترتكب إبادة جماعية في فلسطين، يشاهد العاملون في مطارات بلجيكية متعددة شحنات أسلحة متجهة إلى منطقة الحرب. ورفض متحدث باسم الحكومة البلجيكية التعليق على صحة أو عدم صحة ما ورد في بيان النقابات العمالية الأربع. وذكرت النقابات أن تحميل تلك الشحنات يعني المساهمة في تجهيز الآخرين (إسرائيل) لقتل أبرياء.

جدل في كل مكان

وإزاء التفاقم في معاداة السامية، تزايد التأييد للمدنيين الفلسطينيين، والمخاوف من أن تتسع رقعة حرب غزة لتشمل الضفة الغربية، ثم دولاً مجاورة؛ تأثرت دول العالم، عدا استثناءات قليلة، بردود الأفعال الشعبية المتباينة. فقد أعلنت رابطة الدفاع اليهودي بالولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أن حوادث معاداة السامية هناك ارتفعت خلال الأسبوعين التاليين لحرب غزة بنسبة 400%. والتقى مسؤولون حكوميون بقادة يهود أمريكا الإثنين الماضي، لمناقشة الخطوات التي يتعين اتخاذها لمواجهة تلك الحوادث، خصوصاً بعدما أعرب البيت الأبيض عن قلقه من تفاقم العداء للسامية في الجامعات الأمريكية. وفي 17 أكتوبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو أن هناك «ارتفاعاً مخيفاً» في معاداة السامية في بلاده، وأشار بوجه الخصوص إلى النبرة الملتهبة في المداخلات في مواقع التواصل. وفي البرازيل، قال قادة الجالية اليهودية إنهم لاحظوا تزايد حرارة اللغة المستخدمة ضد اليهود على شبكة الإنترنت، فضلاً عن قيام محتجين بتلطيخ جُدُر معابد يهودية في ريو دي جانيرو، وقال زعيم طائفة يهودية بمقاطعة ساوبالو إنه قرأ تعليقاً على الإنترنت يقول: «هتلر لم يُنْهِ المهمة. كان ينبغي عليه أن يفرغ من قتل اليهود». أما في بريطانيا، فقد أعلنت شرطة لندن أن حوادث معاداة السامية ارتفعت 14 ضعفاً منذ 7 أكتوبر، وقالت هيئة أمن المجتمع، التي تجمع تقارير عن حوادث معاداة السامية في بريطانيا، إن عدد تلك الحوادث خلال الأسابيع الثلاثة التالية لاندلاع حرب غزة هو الأعلى خلال ثلاثة أسابيع منذ أن بدأت الهيئة عملها في عام 1984. وفي باريس، قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان (الإثنين) إنه منذ 7 أكتوبر 2023 تم تسجيل 819 حادثة معاداة للسامية، في مقابل 436 حادثة فقط طوال سنة 2022. وفي ألمانيا، قال مرصد المجتمع المدني إنه أجرى استطلاعاً أظهر أن عدد حوادث معاداة اليهود ارتفع بنسبة 240% خلال الفترة من 7 إلى 15 أكتوبر الماضي. وفي هولندا، قال المنسق الوطني لمكافحة معاداة السامية إيدو فيردونر إن آباء أطفال يهود أبلغوا عن تعرض أطفالهم لمضايقات في مدارسهم؛ وقال أب إن زملاء ابنه قالوا له «حماس لديها ألف حق»، وقال أب يهودي آخر إن زملاء ابنه في الصف قالوا له: «كان يجب على حماس أن تقوم بهجومها (7 أكتوبر) قبل ذلك بكثير». وفي الصين، تم الاعتداء على دبلوماسي في السفارة الإسرائيلية في بكين، وتم احتجاز المعتدي في 13 أكتوبر. وتغص مواقع التواصل الاجتماعي الصينية بمداخلات مضادة لليهود ولإسرائيل؛ وكتب أحدهم في مداخلة: «المحرقة النازية (الهولوكوست) كانت عملاً مبرراً»، ووصفت مداخلات أخرى اليهود بأنهم «حشرات طفيلية»، و«مصاصو دماء»، و«أفاعٍ».

بريطانيا: حادثة «فئران» مطعم بيرمنغهام

أعلنت الشرطة البريطانية، الإثنين الماضي، أن رجلاً دخل أحد المطاعم (وسط إنجلترا) وقذف بعشرات الفئران المطلية بألوان العلم الفلسطيني في باحة المطعم. وأظهر مقطع مرئي متداول بريطانياً يلف عنقه بالعلم الفلسطيني وهو يدخل مطعماً بمدينة بيرمنفهام -ثانية كبرى مدن إنجلترا- في هدوء، وهو يحمل صندوقاً يحوي عشرات الفئران، وفتح الصندوق لتخرج الفئران في ردهة المطعم، أمام أعين الجمهور. وأعلنت شرطة بيرمنغهام أنها تعتبر الحادثة مخالفة إزعاج عام.. وأصدرت شركة المطاعم بياناً أكد أنه تم تنظيف المطعم وتعقيمه بالكامل. وكانت شركة المطاعم في إسرائيل أعلنت قبل ثلاثة أسابيع أنها أعطت آلاف الوجبات المجانية لقوات الجيش الإسرائيلي. وأشطرت فروع المطعم في الدول الخليجية إلى إصدار بيانات تنفي أي صلة لها بالفرع الإسرائيلي.

احتجاجات في قلب الكونغرس الأمريكي

قاطع محتجون نددوا بـ«الإبادة الجماعية» للفلسطينيين في قطاع غزة اثنين من أبرز أقطاب إدارة الرئيس جو بايدن، أثناء إلقائهما كلمتيهما أمام جلسة استماع، لمطالبة النواب بتمرير صفقة مساعدات بمليارات الدولارات لإسرائيل. وقال وزيرا الدفاع لويد أوستن والخارجية أنتوني بلينكن لأعضاء لجنة المشتريات في مجلس الشيوخ إن المساعدات المقترحة لإسرائيل حيوية للأمن القومي الأمريكي. وكان الرئيس بايدن اقترح تخصيص 14.3 مليار دولار لإسرائيل. وعند بدء الجلسة رفع المحتجون أياديهم وهي ملطخة باللون الأحمر. وهتفوا «أوقفوا النار الآن»، «احموا أطفال غزة»، و«أوقفوا تمويل الإبادة الجماعية»، واضطرت شرطة الكابيتول (مبنى الكونغرس) إلى إخراجهم من القاعة. وحين سأل الشيوخ بلينكن عن احتمالات وقف النار، رد بالقول إن ذلك سيؤدي ببساطة إلى تعزيز حماس لتقوم بما قامت به ضد إسرائيل، لكنه قال إن من الممكن التوصل إلى «هدنة إنسانية مؤقتة»، لتوصيل المعونات إلى المحتاجين إليها. وطبقاً للتقارير الرسمية؛ فإن القوات الأمريكية في سورية والعراق تعرضت لـ20 هجوماً منذ 17 أكتوبر الماضي، غير أن الرد الأمريكي على تلك الهجمات أخفق في منع وقوعها، إذ تتعرض القوات الأمريكية في سورية والعراق لمحاولات هجوم يومياً.

اللغة العربية في قفص الاتهام الغربي !

بعد أيام من شن نواب وإعلاميين محافظين مؤيدين لإسرائيل في بريطانيا حملة على هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، لاستخدامها لفظ (المتشددون Militants) لوصف مقاتلي حركة حماس، مطالبين بأن تصفهم (بي بي سي) بأنهم (إرهابيون Terrorists)؛ اتهم متحدث باسم (لجنة الدقة في الأخبار والتحيليلات في الشرق الأوسط) -وهي منظمة غير ربحية في الولايات المتحدة- شبكة (سكاي نيوز عربية) الإماراتية باستخدام لفظ (المستوطنات) في وصف تجمعات توطين اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال المتحدث إن إطلاق هذا اللفظ على ما سماه البلدات الإسرائيلية يمثل شرعنة للهجمات على إسرائيل. وأضاف أن وصف تلك الأماكن بأنها هدف عسكري للمسلحين الفلسطينيين يضفي شرعية على الأفعال الفلسطينية ضد إسرائيل. وتمسكت شبكة (سكاي نيوز عربية) بأنها تبذل أقصى جهودها لتحقيق أعلى مستويات المعايير الصحفية، والتزام الدقة في تقاريرها. وقالت إن فرق عملها تحرص على تقديم وجهات النظر المتعددة، وعلى التوازن في تغطيتها الإخبارية.