تعميق العلاقات مع المملكة في مئوية الجمهورية التركية
السفير التركي: البلدان لعبا أدواراً محورية في تعزيز السلام والاستقرار بالمنطقة
ربيع Class="articledate">الأحد أكتوبر 2023 هـ 1445 الاحد 02:00 الثاني
المملكة سفير جمهورية تركيا فاتح في أولوصوي
قبل 100 عام مضت، في 29 أكتوبر 1923، قام الشعب التركي تحت القيادة الحكيمة لمصطفى كمال أتاتورك بوضع حجر الأساس لتركيا لتتمتع بالسيادة والحداثة والديمقراطية والتقدم. بعد الحرب العالمية الأولى وبعد التضحيات المخلصة التي قدمتها خلال حرب الاستقلال، ولدت تركيا من جديد جمهوريةً حديثةً بفضل الالتزام القوي والجهود الدؤوبة للشعب التركي، كأفراد من الشعب التركي، نحن فخورون بهذه الرحلة الاستثنائية والتقدم الملحوظ الذي حققته أمتنا في القرن الأول للجمهورية.
تمثل الذكرى المئوية لتأسيس تركيا علامة بارزة في تاريخ الأمة، ما يعكس رحلة من التكيف والتقدم والصداقات الدائمة. وواحدة من هذه الروابط التاريخية المتجذرة هي الشراكة مع المملكة العربية السعودية، وهي شراكة تمتد لعقود من الزمن وتستمر في الازدهار حيث تبرز تركيا والمملكة العربية السعودية كدليل على القوة الثابتة للدبلوماسية والتعاون.
تشترك تركيا والمملكة العربية السعودية في تاريخ غني بالتعاون الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي. ولقد تعمقت علاقاتنا الثنائية باستمرار، مسترشدة بالاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وقد لعب البلدان أدواراً محورية في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
تعد تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بمملكة الحجاز ونجد في عام 1926. وفي نفس العام، أنشأت تركيا ممثليتها الدبلوماسية وعينت سليمان شوكت بك قائماً بالأعمال في المملكة العربية السعودية. وكانت تركيا والمملكة العربية السعودية من بين الدول الإسلامية القليلة المستقلة خلال فترة ما بين الحربين العالميتين والاستعمار. حقق هذا الاعتراف الأساس لصداقة دائمة صمدت لعقود طويلة، وفي 3 أغسطس 1929، تم التوقيع على «معاهدة الصداقة» بين البلدين. وفي 23 سبتمبر 1932، تأسست «المملكة العربية السعودية»، وكان مصطفى كمال أتاتورك من أوائل القادة الذين أرسلوا برقية تهنئة إلى الملك عبدالعزيز.
التقى الراحل الملك فيصل، عندما كان أميراً، بمصطفى كمال أتاتورك في أنقرة في 12 يونيو 1932، مما عزز أواصر الأخوة بين البلدين. وفي ذلك اليوم، استقبل مصطفى كمال أتاتورك الأمير فيصل وأقام مأدبة عشاء على شرفه وخلال إقامته في تركيا، حضر مناورات الجيش التركي في أنقرة وزار منشآت الصناعة العسكرية التركية في مدينة كيركالي، ومهدت هذه الزيارة التاريخية الطريق للتعاون المستقبلي والتنسيق في مختلف المجالات بين البلدين. كما قام الملك فيصل بزيارة إلى تركيا عام 1966.
حصل فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام 2010 من المغفور له الملك عبدالله. وفي العام نفسه، وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري تهدف إلى التدريب والتعاون العلمي والتقني في المجال العسكري. كما قام فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة المملكة العربية السعودية في الأعوام 2011 و2012 و2017 و2022. وفي 17 يوليو 2023، زار فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان المملكة العربية السعودية برفقة الوزراء وكبار المسؤولين وأكثر من 200 رجل أعمال. وخلال هذه الزيارة، وقعت تركيا والمملكة العربية السعودية سلسلة من الصفقات تشمل الاستثمار وصناعة الدفاع والطاقة والإعلام.
ويتجلى تعاون تركيا المتنامي مع المملكة العربية السعودية من خلال تزايد وتيرة الزيارات رفيعة المستوى، بما في ذلك زيارة فخامة الرئيس أردوغان الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية. كما يتسع التعاون بين الوزراء والمسؤولين التنفيذيين في القطاع الخاص ورجال الأعمال، مما يشير إلى أن العلاقة بين بلدينا تتقدم بقوة.
تعزيز أواصر الاخوة
برز عمق العلاقة بين تركيا والمملكة العربية السعودية عندما تعرضت تركيا لكارثة القرن في أوائل فبراير؛ حيث كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي أرسلت فرق البحث والإنقاذ، ووفرت مواد الإغاثة الأساسية وقد عزز هذا التضامن أواصر الأخوة القائمة بين البلدين، وبصفتي سفيراً للجمهورية التركية في الرياض، أود أن أعرب عن امتناني مرة أخرى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وإلى شعب المملكة العربية السعودية الشقيقة على دعمهم خلال فترة الزلزال.
وعلى مدى القرن الماضي، شهدت تركيا تحولاً اقتصادياً ملحوظاً، وقد صعدت لتصبح واحدة من أكبر 20 اقتصاداً في العالم. واليوم، تحتل تركيا المرتبة التاسعة عشرة كأكبر اقتصاد على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي. وهذا النمو هو دليل على عزم تركيا ومرونتها وتقدمها مع عدد سكان ديناميكي يبلغ 85 مليون نسمة، تعد تركيا مركز الإنتاج في المنطقة، وفي إطار رؤية فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان «قرن تركيا»، تنفذ تركيا مشاريع عدة مثل التحول الرقمي، والتكنولوجيا المتقدمة، والفضاء، والابتكار في الزراعة، والتحول الأخضر في الصناعة، والطاقة المتجددة، ومكافحة تغير المناخ، وتحقيق مستويات عالية من التوطين في صناعة السيارات والدفاع، وكذلك تنويع السياحة والحفاظ على دورها الرائد في مجال البناء والبنية التحتية.
تأِشيرات دخول إلكترونية
إن تركيا مستعدة لبذل قصارى جهدها لمشاركة قوتها وخبرتها مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في كافة المشاريع ضمن التحول الهائل الذي تشهده المملكة العربية السعودية في ظل «رؤية 2030» بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. وقد أعلن الرئيس أردوغان دعم تركيا لاستضافة الرياض معرض إكسبو 2030. كما أعرب الاتحاد التركي لكرة القدم عن دعمه الكبير للمملكة العربية السعودية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2034.
إن الموقع الاستراتيجي لتركيا على مفترق الطرق بين أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى يجعلها لاعباً حيوياً على الساحة العالمية. لقد أتاح الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي لتركيا إمكانية الوصول إلى أسواق متعددة. كما أنشأت تركيا خطوط نقل طاقة أساسية لنقل النفط والغاز الطبيعي، مما يعزز أهميتها في مشهد الطاقة العالمي.
تمتد جاذبية تركيا إلى ما هو أبعد من قوتها الاقتصادية وهي تحتل المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر زيارة في العالم، حيث تجتذب السياح بتراثها الثقافي الغني ومناظرها الطبيعية الجذابة. بالإضافة إلى ذلك، برزت تركيا دولةً رائدةً في مجال السياحة الصحية، حيث تفتخر تركيا بالتكنولوجيا الطبية المتطورة، ومنذ شهر يناير الفائت زار أكثر من 700 ألف مواطن سعودي بلادنا لأغراض السياحة، ونحن نعمل لأجل الترحيب بالمزيد من الإخوة والأخوات السعوديين في بلدنا في السنوات المقبلة، ونأمل أن يصل عددهم إلى مليون على الأقل سنوياً، وفي هذا الصدد سيستفيد المواطنون السعوديون، ليس فقط من تأشيرات مفردة، ولكن من تأشيرات الدخول الإلكترونية المتعددة إلى تركيا، التي يمكن الحصول عليها خلال دقيقتين عبر الهاتف المحمول.
علاوة على ذلك، تفتخر تركيا بصناعة دفاعية مثيرة للإعجاب، مع توطين حوالى 80% منها، وقد أدى هذا الإنجاز إلى وضع تركيا مصدراً عالمياً مهماً في قطاع الدفاع. وستظل صناعة الدفاع عنصراً رئيسياً في تعزيز تعاوننا الثنائي مع المملكة العربية السعودية.
دبلوماسية نشطة من أجل السلام
بالإضافة إلى عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومساهماتها في مهمات في البلقان وأفغانستان، تعد تركيا عضواً مهماً في منظمة التعاون الإسلامي، وباعتبارهما عضوين في منظمة التعاون الإسلامي، تواصل تركيا والمملكة العربية السعودية مواجهة تحديات عصرنا جنباً إلى جنب في إطار المنظمة.
وتعمل تركيا أيضاً على تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تم التوقيع على آلية الحوار الاستراتيجي بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي في جدة عام 2008، مما يجعل تركيا أول دولة تنشئ مثل هذه الآلية مع مجلس التعاون الخليجي. ونحن نتطلع الآن إلى الحوار الاستراتيجي الرفيع المستوى المقبل بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
لقد أثبتت تركيا باستمرار التزامها بالسلام والاستقرار والازدهار العالمي، وتؤكد مبادرة «الوساطة من أجل السلام»، التي تم إطلاقها داخل الأمم المتحدة في عام 2010، تفاني تركيا في حل النزاعات والوساطة الدولية. تدعم تركيا والمملكة العربية السعودية السلام والاستقرار في المنطقة والعالم وشدد كل من فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي في أوكرانيا، وفي العام الماضي تم التوقيع على اتفاقية بوساطة تركيا لإعادة صادرات الحبوب الأوكرانية إلى السوق العالمية، وبفضل هذه الاتفاقية أصبح العديد من دول الشرق الأوسط أقل تأثراً نسبياً بأزمة الغذاء العالمية.
وفيما يتعلق بالصراع الأخير في غزة، تعمل كل من تركيا والمملكة العربية السعودية بجد وبدبلوماسية نشطة لضمان السلام والاستقرار، ومنع استهداف المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وشدد البلدان أيضاً على أهمية معالجة السبب الجذري وهو حل الدولتين بحدود عام 1967.
الهدف الأساسي لتركيا هو تعزيز السلام والاستقرار والازدهار على مستوى العالم، وهي رؤية تتوافق بشكل وثيق مع رؤية المملكة العربية السعودية. ويسعى كلا البلدين معاً لخلق مستقبل أفضل لمنطقتنا وخارجها. وتشارك تركيا بنشاط في جهود مكافحة الإرهاب كدولة تقاتل فعلياً ضد تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب الإرهابية على الأرض. ويتجلى التزام تركيا بالقضاء على الإرهاب في جهودها الدؤوبة للحفاظ على الأمن الإقليمي والعالمي.
مستقبل أكثر إشراقاً
بينما تحتفل تركيا بالذكرى المئوية لتأسيسها، فإن هذا ليس مجرد احتفال بتاريخ أمة يمتد لـ100 عام، بل هو شهادة على صداقاتها الدائمة. إن الروابط التاريخية عميقة الجذور والرؤى المشتركة بين تركيا والمملكة العربية السعودية هي بمثابة شهادة على أهمية الدبلوماسية والتعاون والتضامن على المسرح العالمي، وتقف الدولتان معاً ملتزمتين بمستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً للمنطقة والعالم.
دعونا نحتفل بهذا الحدث المهم بروح من الصداقة والتعاون، على أمل أن يكون القرن القادم من الصداقة التركية السعودية أقوى من القرن الماضي.
وأود أن أعرب عن خالص امتناني لشعب وقيادة المملكة العربية السعودية على صداقتهم وتعاونهم. وأنا واثق من أن المستقبل يحمل وعوداً أكبر لعلاقاتنا الثنائية، وسنواصل العمل معاً من أجل السلام والازدهار والتقدم في المنطقة وخارجها.
تمثل الذكرى المئوية لتأسيس تركيا علامة بارزة في تاريخ الأمة، ما يعكس رحلة من التكيف والتقدم والصداقات الدائمة. وواحدة من هذه الروابط التاريخية المتجذرة هي الشراكة مع المملكة العربية السعودية، وهي شراكة تمتد لعقود من الزمن وتستمر في الازدهار حيث تبرز تركيا والمملكة العربية السعودية كدليل على القوة الثابتة للدبلوماسية والتعاون.
تشترك تركيا والمملكة العربية السعودية في تاريخ غني بالتعاون الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي. ولقد تعمقت علاقاتنا الثنائية باستمرار، مسترشدة بالاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وقد لعب البلدان أدواراً محورية في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
تعد تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بمملكة الحجاز ونجد في عام 1926. وفي نفس العام، أنشأت تركيا ممثليتها الدبلوماسية وعينت سليمان شوكت بك قائماً بالأعمال في المملكة العربية السعودية. وكانت تركيا والمملكة العربية السعودية من بين الدول الإسلامية القليلة المستقلة خلال فترة ما بين الحربين العالميتين والاستعمار. حقق هذا الاعتراف الأساس لصداقة دائمة صمدت لعقود طويلة، وفي 3 أغسطس 1929، تم التوقيع على «معاهدة الصداقة» بين البلدين. وفي 23 سبتمبر 1932، تأسست «المملكة العربية السعودية»، وكان مصطفى كمال أتاتورك من أوائل القادة الذين أرسلوا برقية تهنئة إلى الملك عبدالعزيز.
التقى الراحل الملك فيصل، عندما كان أميراً، بمصطفى كمال أتاتورك في أنقرة في 12 يونيو 1932، مما عزز أواصر الأخوة بين البلدين. وفي ذلك اليوم، استقبل مصطفى كمال أتاتورك الأمير فيصل وأقام مأدبة عشاء على شرفه وخلال إقامته في تركيا، حضر مناورات الجيش التركي في أنقرة وزار منشآت الصناعة العسكرية التركية في مدينة كيركالي، ومهدت هذه الزيارة التاريخية الطريق للتعاون المستقبلي والتنسيق في مختلف المجالات بين البلدين. كما قام الملك فيصل بزيارة إلى تركيا عام 1966.
حصل فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام 2010 من المغفور له الملك عبدالله. وفي العام نفسه، وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري تهدف إلى التدريب والتعاون العلمي والتقني في المجال العسكري. كما قام فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة المملكة العربية السعودية في الأعوام 2011 و2012 و2017 و2022. وفي 17 يوليو 2023، زار فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان المملكة العربية السعودية برفقة الوزراء وكبار المسؤولين وأكثر من 200 رجل أعمال. وخلال هذه الزيارة، وقعت تركيا والمملكة العربية السعودية سلسلة من الصفقات تشمل الاستثمار وصناعة الدفاع والطاقة والإعلام.
ويتجلى تعاون تركيا المتنامي مع المملكة العربية السعودية من خلال تزايد وتيرة الزيارات رفيعة المستوى، بما في ذلك زيارة فخامة الرئيس أردوغان الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية. كما يتسع التعاون بين الوزراء والمسؤولين التنفيذيين في القطاع الخاص ورجال الأعمال، مما يشير إلى أن العلاقة بين بلدينا تتقدم بقوة.
تعزيز أواصر الاخوة
برز عمق العلاقة بين تركيا والمملكة العربية السعودية عندما تعرضت تركيا لكارثة القرن في أوائل فبراير؛ حيث كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي أرسلت فرق البحث والإنقاذ، ووفرت مواد الإغاثة الأساسية وقد عزز هذا التضامن أواصر الأخوة القائمة بين البلدين، وبصفتي سفيراً للجمهورية التركية في الرياض، أود أن أعرب عن امتناني مرة أخرى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وإلى شعب المملكة العربية السعودية الشقيقة على دعمهم خلال فترة الزلزال.
وعلى مدى القرن الماضي، شهدت تركيا تحولاً اقتصادياً ملحوظاً، وقد صعدت لتصبح واحدة من أكبر 20 اقتصاداً في العالم. واليوم، تحتل تركيا المرتبة التاسعة عشرة كأكبر اقتصاد على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي. وهذا النمو هو دليل على عزم تركيا ومرونتها وتقدمها مع عدد سكان ديناميكي يبلغ 85 مليون نسمة، تعد تركيا مركز الإنتاج في المنطقة، وفي إطار رؤية فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان «قرن تركيا»، تنفذ تركيا مشاريع عدة مثل التحول الرقمي، والتكنولوجيا المتقدمة، والفضاء، والابتكار في الزراعة، والتحول الأخضر في الصناعة، والطاقة المتجددة، ومكافحة تغير المناخ، وتحقيق مستويات عالية من التوطين في صناعة السيارات والدفاع، وكذلك تنويع السياحة والحفاظ على دورها الرائد في مجال البناء والبنية التحتية.
تأِشيرات دخول إلكترونية
إن تركيا مستعدة لبذل قصارى جهدها لمشاركة قوتها وخبرتها مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في كافة المشاريع ضمن التحول الهائل الذي تشهده المملكة العربية السعودية في ظل «رؤية 2030» بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. وقد أعلن الرئيس أردوغان دعم تركيا لاستضافة الرياض معرض إكسبو 2030. كما أعرب الاتحاد التركي لكرة القدم عن دعمه الكبير للمملكة العربية السعودية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2034.
إن الموقع الاستراتيجي لتركيا على مفترق الطرق بين أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى يجعلها لاعباً حيوياً على الساحة العالمية. لقد أتاح الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي لتركيا إمكانية الوصول إلى أسواق متعددة. كما أنشأت تركيا خطوط نقل طاقة أساسية لنقل النفط والغاز الطبيعي، مما يعزز أهميتها في مشهد الطاقة العالمي.
تمتد جاذبية تركيا إلى ما هو أبعد من قوتها الاقتصادية وهي تحتل المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر زيارة في العالم، حيث تجتذب السياح بتراثها الثقافي الغني ومناظرها الطبيعية الجذابة. بالإضافة إلى ذلك، برزت تركيا دولةً رائدةً في مجال السياحة الصحية، حيث تفتخر تركيا بالتكنولوجيا الطبية المتطورة، ومنذ شهر يناير الفائت زار أكثر من 700 ألف مواطن سعودي بلادنا لأغراض السياحة، ونحن نعمل لأجل الترحيب بالمزيد من الإخوة والأخوات السعوديين في بلدنا في السنوات المقبلة، ونأمل أن يصل عددهم إلى مليون على الأقل سنوياً، وفي هذا الصدد سيستفيد المواطنون السعوديون، ليس فقط من تأشيرات مفردة، ولكن من تأشيرات الدخول الإلكترونية المتعددة إلى تركيا، التي يمكن الحصول عليها خلال دقيقتين عبر الهاتف المحمول.
علاوة على ذلك، تفتخر تركيا بصناعة دفاعية مثيرة للإعجاب، مع توطين حوالى 80% منها، وقد أدى هذا الإنجاز إلى وضع تركيا مصدراً عالمياً مهماً في قطاع الدفاع. وستظل صناعة الدفاع عنصراً رئيسياً في تعزيز تعاوننا الثنائي مع المملكة العربية السعودية.
دبلوماسية نشطة من أجل السلام
بالإضافة إلى عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومساهماتها في مهمات في البلقان وأفغانستان، تعد تركيا عضواً مهماً في منظمة التعاون الإسلامي، وباعتبارهما عضوين في منظمة التعاون الإسلامي، تواصل تركيا والمملكة العربية السعودية مواجهة تحديات عصرنا جنباً إلى جنب في إطار المنظمة.
وتعمل تركيا أيضاً على تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تم التوقيع على آلية الحوار الاستراتيجي بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي في جدة عام 2008، مما يجعل تركيا أول دولة تنشئ مثل هذه الآلية مع مجلس التعاون الخليجي. ونحن نتطلع الآن إلى الحوار الاستراتيجي الرفيع المستوى المقبل بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
لقد أثبتت تركيا باستمرار التزامها بالسلام والاستقرار والازدهار العالمي، وتؤكد مبادرة «الوساطة من أجل السلام»، التي تم إطلاقها داخل الأمم المتحدة في عام 2010، تفاني تركيا في حل النزاعات والوساطة الدولية. تدعم تركيا والمملكة العربية السعودية السلام والاستقرار في المنطقة والعالم وشدد كل من فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي في أوكرانيا، وفي العام الماضي تم التوقيع على اتفاقية بوساطة تركيا لإعادة صادرات الحبوب الأوكرانية إلى السوق العالمية، وبفضل هذه الاتفاقية أصبح العديد من دول الشرق الأوسط أقل تأثراً نسبياً بأزمة الغذاء العالمية.
وفيما يتعلق بالصراع الأخير في غزة، تعمل كل من تركيا والمملكة العربية السعودية بجد وبدبلوماسية نشطة لضمان السلام والاستقرار، ومنع استهداف المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وشدد البلدان أيضاً على أهمية معالجة السبب الجذري وهو حل الدولتين بحدود عام 1967.
الهدف الأساسي لتركيا هو تعزيز السلام والاستقرار والازدهار على مستوى العالم، وهي رؤية تتوافق بشكل وثيق مع رؤية المملكة العربية السعودية. ويسعى كلا البلدين معاً لخلق مستقبل أفضل لمنطقتنا وخارجها. وتشارك تركيا بنشاط في جهود مكافحة الإرهاب كدولة تقاتل فعلياً ضد تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب الإرهابية على الأرض. ويتجلى التزام تركيا بالقضاء على الإرهاب في جهودها الدؤوبة للحفاظ على الأمن الإقليمي والعالمي.
مستقبل أكثر إشراقاً
بينما تحتفل تركيا بالذكرى المئوية لتأسيسها، فإن هذا ليس مجرد احتفال بتاريخ أمة يمتد لـ100 عام، بل هو شهادة على صداقاتها الدائمة. إن الروابط التاريخية عميقة الجذور والرؤى المشتركة بين تركيا والمملكة العربية السعودية هي بمثابة شهادة على أهمية الدبلوماسية والتعاون والتضامن على المسرح العالمي، وتقف الدولتان معاً ملتزمتين بمستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً للمنطقة والعالم.
دعونا نحتفل بهذا الحدث المهم بروح من الصداقة والتعاون، على أمل أن يكون القرن القادم من الصداقة التركية السعودية أقوى من القرن الماضي.
وأود أن أعرب عن خالص امتناني لشعب وقيادة المملكة العربية السعودية على صداقتهم وتعاونهم. وأنا واثق من أن المستقبل يحمل وعوداً أكبر لعلاقاتنا الثنائية، وسنواصل العمل معاً من أجل السلام والازدهار والتقدم في المنطقة وخارجها.