أخبار

الفشل الكلوي.. أعراضه وأسبابه

يبدأ بتورم القدمين.. وينتهي عند «ماكينة الغسيل»

الثاني أكتوبر 05 1445

محمد قانديه

محمد الهتار (جدة) Alhattar@

مازن في الـ30 من عمره، كانت تبدو عليه الحيوية والنشاط والابتسامة تكاد لا تفارق محياه، معروف بحبه ووده للجميع ولهذا كانوا يبادلونه المشاعر، ذات يوم شعر بألم فتناول بعض المسكنات، لكن الألم لم يغادره بل زاره ثانية بعد أيام وأخذ يتلوى ويصرخ وهو يمسك جنبه الأيمن، وذهب للطبيب، واكتشف إصابته بمرض الكلى الحاد، وأطرق صامتاً ومفكراً كيف زاره المرض وهو الذي لم يطرق باب طبيب، وخرج من عند الطبيب وفي ذهنه العديد من الأسئلة بعد أن وعد طبيبه بالالتزام والمواظبة على تناول الدواء بانتظام. والسؤال: كيف يُصاب الإنسان بمرض الكلى دون أن يشعر به.. يجيب استشاري طب الأسرة الدكتور محمد قانديه بقوله:

عادةً لا يشعر مريض الكلى بالأعراض إلا إذا وصل إلى مراحل متقدمة من خلال أعراض تتمثل في تورم اليدين أو القدمين أو الوجه؛ نتيجة بقاء السوائل في الجسم دون إخراج والشعور بالضعف والدوار واستطعام طعم غريب في الفم نتيجة تجمع المواد الضارة في الدم وخروج رائحة كريهة من الفم، والشعور بالتعب طوال الوقت مع الإصابة بالأنيميا وفي بعض الأحيان تظهر بعض الفقاعات عند التبول ويكون لونه داكناً ويحتوي على قطرات من الدم، فالكليتان تتوليان تصفية الدم وإزالة السموم والمياه الزائدة بتحويلها إلى بول يتدفق من خلال الحالب ومنه إلى المثانة الوعاء الذي يخزن فيه البول لإخراجه، إضافة إلى إفرازها هرمونات لإبقاء العظام قوية والدم صحياً.

لتران من الماء يومياً

يؤكد استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور محمد قانديه، أن أي إخلال بالعملية الغذائية للإنسان وعدم العناية بالصحة العامة يتسبب في العديد من الأمراض؛ ومنها الإصابة بالكلى وأهم أسبابها وراثية والإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم واستخدام أدوية ضارة للكلى على المدى الطويل وضعف المناعة مع التقدم في العمر والتدخين والإصابة بقصور وظائف القلب وأمراض الكبد، كل هذه الأمراض مسببات للإصابة بمرض الكلى، ومع الوقت قد تصل بالإنسان إلى مرحلتين مزمنتين، وهنا تتخلى الكلى عن القيام بوظائفها الطبيعية ومع مرور الوقت تتدمر أنسجتها ويحدث الفشل الكلوي الحاد، لذلك من الضروري شرب الماء يومياً باستمرار في كل وقت بما لا يقل عن لترين إلى ثلاثة دون إفراط، فالمبالغة في شرب الماء قد تؤدي إلى تجمع السوائل في القدمين والرئتين وقد تؤدي لارتفاع في مستوى ملح الصوديوم في الدم.

«الحصوة».. هل تسبب الفشل؟

يوضح استشاري جراحة المسالك البولية الدكتور أحمد توفيق، علاقة التهابات المسالك البولية بأمراض الكلى بقوله: معظم التهابات البول تبدأ من مجرى البول والبروستاتا (في الرجال) والمثانة لأنها الأقرب إلى خارج الجسم.. ومن رحمة الله بالإنسان وجود صمام يمنع ارتجاع البول من المثانة إلى الكليتين.. ولهذا فان معظم التهابات المسالك البولية لا تؤثر على وظائف الكليتين إلا في بعض الحالات مثل وجود تلف في الصمام أو ضعف مناعة الجسم (سكر غير منتظم) أو إذا صاحب الالتهابات وجود انسداد بالحالب يمنع خروج البول من الكلى، وهنا تصبح الالتهابات خطيرة وقد تنذر بتدهور وظائف الكلى. ويمكن التفرقة بين الالتهابات البسيطة والخطيرة من خلال الكشف السريري ويجب عمل تحاليل بسيطة لمعرفة شدة وخطورة الالتهاب.

وعن هل الحصوات وآلام التبول تؤدي إلى تدهور وظائف الكلى؟ يجيب استشاري جراحة المسالك البولية الدكتور توفيق: بالفعل وجود أي حصوات بالحالبين يؤدى إلى ما يعرف بفشل كلوي حاد، وإذا وُجدت حصوة في أحد الحالبين يكون تأثيرها على الكلى على عدة عوامل مثل نوع وحجم ومكان وجود الحصوة بالحالب.. ويجب تنبيه المريض أن إهمال حصوات الحالب لفترات طويلة هو أحد أشهر أسباب تلف وظائف الكلى.

الاستشاري توفيق، أوضح أن الختان الخاطئ قد ينذر بالإصابة بمرض الكلى في بعض الحالات، وقليل من الختان الخاطئ قد يكون له تأثير شديد على عملية التبول وما يصاحبه من مشاكل للمثانة وارتجاع البول على الكليتين، لكنها تظل حالات نادرة. وأشار إلى أن تكرار التهاب المسالك البولية للإنسان في أوقات متقاربة واشتداد مضاعفاتها ينذر بالإصابة بالتلف الدائم للكلى ما لم يتم علاجها في وقت مبكر.

أدوية خطيرة.. تجنب الإفراط فيها

طبيب الأسرة بمركز صحي الحرازات الدكتور يحيى الضامري، بيّن أن الإصابة بمرض السكري وضغط الدم، قد تكون ممراً للإصابة بمرض الكلى فعدم التحكم في مستوى سكر الدم يؤدي إلى إتلاف الأوعية الدموية الدقيقة وينتج عنه ارتفاع في ضغط الدم والفشل الكلوي، لذلك من الضروري أن يفحص الإنسان نفسه كل ستة أشهر خصوصاً مع تقدمه في العمر أو تكرر شعوره ببعض آلام معينة وذلك للوقاية من تلك الأمراض وبالذات مرض ضغط الدم فارتفاع الضغط يؤدي إلى إتلاف الأوعية الدموية.

وعن تأثير تناول الأدوية في الإصابة بمرض الكلى وعن أيٍّ من الأدوية التي تشكل خطورة على الإنسان قال طبيب الأسرة الضامري:

جميع الأدوية لها تأثيرات جانبية، ولذلك دائماً يحذر الأطباء من الإفراط في استخدام الأدوية دون استشارة طبية، ولهذا يحرص الأطباء عند كتابة الوصفات الطبية تحديد مواعيد تناولها وعدد الأيام المحددة في استخدامها، فمن الأدوية المسببة لمرض الكلى وغيره من الأمراض الأدوية المضادة، فالأدوية كما هي مفيدة فهي في الوقت نفسه مضرة بصحة الإنسان وخصوصاً التي تؤخذ دون وصفات طبية وبجرعات عالية، فعلى المدى البعيد تؤدي إلى بعض الأمراض ومنها أمراض الكلى بتسببها في تقليل تدفق الدم في الشعيرات الدموية.

بطء في اندفاع الدم

عن أسباب الإصابة بمرض الكلى يقول أخصائي أول طبيب أسرة بمركز الأجاويد بجدة الدكتور رامي حسام أبو شنب: إنها تتعلق بارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة والتهابات المسالك البولية المتكررة والإصابة بحصوات الكلى وأمراض القلب والأوعية الدموية أو وجود مشكلة تبطئ تدفق الدم إلى الكليتين. وكذلك الإصابة بتضخم البروستاتا، وتناول الأدوية لفترات طويلة خصوصاً التي يمكن أن تؤثر على الكلى، مثل الليثيوم أو الأوميبرازول أو العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات.

ويوضح أخصائي أول طبيب أسرة أبو شنب، أن مرض الكلى نوعان رئيسيان من الممكن أن يتداخلا: أمراض الكلى المزمنة وأمراض الفشل الكلوي الحاد فيما تشمل أمراض الكلى الأخرى السرطان، التكيسات، الحصوات، والالتهابات، مبيناً أن وصول الإنسان إلى الفشل الحاد يحدث إذا فقدت الكلى القدرة على الترشيح بنسب كبيرة في فترة زمنية قصيرة إما بسبب نقص التروية للكلى أو الإصابة المباشرة للكلى أو انسداد تصريف البول.

هل يصاب الأطفال؟

وعن كيف يتم التعامل مع مرضى الفشل الكلوي أوضح الدكتور أبو شنب، أن ذلك يتم من خلال تغيير نمط الحياة إلى نمط صحي والتزام بالأدوية للتحكم بالمشاكل المصاحبة، وفي الحالات المتقدمة من أمراض الكلى المزمنة يتطلب الأمر «الغسيل الكلوي الدموي» أو البريتوني وزراعة الكلى.

وبين أن الوقاية تتم من خلال الإقلاع عن التدخين وتجنب الإفراط في تناول الأدوية والمسكنات دون وصفة طبية والتحكم بالأمراض المزمنة التي قد تؤدي إلى تضرر الكلى والمحافظة على النشاط البدني والمحافظة على وزن صحي وتناول الغذاء الصحي المتوازن.

وهل الفشل الكلوي يصيب الأطفال؟ يجيب الدكتور أبو شنب: نعم، الأطفال قد يصابون بأمراض الكلى ولكن قد تختلف الأسباب عن تلك المذكورة للبالغين.

أنسجة عضلية مفككة

وعن تأثير تناول الأدوية في الإصابة بمرض الكلى، قال أخصائي أول باطنة عامة الدكتور عبد الله عمر باعطية، هناك الكثير من العلاجات التي قد تؤثر على صحة الكلى بطريقة مباشرة او غير مباشرة، خصوصاً حين استخدامها على المدى الطويل ومن دون اشراف طبي، مثل المسكنات ومضادات الالتهاب غير الإستيرودية وبعض انواع المضادات البكتيرية والفيروسية؛ مثل مجموعة الأمينوجلايكوسايد وبعض أدوية تثبيط المناعة ومضادات الحموضة وصبغة اليود الوريدية وغيرها إضافة إلى بعض الأعشاب والمكملات الغذائية.

موضحاً أن التقدم في السن له دور في الإصابة بهذا المرض والذي تحدث فيه للإنسان بعض التغيرات الهيكلية والوظيفية للكلى، فالتعرض لتصلب الأوعية الدموية يتسبب في ضعف كفاءة الكلى تدريجياً. وعلى الرغم من أن الدكتور باعطية نصح بممارسة الرياضة ولكنه في نفس الوقت حذر من ممارستها في حالات الجفاف أو التعرض للإجهاد العضلي الشديد التي تتسبب في تفكك الأنسجة العضلية وخروج مكوناتها لمجرى الدم، وهنا قد يحدث للإنسان فشل كلوي حاد، ومحذراً أيضاً من استخدام البروتينات بشكل مفرط أو بعض المستحضرات المحتوية على هرمونات أو ستيرويد قد تضر بصحة الكلى.

التبرع بالأعضاء

لأهمية الوقاية وعلاج مرض الكلى، ونظراً لما يتكبده المرضى ومرافقوهم من مشقة السفر والتكاليف الباهظة التي تصرفها الدولة أو حتى التي تكون على حساب الفرد نفسه صدر في 1404هـ أمر بإنشاء المركز الوطني للكلى وتشرف عليه لجنة من القطاعات الصحية كافة بالمملكة لتكون بداية لمرحلة جديدة في تنظيم علاج مرضى الفشل الكلوي وتجهيز وحدات للغسيل الكلوي، وأيضاً تنظيم ممارسة زراعة الكلى من الأحياء الأقارب والبدء في برنامج التبرع بعد الوفاة الدماغية، ومع الوقت تحول إلى المركز السعودي لزراعة الأعضاء، وجاء أهم أهدافه التخفيف من معاناة مرضى الفشل العضوي النهائي من خلال فتح باب التبرع بالأعضاء (أثناء الحياة أو بعد الوفاة) وزراعتها وفق معايير الجودة العالمية والشرع في هذا المجال، وكان في مقدمة المتبرعين خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.

وقد بلغ عدد الأعضاء التي تمت زراعتها في المملكة حتى الآن بحسب إحصاءات المركز 21,586، فيما بلغ عدد المتبرعين 17,722 متبرعاً وسجلت أعداد المرضى في قوائم الانتظار 1,940 فيما جاء عدد المسجلين الراغبين بالتبرع 504,756 متبرعاً.

وقد نجح فريق المركز السعودي لزراعة الأعضاء في زراعة العديد من الكلى من متبرعين لمرضى.