عبدالرحمن المشيقح.. من معلّم أحياء إلى مؤسس جامعة
الاثنين هـ الاثنين 01:33 2023 / 1444 09
المدني Abu_taymour@ بقلم: د عبدالله
في شهر سبتمبر 2022، حلّ في البحرين الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح رئيس مجلس أمناء جامعة المستقبل السعودية ضيفاً على جمعية البحرين للعمل التطوعي بالمحرق، حيث جرى تكريمه ومنحه العضوية الشرفية للجمعية والجائزة الدولية للشراكة المجتمعية. تفضل الضيف بالاتصال بي هاتفياً لدعوتي إلى الحفل بقصد التعارف وتسلُّم نسخ من مؤلفاته، إلا أن ظروفاً قاهرة حالت بيني وبين تلبية دعوته الكريمة، فأسفت على ضياع تلك الفرصة للتعرف على شخصية سعودية فريدة في مواهبها وصفاتها وعلمها وانشغالاتها وبصماتها. تراه فتحسبه مجرد رجل أعمال تقليدي ممن منّ الله عليهم بالخير العميم، فاستثمره في مجموعة مشاريع يرفد بها نهضة وطنه، ومجموعة أنشطة خيرية يبتغي من ورائها الأجر والثواب، غير أن المشيقح أكثر من ذلك بكثير.
فهو إنسان متعدد المواهب والصفات، ومتمدد الأنشطة والأعمال بامتداد رقعة بلاده الواسعة، وهو إلى ذلك أديب ملهم وتربوي ضليع واقتصادي عريق وإداري متميز وسياسي وبرلماني محنك ورجل أعمال ناجح وقدوة وضاءة للأجيال وسليل أسرة قصيمية معروفة، لعبت أدواراً في تاريخ وطنها السعودي ونهضتها التنموية كابراً عن كابر.
ولأن الكثيرين ربما لم يسمعوا به خارج وطنه، ارتأينا أن نخصص هذه المادة لرصد سيرته المكتنزة بقصص الكد والطموح والنجاح والإصرار والإرادة منذ سنوات طفولته إلى أن غدا علماً من أعلام القصيم بصفة خاصة والسعودية بصفة عامة، وأيضاً بهدف الإبحار في حياته العامة والخاصة وما اكتنفها من صور ومشاهد ملهمة وصالحة كمادة تدرس للأجيال الجديدة من باب تذكيرها بكفاح الآباء والأجداد في سبيل الارتقاء بالذات والعيش الكريم. ولهذا استعنا بمؤلَّف عنه من إعداد مركز العالم للتوثيق بعنوان «السفينة والربان»، ومؤلَّف آخر هو «سادن الأسفار» من إعداد فريق من الباحثين، إضافة إلى العديد من المقالات المتفرقة عنه.
ولد الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالعزيز بن حمود المشيقح بمدينة بريدة القصيمية، في وقت كانت الحرب العالمية الثانية تلفظ أنفاسها (تحديداً في سنة 1264 للهجرة الموافق لعام 1945م)، ابناً ثامناً للوجيه عبدالله المشيقح ونجلاً أكبر لوالدته السيدة ثاقبة مبارك ناصر المبيريك، الزوجة الثالثة من بين زوجات والده الأربع. ونشأ في أسرة ذات صيت وجاه ومكانة واحترام وتاريخ، فلم يكن غريباً أن ينشأ منذ نعومة أظفاره على القيم والمثل والأخلاق الحميدة التي تشربها من والديه وأعمامه وأخواله.
مجلس والده العامر بالعلم
مدرسته الأولى كانت مجلس أسرته المكتظ دوماً برجال العلم والوجهاء والأعيان والتجار، حيث حرص وهو في سن الصبا على الإنصات والتفكير في كل ما كان يدور فيه من قصص وحكايات ونقاشات وأخبار، والتأمل في وجوه الحضور وقراءة شخوصهم، خصوصاً أن ذلك المجلس كان بمثابة مجلس شورى مصغر، وبالتالي وجهة دائمة لأهل بريدة آنذاك للتداول في الشؤون العامة، حيث كانت المدينة وقتذاك صغيرة المساحة قليلة السكان ودوائرها الحكومية معدودة جداً. كان والده حريصاً على أن يكون ابنه عبدالرحمن وبقية إخوته جزءاً من المجلس كي يستفيدوا ويواصلوا مسيرة أسرة آل مشيقح، ويقودوا جيلها الرابع من بعد الجيل الأول المتمثل في الجد حمود، الذي عاد إلى السعودية من العراق بعوائد تجارته الواسعة ليبدأ في وطنه الأم مسيرة جديدة، فكان الجيل الثاني المتمثل في ولده عبدالعزيز وأسرته، ثم الجيل الثالث المتمثل في حفيده عبدالله وأبنائه. هذا علماً بأن جد الأسرة الأكبر «حمود بن مشيقح بن عبدالله آل عزام» كان قد خرج مع أخيه عبدالله من نجد إلى العراق، بعد سقوط الدرعية وانتهاء حكم الدولة السعودية الأولى سنة 1233 للهجرة (1818م)، حيث عمل هناك في تجارة الإبل متنقلاً ما بين البصرة وحلب، فحقق مالاً وفيراً وثروة طائلة بمقاييس زمنه.
مدارس نشأته
أما مدرسته الثانية فقد كانت والدته الحنونة التي زرعت فيه خصال الحنان والمودة والتواضع والأدب الجم والالتزام وحب الخير، فكانت بمثابة الحضن الدافئ والملجأ الآمن والمرشد القويم، ما جعله متعلقاً بها، لا يطيق عنها بعاداً، خصوصاً أنها كانت امرأة محنكة وثاقبة الفكر وملمة بتقاليد البيوت العريقة كونها نشأت في قصر إمارة بريدة حينما كان والدها أميراً للقصيم.
وتمثلت مدرسته الثالثة في دكان والده للمواد التموينية الواردة من الهند عن طريق البحرين مروراً بالجبيل، حيث كان يرصد بعين ثاقبة علاقات البيع والشراء، وعملية تدوين البضائع القادمة ويصغي إلى ما يدور في المجلس الملحق بالدكان من أحاديث الربح والخسارة وغيرها من الحكايات، فتعلم مبكراً ألف باء المعاملات التجارية.
ويمكن أن نضيف إلى ما سبق مدرسة رابعة هي مسجد آل مشيقح في بريدة، الذي كان يتردد عليه للصلاة وحضور دروسه الوعظية والاستماع إلى قراءات مشايخه، لاسيما أن المسجد كان وقتذاك وجهة طلاب العلم الشرعي بعد أن ألحق به آل مشيقح غرفاً للسكن والإعاشة فصار أشبه ما يكون بالرباط.
أولوية التعليم
كان عبدالرحمن محظوظاً بوالده عبدالله الرجل المؤمن بأهمية التعليم النظامي، على خلاف الآخرين ممن كانوا يتخوفون منه ويرون في العلوم الشرعية بالمساجد والكتاتيب منتهى الغاية. وهكذا حينما ألحقه والده بالمدرسة الفيصلية في سنة 1372 للهجرة لبدء تعليمه الابتدائي، كان مستوعباً لأمور لم تكن محل إدراك أقرانه، فبزهم وتفوق عليهم ونال رضا معلميه.
واصل تعليمه النظامي بعد ذلك منتقلاً من الابتدائية إلى المتوسطة فالثانوية بنجاح، فيما كانت مداركه تتوسع سنة بعد أخرى، ورفاقه يزدادون عدداً، وهواياته تتزاحم. كانت القراءة والمطالعة على رأس تلك الهوايات بدليل أنه أسس مكتبته الخاصة الصغيرة وهو على مقاعد الدراسة المتوسطة، كما حظي المذياع، وقت دخوله في تلك الفترة إلى بيوت القصيم، بنصيب كبير من اهتمامه واهتمام أصدقائه كمصدر للتثقيف والمتعة والترفيه فكانوا يتابعون برامجه ويتناقشون حول مضامينها.
الدراسة الجامعية
حلم الصبي عبدالرحمن وقتذاك كان بسيطاً ولم يتعد الاستقلال بغرفة خاصة به ضمن منزل والده كي يضع بها كتبه ومقتنياته الصغيرة ويمارس فيها خصوصياته، وهو ما لم يتحقق إلا في مرحلته الثانوية. غير أن عبدالرحمن لم يهنأ بغرفته طويلاً، بل كان ألمه أشد بفقدان مكتبته الصغيرة التي التهمها حريق شبّ في غرفته وهو غائب بالمدرسة. حزن كثيراً لكنه سرعان ما قرر أن يؤسس لنفسه مكتبة بديلة.
تخرج بمعدل عالٍ من القسم العلمي بمدرسته الثانوية عام 1386 للهجرة، ليبدأ التفكير في التخصص الذي سيدرسه في المرحلة الجامعية، وحينما هداه تفكيره إلى الكيمياء، راح يسأل نفسه أين سيدرسها؟ وقتها كانت أمامه خيارات عدة للالتحاق بما يشاء من تخصصات في أي جامعة داخلية أو خارجية. فوالده لم يكن من النوع الذي يفرض على أبنائه ماذا يدرس أو أين يدرس، وبالتالي كان عبدالرحمن حراً في قراراته. فكر أن يسافر في بعثة دراسية إلى الخارج كما فعل آخرون كثر كي يستمتع بما سمعه منهم من مباهج ومدهشات حضارية، لكنه أدرك بحاسة الابن اللصيق بوالديه منذ الصغر أن سفره بعيداً سيؤلمهما وسينغص حياة والدته الحبيبة على وجه التحديد، فقرر أن يبقى في الوطن ويشد الرحال إلى الظهران للدراسة في كلية البترول والمعادن، حيث يسهل التواصل منها مع أهله بل وزيارتهم في الإجازات.
كلية العلوم في الرياض
شكلت أجواء الظهران وبيئة كلية البترول الحديثة وبرامجها التعليمية المتطورة إضافة مثيرة إلى حياة عبدالرحمن. ففيها تعلم الإنجليزية وشاهد التلفزيون لأول مرة والتقى بطلبة مواطنين وعرب وأجانب من مختلف المناطق والدول وتلقى العلم على أيدي أساتذة من الغرب ومارس أنشطة رياضية وثقافية وترفيهية لم يعهدها من قبل.
غير أن الحنين إلى والديه وأصدقائه ومرابع طفولته وصباه في بريدة راح يوجعه ويؤثر سلباً على أدائه، فقرر أن يترك كليته بعد خمسة أشهر من الدراسة، ويلتحق بدلاً منها بكلية العلوم التابعة لجامعة الرياض. أما لماذا جامعة الرياض فلأنها الخيار الوحيد المتبقي، ثم لأن في الرياض العديد من زملاء مدرسته الثانوية الدارسين، علاوة على أخواله وخالاته وجدته لأمه «لولوة بنت محمد الرشيد المشيقح»، التي أصرت أن يسكن معها في بيتها، وبالتالي بدا الأمر بالنسبة إليه كما لو كان موجوداً في ضاحية من ضواحي بريدة.
وهكذا درس صاحبنا الفترة من 1387 إلى 1391 للهجرة بكلية العلوم في جامعة الرياض، متباهياً بإنجليزيته التي تعلمها في الظهران، مواظباً على الحضور دون انقطاع، ومستمتعاً بالألفة التي افتقدها في كليته السابقة، ومستثمراً وقت فراغه في القراءة والمعرفة، دون أن يشغل نفسه بمستقبله الوظيفي بعد التخرج. فالوظائف لم تكن قط من غاياته أو أولوياته لأنه كان ممن يتعلمون من أجل العلم فحسب وممن يرون في التعلم نداءً وجدانياً وروحياً.
لفت أنظار المسؤولين
مرت سنواته الجامعية سريعة وتخللها زواجه من قريبته «مزنة بنت سليمان بن حمود المشيقح»، ورحلات عديدة إلى المزارع والمصانع والصحارى مع دكاترة علمَي النبات والحيوان لجمع العينات النباتية والحشرية، وزيارات كثيرة إلى مصانع البلاستيك والمرطبات لمشاهدة التفاعلات الكيميائية وخلافها. كما تخللتها أوقات حزينة بسبب هزيمة العرب في حرب حزيران وتداعيات الحرب الأهلية الستينية في اليمن على السعودية.
في عام 1971 تخرج حاملاً شهادة البكالوريوس في العلوم (تخصص كيمياء وعلم الحيوان) ومسلحاً بقراءة خارجية موسوعية، لكن لا هذا ولا ذاك ولا تخصصه النادر (آنذاك) منحه وظيفة أفضل من مدرس لمادة الأحياء بثانوية الرس، فقبل الأمر وتعايش معه دون تذمر، بل بذل جهداً استثنائياً لتقديم كل ما في جعبته لتلاميذه، وفوق ذلك وافق أن يخرج طاقاته المعرفية للجمهور العريض من خلال محاضرات بنادي الحزم الرياضي بالرس. لفتت محاضراته أنظار المسؤولين الذين تيقنوا أن شخصاً بتلك الطاقات والمعارف يجب ألا يحبس في وظيفة تربوية عادية. وسرعان ما جاءته برقية من وزارة المعارف تفيد بوقوع الاختيار عليه لتمثيل السعودية في مؤتمر ببغداد مخصص لوضع المناهج العلمية للبلاد العربية.
الدراسة في الخارج
في بغداد جلس الشاب حديث التخرج إلى جانب علماء عرب أكبر سناً وأثرى تجربة وعلماً يناقش ويقترح ويشارك في وضع مناهج الأحياء للوطن العربي، فخوراً بتمثيل وطنه. بعد عودته إلى مقر عمله تمّ نقله إلى وظيفة مدرس لمادة الأحياء بثانوية بريدة، وبالتزامن كُلف بالعمل مدرساً لمادة العلوم في معهد إعداد المعلمين القريب. ولم يمضِ عام على ذلك إلا وصاحبنا يجد اسمه ضمن كشوف الابتعاث إلى الخارج بموجب عقد بين وزارة المعارف السعودية وجامعتَي إنديانا وأوكلاهوما الأمريكيتين لتطوير برامج التعليم.
كان ذهابه إلى الولايات المتحدة نقلة نوعية في حياته، فلأول مرة يركب الطائرة التي حملته من الرياض إلى نيويورك عبر مطارات التوقف في بيروت وروما، ثم من نيويورك إلى إنديانا جواً، فإلى مدينة بلومنغتون حيث جامعته بالسيارة. ولأول مرة يخرج من مدينة معظم بيوتها من الطين ومعظمها يفتقد خدمات الكهرباء والهاتف إلى مدن ناطحات السحاب والأضواء والاتصالات والرفاهية والازدحام والمكتبات ودور العلم العملاقة.
قرر منذ اللحظة الأولى لوجوده في الولايات المتحدة، أن يكتشف هذا العالم الجديد ويغرف منه كل ما هو مفيد. وبينما كان يدرس الماجستير في تخصص جديد هو طرق تدريس العلوم في جامعة بلومنغتون، راح يزور بنهم المعالم الأمريكية السياحية والثقافية، ويتفقد دور العلم والمصانع والمزارع لاكتشاف جديد التعليم الأمريكي، وينهل من مكتبات الجامعات الأمريكية العريقة، ويقرأ الصحف والمجلات المتنوعة، ويعقد الصداقات الجديدة مع مواطنيه والعرب المغتربين، وينشط في اللقاءات العلمية وغير العلمية والأنشطة الأسرية والفعاليات الإسلامية.
العودة من أمريكا
عاد صاحبنا إلى وطنه عام 1976 مكللاً بشهادة الماجستير فتم تعيينه فوراً مديرا للمعهد الفني الزراعي ببريدة، لكنه شعر أنه لم يغرف من العلم والبحث كفايته فقرر، وهو على رأس عمله الجديد، أن يسجل في كلية التربية بجامعة «كينيدي ويسترن» في ولاية كاليفورنيا الأمريكية لنيل درجة الدكتوراه عن أطروحة غير مسبوقة بعنوان «التعليم المهني والتقني وحتمية التوجه العربي»، إيماناً مبكراً منه بالحاجة إلى التعليم المهني والتقني في المنطقة. وحينما شارف على كتابة أطروحته طلب من رؤسائه إعارته من الوظيفة الحكومية إلى شركة الوسائل الزراعية كي يتفرغ للبحث والكتابة، فتمت الاستجابة لرغبته ونجح في تحقيق مراده وسط ظروف صعبة ومعاناة بالغة بسبب ندرة المراجع المكتوبة.
بعدها قرر ألا يعود إلى عمله الحكومي السابق وأن يكتشف نفسه وقدراتها في عمل جديد يشبع طموحاته، فكان أن تفرغ للعمل مع أسرته في إدارة وتطوير أعمالها. وسرعان ما نجح في جمع إخوانه حوله ليظهر إلى الوجود كيان اقتصادي كبير يحمل اسم آل مشيقح سكب فيه كل ما تعلمه وخبره وشاهده وقرأه خلال مسيرته التعليمية والوظيفية السابقة. هذا الكيان الذي توسعت أنشطته فشملت الصناعة والزراعة والغذاء والدواء والأعلاف والمقاولات.
نجاحات متعاقبة ومكانة اجتماعية مرموقة
وبعد رحلة حافلة في عالم المال والأعمال، ونجاح مشهود في تطوير أعمال الأسرة، وخلق جيل جديد مؤهل لقيادة دفتها، قرر أن يتخلى عن مسؤولياته الإدارية ويكتفي برئاسة مجلس إدارة «شركة الوسائل الصناعية»، سعياً منه للتفرغ للقراءة والتأليف وخدمة الدارسين والباحثين وطلبة العلم. وهنا نراه يحقق هذا الهدف من خلال افتتاح مكتبة ضخمة ضمت نحو 35 ألف كتاب في شتى مجالات المعرفة تحت اسم «مكتبة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح»، وإصدار العديد من المؤلفات العلمية والفنية والتاريخية التي أثرى بها المكتبة العربية، وصولاً إلى مساهمته الكبيرة في تحويل «كليات القصيم الأهلية» إلى واحدة من كبريات جامعات المملكة الأهلية، وهي «جامعة المستقبل» التي أُطلقت مع مطلع الألفية الجارية، ناهيك عن قيامه بإطلاق «مسابقة الدكتور عبدالرحمن العبدالله المشيقح» الأدبية للشباب العرب والناطقين بالعربية، تشجيعاً منه للمواهب الأدبية في مجالات القصيدة والقصة والمقال ودعماً للحراك الثقافي والمعرفي.
وتقديراً لمكانته الاجتماعية والعلمية ونظراً لنجاحاته المتعاقبة، فقد حظي المشيقح بثقة القيادة السياسية فعُيّن في عام 1422 للهجرة عضواً بمجلس الشورى السعودي، وظل كذلك لثلاث دورات متتالية، رَأَسَ وانضم خلالها لأكثر من لجنة برلمانية، ومثّل بلاده في أكثر من احتفال وملتقى برلماني إقليمي أو عالمي، وساهم مساهمة خلاقة في أعمال ومسيرة الشورى السعودي. كما نال ثقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران سابقاً، الذي عينه عضواً في مجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية لثماني سنوات متتالية (ما بين عامي 1423 و1430). إلى ذلك نال العديد من الجوائز والتكريمات، ورَأَسَ الغرفة التجارية الصناعية بالقصيم لثلاث دورات ما بين عامي 1413 و 1425 للهجرة.
فهو إنسان متعدد المواهب والصفات، ومتمدد الأنشطة والأعمال بامتداد رقعة بلاده الواسعة، وهو إلى ذلك أديب ملهم وتربوي ضليع واقتصادي عريق وإداري متميز وسياسي وبرلماني محنك ورجل أعمال ناجح وقدوة وضاءة للأجيال وسليل أسرة قصيمية معروفة، لعبت أدواراً في تاريخ وطنها السعودي ونهضتها التنموية كابراً عن كابر.
ولأن الكثيرين ربما لم يسمعوا به خارج وطنه، ارتأينا أن نخصص هذه المادة لرصد سيرته المكتنزة بقصص الكد والطموح والنجاح والإصرار والإرادة منذ سنوات طفولته إلى أن غدا علماً من أعلام القصيم بصفة خاصة والسعودية بصفة عامة، وأيضاً بهدف الإبحار في حياته العامة والخاصة وما اكتنفها من صور ومشاهد ملهمة وصالحة كمادة تدرس للأجيال الجديدة من باب تذكيرها بكفاح الآباء والأجداد في سبيل الارتقاء بالذات والعيش الكريم. ولهذا استعنا بمؤلَّف عنه من إعداد مركز العالم للتوثيق بعنوان «السفينة والربان»، ومؤلَّف آخر هو «سادن الأسفار» من إعداد فريق من الباحثين، إضافة إلى العديد من المقالات المتفرقة عنه.
ولد الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالعزيز بن حمود المشيقح بمدينة بريدة القصيمية، في وقت كانت الحرب العالمية الثانية تلفظ أنفاسها (تحديداً في سنة 1264 للهجرة الموافق لعام 1945م)، ابناً ثامناً للوجيه عبدالله المشيقح ونجلاً أكبر لوالدته السيدة ثاقبة مبارك ناصر المبيريك، الزوجة الثالثة من بين زوجات والده الأربع. ونشأ في أسرة ذات صيت وجاه ومكانة واحترام وتاريخ، فلم يكن غريباً أن ينشأ منذ نعومة أظفاره على القيم والمثل والأخلاق الحميدة التي تشربها من والديه وأعمامه وأخواله.
مجلس والده العامر بالعلم
مدرسته الأولى كانت مجلس أسرته المكتظ دوماً برجال العلم والوجهاء والأعيان والتجار، حيث حرص وهو في سن الصبا على الإنصات والتفكير في كل ما كان يدور فيه من قصص وحكايات ونقاشات وأخبار، والتأمل في وجوه الحضور وقراءة شخوصهم، خصوصاً أن ذلك المجلس كان بمثابة مجلس شورى مصغر، وبالتالي وجهة دائمة لأهل بريدة آنذاك للتداول في الشؤون العامة، حيث كانت المدينة وقتذاك صغيرة المساحة قليلة السكان ودوائرها الحكومية معدودة جداً. كان والده حريصاً على أن يكون ابنه عبدالرحمن وبقية إخوته جزءاً من المجلس كي يستفيدوا ويواصلوا مسيرة أسرة آل مشيقح، ويقودوا جيلها الرابع من بعد الجيل الأول المتمثل في الجد حمود، الذي عاد إلى السعودية من العراق بعوائد تجارته الواسعة ليبدأ في وطنه الأم مسيرة جديدة، فكان الجيل الثاني المتمثل في ولده عبدالعزيز وأسرته، ثم الجيل الثالث المتمثل في حفيده عبدالله وأبنائه. هذا علماً بأن جد الأسرة الأكبر «حمود بن مشيقح بن عبدالله آل عزام» كان قد خرج مع أخيه عبدالله من نجد إلى العراق، بعد سقوط الدرعية وانتهاء حكم الدولة السعودية الأولى سنة 1233 للهجرة (1818م)، حيث عمل هناك في تجارة الإبل متنقلاً ما بين البصرة وحلب، فحقق مالاً وفيراً وثروة طائلة بمقاييس زمنه.
مدارس نشأته
أما مدرسته الثانية فقد كانت والدته الحنونة التي زرعت فيه خصال الحنان والمودة والتواضع والأدب الجم والالتزام وحب الخير، فكانت بمثابة الحضن الدافئ والملجأ الآمن والمرشد القويم، ما جعله متعلقاً بها، لا يطيق عنها بعاداً، خصوصاً أنها كانت امرأة محنكة وثاقبة الفكر وملمة بتقاليد البيوت العريقة كونها نشأت في قصر إمارة بريدة حينما كان والدها أميراً للقصيم.
وتمثلت مدرسته الثالثة في دكان والده للمواد التموينية الواردة من الهند عن طريق البحرين مروراً بالجبيل، حيث كان يرصد بعين ثاقبة علاقات البيع والشراء، وعملية تدوين البضائع القادمة ويصغي إلى ما يدور في المجلس الملحق بالدكان من أحاديث الربح والخسارة وغيرها من الحكايات، فتعلم مبكراً ألف باء المعاملات التجارية.
ويمكن أن نضيف إلى ما سبق مدرسة رابعة هي مسجد آل مشيقح في بريدة، الذي كان يتردد عليه للصلاة وحضور دروسه الوعظية والاستماع إلى قراءات مشايخه، لاسيما أن المسجد كان وقتذاك وجهة طلاب العلم الشرعي بعد أن ألحق به آل مشيقح غرفاً للسكن والإعاشة فصار أشبه ما يكون بالرباط.
أولوية التعليم
كان عبدالرحمن محظوظاً بوالده عبدالله الرجل المؤمن بأهمية التعليم النظامي، على خلاف الآخرين ممن كانوا يتخوفون منه ويرون في العلوم الشرعية بالمساجد والكتاتيب منتهى الغاية. وهكذا حينما ألحقه والده بالمدرسة الفيصلية في سنة 1372 للهجرة لبدء تعليمه الابتدائي، كان مستوعباً لأمور لم تكن محل إدراك أقرانه، فبزهم وتفوق عليهم ونال رضا معلميه.
واصل تعليمه النظامي بعد ذلك منتقلاً من الابتدائية إلى المتوسطة فالثانوية بنجاح، فيما كانت مداركه تتوسع سنة بعد أخرى، ورفاقه يزدادون عدداً، وهواياته تتزاحم. كانت القراءة والمطالعة على رأس تلك الهوايات بدليل أنه أسس مكتبته الخاصة الصغيرة وهو على مقاعد الدراسة المتوسطة، كما حظي المذياع، وقت دخوله في تلك الفترة إلى بيوت القصيم، بنصيب كبير من اهتمامه واهتمام أصدقائه كمصدر للتثقيف والمتعة والترفيه فكانوا يتابعون برامجه ويتناقشون حول مضامينها.
الدراسة الجامعية
حلم الصبي عبدالرحمن وقتذاك كان بسيطاً ولم يتعد الاستقلال بغرفة خاصة به ضمن منزل والده كي يضع بها كتبه ومقتنياته الصغيرة ويمارس فيها خصوصياته، وهو ما لم يتحقق إلا في مرحلته الثانوية. غير أن عبدالرحمن لم يهنأ بغرفته طويلاً، بل كان ألمه أشد بفقدان مكتبته الصغيرة التي التهمها حريق شبّ في غرفته وهو غائب بالمدرسة. حزن كثيراً لكنه سرعان ما قرر أن يؤسس لنفسه مكتبة بديلة.
تخرج بمعدل عالٍ من القسم العلمي بمدرسته الثانوية عام 1386 للهجرة، ليبدأ التفكير في التخصص الذي سيدرسه في المرحلة الجامعية، وحينما هداه تفكيره إلى الكيمياء، راح يسأل نفسه أين سيدرسها؟ وقتها كانت أمامه خيارات عدة للالتحاق بما يشاء من تخصصات في أي جامعة داخلية أو خارجية. فوالده لم يكن من النوع الذي يفرض على أبنائه ماذا يدرس أو أين يدرس، وبالتالي كان عبدالرحمن حراً في قراراته. فكر أن يسافر في بعثة دراسية إلى الخارج كما فعل آخرون كثر كي يستمتع بما سمعه منهم من مباهج ومدهشات حضارية، لكنه أدرك بحاسة الابن اللصيق بوالديه منذ الصغر أن سفره بعيداً سيؤلمهما وسينغص حياة والدته الحبيبة على وجه التحديد، فقرر أن يبقى في الوطن ويشد الرحال إلى الظهران للدراسة في كلية البترول والمعادن، حيث يسهل التواصل منها مع أهله بل وزيارتهم في الإجازات.
كلية العلوم في الرياض
شكلت أجواء الظهران وبيئة كلية البترول الحديثة وبرامجها التعليمية المتطورة إضافة مثيرة إلى حياة عبدالرحمن. ففيها تعلم الإنجليزية وشاهد التلفزيون لأول مرة والتقى بطلبة مواطنين وعرب وأجانب من مختلف المناطق والدول وتلقى العلم على أيدي أساتذة من الغرب ومارس أنشطة رياضية وثقافية وترفيهية لم يعهدها من قبل.
غير أن الحنين إلى والديه وأصدقائه ومرابع طفولته وصباه في بريدة راح يوجعه ويؤثر سلباً على أدائه، فقرر أن يترك كليته بعد خمسة أشهر من الدراسة، ويلتحق بدلاً منها بكلية العلوم التابعة لجامعة الرياض. أما لماذا جامعة الرياض فلأنها الخيار الوحيد المتبقي، ثم لأن في الرياض العديد من زملاء مدرسته الثانوية الدارسين، علاوة على أخواله وخالاته وجدته لأمه «لولوة بنت محمد الرشيد المشيقح»، التي أصرت أن يسكن معها في بيتها، وبالتالي بدا الأمر بالنسبة إليه كما لو كان موجوداً في ضاحية من ضواحي بريدة.
وهكذا درس صاحبنا الفترة من 1387 إلى 1391 للهجرة بكلية العلوم في جامعة الرياض، متباهياً بإنجليزيته التي تعلمها في الظهران، مواظباً على الحضور دون انقطاع، ومستمتعاً بالألفة التي افتقدها في كليته السابقة، ومستثمراً وقت فراغه في القراءة والمعرفة، دون أن يشغل نفسه بمستقبله الوظيفي بعد التخرج. فالوظائف لم تكن قط من غاياته أو أولوياته لأنه كان ممن يتعلمون من أجل العلم فحسب وممن يرون في التعلم نداءً وجدانياً وروحياً.
لفت أنظار المسؤولين
مرت سنواته الجامعية سريعة وتخللها زواجه من قريبته «مزنة بنت سليمان بن حمود المشيقح»، ورحلات عديدة إلى المزارع والمصانع والصحارى مع دكاترة علمَي النبات والحيوان لجمع العينات النباتية والحشرية، وزيارات كثيرة إلى مصانع البلاستيك والمرطبات لمشاهدة التفاعلات الكيميائية وخلافها. كما تخللتها أوقات حزينة بسبب هزيمة العرب في حرب حزيران وتداعيات الحرب الأهلية الستينية في اليمن على السعودية.
في عام 1971 تخرج حاملاً شهادة البكالوريوس في العلوم (تخصص كيمياء وعلم الحيوان) ومسلحاً بقراءة خارجية موسوعية، لكن لا هذا ولا ذاك ولا تخصصه النادر (آنذاك) منحه وظيفة أفضل من مدرس لمادة الأحياء بثانوية الرس، فقبل الأمر وتعايش معه دون تذمر، بل بذل جهداً استثنائياً لتقديم كل ما في جعبته لتلاميذه، وفوق ذلك وافق أن يخرج طاقاته المعرفية للجمهور العريض من خلال محاضرات بنادي الحزم الرياضي بالرس. لفتت محاضراته أنظار المسؤولين الذين تيقنوا أن شخصاً بتلك الطاقات والمعارف يجب ألا يحبس في وظيفة تربوية عادية. وسرعان ما جاءته برقية من وزارة المعارف تفيد بوقوع الاختيار عليه لتمثيل السعودية في مؤتمر ببغداد مخصص لوضع المناهج العلمية للبلاد العربية.
الدراسة في الخارج
في بغداد جلس الشاب حديث التخرج إلى جانب علماء عرب أكبر سناً وأثرى تجربة وعلماً يناقش ويقترح ويشارك في وضع مناهج الأحياء للوطن العربي، فخوراً بتمثيل وطنه. بعد عودته إلى مقر عمله تمّ نقله إلى وظيفة مدرس لمادة الأحياء بثانوية بريدة، وبالتزامن كُلف بالعمل مدرساً لمادة العلوم في معهد إعداد المعلمين القريب. ولم يمضِ عام على ذلك إلا وصاحبنا يجد اسمه ضمن كشوف الابتعاث إلى الخارج بموجب عقد بين وزارة المعارف السعودية وجامعتَي إنديانا وأوكلاهوما الأمريكيتين لتطوير برامج التعليم.
كان ذهابه إلى الولايات المتحدة نقلة نوعية في حياته، فلأول مرة يركب الطائرة التي حملته من الرياض إلى نيويورك عبر مطارات التوقف في بيروت وروما، ثم من نيويورك إلى إنديانا جواً، فإلى مدينة بلومنغتون حيث جامعته بالسيارة. ولأول مرة يخرج من مدينة معظم بيوتها من الطين ومعظمها يفتقد خدمات الكهرباء والهاتف إلى مدن ناطحات السحاب والأضواء والاتصالات والرفاهية والازدحام والمكتبات ودور العلم العملاقة.
قرر منذ اللحظة الأولى لوجوده في الولايات المتحدة، أن يكتشف هذا العالم الجديد ويغرف منه كل ما هو مفيد. وبينما كان يدرس الماجستير في تخصص جديد هو طرق تدريس العلوم في جامعة بلومنغتون، راح يزور بنهم المعالم الأمريكية السياحية والثقافية، ويتفقد دور العلم والمصانع والمزارع لاكتشاف جديد التعليم الأمريكي، وينهل من مكتبات الجامعات الأمريكية العريقة، ويقرأ الصحف والمجلات المتنوعة، ويعقد الصداقات الجديدة مع مواطنيه والعرب المغتربين، وينشط في اللقاءات العلمية وغير العلمية والأنشطة الأسرية والفعاليات الإسلامية.
العودة من أمريكا
عاد صاحبنا إلى وطنه عام 1976 مكللاً بشهادة الماجستير فتم تعيينه فوراً مديرا للمعهد الفني الزراعي ببريدة، لكنه شعر أنه لم يغرف من العلم والبحث كفايته فقرر، وهو على رأس عمله الجديد، أن يسجل في كلية التربية بجامعة «كينيدي ويسترن» في ولاية كاليفورنيا الأمريكية لنيل درجة الدكتوراه عن أطروحة غير مسبوقة بعنوان «التعليم المهني والتقني وحتمية التوجه العربي»، إيماناً مبكراً منه بالحاجة إلى التعليم المهني والتقني في المنطقة. وحينما شارف على كتابة أطروحته طلب من رؤسائه إعارته من الوظيفة الحكومية إلى شركة الوسائل الزراعية كي يتفرغ للبحث والكتابة، فتمت الاستجابة لرغبته ونجح في تحقيق مراده وسط ظروف صعبة ومعاناة بالغة بسبب ندرة المراجع المكتوبة.
بعدها قرر ألا يعود إلى عمله الحكومي السابق وأن يكتشف نفسه وقدراتها في عمل جديد يشبع طموحاته، فكان أن تفرغ للعمل مع أسرته في إدارة وتطوير أعمالها. وسرعان ما نجح في جمع إخوانه حوله ليظهر إلى الوجود كيان اقتصادي كبير يحمل اسم آل مشيقح سكب فيه كل ما تعلمه وخبره وشاهده وقرأه خلال مسيرته التعليمية والوظيفية السابقة. هذا الكيان الذي توسعت أنشطته فشملت الصناعة والزراعة والغذاء والدواء والأعلاف والمقاولات.
نجاحات متعاقبة ومكانة اجتماعية مرموقة
وبعد رحلة حافلة في عالم المال والأعمال، ونجاح مشهود في تطوير أعمال الأسرة، وخلق جيل جديد مؤهل لقيادة دفتها، قرر أن يتخلى عن مسؤولياته الإدارية ويكتفي برئاسة مجلس إدارة «شركة الوسائل الصناعية»، سعياً منه للتفرغ للقراءة والتأليف وخدمة الدارسين والباحثين وطلبة العلم. وهنا نراه يحقق هذا الهدف من خلال افتتاح مكتبة ضخمة ضمت نحو 35 ألف كتاب في شتى مجالات المعرفة تحت اسم «مكتبة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح»، وإصدار العديد من المؤلفات العلمية والفنية والتاريخية التي أثرى بها المكتبة العربية، وصولاً إلى مساهمته الكبيرة في تحويل «كليات القصيم الأهلية» إلى واحدة من كبريات جامعات المملكة الأهلية، وهي «جامعة المستقبل» التي أُطلقت مع مطلع الألفية الجارية، ناهيك عن قيامه بإطلاق «مسابقة الدكتور عبدالرحمن العبدالله المشيقح» الأدبية للشباب العرب والناطقين بالعربية، تشجيعاً منه للمواهب الأدبية في مجالات القصيدة والقصة والمقال ودعماً للحراك الثقافي والمعرفي.
وتقديراً لمكانته الاجتماعية والعلمية ونظراً لنجاحاته المتعاقبة، فقد حظي المشيقح بثقة القيادة السياسية فعُيّن في عام 1422 للهجرة عضواً بمجلس الشورى السعودي، وظل كذلك لثلاث دورات متتالية، رَأَسَ وانضم خلالها لأكثر من لجنة برلمانية، ومثّل بلاده في أكثر من احتفال وملتقى برلماني إقليمي أو عالمي، وساهم مساهمة خلاقة في أعمال ومسيرة الشورى السعودي. كما نال ثقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران سابقاً، الذي عينه عضواً في مجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية لثماني سنوات متتالية (ما بين عامي 1423 و1430). إلى ذلك نال العديد من الجوائز والتكريمات، ورَأَسَ الغرفة التجارية الصناعية بالقصيم لثلاث دورات ما بين عامي 1413 و 1425 للهجرة.