تحقيقات

«الشبو».. الإدمان من أول جرعة!

شبيه الزجاج المكسور.. الأعنف على عقول متعاطيه

2023 الآخرة / Class="articledate">الجمعة 1444 Class="articledate">الجمعة يناير هـ

(جدة) إبراهيم I_waleeed22@ العلوي

تحذيرات تتوالى، ومخاطر محتملة جسيمة يعلن عنها المختصون عن مخدرٍ يعد الأعنف على عقول مدمنيه والأسرع قتلًا صنعه الإنسان ليدمر أخاه الإنسان. (الشبو) شديد المفعول، سريع الإدمان من أول الجرعات، ويصيب متعاطيه بحالة من الهلوسة الشديدة؛ سمعياً وبصرياً وحسياً، ليقتل أقرب الناس إلى قلبه فيتخيل صوراً ويتوهم أشياء غير موجودة في الواقع بأثر هذه المادة الخطرة.

وسجلت الأجهزة الأمنية عدداً من الجرائم البشعة لمتعاطي مخدر الشبو؛ آخرها شاب قتل أمه وأباه وأخته وأخاه في محافظة القطيف حرقاً بأن سكب عليهم مادة البنزين، وأشعل النيران بهم في نهار رمضان، فلم تشفع للمدمن صرخات الاستغاثة ولا نظرات الاستعطاف في ردعه، إذ تجمد قلبه وتحول إلى كتلة من الصخر لم تلن لتوسلات أسرته والتي لفظت أنفاسها تحت لسعات النيران.

وفي محافظة رابغ، قتل حفيد جدته بعد جرعة من الشبو أفقدته كل إدراكه ليقدم على قتل من ربته واهتمت بشؤونه فبادلها الإحسان بالقتل خنقاً، قبل أن يضعها داخل فريزر عدة أيام لعله يفر من جريمته. و لا تتوقف الجرائم عند هذا الحد فقد أزهق أربعيني روح صديقه حرقًا داخل سيارته بعد أن استدرجه من داخل منزله لينفذ جريمته دون أن يرمش له جفن.

الإدمان من أول مرة!

جرائم المخدر الأسرع فتكًا والأخطر على المجتمع استدعت إطلاق عشرات التحذيرات من ذوي الاختصاص من مادة الشبو، والتي تسبب سرعة الإدمان عليها، إذ تبين أن هناك من يدمن عليها من أول استخدام، وتعد من أخطر أنواع المخدرات المستحدثة والتي وجدت طريقاً بشكل مستهدف نحو الشباب والشابات فهو الأرخص سعرًا و الأكثر تدميرًا للعقول والأجساد.

وحذّر الخبير الأمني ومستشار الإدمان الدكتور سامي الحمود، من خطورة الشبو، مؤكدا أنه يتسبب في قتل وعنف وانتحار، راوياً قصة مأساوية لشاب كان يتعاطى هذه المادة وقتل أمه ثم انتحر، مشيراً إلى أن إدمان «الشبو» يمكن أن يحدث من التناول لمرة واحدة ويظل تأثيره لسنوات حتى بعد الإقلاع.

و أكّد الحمود، علاقة ارتكاب الجرائم بتعاطي الشبو؛ كونها شديد التأثير على عدوانية متعاطيها، وقال إن زوجة أحد مدمني هذه المادة ذكرت أنه إذا دخل المنزل يقول أشم رائحة دم وأريد حرق المنزل بمن فيه، وآخر أحرق منزله في رمضان الماضي على زوجته وطفلته وتُوفيت الزوجة والطفلة فوراً ولحقهما الزوج بعد ذلك بيومين. وأضاف أن مادة الشبو تؤثر في النواقل العصبية وتخترق جهاز الاتصال العصبي وهي منطقة التحكم والسيطرة بالجسم وتأثيرها على هرمونات الجسم مضاعف، وتسبب نزعات انتحار على متعاطيها وقتلا وعنفا وخروجا عن المألوف.

شبيه بالزجاج المكسور

روى مستشار الإدمان الحمود، قصة مأساوية لشاب أقدم على الانتحار، وعندما عاد إخوانه إلى منزلهم اكتشفوا أن والدتهم مقتولة برصاصتين في رأسها، مشيراً إلى أن أهم أسباب وقوع الشباب في فخ الإدمان الأسرة، وصديق السوء.

وزاد الحمود، أن مادة الشبو تعد أحد التحديات الخطيرة على الوطن وأسرنا وشبابنا، وهو نوع من أنواع المخدرات الصناعية الجديدة، وهو مادة شبيهة بالزجاج المكسور أو ثلج مكسّر إلى قطع صغيرة، وتؤخذ عن طريق الحقن والبلع والتدخين واستنشاق الأبخرة.

يدمر خلايا المخ

أكدت النيابة العامة، أن المسؤولية الجنائية المترتبة على ارتكاب الأضرار الجسيمة للمخدرات والمؤثرات العقلية تقع على عاتق متناولها وكل من شارك في تناولها أو تعاطيها. وقالت إن مادة الشبو المحظورة والمؤثرة عقلياً تعرف باسم الميثامفيتامين، وهي مدرجة في الفئة (ب) من الجدول الثاني المرافق بنظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المدرجة في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1971، التي تعرف بالقائمة الخضراء وتصدر عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات.

وأوضحت، أن مادة الشبو تشتهر بعدة أسماء هي (الشبو)، و(الكريستال ميث)، و(الآيس)، و(الثلج) و(جلاس)، مبينةً أن طرق تناولها تتمثل في الاستنشاق عن طريق الأنف، والحقن، والتدخين، والبلع.

وأضافت، أن أعراض تعاطي الشبو تشمل فقدان الوزن والشهية، واتساع حدقة العين، وعدم النوم لفترات طويلة، وكذلك حدوث حركة لا إرادية بالوجه، ونوبات غضب حادة، والتقلب المزاجي، والهلوسة السمعية والبصرية، وتسوس الأسنان الشديد وتساقطها، وارتفاع معدل التنفس وضربات القلب، وحكة الجلد، وجفاف الفم وشحوب الجلد، وارتكاب سلوكيات وأخلاقيات شائنة، واقتراف جرائم مروعة.

وتابعت أن الأضرار الصحية لمادة الشبو تتمثل في فقدان الذاكرة، وفرط النشاط، والسلوك العدواني، والعصبية، والعنف وثرثرة الكلام، واضطرابات نفسية وجسدية، بالإضافة إلى الإصابة بمرض الذهان، وظهور علامات الشيخوخة مبكراً، وتدمير خلايا المخ، والإصابة بأمراض القلب والسكتات القلبية والوفاة.

خطبة الجمعة للتوعية

لم تغب وزارة الشؤون الإسلامية عن التوعية بمخاطر (الشبو) فوجهت خطباء الجوامع بمناطق المملكة بتخصيص خطبة اليوم الجمعة، للحديث عن خطر المخدرات، ووجوب توعية النشء بخطر المخدرات باختلاف أنواعها ومسمياتها والتي من أخطرها مادة (الشبو)، وهي مادة كيميائية لها نتائج مدمرة على الجهاز العصبي والمركزي للإنسان (العقل) وعلى الجهاز المناعي.

ونبهت الوزارة إلى ضرورة وجوب الإبلاغ عن مهربي ومروجي المخدرات ومتعاطيها، و بيان حقيقة مروجي المخدرات، وأنهم يعملون وفق أجندة خارجية تستهدف أبناء المجتمع من مواطنين ومقيمين.

وتتطرق الخطبة إلى جهود رجال الجمارك ورجال مكافحة المخدرات ورجال الأمن جميعاً، والشرفاء من المواطنين الذين يعملون على حماية المجتمع من آفة المخدرات والدعاء لهم بالتوفيق والإعانة والحفظ، ووجوب التعاون معهم في حماية المجتمع من هذه الآفة ومروجيها.

كيف العلاج؟

كشف أطباء علاج الإدمان عن كيفية علاج إدمان الشبو وذلك عبر عدة مراحل في مقدمتها الفحص والتشخيص؛ حيث تبدأ المرحلة الأولى في علاج إدمان الشبو بالفحص، في تلك المرحلة يتم أخذ المريض إلى معمل التحليل ومن ثم البدء في معرفة حالة المريض ومدى وصول المخدر إليه ومن ثم البدء بتحديد برامج علاجية مُناسبة لحالته.

ثاني المراحل عبر تحديد برنامج علاجي مُناسب، وتبدأ من علاج إدمان الشبو بوضع برنامج علاجي مُناسب لحالة المريض وكذلك مُناسب لحالته الاجتماعية.

ومن مراحل العلاج البرامج النفسية والتأهيل النفسي وذلك في المرحلة الثالثة من علاج إدمان الشبو يبدأ العلاج النفسي، الذي يُعتبر جزءاً رئيسياً في مرحلة العلاج، فيبدأ الأطباء النفسيون في معرفة الأسباب النفسية وراء دخول المريض في حالة الإدمان؛ سواء المشكلات النفسية التي سببتها الأسرة أو المشكلات النفسية التي سببتها بعض ضغوطات الحياة.

من ثم البدء في اتخاذ أسلوب مُعين في التعامل مع هذه الحالة من الناحية النفسية حتى يستطيع المريض تخطي تلك المرحلة والانخراط بشكل طبيعي في المُجتمع مرة أخرى.

مواجهة المغريات وأصدقاء السوء

لم يغفل المختصون التأهيل السلوكي والاجتماعي. فبعد أن يتلقى المريض علاج إدمان الشبو لابد من تدريبه على التعامل مع المُجتمع مرة أخرى بشكل طبيعي، لأن من الأمور السلبية في الإدمان حدوث العديد من المشكلات بين المُتعاطي والقريبين منه، ما يؤدي إلى تأثر تلك العلاقات، لذلك يتم تدريب وتأهيل المُتعاطي للتعامل بشكل طبيعي مرة أخرى.

وعلى جانب آخر، يتم تقويم سلوك المريض وتدريبه على مواجهة المُغريات التي تقوم بتحفيز المريض بالعودة إلى المُخدر مرة أخرى والدخول في مرحلة الانتكاس، لذلك يتم تأهيل المريض للتعامل مع أصدقاء السوء وكافة المُغريات التي تُحفزه على العودة للمُخدر مرة أخرى.

ومن أهم المراحل التي حددها الأطباء مرحلة ما بعد العلاج، وتُعتبر المرحلة مهمة في رحلة التعافي من الإدمان، إذ إن مُهمة المرحلة تكمن في مُتابعة المُتعافي أولا بأول، ويتم عقد اجتماعات دورية بين كافة المُتعافين لتذكيرهم بخطورة أمر الإدمان وكذلك للتأكد من عدم عودتهم للإدمان مرة أخرى، كما يُطلب من المُتعافين مُساعدة وتحفيز المرضى الذين في مرحلة العلاج. وينصح الأطباء بعدم علاج إدمان الشبو في المنزل وذلك لعدم توافر المُراقبة المطلوبة للمريض، وهي جزء أساسي في مرحلة العلاج، كما أن غياب المُتابعة الطبية يُعرض المريض للفشل في العلاج، ومن أهم المحاذير خطورة المدمن على الأسرة، إذ إنه من أعراض الانسحاب الانفعالية، وغياب التأهيل النفسي والاجتماعي للمريض، وإن توفرت كُل تلك الشروط في المنزل فيُصبح حينها المنزل مكاناً مُناسباً للعلاج.

هلاوس سمعية تنتهي بجريمة

حذر الخبير الأمني اللواء متقاعد مسعود العدواني، من إدمان مادة الشبو والتي تعد من أخطر أنواع المخدرات المستحدثة والمصنعة المعروفة باسم الكريستال والتي وجدت رواجًا و طريقًا للمجتمعات العربية.

وبين العدواني، أن (الشبو) تأتي على شكل بلورات كريستالية صغيرة شفافة اللون، وهي مخدر اصطناعي ليس له أصل نباتي، يتم صنعه باستخدام مادة الميتامفيتامين. وتعود خطورة تعاطي هذه المادة إلى سرعة الإدمان عليها، فقد وجد أن هناك من يدمن عليها من أول استخدام لها، فمع بداية تعاطي الشباب له يشعرون بإحساس بالنشوة والسعادة الكاذبة، لكن سرعان ما لا تدوم سعادة البدايات المميتة، ويعاني المتعاطي سلوكاً عدوانياً مفرطاً تجاه جميع من حوله حتى نفسه نتيجة هلاوس سمعية وبصرية، وعبر شهور قليلة يتحول مظهر متعاطي (الشبو) من شاب في العشرينيات إلى عجوز في السبعينيات.

وتابع العدواني، أن إدمان الشبو يتسبب في تلف خلايا المخ، والسكتات الدماغية، وفقدان الذاكرة والشعور بالإعياء طوال الوقت، وتظهر لدى المتعاطي أفكار انتحارية وسلوك عدواني خصوصاً مع أسرته، وقد يرتكب جرائم عنيفة ومروعة انطلاقًا من الهلاوس التي يتسبب بها إدمان الشبو.

وأكد الخبير الأمني العدواني، أن (الشبو) يصيب المتعاطي بهلاوس سمعية؛ أي أنه يسمع أصواتاً غير حقيقية تتحدث معه، أو هلاوس بصرية بحيث يرى أشياء غير موجودة فيصدقها، وقد تصل بالمتعاطي إلى فقدان القدرة العقلية والجنون.