الرئيس المصري: قمة الرياض انطلاقة جديدة للتعاون بين العالم العربي والصين
Class="articledate">الجمعة جمادى الأولى Class="articledate">الجمعة ديسمبر / هـ /
«عكاظ» (الرياض)
أكد رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي أن انعقاد القمة العربية الصينية الحالية سيعطي دفعة ملموسة للتعاون العربي - الصيني بكافة صوره، مشددًا على أننا حين نجتمع مجدداً في المستقبل القريب سنكون قد أنجزنا الكثير، وقطعنا أشواطاً إضافية في مسارات التعاون بيننا استنادا إلى التاريخ الفريد الذي تميز به التواصل العربي- الصيني الإنساني والحضاري الدافق.
وقال الرئيس السيسي فى مستهل كلمته خلال انعقاد «قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية» اليوم (الجمعة) بالعاصمة الرياض، بحضور قادة ورؤساء وفود الدول العربية، وجمهورية الصين الشعبية، «اسمحوا لي أن أعبر عن الشكر والامتنان والتقدير للمملكة العربية السعودية، لكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وتهنئة المملكة الشقيقة باستضافة القمة الأولى بين الدول العربية والصين».
وأضاف: نعلم جميعاً ما يجمع دولنا وشعوبنا من روابط ممتدة عبر التاريخ، فدولنا المجتمعة اليوم أسست الحضارة الإنسانية الحديثة التى نعيشها، حين ترافقت الحضارات الفرعونية وحضارة بلاد ما بين النهرين، وغيرها من حضارات منطقتنا العربية، مع الحضارة الصينية القديمة لتمثل شموساً بازغة لترشد الإنسانية في مهدها، وتساعدها على أن تخطو خطواتها الأولى.
وأوضح الرئيس السيسي أن التعاون العربي الصيني تأسس على تعظيم المنفعة والمصالح المشتركة ومواجهة التحديات التنموية، وتعزيز التعاون (جنوب/ جنوب) وتقديم أولويات حفظ الأمن والسلم الدوليين، وصيانة النظام الدولي المرتكز على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وإيجاد حلول سياسية سلمية للأزمات الدولية والإقليمية، واحترام خصوصية الشعوب وحقها في الاختيار دون وصاية أو تدخلات خارجية، ورفض التسييس لقضايا حقوق الإنسان، وتعزيز حوار الحضارات وتقارب الثقافات، والتعاون في مواجهة تحديات التغير المناخي وتفشي الأوبئة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة خطر الإرهاب والأفكار المتطرفة كلما وجدت وأينما كانت.
واستطرد قائلا: على تلك الأسس يكتسب اجتماعنا اليوم رمزية وأهمية خاصة، لاسيما في هذا التوقيت الدقيق الذي يشهد متغيرات دولية وأزمات عالمية متعاقبة تلقي بتحديات بالغة الخطورة، فأمام التحديات الجسام ترتفع أهمية استدعاء كافة قدرات التعاون الكامنة بين الأصدقاء والأشقاء، لاسيما إذا كانت قائمة على أسس صلبة للتفاهم والتنسيق كتلك القائمة بين العالم العربي والصين.
ونبه الرئيس المصري إلى أن من أخطر ما يواجهه العالم - وبخاصة الدول النامية - اليوم هو أزمة الغذاء وتبعاتها، وهو ما يدفعنا لتوثيق الشراكة العربية-الصينية في مواجهة هذا التحدي، عبر تعزيز أطر التعاون متعدد الأطراف لتطوير الاستجابة الدولية السريعة والفعالة لحاجات الدول النامية، والتعاون في إطار التعاون جنوب-جنوب لتطوير الزراعة والصناعات الغذائية، ونقل وتوطين التكنولوجيا وبناء القدرات وتحسين البنية التحتية في المناطق الريفية، ونقل تكنولوجيا الزراعة ونظم الري الحديثة المستدامة.
ومضى الرئيس المصري قائلاً: ورغم التحديات العالمية التي أشرتُ لبعضها، والاستقطاب الدولي الحاد، نجحت الرئاسة المصرية للقمة العالمية للمناخ COP27 في إقناع المجتمع الدولي بالتوصل إلى توافق حول عدد كبير من الأمور الحيوية، على رأسها إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، والاتفاق على خطوات جادة لتفعيل وتنفيذ التعهدات الدولية الخاصة بالتمويل، إضافةً إلى إجراءات التكيف والتخفيف، وذلك على نحو متوازن، وإنني أثق في أن تعاوننا جميعاً طوال فترة الرئاسة المصرية - سواء ثنائياً أو من خلال «منتدى التعاون العربي الصيني» - سيكفل تنفيذ التعهدات الدولية الخاصة بالمناخ، وعلى رأسها تلك المتعلقة بالتمويل من جانب الدول المتقدمة.
وتابع: لقد تجسدت إرادتنا في تعزيز التعاون المؤسسي المشترك مع تدشين «منتدى التعاون العربي الصيني» عام 2004، وتبلغ اليوم تلك الإرادة ذروتها باجتماع القمة العربية الصينية الأولى، ولا شك أننا جميعاً لن ندخر جهداً من أجل تعزيز ودعم الشراكات القائمة بيننا، وعلى رأسها الشراكة في إطار مبادرات «الحزام والطريق»، و«التنمية الدولية»، وما تحمله من فرص لتعميق التعاون العربي الصيني، وزيادة فرص الاستثمار في مختلف المجالات.
ودعا الرئيس المصري الجميع إلى اعتبار انعقاد هذه القمة اليوم بمثابة علامة انطلاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين العالم العربي والصين، حيث إن الصين، ورغم كونها بالفعل الشريك التجاري الرئيسي لعدد كبير من دولنا العربية، فضلاً عن ما يجمعنا من تعاون استثماري جوهري، إلا أن آفاق التعاون بين بلداننا لا زالت رحبة، وبإمكاننا تحقيق المزيد والمزيد في مجالات اقتصادية وتنموية وتكنولوجية عدة.
وأكد الرئيس السيسي أن آفاق التعاون العربي الصيني، وفرص تطويره، لا تقتصر فقط على الشق الاقتصادي والتنموي، بل تمتد إلى الآفاق السياسية والثقافية، فقد كانت السياسات الصينية المتوازنة تجاه مختلف القضايا العربية بشكل عام، وتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص، ودعم الجانب الصيني للحق الفلسطيني المشروع في إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، محل تقدير واحترام بالغين في العالم العربي. ولقد بادلت الدول العربية تلك المواقف الصينية المتزنة والداعمة بمواقف مساندة للصين ومتفهمة لقضاياها وشواغلها.
ونوه الرئيس المصري بأن هذا التقارب في الرؤى والمنطلقات يشجعنا على المزيد من التنسيق إزاء مختلف القضايا الدولية والإقليمية ذات الأولوية لكل منا، واستناداً على قاعدة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، يمكننا التعاون لبحث سبل معالجة الأزمات في سورية وليبيا واليمن، وغيرها من الملفات، وفي مواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وإنهاء معاناة الشعوب وإحلال الأمن والسلام وتقديم أولويات التنمية على الصراع والتنازع.
وجدد الرئيس السيسي التأكيد على قضية تؤرق الجميع لما تحمله من قيود على التنمية، وتفرضه من مخاطر ترقى إلى حد التهديدات الوجودية، ألا وهي قضية «الأمن المائي العربي»، «وإنني لهذا أدعو إلى وضع هذه المسألة على رأس أولويات تعاوننا المستقبلي ضمن منتدى «التعاون العربي الصيني»، وبحث كيفية التعاون لمواجهة هذا التحدي، بمختلف الأدوات التكنولوجية والاقتصادية، والسياسية».
كما جدد الرئيس المصري الدعوة للأشقاء في إثيوبيا إلى الانخراط بحسن النية الواجب مع مصر والسودان للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يُؤَمّن للأجيال الحالية والمستقبلية حقها في التنمية ويجنبها ما يهدد استقرارها وأمنها وسلامتها.
وتابع الرئيس: إنه بهذا التاريخ الفريد الذي تميز به التواصل العربي - الصيني الإنساني والحضاري الدافق، وبتعدد القواسم المشتركة في الرؤي والمفاهيم، وبما يضمه «منتدى التعاون العربي – الصيني» من آليات، وبرامج ومقترحات، فكلي ثقة أن انعقاد قمتنا الحالية سيعطي دفعة ملموسة للتعاون العربي-الصيني بكافة صوره، وأننا حين نجتمع مجدداً في المستقبل القريب سنكون قد أنجزنا الكثير، وقطعنا أشواطاً إضافية في مسارات التعاون بيننا.
واختتم الرئيس المصري كلمته بالقول تأكيداً على اعتزاز مصر ودعمها الكامل لآليات التعاون العربي - الصيني، «يسعدني أن أدعو أصحاب الجلالة والفخامة والسمو إلى قبول تقدم مصر بأن تكون دولة الاستضافة العربية التالية للقمة العربية الصينية حين يتحدد تاريخ عقدها بإذن الله».