كتاب ومقالات

جوهر البر ولُبه البناء

جمادى Class="articledate">الخميس / ديسمبر / الأولى 2022 هـ

مازن عبدالله بن الشاعر Mazenalshaer95@

لكل بناء عظيم حجر أساس، ومن بعده تتتبع اللبنات لحين إتمام البناء، ولكل شجرة عظيمة قوية الفروع والجذور قصة بداية، من حين وضع البذور في الأرض الخصبة إلى حين قطف الثمار، وحجر الأساس وبذور البداية للمجتمعات هي «الأسرة»، التي من خلالها يبدأ بناء كل مجتمع تتكون بسواعد أبنائه الدول والحضارات، فإن صلحت الأسرة صلح المجتمع وإن فسدت أضعفت بذلك قواعد البناء وجذور الشجر، فلا ترى العين مباني عظيمة شاهقة، ولا تجني السواعد ثماراً يانعة، وكل ذلك يبدأ من بداية لقاء الأب والأم ووصول أول بشائر الذرية، فتكون على عاتقهما مسؤولية عظيمة ورسالة سامية، وحين التقصير في زرع القيم والمبادئ والتربية الصالحة يضعف الرجاء برؤية الذرية النافعة للعباد والبلاد، ويبقى عظيم الرجاء بالخالق سبحانه ليسخر جنود الأرض والسماء لرعاية الذرية وجبر التقصير، وجوهر البر يبدأ بما يزرع ويبني الآباء والأمهات في أبنائهم ليكونوا محسنين مخلصين لدينهم ووطنهم، يساهمون بالتنمية ويدفعون عجلة الارتقاء، وهم بعد ذلك حجر أساس وبذور البداية لقصةٍ وبناءٍ جديد.

قبل أن نبدأ باتباع أخطاء الأبناء علينا التفكير العميق والبحث عن الجذور والقواعد التي جعلت البناء ضعيفاً والشجر لا يطرح الثمر، فقد يُكثر الواعظون حث الأبناء على البر والإحسان دون الرغبة عند بعضهم في التفكير بمن وضع حجر الأساس وبذور البداية، وحثهم على القيام بواجباتهم قبل المطالبة بحقوقهم، فالبذل والعطاء من أعظم واجبات كافة الأطراف، فليس من العدل أن ننظر لأي أمر بعين واحدة لا ترى كل زوايا الحقيقة.

أيها الآباء والأمهات؛ أحسنوا يُرد الإحسان إليكم من الخالق ثم الخلق، واجعلوا بقلوبكم عقيدة أن إحسانكم في وضع حجر الأساس وبذور البداية هو رسالة سامية تساهمون بها في خدمة وبناء الوطن والأمة، فتنالون بذلك عظيم الشرف في الدنيا والدرجات العليا في الآخرة، ولا تجعلوا زخرف الدنيا يأخذكم عن أبنائكم، بل اجعلوا سواعدهم تسابق سواعدكم، وبناءكم يسابق بناءهم لرفع عماد الأوطان وغرس الجنان على المنهج القويم والصراط المستقيم.