تحقيقات

العنف الأسري .. حلول وأسباب !

مختصون لـ «عكاظ»: 14 صنـفاً للاعتداء.. الحوار هو الحل

18 2023 Class="articledate">الجمعة Class="articledate">الجمعة 10 شعبان 02:35 مارس 1444 / /

د. عادل الغامدي

عدنان (جدة) الشبراوي Adnanshabrawi@

العنف الأسري وإيذاء الأقارب ليسا ظاهرتين وليدتي اليوم.. هما مشكلتان قديمتان تعودان إلى مئات السنين، ولم تكن الإشكاليتان حكراً على فئة أو بلد، بل تعدت إلى جميع الأجناس والفئات والثقافات وتنوعت أشكال العنف والضحايا وواجهت الدول والأنظمة هذه الظواهر بالحلول الحاسمة والتصدي العاجل بعدد من المبادرات وتعزيز ثقافة الحوار في الأسرة مع تفعيل دور الأجهزة الرقابية لردع المعنفين وإعادة تأهيل الضحايا وبث الطمأنينة في نفوسهم. واتخذت السعودية في هذا الجانب وسائل صارمة لمنع الإيذاء وضبط المعتدين وحماية الضحايا خصوصاً الأطفال. وفي الأسبوع الماضي، باشرت شرطة منطقة الرياض حالة تعنيف أب لبناته، بعد نشرهن محتوى مرئياً يطلبن فيه المساعدة بعد تعرُّضهن لسوء معاملة بضربهن واحتجازهن. وأجمع مختصون أن الأنظمة تحمي أفراد الأسرة من أي عنف؛ سواء جسدياً أو معنوياً أو نفسياً، وأن أنظمة عدة كفلت تلك الحقوق.

وأوضحت شرطة الرياض، أنها وقفت على الحالة واستكملت الجهات الأمنية التحقيقات لتقديم الحماية لهن بالتنسيق مع مكتب الحماية الأسرية، وجرى إيقاف الأب واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه وإحالته إلى النيابة.

14 حالة عنيفة

قالت مصادر «عكاظ»: إن الأنظمة حصرت دعاوى وأشكال العنف الأسري في 14 حالة؛ أبرزها ما يهدد سلامة الزوجة أو الأبناء أو صحتهم الجسدية أو النفسية، وضع الأسرة في بيئة قد تعرضها للخطر، سوء المعاملة أو الإيذاء للزوجة، التعرض للاستغلال الجنسي، استغلال الزوجة أو الأبناء مادياً في الإجرام أو التسول، واستخدام الكلمات المسيئة التي تحط من الكرامة أو تؤدي إلى التحقير. ومن أشكال العنف: التمييز ضد الزوجة أو الأبناء لأي سبب عرقي أو اجتماعي أو اقتصادي، التقصير البيّن المتواصل في تربية الأبناء ورعايتهم، عدم استعمال التطعيمات الصحية الواجبة للأبناء، والتسبب في انقطاع الأبناء عن التعليم، وأكدت مصادر أن العقوبة في ذلك يقررها ناظر القضية بعد النظر في حيثيات الدعوى.

وصنفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، البلاغات ضد حالات العنف الأسري إلى ثلاثة مستويات؛ هي: عالية الخطورة وتباشر فوراً، ومتوسطة الخطورة، والبلاغ العادي. وبينت أن وحدات وفرق الحماية الاجتماعية تباشر على الفور البلاغات بالتعاون مع جهات وجمعيات مخصصة لضحايا العنف الأسري.

وبحسب وحدات الحماية الاجتماعية فإنها تهدف إلى تقديم الحماية الاجتماعية للمرأة أياً كان عمرها والطفل دون سن الـ18. وتم تشكيل عدد من لجان الحماية الاجتماعية في المناطق الرئيسية والمحافظات بما يحقق لهم الأمن الاجتماعي ويراعي مصالحهم، كما تم افتتاح وحدات للحماية بالمناطق والمحافظات والتعاقد مع عدد من الجمعيات الخيرية لافتتاح أقسام للحماية في المناطق التي لا يوجد بها فروع.

هل تفاقمت ظواهر العنف ؟

المستشار الاجتماعي الدكتور عادل علي الغامدي، قال إن مشكلة العنف الأسري قديمة قدم البشرية، ومن أقدم المشكلات الإنسانية في النظم الاجتماعية على اختلافها وتعددها، وتعتبر أولى جرائم العنف الأسري وقعت على هذه الوسيعة وتنوعت الانتهاكات على امتداد التاريخ البشري. وأضاف أن قضية العنف بأشكالها المختلفة وتنوع ضحاياها التي تحدث داخل محيط الأسر ليست بالمشكلة الحديثة، ولا يعاني منها مجتمع دون آخر، أو أنها طغت على فترة زمنية دون غيرها، بل هي مشكلة قديمة منذ نشأة البشرية، وفي ظل تلك الظروف تسعى الحكومات والمنظمات الأهلية للتصدي لها وإيجاد الحلول المناسبة والآيات الفعالة للحد من انتشارها، ومن ذلك أنها أقرت التشريعات ورسمت الإستراتيجيات وخصصت مؤسسات للتعامل مع المشكلة. وأضاف الغامدي أن الشواهد تشير إلى أن حوادث العنف الأسري قد تفاقمت في الآونة الأخيرة حتى أصبحت تهدد أمن واستقرار المجتمعات الإنسانية وتزايدت الحدة نتيجة حتمية لطبيعة الحياة العصرية وما تبعها من تحولات وتغييرات عديدة في مختلف المجالات ولم يسلم المجتمع السعودي من طوفان الأرقام المقلقة للعنف الأسري، وهناك العديد من الأسباب، تختلف من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر من أهمها ضعف الوازع الديني، إلى جانب الأسباب الفسيولوجية، تعاطي الكحول والمخدرات، المرض النفسي واعتلال الشخصية والضغوط النفسية، الأساليب السلبية للتنشئة الأسرية للطفل، ثقافة المجتمع وهيمنة السلطة الذكورية، الضغوط الاجتماعية، والعامل الثقافي تجاه العنف.

الحل في تعزيز الحوار

أضاف المستشار الاجتماعي الغامدي، أن من الحلول التي يمكن أن تحد أو تقضي على العنف الأسري قيام مبادرات شاملة تستهدف تعزيز ثقافة الحوار وتكون موجهة في المقام الأول للوالدين، نقل اختصاص مهمات إدارة الحماية الأسرية إلى وزارة الداخلية، ويقوم عليها مدنيون وعسكريون من المختصين ويناط بها التعامل مع حالات العنف، لأن ذلك يعطيها قوة أكبر وصلاحيات أشمل في التعامل مع الأطراف المعنيين سواء الجاني أو الضحية. ومن الحلول تبني إنشاء مراكز متخصصة لتأهيل مرتكبي العنف لإعادة تأهيلهم ودمجهم ومساعدتهم على تغيير الأنماط السلوكية العنيفة التي يعانون منها، من أجل ضمان عدم عودتهم لارتكاب العنف ضد الغير وتشجيع الجمعيات الأهلية في مكافحة العنف الأسري، وتدعمها على كافة المستويات، وتقيم تعاوناً فعلياً مع هذه المنظمات وتوكل لها أدوار تقتصر في مجال الوقائية والتأهيل والإيواء فقط، دون التدخل في عمليات المعالجة المهنية. ومن المقترحات التنسيق مع وزارة العدل بتكليف محامين متعاونين، للحالات التي تحال قضاياهم إلى المحكمة، لتوفير الإرشاد القانوني لضحايا العنف وتمكينهم من الوصول إلى العدالة عن طريق الاستفادة من المعونة القضائية، واسترداد حقوقهم المسلوبة وتبصيرهم بالموقف القانوني لحيثيات قضاياهم، والعمل على تكسير وإزالة الحواجز النفسية والاجتماعية مع ضرورة إيجاد مقررات دراسية على مستوى التعليم العام والجامعي للتعريف بحقوق الإنسان والتركيز على آليات الحماية.

مرحلة جديدة في المواجهة

القاضي السابق في محكمة جدة الجزائية الشيخ الدكتور يوسف غرم الله الغامدي، قال إن بلادنا تعيش حقبة عظيمة، إذ تشرق فيها شمس الحقوق والقوانين المستمدة من مصادرها الأصيلة، ومن ذلك ما نراه الآن ونلمسه من الآثار الإيجابية الفعالة المؤثرة في استمرار النهضة المباركة وفقاً للرؤية والتطبيق والتفعيل لنظام حماية الطفل؛ ولربما غاب عن البعض أثر تفعيل ذلك النظام جهلاً بالأهمية الكبيرة للأطفال والجيل القادم وأثره الكبير في تحمل المسؤولية والقيام بالتكاليف لتقويم وإصلاح إعوجاج قلة قليلة من الآباء والأمهات المقصرين أو المعتدين في سلطتهم وولايتهم على أطفالهم؛ وذلك كله يصب في مصلحة المجتمع على مستوى الفرد والمجتمع؛ وما إعلان شرطة الرياض بالقبض على الأب المعنف إلا نموذج للحراك القانوني الفعال لتطبيق الأنظمة والقوانين؛ وختم غرم الله الغامدي بالقول إن العقوبات التي تصدرها المحكمة الجزائية بحق الأب المعتدي تكون وفق حيثيات الواقعة عقب استكمال التحقيق والاستماع للفتيات ومعرفة أي سوابق إن كانت وقعت عليهن. ومن جانبه، علق المحامي عبدالرحمن اللاحم في حسابه بتويتر على خبر القبض على الأب بقوله: «هذا الخبر مع الصورة هو بداية مرحلة جديدة لمواجهة التعنيف من قبل مؤسسات الدولة القانونية.. نحن نعيش لحظة تاريخية فارقة... ابتهلوا إلى الله أن يحفظ زعيمنا المجدد الملهم».