المليارات المنسية!
دخول «الجيل السادس» في الميدان عقد قضايا الأوقاف
13 12 Class="articledate">الجمعة / 2022 الجمعة هـ /
Adnanshabrawi@ عدنان (جدة) الشبراوي
يصف مختصون ملف الأوقاف بالمسكوت عنه، ويتناقلون معلومات عن وجود مليارات الريالات الموقوفة التي يشهد بعضها نزاعاً في روقة القضاء. ورغم عدم وجود رقم إحصائي رسمي يحدد حجم ثروة الأوقاف، إلا أن بعض المختصون قدروها بالمليارات، فإن ذلك يقتضي تنظيماً وبوصلة، فيما أجمع مختصون آخرون على أهمية حصر الأموال الموقوفة، وبناء قاعدة معلومات عامة عنها.
وطبقا لمختصين في قضايا الأوقاف، فقد وصفوها بأعقد وأخطر قضايا الثروة العقارية لارتباطها بعقود وصكوك قديمة وتحولها إلى أحكام نوعية واقتصادية واجتماعية غير قابلة للتداول والتطبيق مع ضعف الحوكمة والرقابة على أعمال النظار قبل عشرات السنين.
نزاهة.. هل تتدخل؟
اتخذت سرقات الأوقاف صوراً متعددة تختلف في الأساليب، لكنها تتفق في جوهرها كونها سرقة أو اغتصاباً للأوقاف دون سند شرعي أو نظامي. مما جعل أستاذ القانون بمعهد الإدارة العامة والمحكم الدولي الدكتور محمد المقصودي، أن يطالب الهيئة العامة للأوقاف أن تفعل أعمالها المنوطة بها في النظام، وعليها ألا تكتفي بالحاضر، بل عليها مساعدة الجهات الحكومية المختصة بالكشف عن أي أوقاف مجهولة أو منهوبة وضرورة مشاركة هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في ملف البحث عن الأوقاف المنهوبة قديماً لما تملكه من صلاحيات وإمكانات كبيرة، لا سيما أن جرائم الاعتداء على المال العام لا تسقط بالتقادم الزمني.
الهيئة ورثت آلاف الملفات
سجلت أروقة القضاء دعاوى مليارية متبادلة بين نظار أوقاف وورثة أوقاف ومستفيدين وجهات متداخلة وتضمنت كثير من تلك القضايا دعاوى حول وجود تلاعب بأموال الوقف بمليارات الريالات حول عقارات وقفية متناثرة في كافة مناطق المملكة، ويعول مختصون على مقدرة الهيئة العامة للأوقاف التي أنشئت قبل سنوات في تصحيح الأمر، مع أن الهيئة ورثت عبئاً كبيراً من الملفات المتعلقة بالأوقاف.
وبحسب متابعين شهد تطور الأوقاف بالمملكة مراحل عدة باعتبار أن الوقف أحد الموارد لتعزيز دور الأوقاف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وبدأ في 1381هـ بإنشاء وزارة الحج والأوقاف ومن ثم صدر نظام الأوقاف ولائحة تنظيم الأوقاف الخيرية وتوالت التحسينات التطويرية بإنشاء الهيئة العامة للأوقاف وصدور نظام الهيئة العامة للأوقاف 1437هـ؛ لتنظيم الأوقاف، والمحافظة عليها، وتطويرها، وتنميتها، بما يحقق شروط واقفيها، ويعزز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية والأنظمة، إلى جانب دعم وحرص وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بدعم مشاريع الأوقاف؛ إذ خصصت الوزارة قضاة للأوقاف في المحاكم للمساهمة في تسريع إجراءات الوقف وخدمة الموقفين في إطار دعم مشاريع الأوقاف وتسهيل الإجراءات المتعلقة بها مثل التوثيق والتصديق والتعاون مع الهيئة العامة للأوقاف في سبيل تحقيق كل ما من شأنه دعم الهيئة من خلال تأليف لجنة لتقنين إجراءات البيع والشراء ونقل الأوقاف واستبدالها وهندسة إجراءاتها والتنسيق مع هيئة المقيّمين السعوديين التابعة لوزارة التجارة من أجل تسريع عملية البيع والشراء والاستبدال والانتفاع بالأوقاف، ما ساهم بشكل كبير بدعم الأوقاف وحث الأثرياء على البدء في إنهاء إجراءات وقفهم وتشجيع الموقفين على المسارعة في العمل الخيري، وأكد قانونيون ضرورة ضبط العمل الوقفي بمزيد من التنظيمات التي تضمن حوكمة القرارات والرقابة على هذه الأعمال؛ للتأكد من أنها تسير في مسارها الصحيح وتحقق الغايات التي وضعت لها.
دخول مستحقي الجيل السادس!
كشف المحامي ماجد قاروب، أن قضايا الأوقاف تعتبر من أعقد وأخطر قضايا الثروة العقاريةp لارتباطها بعقود وصكوك قديمة وتحولها على أحكام نوعية واقتصادية واجتماعية غير قابلة للتداول والتطبيق مع ضعف الحوكمة والرقابة على أعمال النظار خصوصاً مع دخول بعض المستحقين إلى الجيل السادس. وقال: إن من أهم وأخطر عقبات قضايا الأوقاف عدم الأخذ بالسوابق والمبادئ القضائية والفتاوى التي تحكم وتنظم القضايا. واعتبار عقود الحكر أزلية مؤبدة دون أي اعتبار لما في عقد الحكر من شروط وأحكام، وهذا يلحق الضرر البالغ بالمحكر والوقف إلى جانب عدم إنهاء عقد الحكر أو فسخه بتخلف أحد شروطه أو الإخلال بها كشرط سداد الأجرة عاماً بعام، وكذلك عدم إنهائه لزوال الأنقاض أو جزء منها أو بوفاة المستحكر.
وأوضح قاروب أن العمل جارٍ قضائياً باستمرارية عقد الحكر بصرف النظر كلياً عن مدى التزام المستحكر بشروط العقد أو عن حال العين المحكرة وما عليها من أنقاض، حتى إذا لم يسدوا في أجرة الأرض المحكرة؛ سواء كانت الأجرة المسماة على ما فيها من إجحاف، فيصبح الملاك من أصحاب الملاليم والمنتفعين من أصحاب البلايين دون وجه حق، موضحاً انه من العدل والإنصاف إعطاء كل ذي حق حقه، عند إزالة الأنقاض كلها أو بعضها للصالح العام فللمستحكر التعويض عن أنقاضه، وللمحكر التعويض عن أرضه في إجراء غير واضح الأسباب الشرعية والاقتصادية.
وأضاف قاروب، إن من أخطر القضايا إجازة الوقف على الوقف، دون إذن من المحكر ومع ذلك إلزام المحكر بتبعات هذا التفريط من قبل المستحكر، إذ أجرى وقفاً على ما لا يملكه ولا يصلح له التصرف به بتلك الصورة فهو بذلك ضيع على الوقف حقوق عقد الحكر وحقوق الأرض محل الحكر. وبالتالي فإن تغليب مصلحة المستحكر على المحكر تسبب في إضاعة الكثير من الحقوق، إذ يقوم المستحكرون بتداول الأنقاض وعقد الحكر بعشرات وأحياناً مئات الملايين ويقومون بالإفراغات المتتالية ويكون ذلك إثراء غير مشروع يتمكن به بعض المتنفذين من تحقيق أموال ومكاسب فاسدة وغير مشروعة يتوجب إعادة النظر في صكوكها بأثر رجعي كما تم مع جميع صكوك التملك التي أبطلتها الدولة.
3 تريليونات ريال متناثرة
المحامي قاروب، شرح مصاعب الوقف ومنها أنه لا يحق للمحكر الاستفسار عن الصكوك التي حررت للمستحكرين، الأمر الذي ترتب عليه قيام الكثير من المستحكرين باستخراج صكوك استحكام على ما تحت أيديهم من حكورات دون علم الوقف، في حين أن أملاك الوقف وحدوده مقيدة في البلدية وكتابة العدل، ما يعد اعتداء واضحاً وصريحاً على أراضي الوقف مشابهة لما تم على أملاك الدولة التي حققت عشرات المليارات لغير مستحقيها ما يستوجب التحقيق من قبل الجهات الرقابية ومكافحة الفساد.
وختم قاروب بقوله: إن المعالجة القضائية لموضوع الأوقاف وما يجري عليها من تعاملات تحتاج إلى مراجعة جذرية شاملة للمبادئ القضائية مع أبعادها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الثروة التي تقدر بما لا يقل عن 3 تريليونات ريال من الثروات العقارية متركزة بمكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة وبعض المناطق خاصة بالقصيم.
الوقف على القطط والخيول العاجزة!
أستاذ القانون بمعهد الإدارة العامة والمحكم الدولي الدكتور محمد أحمد المقصودي، قدم ورقة عمل حول مكافحة سرقة الأوقاف والأثر الرجعي على ما سبق من جرائم، وقال: تنوعت أغراض الوقف من الإنفاق على الفقراء والمحتاجين واليتامى والأرامل وعابري السبيل والمرضى، إلى أغراض في غاية الأهمية مثل الدفاع عن الوطن والإنفاق على المرابطين، وصولاً إلى النواحي العلمية والتعليمية. وشملت الأوقاف قضايا تعتبر في مقياس اليوم جانبية، مثل الوقف على الحيوانات المريضة أو الهرم كالقطط والكلاب والخيول العاجزة. وهناك أغراض تبدو بسيطة جدّاً مثل الصرف على صائدي الهوام والحشرات في الحرم المكي أو الصرف على الإبر والخيوط للفقراء بمكة المكرمة، وهذه قد تدلل على تشبع نواحٍ أخرى في أغراض الوقف ربما تكون أكثر أهمية.
وطرح المقصودي سؤالاً: كيف للهيئة العامة للأوقاف المحافظة على موجودات الأوقاف بشكل فعال وبأثر رجعي؟ وأجاب بقوله: لا شك أن الهيئة تجتهد للقيام بذلك، وكان الناس في بعض المناطق في بلادنا يستخدمون كل ما جمعوه في حياتهم لشراء عقار أو أرض زراعية ليوقفوها في أعمال الخير وارتفعت نسبة الأراضي الزراعية الموقوفة في بعض البلدان إلى نسب عالية من مجموع الأراضي، إذ بلغت مساحة الأراضي الزراعية الموقوفة على الحرمين لوحدهما 6281 فداناً. وفي منطقة القطيف بلغت نسبة الأراضي الموقوفة 60% من مجموع الأراضي الزراعية فيها في بعض الفترات. وقس عليها باقي الأوقاف القديمة والحديثة على مساحة بلد كبلدنا شاسع المساحة؛ لذلك كله يخشى على الأوقاف في أي منطقة من الضياع بسبب ضعاف النفوس.
تبديد المفاهيم الخاطئة
الخبير في مجمع الفقه الإسلامي وأستاذ الدراسات الفقهية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن سفر، قال: إن الوقف يحتاج لجهود منظمة للنهوض به، وجهد كبير ومكثف من جانب وسائل الإعلام وأصحاب الثروات والقائمين على إدارات الأموال العامة؛ لإزالة المفاهيم الخاطئة عنه والترويج لهذا المشروع المهم الذي يمكن أن يكون العلاج الأول لمشكلة الفقر والأداة الأقوى لتحقيق التنمية وتقديم الخدمات الاجتماعية بشكل منظم ورفع مكانة العمل الوقفي وتعزيزها لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الورثة يطالبون استرداد 23 عقاراً
دونت وزارة العدل في مجموعة الأحكام القضائية عدداً من قضايا الأوقاف التي نظرتها المحاكم السعودية، إذ أقام بعض ورثة رجل أعمال دعوى على ناظر وقف والدهم المكون من 23 عقاراً قيمته تزيد على مليار ونصف المليار ريال، وطالبوا بإلغاء صك الوقفية وإعادة الأموال الموقوفة لهم ولبقية الورثة بحجة أن الوقف أتى على أكثر المال وأن الموقف فاقد للأهلية الشرعية حال الوقف، وأن أصل الوقف صادر من محكمة جنوب المملكة، وأكثر العقارات توجد في منطقة مكة المكرمة، والموقف يسكن قبل وفاته في مكة، وخصص ريع الوقف للإنفاق على أعمال الخير عامة وبناء المساجد ومساعدة الشباب المحتاجين على الزواج ومساعدة الفقراء والأرامل والأيتام والمدينين والغارمين والمسجونين وسائر المحتاجين وتجهيز المستشفيات والمركز الصحية الدائمة والمؤقتة وتأمين الأجهزة الطبية وعلاج المرضى وغسل الكلى وأعمال الترجمة والطباعة وخدمة القرآن وكفالة الأيتام وعتق الرقاب وغير ذلك من أعمال البر.
ومن أرشيف المحاكم باشرت محكمة سعودية دعوى ضد ناظر وقف في تهم فساد مالي بمبالغ تزيد على مليار ريال، وطالب الشاكون عزل الناظر وفرض حراسة على الوقف.
وفي قضية أخرى طلب عدد من الإخوة إلغاء وقف أبيهم لتضررهم كون الوقف كان على الأولاد ونسل الذكور دون الإناث.
وطبقا لمختصين في قضايا الأوقاف، فقد وصفوها بأعقد وأخطر قضايا الثروة العقارية لارتباطها بعقود وصكوك قديمة وتحولها إلى أحكام نوعية واقتصادية واجتماعية غير قابلة للتداول والتطبيق مع ضعف الحوكمة والرقابة على أعمال النظار قبل عشرات السنين.
نزاهة.. هل تتدخل؟
اتخذت سرقات الأوقاف صوراً متعددة تختلف في الأساليب، لكنها تتفق في جوهرها كونها سرقة أو اغتصاباً للأوقاف دون سند شرعي أو نظامي. مما جعل أستاذ القانون بمعهد الإدارة العامة والمحكم الدولي الدكتور محمد المقصودي، أن يطالب الهيئة العامة للأوقاف أن تفعل أعمالها المنوطة بها في النظام، وعليها ألا تكتفي بالحاضر، بل عليها مساعدة الجهات الحكومية المختصة بالكشف عن أي أوقاف مجهولة أو منهوبة وضرورة مشاركة هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في ملف البحث عن الأوقاف المنهوبة قديماً لما تملكه من صلاحيات وإمكانات كبيرة، لا سيما أن جرائم الاعتداء على المال العام لا تسقط بالتقادم الزمني.
الهيئة ورثت آلاف الملفات
سجلت أروقة القضاء دعاوى مليارية متبادلة بين نظار أوقاف وورثة أوقاف ومستفيدين وجهات متداخلة وتضمنت كثير من تلك القضايا دعاوى حول وجود تلاعب بأموال الوقف بمليارات الريالات حول عقارات وقفية متناثرة في كافة مناطق المملكة، ويعول مختصون على مقدرة الهيئة العامة للأوقاف التي أنشئت قبل سنوات في تصحيح الأمر، مع أن الهيئة ورثت عبئاً كبيراً من الملفات المتعلقة بالأوقاف.
وبحسب متابعين شهد تطور الأوقاف بالمملكة مراحل عدة باعتبار أن الوقف أحد الموارد لتعزيز دور الأوقاف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وبدأ في 1381هـ بإنشاء وزارة الحج والأوقاف ومن ثم صدر نظام الأوقاف ولائحة تنظيم الأوقاف الخيرية وتوالت التحسينات التطويرية بإنشاء الهيئة العامة للأوقاف وصدور نظام الهيئة العامة للأوقاف 1437هـ؛ لتنظيم الأوقاف، والمحافظة عليها، وتطويرها، وتنميتها، بما يحقق شروط واقفيها، ويعزز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية والأنظمة، إلى جانب دعم وحرص وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بدعم مشاريع الأوقاف؛ إذ خصصت الوزارة قضاة للأوقاف في المحاكم للمساهمة في تسريع إجراءات الوقف وخدمة الموقفين في إطار دعم مشاريع الأوقاف وتسهيل الإجراءات المتعلقة بها مثل التوثيق والتصديق والتعاون مع الهيئة العامة للأوقاف في سبيل تحقيق كل ما من شأنه دعم الهيئة من خلال تأليف لجنة لتقنين إجراءات البيع والشراء ونقل الأوقاف واستبدالها وهندسة إجراءاتها والتنسيق مع هيئة المقيّمين السعوديين التابعة لوزارة التجارة من أجل تسريع عملية البيع والشراء والاستبدال والانتفاع بالأوقاف، ما ساهم بشكل كبير بدعم الأوقاف وحث الأثرياء على البدء في إنهاء إجراءات وقفهم وتشجيع الموقفين على المسارعة في العمل الخيري، وأكد قانونيون ضرورة ضبط العمل الوقفي بمزيد من التنظيمات التي تضمن حوكمة القرارات والرقابة على هذه الأعمال؛ للتأكد من أنها تسير في مسارها الصحيح وتحقق الغايات التي وضعت لها.
دخول مستحقي الجيل السادس!
كشف المحامي ماجد قاروب، أن قضايا الأوقاف تعتبر من أعقد وأخطر قضايا الثروة العقاريةp لارتباطها بعقود وصكوك قديمة وتحولها على أحكام نوعية واقتصادية واجتماعية غير قابلة للتداول والتطبيق مع ضعف الحوكمة والرقابة على أعمال النظار خصوصاً مع دخول بعض المستحقين إلى الجيل السادس. وقال: إن من أهم وأخطر عقبات قضايا الأوقاف عدم الأخذ بالسوابق والمبادئ القضائية والفتاوى التي تحكم وتنظم القضايا. واعتبار عقود الحكر أزلية مؤبدة دون أي اعتبار لما في عقد الحكر من شروط وأحكام، وهذا يلحق الضرر البالغ بالمحكر والوقف إلى جانب عدم إنهاء عقد الحكر أو فسخه بتخلف أحد شروطه أو الإخلال بها كشرط سداد الأجرة عاماً بعام، وكذلك عدم إنهائه لزوال الأنقاض أو جزء منها أو بوفاة المستحكر.
وأوضح قاروب أن العمل جارٍ قضائياً باستمرارية عقد الحكر بصرف النظر كلياً عن مدى التزام المستحكر بشروط العقد أو عن حال العين المحكرة وما عليها من أنقاض، حتى إذا لم يسدوا في أجرة الأرض المحكرة؛ سواء كانت الأجرة المسماة على ما فيها من إجحاف، فيصبح الملاك من أصحاب الملاليم والمنتفعين من أصحاب البلايين دون وجه حق، موضحاً انه من العدل والإنصاف إعطاء كل ذي حق حقه، عند إزالة الأنقاض كلها أو بعضها للصالح العام فللمستحكر التعويض عن أنقاضه، وللمحكر التعويض عن أرضه في إجراء غير واضح الأسباب الشرعية والاقتصادية.
وأضاف قاروب، إن من أخطر القضايا إجازة الوقف على الوقف، دون إذن من المحكر ومع ذلك إلزام المحكر بتبعات هذا التفريط من قبل المستحكر، إذ أجرى وقفاً على ما لا يملكه ولا يصلح له التصرف به بتلك الصورة فهو بذلك ضيع على الوقف حقوق عقد الحكر وحقوق الأرض محل الحكر. وبالتالي فإن تغليب مصلحة المستحكر على المحكر تسبب في إضاعة الكثير من الحقوق، إذ يقوم المستحكرون بتداول الأنقاض وعقد الحكر بعشرات وأحياناً مئات الملايين ويقومون بالإفراغات المتتالية ويكون ذلك إثراء غير مشروع يتمكن به بعض المتنفذين من تحقيق أموال ومكاسب فاسدة وغير مشروعة يتوجب إعادة النظر في صكوكها بأثر رجعي كما تم مع جميع صكوك التملك التي أبطلتها الدولة.
3 تريليونات ريال متناثرة
المحامي قاروب، شرح مصاعب الوقف ومنها أنه لا يحق للمحكر الاستفسار عن الصكوك التي حررت للمستحكرين، الأمر الذي ترتب عليه قيام الكثير من المستحكرين باستخراج صكوك استحكام على ما تحت أيديهم من حكورات دون علم الوقف، في حين أن أملاك الوقف وحدوده مقيدة في البلدية وكتابة العدل، ما يعد اعتداء واضحاً وصريحاً على أراضي الوقف مشابهة لما تم على أملاك الدولة التي حققت عشرات المليارات لغير مستحقيها ما يستوجب التحقيق من قبل الجهات الرقابية ومكافحة الفساد.
وختم قاروب بقوله: إن المعالجة القضائية لموضوع الأوقاف وما يجري عليها من تعاملات تحتاج إلى مراجعة جذرية شاملة للمبادئ القضائية مع أبعادها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الثروة التي تقدر بما لا يقل عن 3 تريليونات ريال من الثروات العقارية متركزة بمكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة وبعض المناطق خاصة بالقصيم.
الوقف على القطط والخيول العاجزة!
أستاذ القانون بمعهد الإدارة العامة والمحكم الدولي الدكتور محمد أحمد المقصودي، قدم ورقة عمل حول مكافحة سرقة الأوقاف والأثر الرجعي على ما سبق من جرائم، وقال: تنوعت أغراض الوقف من الإنفاق على الفقراء والمحتاجين واليتامى والأرامل وعابري السبيل والمرضى، إلى أغراض في غاية الأهمية مثل الدفاع عن الوطن والإنفاق على المرابطين، وصولاً إلى النواحي العلمية والتعليمية. وشملت الأوقاف قضايا تعتبر في مقياس اليوم جانبية، مثل الوقف على الحيوانات المريضة أو الهرم كالقطط والكلاب والخيول العاجزة. وهناك أغراض تبدو بسيطة جدّاً مثل الصرف على صائدي الهوام والحشرات في الحرم المكي أو الصرف على الإبر والخيوط للفقراء بمكة المكرمة، وهذه قد تدلل على تشبع نواحٍ أخرى في أغراض الوقف ربما تكون أكثر أهمية.
وطرح المقصودي سؤالاً: كيف للهيئة العامة للأوقاف المحافظة على موجودات الأوقاف بشكل فعال وبأثر رجعي؟ وأجاب بقوله: لا شك أن الهيئة تجتهد للقيام بذلك، وكان الناس في بعض المناطق في بلادنا يستخدمون كل ما جمعوه في حياتهم لشراء عقار أو أرض زراعية ليوقفوها في أعمال الخير وارتفعت نسبة الأراضي الزراعية الموقوفة في بعض البلدان إلى نسب عالية من مجموع الأراضي، إذ بلغت مساحة الأراضي الزراعية الموقوفة على الحرمين لوحدهما 6281 فداناً. وفي منطقة القطيف بلغت نسبة الأراضي الموقوفة 60% من مجموع الأراضي الزراعية فيها في بعض الفترات. وقس عليها باقي الأوقاف القديمة والحديثة على مساحة بلد كبلدنا شاسع المساحة؛ لذلك كله يخشى على الأوقاف في أي منطقة من الضياع بسبب ضعاف النفوس.
تبديد المفاهيم الخاطئة
الخبير في مجمع الفقه الإسلامي وأستاذ الدراسات الفقهية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن سفر، قال: إن الوقف يحتاج لجهود منظمة للنهوض به، وجهد كبير ومكثف من جانب وسائل الإعلام وأصحاب الثروات والقائمين على إدارات الأموال العامة؛ لإزالة المفاهيم الخاطئة عنه والترويج لهذا المشروع المهم الذي يمكن أن يكون العلاج الأول لمشكلة الفقر والأداة الأقوى لتحقيق التنمية وتقديم الخدمات الاجتماعية بشكل منظم ورفع مكانة العمل الوقفي وتعزيزها لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الورثة يطالبون استرداد 23 عقاراً
دونت وزارة العدل في مجموعة الأحكام القضائية عدداً من قضايا الأوقاف التي نظرتها المحاكم السعودية، إذ أقام بعض ورثة رجل أعمال دعوى على ناظر وقف والدهم المكون من 23 عقاراً قيمته تزيد على مليار ونصف المليار ريال، وطالبوا بإلغاء صك الوقفية وإعادة الأموال الموقوفة لهم ولبقية الورثة بحجة أن الوقف أتى على أكثر المال وأن الموقف فاقد للأهلية الشرعية حال الوقف، وأن أصل الوقف صادر من محكمة جنوب المملكة، وأكثر العقارات توجد في منطقة مكة المكرمة، والموقف يسكن قبل وفاته في مكة، وخصص ريع الوقف للإنفاق على أعمال الخير عامة وبناء المساجد ومساعدة الشباب المحتاجين على الزواج ومساعدة الفقراء والأرامل والأيتام والمدينين والغارمين والمسجونين وسائر المحتاجين وتجهيز المستشفيات والمركز الصحية الدائمة والمؤقتة وتأمين الأجهزة الطبية وعلاج المرضى وغسل الكلى وأعمال الترجمة والطباعة وخدمة القرآن وكفالة الأيتام وعتق الرقاب وغير ذلك من أعمال البر.
ومن أرشيف المحاكم باشرت محكمة سعودية دعوى ضد ناظر وقف في تهم فساد مالي بمبالغ تزيد على مليار ريال، وطالب الشاكون عزل الناظر وفرض حراسة على الوقف.
وفي قضية أخرى طلب عدد من الإخوة إلغاء وقف أبيهم لتضررهم كون الوقف كان على الأولاد ونسل الذكور دون الإناث.