كرسي غازي القصيبي في جامعة اليمامة ينظم محاضرة عن الإعلام والتنمية للدكتور إبراهيم البعيز
يناير / 25 جمادى الجمعة هـ / الآخرة Class="articledate">الجمعة
«عكاظ» (الرياض)
قدّم أستاذ الإعلام المساعد في جامعة الملك سعود د. إبراهيم بن عبدالرحمن البعيّز محاضرة بعنوان «الإعلام والتنمية: عود على بدء» قامت بإدارتها الدكتورة أمل التميمي عضو هيئة التدريس في اللغة العربية والإعلام، يوم الثلاثاء الماضي، ضمن الأنشطة التي يقدمها كرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية بجامعة اليمامة.
تناولت المحاضرة دور الإعلام في التنمية من ثلاثة محاور أساسيّة. بدأت بعرض للمقاربات النظريّة حول علاقة الإعلام بالمجتمع، وكيف تطوّرت من نظريّات تركز على التأثيرات المحتملة لوسائل الإعلام على المجتمع، ممثّلة في المدرسة التقليديّة التي كانت مهيمنة على بحوث ودراسات في الولايات المتّحدة. ومن هذه المدرسة ظهرت أهم ثلاثة كتب كانت لها الريادة في التنظير للدور التنموي المأمول لوسائل الاعلام. الكتاب الأول صدر عام 1958لأستاذ الأنثروبولوجيا «دانيال ليرنر» بعنوان «نهاية المجتمع التقليدي: تحديث الشرق الأوسط»، منظراً لما يمكن أن تؤدّيه الإذاعات الموجهة (بالذات صوت أمريكا) من تغيّرات سياسيّة في منطقة الشرق الأوسط، وكان ذلك بناء على سلسلة من الدراسات الاستطلاعيّة التي تمّت في تركيا ولبنان وسوريا ومصر والعراق، وكانت مدعومة من وزارة الخارجيّة الأمريكيّة. والكتاب الثاني صدر عام 1964 لأستاذ علم الاجتماع «ولبر شرام» بعنوان «وسائل الإعلام والتنمية الوطنيّة» والذي تمت ترجمته إلى عدّة لغات بما فيها اللغة العربيّة. ويقوم هذا الكتاب على جدليّة بأن وسائل الإعلام تلعب دوراً مهماً في فتح قنوات للحوار المجتمعي والمشاركة في صنع القرار والتأثير عليه. والكتاب الثالث صدر عام 1969 لأستاذ علم الاجتماع «إيفرت روجرز» بعنوان «التحديث بين المزارعين» استعرض فيه ما للاتصال من أهميّة في توعية وتثقيف المزارعين بناء على سلسلة من الدراسات القائمة على اللقاءات مع مزارعين في دول أمريكا الجنوبية.
وقد أشار الدكتور البعيّز كذلك إلى أن الدور التنموي المأمول كما جاء في هذه الكتب الثلاثة كان على المستوى النظري، لكن التجارب العمليّة والفعليّة لوسائل الإعلام في الدول النامية لم ترتق إلى ما يمكن أن يؤيّد تلك المقاربات والرؤى النظريّة، حيث اقتصر استخدم وسائل الإعلام كمظاهر ومؤشّرات للتنمية أكثر من كونها وسائل للتحديث والتنمية.
بعد ذلك، تناول المحاضر في المحور الثاني ظهور المدرسة النقديّة التي لم تكن ترى للإعلام دوراً تنمويّاً في دول العالم الثالث، بل كانت تركز على مظاهر الفشل وهيمنة المضامين المستوردة متمثّلة في الأفلام والمسلسلات الأمريكيّة. وبرزت في هذه المدرسة نظريّات الإمبرياليّة الثقافيّة والتبعيّة الإعلاميّة والعولمة الثقافيّة. ومن أبرز الكتب التي صدرت لهذه المدرسة النقديّة كتب «ربرت شيلر»، الأول صدر في عام 1969 بعنوان «الإعلام والإمبراطوريّة الأمريكيّة» وكتاب آخر صدر في عام 1976 بعنوان «الاتصال والهيمنة الثقافيّة».
واستطرد المحاضر بالحديث عن المحور الثالث الذي ركز على الثورة التقنيّة وتجلّياتها المتسارعة، وما أحدثته من نقلة نوعيّة وكميّة في المشهد الإعلامي من حيث تنامي عدد المنافذ الاتصاليّة والإعلاميّة، وانعتاق التنظيمات والتشريعات الإعلاميّة من الاعتبارات المحليّة، لتكون عرضة للمنافسة من القنوات الإعلاميّة الخارجيّة، ومتأثّرة بالضغوط والالتزامات الدوليّة. وهنا يتساءل المحاضر الدكتور البعيّز عن تلك التأثيرات المحتملة لهذه التغيّرات على الدور التنموي للإعلام، وهذا ما يحتاج إلى مزيد من الدراسات والتحليل.