2021 ربيع 23:40 الخميس 27 / ديسمبر هـ الثاني 02 / / Class="articledate">الخميس
علي Al_arobai@ (الباحة) الرباعي
يعتمد الرقي بالذائقة على توفير ما يحيط بها من مؤثرات ومجسمات ورسوم جمالية، تُصاحب الأطفال والكبار في كل جولة أو مسير، وتبرز في معظم ميادين عواصم العالم أعمال خالدة تخفف من التشوه، وتعزز العلاقة بالإبداع، وتُعرّف الشعوب على المبدعين، وبرغم غنى مشهدنا التشكيلي إلا أن حضور الزخرفة والجداريات في شوارعنا فقير؛ ما يبعث تساؤلاً عن مسؤولية غياب أو تغييب صانعي الجمال عن دورهم، وحصر عرض أعمالهم في صالات مغلقة، لا يوردها إلا نخبة النخبة من فنانين وزملاء وأصدقاء، وهنا استجلاء لرأي تشكيليين واستطلاع لوجهات نظرهم. فيرى الفنان التشكيلي أحمد حسين أنه منذ أمد بعيد كان للفنان التشكيلي دور في تزيين المعابد والقصور والمقابر بالرسوم والنقوش الأثرية واستمر ذلك عبر العصور لأهميته جمالياً وتاريخياً لحفظ السجل التاريخي عبر الزمن ونقل شواهد حضارية من مختلف العصور، مشيراً إلى أنه شاهد في مدينة أبها عام 1406هـ عدداً من الجداريات الجميلة تزين ميادينها المختلفة، وتشوّف ساعتها أن تكون جميع مدن وميادين المملكة مزيّنة بجداريات تسجل جزءاً من تاريخ وموروث وآثار تلك المدينة لينعم المتلقي والمتذوق بإبداع فنانيها لأنهم الأصدق في نقل ثقافة وعادات ومورث مدينتهم، ولفت حسين إلى أن لكل مدينة الحق على فنانيها برسم جداريات تسجل تاريخ أمة عظيمة وخالدة عبر الزمن بحكم ما وصلت إليه من إنجاز وتطور فكري وثقافي وفني، إلا أنه يتحفّظ على العشوائية، وإيلاء المهام لمن لا يجيد فتتحول إيجابياتها لسلبيات وتاريخها لتشويه للحقائق وتنقل صورة غير موازية للتطور الذي وصلناه، وتطلّع ليوم تبرز في جميع مدن المملكة جداريات تليق بعظمة الأرض وإنسانها.
فيما أكد مشرف الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون بجدة أحمد الخزمري أن دور الفنان الشكيلي يتمثل في دراسة مكامن الجمال وتلمّس ما يناسب لإظهار ما تقع عليه العين من جمال الخالق سبحانه، وإضافة لمسات لأماكن جميلة بطبيعتها وينقصها الاحتواء والترتيب بالإبراز وإزالة ما يشوب من تعكير وتشوه ليتوافق مع ما تألفه العين وينشرح له الخاطر. وأضاف الخزمري هناك طرق ومتنزهات ومبان وأماكن كثيرة تحتاج إلى الاهتمام، والتذويق البسيط المتناغم مع ما حولها والمتوافق مع الغريزة ليظهر ما نصبو إليه من الجمال، وأبدى استعداده للإسهام في إزالة التشوه البصري، لافتاً إلى آثار عبث الإنسان والمخلوقات في طبيعة جمالية بفطرتها فغدت مشوهة وتفتقر إلى التجميل، وطالب جهات الاختصاص بمنح الفنان التشكيلي الثقة والاهتمام وتوفير الاحتياجات اللازمة ليبدع عبر المخزون البصري ما يبهج ويريح النفوس من جداريات ومجسمات واستعادة جماليات، بإزالة التشوهات والمخلفات معيقة الرؤية.
فيما تطلّع الفنان التشكيلي أحمد ربيع إلى أن يُتاخ للفنان التشكيلي دوره المحوري في تجميل مدينته بالجداريات والمجسمات، وبما يقترحه على البلديات لتحسين المشهد البصري والقضاء على التشوه الذي يصيبه نتيجة عدم التنسيق بين الأفراد والمؤسسات من جهة والبلديات من الجهة المقابلة، مشيراً إلى خطورة ما تراكم من عشوائية على مر السنين فأدت إلى تنافر واضح في المشهد البصري. وطالب كل بلدية وأمانة أن تستحدث قسماً لتحسين المشهد البصري يضم في عضويته أكثر من فنان تشكيلي، إضافةً للعدد الكافي من المهندسين المختصين بالبلدية ويمنح القسم صلاحيات واسعة، وبحسب ميزانية البلدية تنفذ الجماليات للقضاء على التشوه. ويذهب التشكيلي عبدالله الدهري إلى أن الفنان جزء من التركيبة الاجتماعية للمجتمع، يؤثر ويتأثر بكل ما يحيط به، إلا أن له دوره أكثر أهمية في صياغة ونشر التوعية البصرية من خلال صنع الجمال في الميادين والأماكن العامة وصياغة أعمال لا تتعارض مع طبيعة المكان، المأهول بجمال رباني والمتمثل في الجبال والصخور والأودية والأشجار والجمال المجتمعي الذي أبدعه الأجداد متمثلاً في إشادة المباني وتزيينها بالنقوش على النوافذ والأبواب وحياكة المنسوجات والتطريز وحبك الأزياء التراثية، إضافة إلى الموروث الثقافي في الفن والأدب، وعدّه طابعاً متفرداً ملزماً للفنان أن لا يخرج من محيط جمالية بيئته ليبرز الطابع الخاص لهذه البقعة المختلفة، وأكد على أصحاب القرار في الأمانات والجهات المعنيّة بمراعاة هوية المكان، ومنح فنان المنطقة فرصة وتكليفه بمسؤولية إثراء الفضاء المحلي بمقابل مالي مجز يحفّز الفنانين على الإبداع ويستثير التنافس بطرح الأجمل والأجدر بمنجزات فنيّة تبرز وجه المنطقة للمقيم وللزائر والسائح.