ثقافة وفن

شبكات التواصل الاجتماعي.. هل أضعفت الشعر العربي؟!

هـ 07 / 12 Class="articledate">الجمعة ربيع / /

عبدالرحمن البارقي

Alma3e@ (أبها) علي فايع

تلعب شبكات التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في تحرير الشعر من سطوة الناقد والرقيب، إذ لم يعد الشاعر أو الشويعر والناظم بحاجة إلى من يجيز النصّ ويفتح له أبواب الانتشار، بل أضحى بمقدور كلّ صاحب حساب في واحدة من هذه الشبكات نشر ما يشاء وفي الوقت الذي يشاء.

لم تعد هناك سلطة مطلقة للناقد والرقيب، وبات المتابع أو التابع، الأكثر تأثيراً في الكاتب وفي المنشور، إذ بهما يتحدد النشر والإشهار!

كثيرة هي الكتابات الشعرية التي تنشر في شبكات التواصل الاجتماعي ويتداولها الناس، ليس لأنها جيدة (كما يرى كثير من الشعراء والنقاد والقراء النوعيين)، بل لأنّ هناك سلطة نشر جديدة أصبح لها دورها الأبرز في تشكيل ذائقة المتلقي وتأطير النماذج التي تسعى لتشكيلها، أما الشعر فيترحم عليه كثير من الشعراء والمتذوقين والنقاد المهتمين.

اليوم هناك (شعراء) كثيرون يكتبون قصائدهم وينشرونها في وسائل التواصل، ويُكْتَب لها الذيوع والانتشار ومع الوقت تتحول لقصائد منشورة في دواوين شعرية، بعض هؤلاء الشعراء ربما لا تستوقف قصائدهم النقاد ومتذوقي الشعر، ولا تلفت الانتباه، كل ما كتب لها أنّ وسائل التواصل الاجتماعي عملت على بروزها ومن ثم منحتها شهادة الحضور وأكسبتها العديد من الردود المبالغ فيها مع منح أصحابها ألقاباً لا تثبت!

هذه الدواوين لا تستوقف القارئ الجيد للشعر ولا الذائقة الفنية التي تربّت على الشعر الجيد، لكنها تحظى بقبول المعززين في وسائل التواصل الاجتماعي.. فهل ذائقة المتلقي الجديد (المعزّز) أصدق من ذائقة المتذوق الحقيقي أم أنّ هناك لوثة شعرية خنقت فضاء الكتابة الشعرية وصار كلّ ناظم شاعراً وكل شويعر مشهوراً؟!

الناقد حسين بافقيه يتفق كثيراً مع هذه التساؤلات، ويؤكد أنه سبق وعبَّر عنْ شعوره هذا في أكثر من مكان، ويضيف بافقيه: القصيدة الواحدة أو البيت الواحد الذي لا يستوقفني لا يخصُّ شعراء مواقع التَّواصل الاجتماعيّ، وحدهم، بل يشمل شعراء آخرين، ومِنهم مَن اعتدنا أنْ نلقِّبهم بالشُّعراء «الكبار»!

فيما يرى الشاعر عصام فقيري أنّ المتدثرين بعباءة الشعر كُثر، بينما الشعر والشعراء قلة، ويضيف فقيري،لا أخفيك سرّاً حتى أولئك الذين تم تلميعهم وتصديرهم إلى الواجهة بمباركة تشبه عصبية الجاهلية، جلهم كذلك لا يحركون شعرة في أدنى شعوري المتقد فما بالك بالمتبلد؟!

أما الدكتور محمد حبيبي فيؤكد أن انتشار وذيوع الشعر غير اللافت جداً للغاية وجماهيريته خير من انتشار برامج الترويج للأمور غير الأخلاقية، ويضيف: الساحة تتسع لكل الأطياف والألوان من المنتجات الأدبية وغير الأدبية، ويؤكد أنّ امتلاء الفضاء بالشعر الرديء خير لديه من أن يمتلئ بالمهرجين من مشاهير السنابات!

الكاتب والصحفي السوري محمد الدعفيس لا يحمّل المسؤولية من يدّعون الشعر وحدهم وإنما يشاركهم المسؤولية وربما بدرجة أعم أولئك الذين يصفقون لهم ويهيلون عليهم (لايكات) الإعجاب فيظنون أنهم قد بلغوا الثريا فيما هم لم ينفضوا بعد عنهم أثار الثرى.

فيما يتفق الشاعر دخيل الخليفة والدكتور عبدالرحمن البارقي على أنّ الذائقة في المقام الأول تتمسك بهذا الحكم، إذ يؤكد الدكتور البارقي أنّ الشعر ككل الفنون مرده إلى الذائقة، فهناك من تطرب له ذائقتنا، وهناك من لا نطرب له ويطرب له غيرنا، ويحيل ذلك إلى ما نجده في أنفسنا مع الأغاني والموسيقى واللوحات الفنيّة، أما الشاعر دخيل الخليفة فيتفق معنا في رؤيتنا السابقة ويؤكد أننا لسنا وحيدين في هذا الحكم، لكنه يحيل هذا الارتباط إلى الذائقة التي تحكم ذوق المتلقي.