ما هو ثمن عودة سورية وبقاء الأسد؟
الثاني Class="articledate">الجمعة 03:22 ربيع نوفمبر الجمعة 07 / / /
(إسطنبول) الغضوي عبدالله Ghadawiabdullah@
بعد أقل من 24 ساعة على زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد دمشق ولقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد، خرج نظيره الجزائري رمطان لعمامرة قائلا «حان الوقت لعودة سورية إلى جامعة الدول العربية».
لقد كان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أول من قرأ فنجان الأسد من الولايات المتحدة في يوليو الماضي، حين قال «إن الأسد ونظامه سيبقيان في سورية لأمد طويل».
فيما يبدو تصريح وزارة الخارجية الأمريكية «بأنها ليست مؤيدة لخطوة الإمارات باتجاه النظام السوري مجرد حبر على ورق»، خصوصا أن واشنطن كانت جزءا من صفقة أنبوب الغاز من مصر إلى الأردن وسورية فلبنان، بل إن الموقف الأمريكي ذاته ليس ضد إعادة «تعويم الأسد»، إذ صرح أكثر من مسؤول أمريكي بأن واشنطن ليست في صدد تغيير النظام وإنما تعديل سلوكه؛ أما روسيا فكانت العراب الأول لعودة نظام دمشق إلى الجامعة العربية، وبذلت في هذا الإطار جهودا لإقناع البعض بقبول عودة سورية إلى مقعدها في «بيت العرب».
من يعرف تركيبة وبنية النظام السوري المعقدة والنادرة من نوعها، يعلم أنه قادر على الاستمرار لأكثر من عقد على هذه الشاكلة وفي ظل أصعب الظروف الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية، ما دام هناك غياب تحالف دولي لتغييره، تماماً كما هو الحال في نظام صدام حسين الذي بقي على قيد الحياة من غزو الكويت عام 1990 إلى عام 2003 حين قررت الولايات المتحدة تشكيل تحالف دولي لإسقاط نظام صدام وطي صفحة البعث إلى الأبد، وهذا ما لم يحدث في سورية. السبب في استمرار الأسد ونظامه، أنه مازال يمارس دور الأداة الطوعية بيد «السيستم العالمي»، ولم يكن خيار إسقاط النظام ولا لمرة واحدة على طاولة الدول الكبرى، ناهيك عن الدعم الروسي والصيني وبعض الدعم الإقليمي، وبالتالي فإن النتيجة عودة سورية وبقاء الأسد ما دام يؤدي الدور الوظيفي بالقضاء على دور سورية الجيوسياسي في صفقة غير معلنة بين منظومة الأسد والنظام العالمي، مفادها «الحكم مقابل سورية منزوعة الصفات الإقليمية والعربية والإستراتيجية»، ولعل ورقة الكيماوي كانت خير دليل على أكبر المساومات في تاريخ سورية، حين هندست الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما صفقة «البقاء مقابل تسليم الترسانة الكيماوية».
نحن الآن في مرحلة جديدة من الصراع على سورية، هذا الصراع الذي ابتكره حافظ الأسد منذ وصول الخميني إلى السلطة أوائل عام 1979؛ إذ وضع العرب وإيران في الميزان واتبع سياسة التوازن بحيث ألا يفقد أحدهما، وقد نجحت هذه السياسة في ذروة اختبار القومية العربية، عندما وقف الأسد «العروبي» إلى جانب إيران «الفارسية – الخمينية» ضد صدام حسين شريكه في البعث، ومع ذلك تمكن حافظ الأسد من تدوير الزوايا والاستمرار بالجناحين العربي والإيراني، إلا أن الخلل الذي أحدثه بشار الأسد بكسر هذا التوازن والرهان على إيران بشكل مطلق، أخذ سورية إلى معارك لم تكن بحاجة إليها، وفتح الباب لإيران التي أصبحت لاعبا محوريا في سورية للتغلغل أكثر في فترة الحرب. إن السؤال الكبير الآن بعد عودة العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، وربما دول أخرى على الطريق، أكبر من أن يجيب عليه الأسد نفسه، وهو اتجاهات السياسة السورية في حال تدفق الزيارات العربية إلى دمشق، فهل يتمكن الأسد من تحديد النفوذ الإيراني العميق ووضعه في حدوده الطبيعية كدولة إقليمية داعمة للنظام؟ أو أنه سيتمكن من اتباع سياسة التوزان على طريقة الأب؟. كيف يتمكن النظام السوري من تلبية كل المصالح الإقليمية والدولية على الرقعة السورية المتعبة أصلا؟ وماذا لدى النظام من أوراق يمكن اللعب بها على طاولة المصالح الدولية!؟ إن فاتورة الحرب المترتبة على نظام الأسد أكبر بكثير من أن يتحمل عبئها، وهذه الأعباء ستبقى تلاحق الأسد ما دام في الحكم، فالعقود الاقتصادية التي انتزعتها روسيا بشكل علني وسري تجعل هذا النظام في دائرة الدَّين لخمسة عقود، زد على ذلك الاستحقاقات الإيرانية، إذ طالما صرح مسؤولون إيرانيون أن الحرب في سورية كلفت بلادهم نحو 6 مليارات دولار، أما الاستحقاق الكبير فهو في الداخل السوري الذي يتهاوى يوما بعد يوم، إذن ماذا سيقدم الأسد للموالين في مناطقه بعد سنوات أودت بالشعب إلى الجحيم؟.
لن تكون عودة الأسد إلى الساحة العربية والدولية «شيكا على بياض»؛ ولعل هذه العودة اختبار لقدرة النظام على التموضع من جديد عربياً وإقليمياً، إذ لا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال عربيا أو دوليا أن يكسب الأسد كل الأوراق بوجود إيران.
يحاول النظام أن يستثمر العودة العربية إلى أبعد حدود، لكن المعطيات تشير إلى أن الأسد في ورطة ومقايضة مجبر على اتخاذ قرار حولها، وهي إما عربا أو فرسا.
ومن يعرف بشار الأسد يعلم تماما أنه لم يكن يوما ما يضع العرب في أولوياته السياسية، بل كانت هذه العلاقات تفرضها الظروف والطبيعة العربية، ولعل اندلاع الثورة السورية بداية 2011 والمواقف الدولية والعربية من هذه الأزمة كشف حقيقة ميول النظام ومرتكزاته على المستوى الإقليمي.
ما يجري الآن هو مرحلة جديدة من الصراع على سورية، لكن هذه المرة إرادة السوريين خارج أي حساب بعد ما تحولت البلاد بالأمر الواقع إلى ثلاثة أقاليم؛ مناطق تحت سيطرة المعارضة، ومناطق تحت سيطرة قوات سورية الديموقراطية والجيش الأمريكي، وأخرى تحت سيطرة النظام، وهذا ما يحرج الأسد أكثر فأكثر، كونه أصبح لاعبا يتساوى إلى حد كبير مع اللاعبين المحليين على الأرض.
لقد كان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أول من قرأ فنجان الأسد من الولايات المتحدة في يوليو الماضي، حين قال «إن الأسد ونظامه سيبقيان في سورية لأمد طويل».
فيما يبدو تصريح وزارة الخارجية الأمريكية «بأنها ليست مؤيدة لخطوة الإمارات باتجاه النظام السوري مجرد حبر على ورق»، خصوصا أن واشنطن كانت جزءا من صفقة أنبوب الغاز من مصر إلى الأردن وسورية فلبنان، بل إن الموقف الأمريكي ذاته ليس ضد إعادة «تعويم الأسد»، إذ صرح أكثر من مسؤول أمريكي بأن واشنطن ليست في صدد تغيير النظام وإنما تعديل سلوكه؛ أما روسيا فكانت العراب الأول لعودة نظام دمشق إلى الجامعة العربية، وبذلت في هذا الإطار جهودا لإقناع البعض بقبول عودة سورية إلى مقعدها في «بيت العرب».
من يعرف تركيبة وبنية النظام السوري المعقدة والنادرة من نوعها، يعلم أنه قادر على الاستمرار لأكثر من عقد على هذه الشاكلة وفي ظل أصعب الظروف الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية، ما دام هناك غياب تحالف دولي لتغييره، تماماً كما هو الحال في نظام صدام حسين الذي بقي على قيد الحياة من غزو الكويت عام 1990 إلى عام 2003 حين قررت الولايات المتحدة تشكيل تحالف دولي لإسقاط نظام صدام وطي صفحة البعث إلى الأبد، وهذا ما لم يحدث في سورية. السبب في استمرار الأسد ونظامه، أنه مازال يمارس دور الأداة الطوعية بيد «السيستم العالمي»، ولم يكن خيار إسقاط النظام ولا لمرة واحدة على طاولة الدول الكبرى، ناهيك عن الدعم الروسي والصيني وبعض الدعم الإقليمي، وبالتالي فإن النتيجة عودة سورية وبقاء الأسد ما دام يؤدي الدور الوظيفي بالقضاء على دور سورية الجيوسياسي في صفقة غير معلنة بين منظومة الأسد والنظام العالمي، مفادها «الحكم مقابل سورية منزوعة الصفات الإقليمية والعربية والإستراتيجية»، ولعل ورقة الكيماوي كانت خير دليل على أكبر المساومات في تاريخ سورية، حين هندست الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما صفقة «البقاء مقابل تسليم الترسانة الكيماوية».
نحن الآن في مرحلة جديدة من الصراع على سورية، هذا الصراع الذي ابتكره حافظ الأسد منذ وصول الخميني إلى السلطة أوائل عام 1979؛ إذ وضع العرب وإيران في الميزان واتبع سياسة التوازن بحيث ألا يفقد أحدهما، وقد نجحت هذه السياسة في ذروة اختبار القومية العربية، عندما وقف الأسد «العروبي» إلى جانب إيران «الفارسية – الخمينية» ضد صدام حسين شريكه في البعث، ومع ذلك تمكن حافظ الأسد من تدوير الزوايا والاستمرار بالجناحين العربي والإيراني، إلا أن الخلل الذي أحدثه بشار الأسد بكسر هذا التوازن والرهان على إيران بشكل مطلق، أخذ سورية إلى معارك لم تكن بحاجة إليها، وفتح الباب لإيران التي أصبحت لاعبا محوريا في سورية للتغلغل أكثر في فترة الحرب. إن السؤال الكبير الآن بعد عودة العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، وربما دول أخرى على الطريق، أكبر من أن يجيب عليه الأسد نفسه، وهو اتجاهات السياسة السورية في حال تدفق الزيارات العربية إلى دمشق، فهل يتمكن الأسد من تحديد النفوذ الإيراني العميق ووضعه في حدوده الطبيعية كدولة إقليمية داعمة للنظام؟ أو أنه سيتمكن من اتباع سياسة التوزان على طريقة الأب؟. كيف يتمكن النظام السوري من تلبية كل المصالح الإقليمية والدولية على الرقعة السورية المتعبة أصلا؟ وماذا لدى النظام من أوراق يمكن اللعب بها على طاولة المصالح الدولية!؟ إن فاتورة الحرب المترتبة على نظام الأسد أكبر بكثير من أن يتحمل عبئها، وهذه الأعباء ستبقى تلاحق الأسد ما دام في الحكم، فالعقود الاقتصادية التي انتزعتها روسيا بشكل علني وسري تجعل هذا النظام في دائرة الدَّين لخمسة عقود، زد على ذلك الاستحقاقات الإيرانية، إذ طالما صرح مسؤولون إيرانيون أن الحرب في سورية كلفت بلادهم نحو 6 مليارات دولار، أما الاستحقاق الكبير فهو في الداخل السوري الذي يتهاوى يوما بعد يوم، إذن ماذا سيقدم الأسد للموالين في مناطقه بعد سنوات أودت بالشعب إلى الجحيم؟.
لن تكون عودة الأسد إلى الساحة العربية والدولية «شيكا على بياض»؛ ولعل هذه العودة اختبار لقدرة النظام على التموضع من جديد عربياً وإقليمياً، إذ لا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال عربيا أو دوليا أن يكسب الأسد كل الأوراق بوجود إيران.
يحاول النظام أن يستثمر العودة العربية إلى أبعد حدود، لكن المعطيات تشير إلى أن الأسد في ورطة ومقايضة مجبر على اتخاذ قرار حولها، وهي إما عربا أو فرسا.
ومن يعرف بشار الأسد يعلم تماما أنه لم يكن يوما ما يضع العرب في أولوياته السياسية، بل كانت هذه العلاقات تفرضها الظروف والطبيعة العربية، ولعل اندلاع الثورة السورية بداية 2011 والمواقف الدولية والعربية من هذه الأزمة كشف حقيقة ميول النظام ومرتكزاته على المستوى الإقليمي.
ما يجري الآن هو مرحلة جديدة من الصراع على سورية، لكن هذه المرة إرادة السوريين خارج أي حساب بعد ما تحولت البلاد بالأمر الواقع إلى ثلاثة أقاليم؛ مناطق تحت سيطرة المعارضة، ومناطق تحت سيطرة قوات سورية الديموقراطية والجيش الأمريكي، وأخرى تحت سيطرة النظام، وهذا ما يحرج الأسد أكثر فأكثر، كونه أصبح لاعبا يتساوى إلى حد كبير مع اللاعبين المحليين على الأرض.