«ماما جواهر».. تفتح النار على البرامج الإذاعية: الاستماع العالي لبرامجكم.. سببه الأغاني!
إذاعية مخضرمة أطربت آذان مستمعيها 52 عاماً عبر الأثير
الأربعاء 23 Class="articledate">الأربعاء 21:35 / هـ 2020 1442 / / سبتمبر صفر
Rahalotaibi9@ سارة تصوير: حسن ، العتيبي عمر Omar_00005@ (جدة)
*خالد زارع.. علي البعداني.. عبدالستار صبيحي قامات في تاريخ الإذاعة السعودية
*أين اختفت البرامج الطبية وبرامج الأطفال؟
*للإذاعيات الجديدات: قدمن معلومة وابتعدن عن السطحية
*لا أستمع للإذاعة حالياً!
*أقضي ساعات في المكتبة يومياً لأثري برامجي بمعلومات تفيد المستمعين
رافق عذوبة صوتها فنجان القهوة الصباحية.. تهادت رقة كلماتها لتطرب آذان مستمعيها.. امتزج مخزونها اللغوي الثري مع إحساسها الصادق.. ليصنع يوماً جميلاً لمستمعي برامجها الصباحية عبر أثير إذاعة جدة.
«صباح الخير.. صباح الفرح.. صباح السعادة.. صباح البشائر الحلوة.. صباح الابتسامة.. صباح التفاؤل.. صباح كل شيء جميل بحياتكم.. خليكم معانا على مدى ساعتين من الزمن مع بشاير الصباح».
«ماما جواهر».. الاسم الأكثر شهرة للإذاعية المخضرمة التي امتدت مسيرتها لـ 52 سنة، قضتها في أروقة الإذاعة واستوديوهات البرامج ما بين مذيعة ومقدمة برامج وكاتبة سيناريو وممثلة إذاعية.. إنها جواهر سراج بنا.
* اشتهرتِ في الإذاعة باسم «ماما جواهر».. ماذا يعني لك هذا الاسم؟
** «ماما جواهر» يعني لي كل شيء جميل في حياتي، يعني لي أولادي الذين تربوا على يدي من إذاعيين وإذاعيات.. ومخرجين ومخرجات.. وممثلين وممثلات.. كلمة «ماما جواهر» تعني لي الشيء الكثير، وأشعر بأنها الأقرب إلى قلبي.
* مسيرة وتاريخ حافل بالإنجازات.. للجيل الجديد من هي جواهر بنا؟
** مذيعة وممثلة وكاتبة سيناريو، عملت في إذاعة جدة منذ بداياتها، ومارست عملي الإذاعي لما يزيد على 52 عاماً، شغوفة جداً بعملي وأعشق القراءة، وأعتبر نفسي قارئة نهمة، اقرأ كل ما يقع تحت يدي، أحب الصحافة وعلاقتي بها ممتازة من متابعة الأخبار بشكل حثيث ومتواصل، محظوظة لأني تلميذة لأعظم أساتذة ومخرجين مروا بتاريخ الإذاعة في السعودية منذ بداية تأسيسها، خبراتي مررتها لأهديها لعشرات المذيعات والمذيعين الذين تدربوا علي يدي.
* كيف تقبّل الأهل عملك كمذيعة في بداياتك؟
** في بداية عملي الإذاعي بعض أقاربي قاطعوني، ولكن الوالد «رحمه الله» كان إنساناً مثقفاً ومتفهماً يتناقش دائماً معنا ويوجهنا، أرسلنا ونحن أطفال إلى القاهرة كي نتعلم، وعندما توفيت والدتي عدنا إلى السعودية، في تلك الفترة أمر المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز بفتح المدارس للمرحلة الابتدائية، ولكني كنت متقدمة عمن هن في عمري مرحلة بالتعليم، كوني في المرحلة الثانوية، فاضطررت للجلوس في المنزل وأشغلت وقتي بالقراءة، وعندما عملت بالإذاعة وقدمت برامج متنوعة ومفيدة، بدأت نظرة الأقارب تتغير، وبدأوا يتفهمون طبيعة عملي ويتقبلونه، بل أصبحوا يشاركوني بالأفكار والمقترحات المفيدة لبرامجي.
* كيف تقدمتِ للوظيفة.. من رشحك؟
** دخلت الإذاعة بالصدفة، كان بيتنا بجوار مبنى الإذاعة في حي الكندرة بجدة القديمة، وكان لوالدي صداقات مع القائمين عليها، منهم عائلة فؤاد شاكر «رحمه الله»، الذي يعلم مدى حبي وشغفي بالقراءة، فقال لي يا جواهر غداً الساعة 10 صباحاً سوف تذهبين للإذاعة لتسجلي بروفة صوتية «تجربة أداء»، كان عمري آنذاك 17 سنة، وعندما سمعت كلمة «إذاعة» هذه الكلمة البراقة، فرحت وذهبت في اليوم التالي برفقة والدي إلى مبنى الإذاعة.
كان عبارة عن استوديو صغير، أمامي طاولة صغيرة عليها ورقة بها النص، وزجاج عليه لمبة حمراء وخلف الزجاج يقف المخرج، ومهندس التسجيل. وبعد أن قدمت تجربة الأداء تم قبولي على الفور بسبب طريقة إلقائي وسلامة وسلاسة مخارج حروف اللغة العربية لدي، فلم أقم بتقديم أي أوراق وتم قبولي على الفور.
* كيف صقلتِ مهاراتك في العمل الإذاعي؟
** غالبية تعليمي كان بشكل ذاتي، خاصة وأنه في تلك الحقبة لا يوجد معاهد أو مؤسسات ترعى الإذاعيين وتدربهم، بدأت أعلّم نفسي بنفسي وبدأت موهبتي تنصقل بالخبرة، فعندما نقدم برنامجاً لم نكن حينها على الهواء مباشرة كانت البرامج تسجل، وعندما أعود للبيت ويبدأ برنامجي الإذاعي أقوم بتسجيله وأسمعه عدة مرات، لأعرف أخطائي، وأين أخفقت كي أتعلم ولا أكرر الخطأ.. وهكذا، ناهيك عن تعليمات وتوجيهات الأساتذة الكبار الذين تشرفت بالعمل معهم أمثال خالد زارع، علي البعداني، عبد الستار صبيحي «رحمهم الله».
* ما هي أهم البرامج التي قمتِ بتقديمها خلال مسيرتك على مدار نصف قرن؟
** أول برنامج قدمته هو برنامج «البيت السعيد»، سجلته الساعة 10 صباحاً ورجعت بيتي، وعند المساء في نفس اليوم طلبوا مني العودة لمبنى الإذاعة لتسجيل برنامج «جريدة المساء» مع الأستاذة سلوى الحجيلان.
بيتي كان بجوار الإذاعة، في أحد الأيام جاءني الأستاذ محمد حيدر مشيخ قال لي: نريدك أن تمثلي، قلت له: لا.. لا أعرف كيف أمثل مسلسلاً إذاعياً، فقال بلهجة صارمة: «حتمثلي»!.
وبالفعل ذهبت اليوم التالي للإذاعة ولأول مرة قابلت أمين قطان، خالد زارع، علي البعداني، عبد الستار صبيحي، محمد توفيق، والمخرج كان محمد حيدر مشيخ، حيث شاركت معهم بطولة مسلسل «جريمة في الصحراء»، ومن هنا بدأت مسيرتي في التمثيل الإذاعي. وبدأت أدخل في مجالي التقديم والتمثيل، وبعد مرور سنة بدأ الناس يرددون اسمي جواهر بنا.
* من هن أهم زميلات المهنة في تلك الفترة؟ وكيف تصفين علاقة الزمالة بهن؟
** الإذاعيات اللواتي كن معي في بداياتي الدكتورة فاتنة أمين شاكر وسلوى الحجيلان، هن المؤسِسات وصديقات الزمن الجميل، بعدهن جاءت نجاة العواد وشيرين شحاتة «الله يرحمها»، وكانت من أجمل الأصوات الإذاعية، من ثم تزاملت مع هند شيخ وليلى الشيخ، ومريم الغامدي وهي توأم روحي، كنا أكثر من شقيقات، كان بيننا تنافس كبير ولكن «شريف»، كل واحدة منا تحاول أن تقدم أفضل ما لديها، بعدها انتقلت مريم الغامدي لإذاعة الرياض، وبنت مجدها هناك، ولا أزال أذكرها وتذكرني بكل خير.
* كلمة توجهينها لزملاء البدايات.. لمن؟ وماذا تقولين لهم؟
** أقول.. «الله يرحمهم»، وهم من علموني ألف باء الإذاعة وتتلمذت على أيديهم، خالد زارع مذيع وممثل ومقدم برامج وشاعر غنائي، علي البعداني مذيع وممثل قدمت معه البرنامج الإذاعي «الحلوة والمرة» كتبه المرحوم أحمد قنديل، هذا البرنامج استمر في الإذاعة لمدة 3 سنوات ونصف، ومن شهرة البرنامج أصبح الناس ينادوننا بأسمائنا به «ظريف وظريفة»، ولا أنسى الأستاذ الكبير عبدالستار صبيحي «ممثل»، هؤلاء الثلاثة تجمعني بهم علاقة زمالة وأخوة الله يرحمهم جميعاً. كما أدين بالفضل لحسن الطوخي، ومحمد حيدر مشيخ كانا يوجهاني وتعلمت منهما الشيء الكثير.
* في صندوق الذكريات.. ما هي أجملها؟
** أجمل ذكرياتي أول يوم التحقت به في الإذاعة.. يوم لا نسى.. صنعني وغير مجرى حياتي.. في الإذاعة حصدت نجاحاتي.. من حب المستمعين وحمل رسالة الوطن، كما أن الإذاعة جعلتني ألتقي بشريك حياتي وأب أولادي وهي أجمل الذكريات.
* زمالة مهنية توجت بزواجك من المذيع والمخرج عبدالعزيز شكري.. هلا حدثتينا عنها؟
** عبدالعزيز شكري «أبو ثامر» هو زوجي وحب حياتي وزميل مهنتي، تعرف عليّ بالإذاعة، وكنا أول زواج إذاعي آنذاك، واحتفوا بنا بالإذاعة بشكل كبير، هو كان مذيع ومدير إخراج وأنا مذيعة، وحالياً أعيش أجمل لحظات حياتي مع أبنائي وأحفادي وحفيداتي.
* يأخذك الحنين دائماً لحارات مكة القديمة.. لماذا؟
** مكة عشقي.. على الرغم من أنني عشت فيها على فترات عندما كنا نأتي في الإجازات المدرسية، بحكم العيش والدراسة في القاهرة، وجدت في مكة وجنباتها وحاراتها وأهلها الترابط والتآلف والمحبة والتسابق للخير والمساعدة قبل طلبها، في مكة عشت الروح الحلوة والأنفس الصافية، عند أهل مكة الأسرة لا تعني الأب والأم والأعمام والأخوال، تشعرين بأن سكان الحارة هم أهلك لذا هي بالنسبة لي عشق وحنين.
* كيف كان يتم تواصلك مع المستمعين في تلك الحقبة؟
** كانت طريقة التواصل الوحيدة مع المستمعين هي رسائل الفاكس، وأيضاً بالبريد السعودي تصلنا رسائل من المستمعين، وكانت تأتينا أغلبها من مكة والطائف، بعضها بأظرف مطرزة باللؤلؤ والخرز، تعبيراً عن تفاعل المستمعين مع برامجنا، كان تواصلاً جميلاً وملموساً من مستمعينا الأعزاء.
قديماً كان الناس يعشقون الراديو خاصة في رمضان بعد الفطور، وكان لي عدة برامج في ذلك الوقت، ما صنع لي قاعدة جماهيرية من المستمعين الذين أصبحوا يتواصلون معي في فترة لاحقة على هاتف منزلي، لإبداء ملاحظاتهم واقتراحاتهم، أتناقش معهم بالأفكار وأتقبل نقدهم البنّاء، فما أجمله من تواصل.
* ما علاقتك بمواقع التواصل الحالية، وهل أنتِ متواجدة عليها؟
** مطلعة ولكن ليس لي حسابات عليها، شاهدتها فلم تعجبني، رغم أن اسمها «تواصل» إلا أنها تحمل سمات القص واللصق والتحويل للرسائل.. فلا تظهر مشاعرك الحقيقية، بالتالي فاقدة لأهم سماتها وهو التواصل الحقيقي الملموس المؤثر.
* ما بين التلفزيون.. السينما.. اليوتيوب ووسائل التواصل.. أين تقع الإذاعة حالياً؟
** أجد الإذاعة حالياً في كل مكان، التلفزيون تجلسي أمامه كي تشاهديه والسينما تخرجي من بيتك وتقطعي تذكرة لمشاهدة فيلم، أما الإذاعة فهي معك في كل مكان؛ في السيارة والمكتب وحتى في وقت التسوق بإمكانك الاستماع لأثير الإذاعة عبر هاتفك الجوال، الإذاعة الآن معك أينما تذهب، المهم ماذا نقدم في الإذاعة.
* اشتهرتِ ببرامجك الصباحية.. ما رأيك في البرامج الصباحية في الإذاعة حالياً؟
** أرى أن الكثير من البرامج الإذاعية أصبحت سطحية ومحتواها ضعيف، والاستماع العالي لها سببه الأغاني!
كنت بالإذاعة عندما أعد برنامجاً معيناً أزور المكتبة يومياً، وأبحث وأمحّص بالساعات عن المعلومة المفيدة والقيّمة التي سأقدمها للمستمعين، أبحث في المراجع عن كل ما يهم الأسرة والشأن الاجتماعي والثقافي كي أثري برامجي، وأراجع كذلك الصحف بحثاً عن أي معلومة مفيدة، لأبسّطها وأجعلها سلسة على آذن المستمعين.
أما البرامج الإذاعية الآن فمحتواها هش، ويطغى عليها الصخب والأغاني السريعة، والكلمات السطحية والإيقاع السريع.. لذا حالياً للأسف لا أتابع البرامج الإذاعية.
* ما تعليقك على الإذاعيات الجديدات.. وماذا تقولين لهن؟
** نعلم وندرك تماماً أن الزمن تغير وأصبحنا في زمن السرعة وزمن له سماته العصرية.. والمجال الإذاعي الحالي تغير وتطور وبعضه أصبح متخصصاً، ناهيك عن التكنولوجيا التي سهّلت عملهن حالياً، ولكن أنصحهن أن يستقين المعلومات المفيدة والثرية والهادفة لتقديمها للمستمعين، أنتِ كمذيعة حاملة رسالة يجب أن تقدمي للمجتمع ما هو مفيد، وتكوني شريكة في البناء والتنمية لوطنك.
* هيئة المرئي والمسموع وتنظيماتها الأخيرة.. ما هو المأمول منها؟
** أن يعيدوا للإذاعة مجدها.. سؤال أوجهه للمسؤولين فيها «ليش فرطوا بالإذاعة»؟ جعلها إذاعة شبابية «ما اختلفنا» ولكن.. ما هو تطويركم الحقيقي للإذاعة لتواكب رؤية 2030 مثل بقية القطاعات؟ أين البرامج الإذاعية الحوارية، الثقافية، التعليمية؟! ولماذا اختفت البرامج الطبية وبرامج الأطفال؟ ناهيك عن اختفاء الدراما الإذاعية.. فيما تعاني المتبقية منها من حالة ضعف وتراجع، رغم أنها الأكثر تأثيراً على المجتمع.
* ما أحب البرامج إلى قلبك؟
** بشاير الصباح، اليوم المفتوح، استراحة الضحى، حديقة المساء، أوراق المساء. وجميعها كانت مسجلة، بعدها بدأ البث المباشر بإذاعة جدة، ومن البرامج القريبة إلى قلبي وتركت بصمة لدى المستمعين، برنامج «صباحك يا وطني».
* ما هي آخر أعمالك؟
** آخر عمل قدمته هو مسلسل «ويبقى الأمل»، قبل عامين في شهر رمضان المبارك؛ مسلسل درامي مستوحى من قصة واقعية لأسرة سعودية اضطرتها ظروف العمل لافتراق الزوجين في مدينتين مختلفتين، توالت أحداثها في قالب درامي مشوق، وفي نفس الفترة كذلك قدمت المسلسل الإذاعي «غلطة عمري».
* كلمة أخيرة للمستمعين؟
** أقول لهم «وحشوني» ونفسي أرجع ألتقي بكم وتداعب أذني ملاحظاتكم وانتقاداتكم، جداً جداً «وحشتوني» وشكراً.. شكراً لكل من سمع جواهر بنا وأحبها وأحب ما قدمته.