سعوديات

حديث مغتربة

صفر / 2020 / Class="articledate">الأربعاء 20:21

وعد الصقيه

* مفهوم الغربة: هي الانتقال أو الهجرة من المدينة التي ولدت بها «مسقط راسك» إلى بلد آخر لهدف علمي أو عملي.

فإذا تناولنا موضوع اليوم وهي المعايشة الثقافية خارج المملكة:

هي عبارة عن اصطدام ثقافتين مختلفتين وهي ثقافتنا منذ نعومة الأطراف إلى الثقافة البيئية الجديدة وهي مختلفة تماماً من عادات ثقافية، اجتماعية.. بمعنى أنها نقلة بيئية جديدة.

قد كنت تقرأ أو تسمع عنها ولكنك الآن تعايشها.

أيضا هي إحالة نوعية غنية واسعة وتنمية فكر وشخصية.. تساعد في توسيع نطاقك السابق من النطاق الجديد.

الغربة فرصة ثمينة فيها إثراء كبير يعود على المغتربين، فالبعض يحظى بفرصة غربة والبعض الآخر في انتظارها.

* جميع المغتربين يشتركون بنفس المصلحة وهي «المنفعة».

المنفعة: هي حاجة إما أن تكون علماً أو عملاً.

هنا يأتي دور المغترب الصحي الإيجابي أن يتعرف ويستفيد من كل لون زاهٍ جديد من ألوان هذا الشعب، ناهيك عن تجاهل كل ما هو مخالف وفيه أذى لشخصك.

* تجارب الغربة كفيلة أن تصنع منك شخصاً جديداً

سوف أتناول تفاصيل غربتي وأشارككم أيام الغربة؛ بحلوها وصعوبتها واستنكار وذهول الجديد.

في البداية التخطيط للانتقال والهدف تحسين الوضع المادي، خصوصاً أن فرصة العمل بالمدينة المقصودة نوعاً ما جيدة من حيث مواكبة سوق العمل العالمي وسنح فرص أكبر ودعوة لكل من لديه القدرة والإسهام في تطورها المرسوم.

لم أتردد أبداً في قرار الانتقال لأنني كنت أحب هذه المدينة وأخطط لزيارة قريبة لها حتى إن شاء القدر وسكنت بها عدداً من السنين لتصبح غربتي بتجارب حقولها المتنوعة بها.

مبتدئة من وصولي للمطار وبدء الاختلافات شد انتباهي بعد الانتهاء من الإجراءات والتوجه لبوابة المطار تنظيم سيارات الأجرة «التاكسي»، وتنظيم المسافرين وأيضا المركبات وترتيبها بحجم صغر وكبر المركبة على حسب ركابها، اختلاف الجو برطوبته العالية، فكنت أسكن منطقة تميل إلى الجو الجميل الجاف.

طوال الطريق عشت لحظة الانبهارات المختلفة الجميلة.

لا أخفيك الإبداع الهندسي للمباني ذات العدد الكبير بسلسلة الأبراج الشاهقة الجميلة الممتدة امتداد الطريق.

هنا تعرفت أن هناك فرض رسوم على أصحاب المركبات عند المرور بالطرق السريعة التي لم استحسن فكرتها لأن بمملكتنا الحبيبة لا يوجد هذا النظام.

هنا تبدأ أول أساسيات الرحلة وهو البحث عن سكن.

لا بد على كل مغترب أن يعاني في اختيار المنطقة السكنية المناسبة كعائلة أو فرد بوضع خطة مرقمة بنقاط مهمة تلائم اختيار المكان على حسب التصنيف الذي ذكرته عائلة أو فرد «ذكر، أنثى».

أن يكون عامراً زاهراً بالخدمات الغذائية والصحية، والمدارس تكون قريبة، وأن تكون المنطقة هادئة أو صاخبة، وأن يكون السكن جاهزاً بالأثاث أو تقوم أنت بتأثيثه، جميع الاختيارات تعتمد على الميزانية التي يضعها المغترب وحاجته.

تم اختيار السكن والحي المناسب وتوفقنا فيه الحمد لله؛ مكان جميل يختلف تماماً عن نمط معيشتي خلال الـ ٣٠ عاماً

التي مضت.

طبعاً لا بد من صعوبة ليس كما يتوقعه القارئ أو المتخيل أن الغربة ليس فيها صعاب.

بدأنا بإجراءات الإيجار السكنية التي كانت مختلفة تماماً عن نظامنا في السعودية.

تسعيرة الإيجارات على حسب موقع اتجاه الشقة وإطلالتها.

وتسعيرة الكهرباء للمنزل على حسب مساحته؛ فكل شقة وفيلا مختلفة عن الأخرى بالمساحة.. الاختلاف الآخر فاتورة الكهرباء منفصلة تماماً عن التكييف والتبريد.

لا بد على المستأجر أن يفتح حساباً في هيئة الكهرباء، وأيضاً المياه، وأن يدفع رسوماً مبدئية.

وبالإضافة إلى مبلغ تأمين على حد علمي تقريباً ٢٠٠٠ للشقق الصغيرة و٤٠٠٠ للكبيرة والفيلا.

كان عندهم اشتراطات عالية تستوجب أن تكون متوفرة بكل بناية، وإلا يحصل صاحب المنشأة على عقوبة وغرامات عالية.

السكيورتي والأمان للمبنى.

خصوصاً أن هذه المدينة تحقق مراتب متقدمة في عدد من التصنيفات العالمية من حيث الأمان، وتحتل المركز الثالث بين أكثر الدول أماناً في العالم كما أشار إليها موقع ناميبو الذي يضم أضخم قاعدة معلومات وبيانات دولية.

أن يوجد لهذه المباني المخصصة نوادٍ رياضية ومسبح خاص للمبنى ومساحة واسعة مخصصة لألعاب الأطفال والعوائل.

لا بد أن توجد مواقف أرضية مخصصة للسكان مرقمة على حسب الأدوار والشقق السكنية. وهناك عقوبات صارمة عندما تأخذ موقفاً غير المخصص لمنزلك.

كانت تجربة الاشتراك بالإنترنت أخذت وقتاً طويلاً.

كانت عائقاً في أمور كثيرة لنا بحكم الآن الإنترنت الذراع الرئيسية لحركة سير أمور الحياة تقريباً والبحث عن التطبيقات الضرورية والمحلات والأماكن والتعرف أكثر على حاجتك اليومية للوصول لأماكنها.

أخذت وقتاً طويلاً ولكن بالمقابل وجه جميل وميزة رائعة إيجابية فالأماكن العامة والشواطئ والمولات، الواي فاي فيها حق للجميع وبعض الكافيهات والمطاعم تمنحك الفرصة أو كنوع من الإغراءات للزبائن استمتع بقهوتك والنت مجاني، ومنها تتعرف على محيط مدينتك الجديدة.

بعدها انتقلت في رحلة البحث ومسؤولية جديدة عن حضانة أو روضة لطفلي، وتم اختيار ما يناسب طفلي وبدأت رحلة الالتزام التام بالوقت ومراعاة نفسية طفلك وإدراكه هل له تأثير سلبي أو إيجابي، أيضاً يعتبر عالماً جديداً بالنسبة له.

المغترب مع طول الوقت في غربته قد تكون الزيارات في وسط الأسبوع معدومة وأصبح لدي مساحة كافية بعد دخول طفلي الحضانة فكرت أتعلم القيادة، أيضاً من جديد بدأت خطة رحلة البحث عن مراكز تعليم القيادة ولكن بفضل من الله انتهى المطاف وانهيت تعليم القيادة واستلمت رخصة القيادة بمملكتي؛ المملكة العربية السعودية.

تجارب مختلفة متنوعة لا يمكن حصرها أو التركيز عليها جميعاً لكن أحاول أن أسرد رحلة غربتي بشكل عام ومفصل.

* أحاسيس المغتربين وضغوط الأيام وجمالها

ينعكس سلباً وإيجاباً على محيطه الأسري، والتعامل مع أحاسيس الغربة يختلف من قوة شخص لآخر.

وأيام غربتهم عبارة عن خلاصة عن الشوق والحنين إلى لمة الأهل والأحباب، قد تكثر دموع الشوق والبكاء

لوجبة طعام مع أهله، لحارة قديمة، لعاده قديمة، جميعها يدفعها المغترب من قوة ذاته.

فنظرة بعض المغتربين من ينظر لها بمنظوره أنها سرقة وحرم متعة أهله وعائلته أيضاً.

هكذا تمر أيام الغربة بفائدة أيامها، وحلوها ومرها، لا بد من أيام عصيبة جداً تجعلك تنهارين ويضعف جسدك وسرعان ما تقفين على قدميك من جديد بصورة أحياناً أقوى وأحياناً أضعف.

لأن الغربة تمنحك أن تقومي بجميع الأدوار التي لم تعهديها من قبل، تقومين بدور الأم والأب والأخت والأخ والزوجة والمساعدة والسائق والمربي والمسعف والمعلم، وهذا كله معاناة حقيقية على الأم أو المغترب المسؤول جسدياً ونفسياً.

ولكن سرعان ما تتلاشى هذه الأمور بخواتم النهائيات الجميلة للمغتربين ما تعود بالأثر النافع على نفسه أولاً، ومن ثم عائلته، ومع الوقت على محيطه ومجتمعه من خلال عمله وتبادل ثقافاته السابقة معهم.

لقد تعلمت كنزاً ثميناً وهو تقبل الطرف الآخر واحترم قناعته وديانته وفكره.

خصوصاً أنني كنت في بيئة مليئة بمختلف الديانات والمذاهب والطوائف، ولم أشعر يوماً أنه كان محور اهتمام الجميع اختلاف العقائد والأديان.

فكنت أتذكر دوماً حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:

(لكم دينكم ولي دين).. فكان التركيز يحتل المركز الأول على حصيلة تعليمك ومدى وعيك الفكري وإنسانيتك.

فهذا كان درساً جيداً.

قابلية تقبل الآخر وتعلم الإنسان لتعديل آرائه وتغير قناعاته السابقة دليل على قابليته وسيره في الطريق الصحيح.

كلها كانت بالنسبة لي عالماً جديداً وضعته في دائرة سلوكيات نمط حياتي الجديد.

* مهتمة في شؤون الطفل والأسرة

w.alsuwayh@gmail.com