مطاعن جدع
مطاعن جدع




غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
أصدر الناقد مطاعن بن يحيى جدع، كتابه الأحدث (بدر بن عبدالمحسن.. حداثة ألوان وأصالة إنسان قراءة في الصورة الشعرية)، تناول فيه مختارات من الصور الشعرية المتنوعة في قصائد الأمير بدر بن عبدالمحسن، لتكون شواهد على أبرز تقسيمات الصورة الشعرية في الشعر الحديث.

وأوضح جدع أن الباعث على قراءة البدر: محبة شخصية لشاعر إنسان كان له حضوره في كل مراحل حياتنا، وعدها قراءة انطباعية تهدف إلى مشاركتها مع من يحب ويريد، وأخضع الصور المختارة لبعض المناهج بالصور في شعر الحداثة مثل انفتاح النصوص على القراءات والتأويل والتناص، مستلهماً رؤى الغذامي ومحمد مفتاح وأدونيس، وأتكأ على ذائقة شخصية مكنته من تناول الصورة الشعرية من زاوايا عدة، ويقف عند قول البدر «والله الجفا برد وقل الوفا برد» ويتساءل كيف يكون الجفا برداً؟ ويسوق ثلاث معلومات في قراءته لهذه الصورة، معلومة طبية المريض الذي كان يرتعش برداً ويطلب المزيد من التغطية على جسده بالبطانيات وحين يؤخذ إلى المستشفى ويفحصه الطبيب ليقرر أن حرارته مرتفعة جدا فيقومون بوضع الكمادات من الماء البارد والثلج في يديه وقدميه.


ثم يقرأها وفق معلومة ثانية تفيد بأنه في القطب المتجمد الشمالي إذا لم يقم الشخص بتغطية قدمه وجسمه بإحكام فإن البرد الشديد يحدث في جسمه جروحاً كمن يكوى بالنار، ويقرأها ثالثاً في معناها الإنساني فيقول: إنه في الحضارات القديمة قبل الديانات الإبراهيمية يقال إن تصور الناس لمعنى وفكرة الجحيم هو عبارة عن برد شديد، وظلام شديد. ويؤكد جدع عمق ثقافة البدر اللونية والإيقاعات البصرية في قصائده، إذ يقابل في «شيبت عيني طيوفك

وما أصدق اني اشوفك، ياللي قلبي في كفوفك نقش حنا

وفي جديلك عطر ورد».. بين لونين: الأبيض في الشيب والأحمر في الحناء، ويرى أن البدر استند إلى فهمه العميق في تشكيل هذه الصورة ويذكر التناص والإحالة إلى حزن سيدنا يعقوب على ابنه يوسف عليهما السلام وكان حاضراً لم يفارق تفكيره وإن كان عنه غائباً بجسده واشتد حزنه وأبيضت عيناه كما في الآية في سورة يوسف (وأبيضت عيناه من الحزن فهو كظيم)، هكذا تبرز المقابلة في الصورة بين البياض في شيبة عيني والاحمرار في نقش الحناء.

ولفت إلى أن البدر في صوره الشعرية يعمل على تبسيط الصورة في أسلوب صياغتها وهي العميقة في معناها، وفي قصيدة «نامت عيونك، يقول، عد النجوم اش كثرها ياللي بقلبي كثرها». والقرآن الكريم ذكر ثلاث وظائف للنجوم: زينة للسماء، وعلامات يهتدى بها، ورجوما للشياطين، فالبدر كأنه يقول في هذه الصورة: «تعالي إالى قلبي فقلبي سماء تزينه نجوم فتهدين بها لا تظلين وتضيعين وانت فيه ويحميك أيضاً»، مشيراً إلى الصورة الرمزية في قصائد الأمير بدر، واستدعاء الشاعرين الأعشى وامرئ القيس من خلال تحليل الصورة في البيت:

من ينطح الوقت الردي قلبه اعمى، كم عامر خلاه بالقاع دارس.

جاء الكتاب في 181 صفحة بحسب طبعته الأولى 2024.