لا يكفي أن تصف مدير جمعية الثقافة والفنون في محافظة جدة الشاعر محمد آل صبيح بالإداري المُميّز، وهو كذلك، فالتجربة الصحافية والإبداعية والعملية لأبي سعود صقلت الوعي، ليشعّ بريق تجلياته في مبادرات وفعاليات، وإذا كان البعض يردد مقولة «أشعل شمعة بدلاً من لعن الظلام» فهو لا يؤمن بأن هناك ظلاماً في الأصل، وبرغم ما في داخله من وجع التخلي عن مؤسسة عريقة شأن جمعية الثقافة إلا أن انتماءه للإبداع يجعله أقرب لفرقة الموسيقى في سفينة «التايتنيك»، الذين استمروا في العزف والسفينة تغرق، وهم يلفظون أنفاسهم وأيديهم على آلاتهم الموسيقية. وهنا نص حوارنا معه:
• كيف نحفظ إرث جمعية الثقافة والفنون في ذاكرة الأجيال؟
•• لقد حددت لنا «رؤية المملكة 2030» بوصلة الاتجاه الذي نسير عليه، كما حددت الإطار الذي نتحرك فيه، بقولها: «إننا نفخر بإرثنا الثقافي والتاريخي السعودي والعربي والإسلامي، وندرك أهمية المحافظة عليه لتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ القيم العربية والإسلامية الأصيلة».
وبالتالي يقتضي علينا جميعاً العمل في منظومة تكاملية لتحقيق تطلعات الرؤية العظيمة وتنزيلها على أرض الواقع والكل يدرك الدور التاريخي لجمعية الثقافة والفنون وأهمية المحافظة عليها وتطويرها ودعمها كونها الذاكرة الكبرى للثقافة السعودية التي تحمل كل ذلك الإرث العظيم الذي يجب الحفاظ عليه ليكون مصدر إلهام للأجيال.
• هل ما زالت الجمعية تعمل بنفس كفاءتها؟
•• المتأمل في مسيرة الجمعية منذ تأسيسها قبل 50 عاماً يدرك أنها كانت تعمل بكفاءة عالية لإنجاز البرامج والفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية وبمهنية وروح وطنية، حيث استطاعت الإدارات المتعاقبة للجمعية إلى وقتنا الحاضر وفي جميع فروعها المنتشرة على امتداد خارطة الوطن بث الحيوية في جسد مشهدنا الثقافي رغم الموارد المحدودة وحققت الأهداف المرجوة مع تفاوت وتباين المخرجات بشكل عام، وفي المرحلة الحالية تحديدا الجمعية تعمل بقوة دفع ذاتية تتطلب وقفة صادقة من الجميع.
• ما الذي يدفع البعض للتنكر لدور الجمعية برغم أدائها البانورامي؟
•• للنجاح أناس يُقدرون معناه، وللإبداع أُناس يحصدونه، ولا ينكر دور الجمعية المحوري إلا جاحد أو جاهل، فالخطاب الثقافي يتخذ على يد النقاد مساراً فنياً وتقنياً في كثير من الحالات، وحين يغوص أعمق يكتفي بتحليل بنية الخطاب كشفاً عن المسكوت عنه واللا مفكر فيه، وما إلى ذلك، ومع هذه الاعتبارات فإن رسالة الجمعية باعتبارها معبّرة عن هوية وظيفتها الوطنية (واضحة الملامح)، كما أن خطابها واضح الأهداف ومحدد المعاني لا يخالطه المجاز، وكل ذلك معلن عنه ونشاهده في فضاءات عملها ووسائلها وقدرها أن تتعرض للقذف من هذا وذاك.
• كيف ترى منتج الفرق الموسيقية من خلال حفلاتها داخلياً وخارجياً؟
•• يقال «إذا أردت أن تتعرف على أخلاق الشعوب استمع إلى موسيقاها»، لذلك التواصل بين الشعوب والثقافات ينبغي أن يمر عبر جسور الثقافة والفنون، والموسيقى لغة عالمية تحمل روح الإنسانية وتعبر عن التنوع والتعدد الثقافي، والمملكة غنية بتراثها وموسيقاها لها خصوصية فهي تشبهنا، والجمعية تأسست في البدايات للعناية بالموسيقى والغناء وحققت الكثير من النجاحات وكانت منصة وبوابة عبور الأغنية السعودية لتتبوأ مكانتها المتقدمة. ويجب علينا أن درك أن الموسيقى ثقافة وفن رفيع وعلم له مقوماته ونحن بحاجة ماسة إلى مراكز أبحاث ودراسات متخصصة تقوم بدورها في تقييم مشاريعنا وبرامجنا الثقافية والتنموية.
• من المعني بالمواهب الإبداعية في المناطق السعودية؟
•• رسالتنا أن نفتح للمواهب المبدعة فضاء التمكين لنحرر قدراتهم الكامنة، والجمعية حاضنة ثقافية وفنية معنية باكتشاف المواهب وتطويرها عبر فروعها الـ16، وما تقدمه من برامج وفعاليات في مقراتها أو من خلال القوافل الثقافية والفنية المتحركة التي تنصب سرادق الوعي والفرح في كل أرجاء وطننا الغالي مراعية التوازن في التخطيط لمختلف البرامج والفعاليات والمشاريع نظراً إلى تنوع الاهتمامات المتشعبة، هذا في ما يخص دورنا، وفي المقابل نتطلع إلى أن يكون لدينا تنسيق مع جميع الجهات المعنية للعمل برؤية تكاملية توحد الجهود وتجوّد المخرجات بما يحقق أهداف برنامج جودة الحياة.
• كيف نعزز موروثنا عبر برامج وفعاليات منتمية؟
•• الثقافة والفنون هما المرآة التي يرى فيها المجتمع نفسه ويتعرف عليها. وهما النافذة التي يطل العالم عبرها على المجتمع ويتعرف على روحه وملامح عبقريته، ولا يقتصر عمل الجمعية كحاضنة ثقافية وفنية على مجرد عرض وإبراز الفعاليات؛ لأنها معنية أيضاً بترسيخ قيم الاعتزاز بالموروث الشعبي والحفاظ عليه والتعريف به وتقديمه بطريقة معاصرة تحافظ على أصالته، لذلك نصبنا في مختلف الأمكنة في وطننا القارة منابر للإبداع اعتلاها المبدعون من مختلف الأجيال إيماناً منا بأن موروث أي مجتمع هو جذوره التي منها يتغذى قيماً وتقاليد وسلوكاً، كما أن فنونه هي بصمته المتميزة والتعبير المتجسّد واقعاً عن أصالته.
• ما هو الفنّ الذي نحتاج تقديمه للآخرين؟
•• ما نريد تقديمه للآخرين لا يقتصر على الفن بل نحن في مرحلة تتطلب منا إدراك ذلك الوعي المتقدم الذي يقودنا به أميرنا الملهم محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ لننخرط في أضخم عملية بناء وتنمية يشهدها العالم المعاصر تعبر عن خصوصية واقعنا وتعبر به نحو العالمية.
• لماذا غضّت بعض الجهات الطرف عن دور الجمعيات؟
•• هذا السؤال يوجه للجهات عينها، فهي التي تملك الإجابة التي لا أعتقد أنك ستجدها، ومع ذلك تظل الجمعية حامل مسك تقول ما يثري وتفعل ما يبني.
• ما الذي تحتاجه الجمعية للنهوض مجدداً؟
•• المتأمل في مشهدنا بشكل عام يجد أن معظم الجمعيات في شتى المجالات ناجحة وتحقق أهدافها وتجد الدعم والرعاية، وهناك فارق كبير بين الجمعيات الزراعية على سبيل المثال وما تحققه من نجاحات والجمعيات الثقافية بشكل عام، فالأمر لا يقتصر على جمعيات الثقافة والفنون بل يمتد إلى الجمعية التي تم تأسيسها أخيراً، ومنها جمعية الفنانين والموسيقى وغيرها، وفي تصوري يجب أن توضع معايير.
• هل بالإمكان تقديم ثقافة وفنون ريعية؟
•• كما أن الوطن يملك أكبر حقول النفط فهو يملك كذلك حقولاً إبداعية ضخمة في العديد من المجالات، ومنها الثقافة والفنون، ويمكن استثمارها وتحويلها من حالة الركود والاستكانة إلى حالة الحركة والإنتاج وبما يحقق التنمية المستدامة.
• أين وصل مشروع الموسيقى في جمعية جدة؟
•• مشروع الموسيقى في الجمعية مر بمراحل عدة عبر العقود الخمسة الماضية، وفي كل مرحلة كان يتوهج وما يلبث أن يتلاشى وينتهي، ولعل من أهم المراحل وأكثرها مهنية هو تأسيس معهد «ثقّف» عام 2018، الذي كان حدثاً استبشر به الوسط الفني، وكانت له مخرجات كبيرة ما زلنا نلمس أثرها، ولكن مع الأسف تم تحجيمه وإلغاء سجله.
• ماذا لو عاد الدعم السخيّ للجمعية في عصر التواصل الاجتماعي؟
•• اسمح لي أن أحدثك عن الفترة الذهبية للجمعية التي كانت بقيادة الدكتور عمر بن عبدالعزيز السيف، الذي استطاع أن يعقد عدة شراكات، كان من بينها الشراكة مع هيئة الثقافة قبل تكوين الوزارة، إذ انتقلت الجمعية عام ٢٠١٨ /٢٠١٩ من العجز المالي إلى أرباح بنسبة ٣٤٠٪، وكان المخطط له الاستغناء عن دعم الدولة في عام ٢٠٢١ في حال هُيئت الظروف، كما قدمت الجمعية خلال عامين ما يتجاوز 4000 فعالية تقريباً، وأحدثت حراكاً نوعياً واسع النطاق وغير مسبوق. الجمعية ليست بحاجة إلى دعم بل إلى تمكين، ومنحها الفرصة لتساهم في تقديم البرامج والفعاليات إلى جانب الشركات والمؤسسات الربحية.
• هل تعتقد أن الجمعيات يمكنها الاستمرار في العمل بعد توقف الدعم المالي؟
•• أنا على يقين أن فروع الجمعية تديرها شخصيات وطنية تتدرع بالوعي ويمكنها مواصلة العمل والعطاء وتفعيل مصطلح الفزعة الثقافية مع الخوف على بعض الفروع من عدم القدرة على دفع إيجار المقرات والوفاء بالالتزامات المالية، والمسألة تتطلب من الجهات المعنية الوقوف على الوضع الراهن للجمعية بشكل عاجل حتى لا يصل الحال إلى أن تمارس نشاطها من منازل وبيوت من يديرها. ورسالة الجمعية بكل فروعها ليست نصوصاً مغلقة تحتاج إلى قراءة ثانية وثالثة، وذلك ببساطة لأنها مؤسسة مجتمع، لها رسالتها وأهدافها ووسائلها المعلنة بشفافية، لا تعلن عن شيء وتضمر شيئاً آخر، ولها مسؤولياتها الثقافية والاجتماعية والقانونية، كشخصية اعتبارية ومنذ تأسيسها وقدرها أن تعمل وسط أجواء تضعها في تحدٍ مع نفسها ومع محيطها.
• كيف تجد تعاون الجهات الرسمية في جدة معكم؟
•• التعاون وثيق وجسر التواصل ممدود، ونجد تحفيزاً وتشجيعاً من أمير المنطقة الأمير خالد الفيصل، ونائبه الأمير سعود بن مشعل، ومحافظ جدة الأمير سعود بن جلوي الذي دائماً يحفزنا على العمل لوضع جدة في مكانها المتقدم في كتاب الثقافة السعودية، كما أننا عملنا ونعمل مع أمانة جدة وبدعم الأمين صالح التركي على كل ما يعزز رسالة الفنون في جدة، إضافة الى التعاون مع جميع الجهات الحكومية والجامعات وتبني المبادرات التي تساهم في توسيع دائرة الوعي بأهمية الثقافة والفنون ودورها في الحركة النهضوية.
• بماذا استمرت جائزة ضياء عزيز للبورتريه للعام الثامن؟
•• جائزة ضياء عزيز تعد الجائزة الوحيدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط التي تقام كل عام، وهي تحمل اسم أحد أهم رواد الحركة التشكيلية السعودية، وتقام بدعم ورعاية من ليان الثقافية، وفي كل عام لها موضوع وتقدم جوائز مالية قيمة تحفز الوسط التشكيلي على الإبداع وتفعيل لغة اللون في التعبير عن قيمنا وهويتنا، وهذا العام موضوع الجائزة الإبل، ونتطلع إلى مشاركة واسعة من التشكيليين.
• لماذا توقفت جائزة الخط العربي التي أطلقتها الجمعية؟
•• جائزة «خط من تراثنا» كانت مشروعاً يهدف إلى ترسيخ قيمة الخط العربي في المجتمع، وكانت برعاية كريمة من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وبدعم من شركة تراثنا للمسؤولية المجتمعية، وكان لها الأثر الكبير، ونأمل أن نجد الدعم الذي يتيح لنا مواصلة تقديمها.
• أطلقتم ملتقى الموسيقى.. ما هي أهدافه؟ ومتى نشهد النسخة الثانية؟
•• ملتقى الموسيقى كان من أهم الملتقيات إلى جانب ملتقى المبدعات وملتقى الفنون البصرية، وشارك فيه عازفون من عدة دول أجنبية وعربية في رسالة تؤكد أن المملكة قبلة للعالم في كل المجالات.
• لماذا توقف منتدى جدة للدراسات النقدية الذي كان يشرف عليه الدكتور سعيد السريحي في الجمعية؟
•• المنتدى من أهم المنجزات التي قادها الدكتور سعيد السريحي، والدكتور عبدالله الخطيب، وبقية الأعضاء، وما زلنا ننتظر عودتهم لمواصلة الحراك الثقافي.
• كيف نحفظ إرث جمعية الثقافة والفنون في ذاكرة الأجيال؟
•• لقد حددت لنا «رؤية المملكة 2030» بوصلة الاتجاه الذي نسير عليه، كما حددت الإطار الذي نتحرك فيه، بقولها: «إننا نفخر بإرثنا الثقافي والتاريخي السعودي والعربي والإسلامي، وندرك أهمية المحافظة عليه لتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ القيم العربية والإسلامية الأصيلة».
وبالتالي يقتضي علينا جميعاً العمل في منظومة تكاملية لتحقيق تطلعات الرؤية العظيمة وتنزيلها على أرض الواقع والكل يدرك الدور التاريخي لجمعية الثقافة والفنون وأهمية المحافظة عليها وتطويرها ودعمها كونها الذاكرة الكبرى للثقافة السعودية التي تحمل كل ذلك الإرث العظيم الذي يجب الحفاظ عليه ليكون مصدر إلهام للأجيال.
• هل ما زالت الجمعية تعمل بنفس كفاءتها؟
•• المتأمل في مسيرة الجمعية منذ تأسيسها قبل 50 عاماً يدرك أنها كانت تعمل بكفاءة عالية لإنجاز البرامج والفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية وبمهنية وروح وطنية، حيث استطاعت الإدارات المتعاقبة للجمعية إلى وقتنا الحاضر وفي جميع فروعها المنتشرة على امتداد خارطة الوطن بث الحيوية في جسد مشهدنا الثقافي رغم الموارد المحدودة وحققت الأهداف المرجوة مع تفاوت وتباين المخرجات بشكل عام، وفي المرحلة الحالية تحديدا الجمعية تعمل بقوة دفع ذاتية تتطلب وقفة صادقة من الجميع.
• ما الذي يدفع البعض للتنكر لدور الجمعية برغم أدائها البانورامي؟
•• للنجاح أناس يُقدرون معناه، وللإبداع أُناس يحصدونه، ولا ينكر دور الجمعية المحوري إلا جاحد أو جاهل، فالخطاب الثقافي يتخذ على يد النقاد مساراً فنياً وتقنياً في كثير من الحالات، وحين يغوص أعمق يكتفي بتحليل بنية الخطاب كشفاً عن المسكوت عنه واللا مفكر فيه، وما إلى ذلك، ومع هذه الاعتبارات فإن رسالة الجمعية باعتبارها معبّرة عن هوية وظيفتها الوطنية (واضحة الملامح)، كما أن خطابها واضح الأهداف ومحدد المعاني لا يخالطه المجاز، وكل ذلك معلن عنه ونشاهده في فضاءات عملها ووسائلها وقدرها أن تتعرض للقذف من هذا وذاك.
• كيف ترى منتج الفرق الموسيقية من خلال حفلاتها داخلياً وخارجياً؟
•• يقال «إذا أردت أن تتعرف على أخلاق الشعوب استمع إلى موسيقاها»، لذلك التواصل بين الشعوب والثقافات ينبغي أن يمر عبر جسور الثقافة والفنون، والموسيقى لغة عالمية تحمل روح الإنسانية وتعبر عن التنوع والتعدد الثقافي، والمملكة غنية بتراثها وموسيقاها لها خصوصية فهي تشبهنا، والجمعية تأسست في البدايات للعناية بالموسيقى والغناء وحققت الكثير من النجاحات وكانت منصة وبوابة عبور الأغنية السعودية لتتبوأ مكانتها المتقدمة. ويجب علينا أن درك أن الموسيقى ثقافة وفن رفيع وعلم له مقوماته ونحن بحاجة ماسة إلى مراكز أبحاث ودراسات متخصصة تقوم بدورها في تقييم مشاريعنا وبرامجنا الثقافية والتنموية.
• من المعني بالمواهب الإبداعية في المناطق السعودية؟
•• رسالتنا أن نفتح للمواهب المبدعة فضاء التمكين لنحرر قدراتهم الكامنة، والجمعية حاضنة ثقافية وفنية معنية باكتشاف المواهب وتطويرها عبر فروعها الـ16، وما تقدمه من برامج وفعاليات في مقراتها أو من خلال القوافل الثقافية والفنية المتحركة التي تنصب سرادق الوعي والفرح في كل أرجاء وطننا الغالي مراعية التوازن في التخطيط لمختلف البرامج والفعاليات والمشاريع نظراً إلى تنوع الاهتمامات المتشعبة، هذا في ما يخص دورنا، وفي المقابل نتطلع إلى أن يكون لدينا تنسيق مع جميع الجهات المعنية للعمل برؤية تكاملية توحد الجهود وتجوّد المخرجات بما يحقق أهداف برنامج جودة الحياة.
• كيف نعزز موروثنا عبر برامج وفعاليات منتمية؟
•• الثقافة والفنون هما المرآة التي يرى فيها المجتمع نفسه ويتعرف عليها. وهما النافذة التي يطل العالم عبرها على المجتمع ويتعرف على روحه وملامح عبقريته، ولا يقتصر عمل الجمعية كحاضنة ثقافية وفنية على مجرد عرض وإبراز الفعاليات؛ لأنها معنية أيضاً بترسيخ قيم الاعتزاز بالموروث الشعبي والحفاظ عليه والتعريف به وتقديمه بطريقة معاصرة تحافظ على أصالته، لذلك نصبنا في مختلف الأمكنة في وطننا القارة منابر للإبداع اعتلاها المبدعون من مختلف الأجيال إيماناً منا بأن موروث أي مجتمع هو جذوره التي منها يتغذى قيماً وتقاليد وسلوكاً، كما أن فنونه هي بصمته المتميزة والتعبير المتجسّد واقعاً عن أصالته.
• ما هو الفنّ الذي نحتاج تقديمه للآخرين؟
•• ما نريد تقديمه للآخرين لا يقتصر على الفن بل نحن في مرحلة تتطلب منا إدراك ذلك الوعي المتقدم الذي يقودنا به أميرنا الملهم محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ لننخرط في أضخم عملية بناء وتنمية يشهدها العالم المعاصر تعبر عن خصوصية واقعنا وتعبر به نحو العالمية.
• لماذا غضّت بعض الجهات الطرف عن دور الجمعيات؟
•• هذا السؤال يوجه للجهات عينها، فهي التي تملك الإجابة التي لا أعتقد أنك ستجدها، ومع ذلك تظل الجمعية حامل مسك تقول ما يثري وتفعل ما يبني.
• ما الذي تحتاجه الجمعية للنهوض مجدداً؟
•• المتأمل في مشهدنا بشكل عام يجد أن معظم الجمعيات في شتى المجالات ناجحة وتحقق أهدافها وتجد الدعم والرعاية، وهناك فارق كبير بين الجمعيات الزراعية على سبيل المثال وما تحققه من نجاحات والجمعيات الثقافية بشكل عام، فالأمر لا يقتصر على جمعيات الثقافة والفنون بل يمتد إلى الجمعية التي تم تأسيسها أخيراً، ومنها جمعية الفنانين والموسيقى وغيرها، وفي تصوري يجب أن توضع معايير.
• هل بالإمكان تقديم ثقافة وفنون ريعية؟
•• كما أن الوطن يملك أكبر حقول النفط فهو يملك كذلك حقولاً إبداعية ضخمة في العديد من المجالات، ومنها الثقافة والفنون، ويمكن استثمارها وتحويلها من حالة الركود والاستكانة إلى حالة الحركة والإنتاج وبما يحقق التنمية المستدامة.
• أين وصل مشروع الموسيقى في جمعية جدة؟
•• مشروع الموسيقى في الجمعية مر بمراحل عدة عبر العقود الخمسة الماضية، وفي كل مرحلة كان يتوهج وما يلبث أن يتلاشى وينتهي، ولعل من أهم المراحل وأكثرها مهنية هو تأسيس معهد «ثقّف» عام 2018، الذي كان حدثاً استبشر به الوسط الفني، وكانت له مخرجات كبيرة ما زلنا نلمس أثرها، ولكن مع الأسف تم تحجيمه وإلغاء سجله.
• ماذا لو عاد الدعم السخيّ للجمعية في عصر التواصل الاجتماعي؟
•• اسمح لي أن أحدثك عن الفترة الذهبية للجمعية التي كانت بقيادة الدكتور عمر بن عبدالعزيز السيف، الذي استطاع أن يعقد عدة شراكات، كان من بينها الشراكة مع هيئة الثقافة قبل تكوين الوزارة، إذ انتقلت الجمعية عام ٢٠١٨ /٢٠١٩ من العجز المالي إلى أرباح بنسبة ٣٤٠٪، وكان المخطط له الاستغناء عن دعم الدولة في عام ٢٠٢١ في حال هُيئت الظروف، كما قدمت الجمعية خلال عامين ما يتجاوز 4000 فعالية تقريباً، وأحدثت حراكاً نوعياً واسع النطاق وغير مسبوق. الجمعية ليست بحاجة إلى دعم بل إلى تمكين، ومنحها الفرصة لتساهم في تقديم البرامج والفعاليات إلى جانب الشركات والمؤسسات الربحية.
• هل تعتقد أن الجمعيات يمكنها الاستمرار في العمل بعد توقف الدعم المالي؟
•• أنا على يقين أن فروع الجمعية تديرها شخصيات وطنية تتدرع بالوعي ويمكنها مواصلة العمل والعطاء وتفعيل مصطلح الفزعة الثقافية مع الخوف على بعض الفروع من عدم القدرة على دفع إيجار المقرات والوفاء بالالتزامات المالية، والمسألة تتطلب من الجهات المعنية الوقوف على الوضع الراهن للجمعية بشكل عاجل حتى لا يصل الحال إلى أن تمارس نشاطها من منازل وبيوت من يديرها. ورسالة الجمعية بكل فروعها ليست نصوصاً مغلقة تحتاج إلى قراءة ثانية وثالثة، وذلك ببساطة لأنها مؤسسة مجتمع، لها رسالتها وأهدافها ووسائلها المعلنة بشفافية، لا تعلن عن شيء وتضمر شيئاً آخر، ولها مسؤولياتها الثقافية والاجتماعية والقانونية، كشخصية اعتبارية ومنذ تأسيسها وقدرها أن تعمل وسط أجواء تضعها في تحدٍ مع نفسها ومع محيطها.
• كيف تجد تعاون الجهات الرسمية في جدة معكم؟
•• التعاون وثيق وجسر التواصل ممدود، ونجد تحفيزاً وتشجيعاً من أمير المنطقة الأمير خالد الفيصل، ونائبه الأمير سعود بن مشعل، ومحافظ جدة الأمير سعود بن جلوي الذي دائماً يحفزنا على العمل لوضع جدة في مكانها المتقدم في كتاب الثقافة السعودية، كما أننا عملنا ونعمل مع أمانة جدة وبدعم الأمين صالح التركي على كل ما يعزز رسالة الفنون في جدة، إضافة الى التعاون مع جميع الجهات الحكومية والجامعات وتبني المبادرات التي تساهم في توسيع دائرة الوعي بأهمية الثقافة والفنون ودورها في الحركة النهضوية.
• بماذا استمرت جائزة ضياء عزيز للبورتريه للعام الثامن؟
•• جائزة ضياء عزيز تعد الجائزة الوحيدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط التي تقام كل عام، وهي تحمل اسم أحد أهم رواد الحركة التشكيلية السعودية، وتقام بدعم ورعاية من ليان الثقافية، وفي كل عام لها موضوع وتقدم جوائز مالية قيمة تحفز الوسط التشكيلي على الإبداع وتفعيل لغة اللون في التعبير عن قيمنا وهويتنا، وهذا العام موضوع الجائزة الإبل، ونتطلع إلى مشاركة واسعة من التشكيليين.
• لماذا توقفت جائزة الخط العربي التي أطلقتها الجمعية؟
•• جائزة «خط من تراثنا» كانت مشروعاً يهدف إلى ترسيخ قيمة الخط العربي في المجتمع، وكانت برعاية كريمة من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وبدعم من شركة تراثنا للمسؤولية المجتمعية، وكان لها الأثر الكبير، ونأمل أن نجد الدعم الذي يتيح لنا مواصلة تقديمها.
• أطلقتم ملتقى الموسيقى.. ما هي أهدافه؟ ومتى نشهد النسخة الثانية؟
•• ملتقى الموسيقى كان من أهم الملتقيات إلى جانب ملتقى المبدعات وملتقى الفنون البصرية، وشارك فيه عازفون من عدة دول أجنبية وعربية في رسالة تؤكد أن المملكة قبلة للعالم في كل المجالات.
• لماذا توقف منتدى جدة للدراسات النقدية الذي كان يشرف عليه الدكتور سعيد السريحي في الجمعية؟
•• المنتدى من أهم المنجزات التي قادها الدكتور سعيد السريحي، والدكتور عبدالله الخطيب، وبقية الأعضاء، وما زلنا ننتظر عودتهم لمواصلة الحراك الثقافي.