-A +A
عدنان المناوس
إذا أتتكَ فاغتنمْها، واقبضْ على ظلِّها بكفّيكَ، وأصخْ لهسيسِها الشفيف وهي تحكي لك عمّا كان وما سيكون. افتحْ لها القلبَ على مصراعيه، وأصخْ بكلِّ حواسِّكَ فائرةً تمورُ في لجّةِ الدهشة، وأنت قابضٌ على ظلِّها مثلَ طفلٍ حلمَ بالنجمةِ البعيدة فأدركَها.

***


اقبضْ على ظلِّها بكفّيْكَ وحدِّقْ في بلّورِها الصافي، تجدْ ذاتَكَ في فوضاها الخلاّقة، لا تُحاولْ ترتيبَها، دعْها، تبلغُ ذروةَ الجنون، ولا تحاولْ تهذيبَها، دعْها، تبلغُ ذروةَ الشطح، فليس لك إلا الاستسلامُ لرعشةِ الكشفِ وهي تدفعُ بروحِكَ نحو المُنتهى.

***

إذا أتتْكَ فاغتنمْها، وأَصخْ للإيقاع وهو يعرجُ بك تارةً ويهوي بك تارةً أخرى، وأنت قابضٌ على ظلِّها بكفّيْكَ، مُحدِّقاً بنارِها الزرقاء، مصغياً لشهوةِ الاحتراق تُطقطِقُ في عظامك.

ادفعْ بروحِكَ إلى ليلِها وانتظرْ، هناك شُهُبٌ ستحترقُ لأجلِكَ.

ادفعْ بروحِكَ وانتظرْ.. هناك نجمةٌ ستعبُرُ الليلَ كلَّه إليك.

ادفعْ بروحِكَ وانتظرْ مهما طال بك الأمد، وبلغَ اليأسُ منكَ مبلغَه. لا بدَّ من يأسٍ حتّى تصل، ولن تصلَ حتّى تنتظر، ولن تنتظرَ حتى تقبضَ على ظلِّها، ولن تقبضَ على ظلِّها حتّى تغتنمَها حين تأتيك.

***

فادفعْ.. ادفعْ بروحِكَ وانتظر.