منذ تعرّفت على الشاعر الإعلامي الصديق عبدالوهاب العريّض وأنا أراه كبيراً على المستوى المادي، كون اللحية الكثة يغلب بياضها سوادها، وعلى المستوى المعنوي بما يتمتع به من صفات تضعه في مرتبة الصديق الأول لكل من عرفه أو عاشره، بيته مُشرع الأبواب لكل قاصد، وقلبه يتدفق بسخاء الحُبِّ، وكفّه خصبة العطاء، وروحه متسامحة، ومن بين صخب الصحافة، وتأملات الشعر، ودوامات الحياة اهتبلنا سانحةً ليكون بيننا ونكون معه عبر هذا الحوار الهادئ شأن صاحبه...
• ما مرجعية هذا الهدوء الذي تتمتع به نصاً وروحاً؟
•• ربما يعود ذلك إلى البيئة الساحلية، والبنية العائلية التي نشأت بها وتربيتُ عليها، فأنا نشأت وحيداً، بين أب وأم وعلاقة متجذرة مع الجدة التي غرست في داخلي حكاياتها عن البحر، فالعائلة تعود في أصلها إلى البحرين، وموج البحر كان يلاصق البيت العائلي، إذ إن الخليج العربي يتمتع بهدوء كامل في أمواجه ولا يعرف العلو ولا الغدر ولا المفاجآت مثل المحيطات العالية التي تلتهم البيوت المحيطة بها، و ربما يعود لما درّبني عليه جدي، إذ عوّدني أن أستلقي على سطح الموجة وأجعلها تحملني معها في حالة من التيه، وعلى رأسي تتسابق غيوم عابرة، أترك جسدي للأمواج، ورأسي للغيوم تأخذني على مهل في بحورها، وكثيراً ما ينتابني التفكير في طريق العودة عقب رحلة الاستلقاء تلك، وسرعان ما أنفض غبار الرحلة، لأفكّر مجدداً في متاهة الرحلة التالية.
• متى كانت شرارة القصيدة الأولى؟ ومن المُلهمة؟
•• دعني أجاوب على الشطر الثاني في البداية، إذ إننا نربط الشعر بالمُلهمة، وربما يكون مُلهماً، أو ربما هي الشعلة التي تنير دربك وتتشبث بها، فتذهب معها حيث تنقلك نحو كتابة، ربما تمزقها مرة ومرتين وثلاث مرات، إلى أن تشعر بانعدام حاجة التكرار، فتنهض بكتابتك نحو الضفة الأخرى التي تشعرك بأنك تريد التخلص من القصيدة، كي تنطلق للقصيدة التي لم تتشكل بعد، لذا لا أعتمد الإلهام في الكتابة بل أدعه يتخمر في ذاكرتي ليتدفق كالنهر الجاري على بياض الورقة، إثر تعتّق الحروف، في نبيذ الكلمات التي تترك بقعها على دفاتري، حاملة بصمة الكتابة الأولى والثانية والثالثة.
• هل من مشروع شعري لديك تعمل عليه؟
•• المشاريع كثيرة، وما يكاد الشاعر، ينتهي من المجموعة التي طرحها، إلا و يبدأ الاستعداد للأخرى، التي لا يعلم متى تبدأ، فأنا لا أخطط كثيراً لمستقبل النشر، ولا أستعجل عليه، ربما لأنه متاح بين يدي، لذا لا أستعجل النشر ودفع ما أكتبه إلى الناشر.
• إذا كانت الإجابة بنعم، فأين بلغت منه؟
•• حينما أقدم للنشر أستطيع أن أقول إني انتهيت منه، ولكن المجموعة الثالثة مؤكد أنها لن تتأخر كثيراً.
• أي الألقاب أحبّ إليك (الشاعر، الإعلامي)؟
•• بطبعي أمقت الصفات والألقاب.
• لماذا لا يزال النص الحديث يتيماً؟
•• من قال ذلك؟ النص الحديث اليوم أصبح سيد الساحة الأدبية، وذلك بعد انتهاء سلطة الرقابة على الكتابة الإبداعية، وانتهاء المنابر التي تتعصب لنصوص دون أخرى، أصبح النص الحديث يفرض نفسه ويفرض كاتبه، إذ إننا اليوم نقرأ النص لا نقرأ اسم الكاتب فقط، وهناك المزيد من الأسماء الحديثة استطاعت أن تثبت وجودها دون «آباء»، أو نقاد لا يلتفتون إلا لتجارب الناس المقربين منهم.
النصوص الشابة والكتابة الشابة للنصوص الحديثة والقراءات النقدية «الحديثة»، وجدت لها منصات للنشر تحترم كتابتهم وتعرضها بشكل جيد، وأيضا أصبحت هناك حالة من الحضور الجديد خارج المؤسسات الرسمية التي ما زالت تكرس لأسماء لا تتغير، تجدهم حاضرين، وموزعين، ما بين المشاركات المحلية والخليجية والدولية، أسماء مكررة لا تتغير، لذا أستطيع القول إن النص الحديث لا يحتاج لاعتراف تلك المؤسسات لجودة ما يقدمون من كتابة، فهم يفرضون إبداعاتهم بما ينشرونه ويشاركون أيضاً دون وصاية من القائمين على الدعوات الرسمية في المهرجانات.
• إلى ماذا تُرجع حميمية علاقاتك الثقافية برغم حدة مزاجية البعض؟
•• العلاقات إنسانية قبل أن تكون ثقافية، وحدية المزاج نجدها في الوسط الثقافي والفني والرياضي، ولكن العلاقة كما ذكرت هي علاقة الإنسان بالإنسان، ولعل الحياة علمتني بقصرها أنها لا تستحق التعصب في الرأي، فأنت لا تستطيع «أن تغيّر ما بقوم حتى يغيّروا أنفسهم»، لذا أنا أحافظ على علاقاتي بحالة التوازن ما بين الأصدقاء، إذا إني أكره الخسارات ولكن حينما يكون الشخص متجاوزاً لحدوده وسلوكه، فأنا لا أملك سوى أن أستدير عنه بصمت، وأبتعد عنه بكل هدوء محافظاً على الخيط الرفيع والإنساني الذي يربطني به.
لذا تتسع دائرتي مع الشخصيات الحقيقية في الوسط الثقافي وليست الشخصيات المدعية للثقافة، والمتسلقة على الأكتاف، وأشبهها مثل تلك النباتات الضارة التي تحيط بالأشجار المثمرة، ويجب اقتلاعها بين الحين والآخر فهي مثل حشرات الأرض تأتي في كل المواسم.
• كيف تقرأ وفرة الوجوه الثقافية والإبداعية في المنطقة الشرقية؟
•• المنطقة الشرقية ولّادة بطبيعتها للحالة الثقافية، واحتكاك أبنائها سابقاً بدول الجوار سواء كانت العراق وسورية في المرحلة ما بين الخمسينات والسبعينات، وكذلك امتداد العلاقة في دول الجوار الخليجي، جعلت هناك تنوعاً ثقافياً خاصاً، ومع دخول مرحلة النفط وحضور «أرامكو» للحياة الاجتماعية بنت وتبنّت مسارات الوعي عبر تأسيس مفاهيم منها احترام الوقت، والعناية بالقراءة، ورفد اللغة العربية بالإنجليزية، لكل أبناء المنطقة الشرقية، ولا ننسى الامتداد التاريخي والحضارات التي مرت على المنطقة الشرقية، جعلتها مكتنزة بالوعي والثقافة والإرث الثقافي الذي يعتز بانتمائه اليوم لوطن تتسع رقعته متساوية ما بين الجنوب والشمال والشرق والغرب داخل وطن واحد اسمه المملكة العربية السعودية.
• بماذا خرجت من تجربة الإعلام.. الصحافة تحديداً؟
•• دخلت للصحافة من باب الثقافة، لكني لم أعمل في الصحافة الثقافية إلا بعد عام 1998، تعلمت الصبر على صناعة الأخبار والدخول في الروح الاستقصائية، فتحت لي آفاقاً داخل الوطن وخارجه، فكنت شغوفاً بالاكتشاف والمغامرة، عملت مع الكثير من رؤساء التحرير الحقيقيين في تسعينات القرن الماضي (هاشم عبده هاشم، سلطان البازعي، محمد الوعيل – رحمه الله –، قينان الغامدي، جاسر الجاسر) تعلمت من الراحل والصديق العزيز على قلبي مصطفى إدريس الكثير من الدروس المهنية في أن الثقافة هي وقود العمل المحلي والرياضي والسياسي.
• ما التجربة الفريدة من وجهة نظرك؟
•• أهم تجاربي كانت تغطية حرب عام 2003، إذ كنت مراسلاً حربياً معتمداً من وزارة الدفاع الأمريكية في تلك الفترة، فهي من كانت تعطينا البطاقات الصحفية بعد الوصول إلى منطقة المواجهة في الكويت قبل بدء المعارك البرية على العراق، وهذا ما جعلني أقيم في الكويت ما يقارب الشهر والنصف قبل انطلاق الحرب، والعودة مرة أخرى للعراق لعمل سلسلة من التحقيقات من بينها تغطية الجانب الإنساني السعودي في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين العراقيين في تلك المرحلة، وهذا من بين المشاريع المؤجلة، إذ لديّ كتاب يحمل ذكرى مرور 20 عاماً على سقوط صدام.
• أي التجارب قلتَ لنفسك ليتها لم تبدأ؟
•• لست من الذين يندمون على شيء فعله، أحب جميع التجارب التي دخلتها، فأنا رجل يعشق المغامرة ويرى فيها تجدداً للحياة والعطاء والجمال، فنحن دون المغامرة لا نستطيع أن نعيش.
• ما سر العلاقة المتجذرة مع الشاعر أحمد الملّا؟
•• بطبيعة الشاعر أحمد الملّا يتعامل مع الآخرين بحب، تعود معرفتنا لبعض نهاية 1988، واستمرت العلاقة تتنامى بحب، جمعتنا الكثير من مشاريع العمل، جريدة «اليوم» حينما كان مسؤولاً ثقافياً بها وكنت محرراً في الصفحات المحلية مع الراحل الأستاذ شاكر الشيخ، ثم في القسم الثقافي، والنادي الأدبي، وجمعية الثقافة والفنون، وفي معظم الفعل الثقافي الذي كان يقوم أحمد الملّا به كنت قريباً أما صديقاً أو مساهماً في بعض الأدوار. ودائماً أكررها حينما تعرف الإنسان أحمد الملّا لا تملك سوى أن تحبه.
• أين تقف من الفن التشكيلي؟
•• تبقى علاقتي بالفن التشكيلي هي علاقة المحب لهذا الفن الذي أقف على مقربة منه، لم يجرؤ قلمي على تناوله نقدياً فأنا غير مؤهل لذلك، ولكني قريب منه حد الحوار مع اللوحة والفنان، وهذا أحد مشاريعي المؤجلة أيضاً سلسلة من الحوارات التي أجريتها مع رموز الفن التشكيلي محلياً وعربياً وعالمياً، قدمت كذلك كتاباً لتجربة الدكتورة مياسة السويدي مع فن الشاي، إذ إنها كانت الأولى عالمياً التي تقدم معرضاً متكاملاً يحمل ما يقارب الـ70 عملاً فنياً، تداخلت فيها الأساطير وورق الشاي الذي كان هو سطح اللوحة التي استوحت ألوانها من الشاي فقط.
• متى ستكتب سيرتك الذاتية؟
•• حتى الآن لا أجد في سيرتي ما يستحق البوح، ولعل مشاريع العمل التي أعمل عليها في الحقل الثقافي تجعلني بعيداً عن توفير الوقت والتفكير في ما نسميه كتابة سيرة لن يقرأها أحد.
• ما مرجعية هذا الهدوء الذي تتمتع به نصاً وروحاً؟
•• ربما يعود ذلك إلى البيئة الساحلية، والبنية العائلية التي نشأت بها وتربيتُ عليها، فأنا نشأت وحيداً، بين أب وأم وعلاقة متجذرة مع الجدة التي غرست في داخلي حكاياتها عن البحر، فالعائلة تعود في أصلها إلى البحرين، وموج البحر كان يلاصق البيت العائلي، إذ إن الخليج العربي يتمتع بهدوء كامل في أمواجه ولا يعرف العلو ولا الغدر ولا المفاجآت مثل المحيطات العالية التي تلتهم البيوت المحيطة بها، و ربما يعود لما درّبني عليه جدي، إذ عوّدني أن أستلقي على سطح الموجة وأجعلها تحملني معها في حالة من التيه، وعلى رأسي تتسابق غيوم عابرة، أترك جسدي للأمواج، ورأسي للغيوم تأخذني على مهل في بحورها، وكثيراً ما ينتابني التفكير في طريق العودة عقب رحلة الاستلقاء تلك، وسرعان ما أنفض غبار الرحلة، لأفكّر مجدداً في متاهة الرحلة التالية.
• متى كانت شرارة القصيدة الأولى؟ ومن المُلهمة؟
•• دعني أجاوب على الشطر الثاني في البداية، إذ إننا نربط الشعر بالمُلهمة، وربما يكون مُلهماً، أو ربما هي الشعلة التي تنير دربك وتتشبث بها، فتذهب معها حيث تنقلك نحو كتابة، ربما تمزقها مرة ومرتين وثلاث مرات، إلى أن تشعر بانعدام حاجة التكرار، فتنهض بكتابتك نحو الضفة الأخرى التي تشعرك بأنك تريد التخلص من القصيدة، كي تنطلق للقصيدة التي لم تتشكل بعد، لذا لا أعتمد الإلهام في الكتابة بل أدعه يتخمر في ذاكرتي ليتدفق كالنهر الجاري على بياض الورقة، إثر تعتّق الحروف، في نبيذ الكلمات التي تترك بقعها على دفاتري، حاملة بصمة الكتابة الأولى والثانية والثالثة.
• هل من مشروع شعري لديك تعمل عليه؟
•• المشاريع كثيرة، وما يكاد الشاعر، ينتهي من المجموعة التي طرحها، إلا و يبدأ الاستعداد للأخرى، التي لا يعلم متى تبدأ، فأنا لا أخطط كثيراً لمستقبل النشر، ولا أستعجل عليه، ربما لأنه متاح بين يدي، لذا لا أستعجل النشر ودفع ما أكتبه إلى الناشر.
• إذا كانت الإجابة بنعم، فأين بلغت منه؟
•• حينما أقدم للنشر أستطيع أن أقول إني انتهيت منه، ولكن المجموعة الثالثة مؤكد أنها لن تتأخر كثيراً.
• أي الألقاب أحبّ إليك (الشاعر، الإعلامي)؟
•• بطبعي أمقت الصفات والألقاب.
• لماذا لا يزال النص الحديث يتيماً؟
•• من قال ذلك؟ النص الحديث اليوم أصبح سيد الساحة الأدبية، وذلك بعد انتهاء سلطة الرقابة على الكتابة الإبداعية، وانتهاء المنابر التي تتعصب لنصوص دون أخرى، أصبح النص الحديث يفرض نفسه ويفرض كاتبه، إذ إننا اليوم نقرأ النص لا نقرأ اسم الكاتب فقط، وهناك المزيد من الأسماء الحديثة استطاعت أن تثبت وجودها دون «آباء»، أو نقاد لا يلتفتون إلا لتجارب الناس المقربين منهم.
النصوص الشابة والكتابة الشابة للنصوص الحديثة والقراءات النقدية «الحديثة»، وجدت لها منصات للنشر تحترم كتابتهم وتعرضها بشكل جيد، وأيضا أصبحت هناك حالة من الحضور الجديد خارج المؤسسات الرسمية التي ما زالت تكرس لأسماء لا تتغير، تجدهم حاضرين، وموزعين، ما بين المشاركات المحلية والخليجية والدولية، أسماء مكررة لا تتغير، لذا أستطيع القول إن النص الحديث لا يحتاج لاعتراف تلك المؤسسات لجودة ما يقدمون من كتابة، فهم يفرضون إبداعاتهم بما ينشرونه ويشاركون أيضاً دون وصاية من القائمين على الدعوات الرسمية في المهرجانات.
• إلى ماذا تُرجع حميمية علاقاتك الثقافية برغم حدة مزاجية البعض؟
•• العلاقات إنسانية قبل أن تكون ثقافية، وحدية المزاج نجدها في الوسط الثقافي والفني والرياضي، ولكن العلاقة كما ذكرت هي علاقة الإنسان بالإنسان، ولعل الحياة علمتني بقصرها أنها لا تستحق التعصب في الرأي، فأنت لا تستطيع «أن تغيّر ما بقوم حتى يغيّروا أنفسهم»، لذا أنا أحافظ على علاقاتي بحالة التوازن ما بين الأصدقاء، إذا إني أكره الخسارات ولكن حينما يكون الشخص متجاوزاً لحدوده وسلوكه، فأنا لا أملك سوى أن أستدير عنه بصمت، وأبتعد عنه بكل هدوء محافظاً على الخيط الرفيع والإنساني الذي يربطني به.
لذا تتسع دائرتي مع الشخصيات الحقيقية في الوسط الثقافي وليست الشخصيات المدعية للثقافة، والمتسلقة على الأكتاف، وأشبهها مثل تلك النباتات الضارة التي تحيط بالأشجار المثمرة، ويجب اقتلاعها بين الحين والآخر فهي مثل حشرات الأرض تأتي في كل المواسم.
• كيف تقرأ وفرة الوجوه الثقافية والإبداعية في المنطقة الشرقية؟
•• المنطقة الشرقية ولّادة بطبيعتها للحالة الثقافية، واحتكاك أبنائها سابقاً بدول الجوار سواء كانت العراق وسورية في المرحلة ما بين الخمسينات والسبعينات، وكذلك امتداد العلاقة في دول الجوار الخليجي، جعلت هناك تنوعاً ثقافياً خاصاً، ومع دخول مرحلة النفط وحضور «أرامكو» للحياة الاجتماعية بنت وتبنّت مسارات الوعي عبر تأسيس مفاهيم منها احترام الوقت، والعناية بالقراءة، ورفد اللغة العربية بالإنجليزية، لكل أبناء المنطقة الشرقية، ولا ننسى الامتداد التاريخي والحضارات التي مرت على المنطقة الشرقية، جعلتها مكتنزة بالوعي والثقافة والإرث الثقافي الذي يعتز بانتمائه اليوم لوطن تتسع رقعته متساوية ما بين الجنوب والشمال والشرق والغرب داخل وطن واحد اسمه المملكة العربية السعودية.
• بماذا خرجت من تجربة الإعلام.. الصحافة تحديداً؟
•• دخلت للصحافة من باب الثقافة، لكني لم أعمل في الصحافة الثقافية إلا بعد عام 1998، تعلمت الصبر على صناعة الأخبار والدخول في الروح الاستقصائية، فتحت لي آفاقاً داخل الوطن وخارجه، فكنت شغوفاً بالاكتشاف والمغامرة، عملت مع الكثير من رؤساء التحرير الحقيقيين في تسعينات القرن الماضي (هاشم عبده هاشم، سلطان البازعي، محمد الوعيل – رحمه الله –، قينان الغامدي، جاسر الجاسر) تعلمت من الراحل والصديق العزيز على قلبي مصطفى إدريس الكثير من الدروس المهنية في أن الثقافة هي وقود العمل المحلي والرياضي والسياسي.
• ما التجربة الفريدة من وجهة نظرك؟
•• أهم تجاربي كانت تغطية حرب عام 2003، إذ كنت مراسلاً حربياً معتمداً من وزارة الدفاع الأمريكية في تلك الفترة، فهي من كانت تعطينا البطاقات الصحفية بعد الوصول إلى منطقة المواجهة في الكويت قبل بدء المعارك البرية على العراق، وهذا ما جعلني أقيم في الكويت ما يقارب الشهر والنصف قبل انطلاق الحرب، والعودة مرة أخرى للعراق لعمل سلسلة من التحقيقات من بينها تغطية الجانب الإنساني السعودي في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين العراقيين في تلك المرحلة، وهذا من بين المشاريع المؤجلة، إذ لديّ كتاب يحمل ذكرى مرور 20 عاماً على سقوط صدام.
• أي التجارب قلتَ لنفسك ليتها لم تبدأ؟
•• لست من الذين يندمون على شيء فعله، أحب جميع التجارب التي دخلتها، فأنا رجل يعشق المغامرة ويرى فيها تجدداً للحياة والعطاء والجمال، فنحن دون المغامرة لا نستطيع أن نعيش.
• ما سر العلاقة المتجذرة مع الشاعر أحمد الملّا؟
•• بطبيعة الشاعر أحمد الملّا يتعامل مع الآخرين بحب، تعود معرفتنا لبعض نهاية 1988، واستمرت العلاقة تتنامى بحب، جمعتنا الكثير من مشاريع العمل، جريدة «اليوم» حينما كان مسؤولاً ثقافياً بها وكنت محرراً في الصفحات المحلية مع الراحل الأستاذ شاكر الشيخ، ثم في القسم الثقافي، والنادي الأدبي، وجمعية الثقافة والفنون، وفي معظم الفعل الثقافي الذي كان يقوم أحمد الملّا به كنت قريباً أما صديقاً أو مساهماً في بعض الأدوار. ودائماً أكررها حينما تعرف الإنسان أحمد الملّا لا تملك سوى أن تحبه.
• أين تقف من الفن التشكيلي؟
•• تبقى علاقتي بالفن التشكيلي هي علاقة المحب لهذا الفن الذي أقف على مقربة منه، لم يجرؤ قلمي على تناوله نقدياً فأنا غير مؤهل لذلك، ولكني قريب منه حد الحوار مع اللوحة والفنان، وهذا أحد مشاريعي المؤجلة أيضاً سلسلة من الحوارات التي أجريتها مع رموز الفن التشكيلي محلياً وعربياً وعالمياً، قدمت كذلك كتاباً لتجربة الدكتورة مياسة السويدي مع فن الشاي، إذ إنها كانت الأولى عالمياً التي تقدم معرضاً متكاملاً يحمل ما يقارب الـ70 عملاً فنياً، تداخلت فيها الأساطير وورق الشاي الذي كان هو سطح اللوحة التي استوحت ألوانها من الشاي فقط.
• متى ستكتب سيرتك الذاتية؟
•• حتى الآن لا أجد في سيرتي ما يستحق البوح، ولعل مشاريع العمل التي أعمل عليها في الحقل الثقافي تجعلني بعيداً عن توفير الوقت والتفكير في ما نسميه كتابة سيرة لن يقرأها أحد.