أكد مدير أكاديمية الشعر العربي الدكتور منصور الحارثي، في حوار مع «عكاظ»، أن إطلاق اسم الشعر العربي على عام 2023
تذكير بمنجزنا الشعريّ الخالد وتشجيع للشعراء على السير قدماً ليواصل اللاحق مسيرة السابق وتظلّ المملكة منارة للأدب ومركزاً لبناء الحضارة ورقيّ الإنسان. وأوضح أن تخصيص عام الشعر يجذّر الهوية الثقافية للناشئة ويطلعهم على خصوصيات هذا الفنّ ويهذّب ذائقتهم. مشدداً على أنّ الشعر العربيّ باقٍ ما بقي الإنسان العربيّ، فهو جزء من هويّتنا، والعالم التقني بقدر ما أغرقنا في تفاصيله بقدر ما خدم الشعر العربيّ، فالمبدعون قد استثمروا آليات وفضاءات التواصل الاجتماعي. وتابع الحارثي: إن المقارنة بين شعراء من عصور مختلفة لا تؤتي أكلها ولا تستقيم. فشعراء العصر الجاهليّ تفاعلوا مع بيئتهم الطبيعيّة.. فإلى الحوار:
• ماذا يعني لمدير أكاديمية الشعر العربي الدكتور منصور الحارثي، إطلاق اسم الشعر العربي على عام 2023؟
•• يحمل في طيّاته الكثير من المعاني والدّلالات، يعني أوّلاً أنّ المملكة تحتفي بالشّعر في مهده الأوّل على الأرض التي انطلقت منها الحركة الأدبيّة إلى العالم. يعني أنّ توجّه بلادنا نحو العالميّة ليس توجّهاً اعتباطيّاً وإنّما مدروس، إذ يجمع بين البحث عن الرقي العلمي ومواكبة التطور التقنيّ وبين الجوانب الفنيّة الأدبيّة التي تضرب بجذورها في تاريخ مملكتنا العريق، فالشعر جزء من هويّتنا والشّعر مكوّن اساسيّ من مكوّنات ذائقتنا الأدبيّة وهو جزء من شخصيّة الإنسان السعوديّ خصوصاً والعربيّ عموماً. ولطالما كان شعرنا العربيّ خلاصة تجاربنا المتنوعة ووعاء لروافد ثقافتنا العربيّة الإسلاميّة فهو يختزن تاريخنا في مختلف جوانبه ويخلّد قيمنا ويروي للعالمين قصّة فنّ قوليّ حافلة بالإبداعات.
إنّ جعل هذا العام عاماً للشعر العربيّ، هو لفتة إلى تاريخنا الأدبيّ ولفت الأنظار إليه وتذكير بمنجزنا الشعريّ الخالد ووفاء لمبدعينا الراحلين، وتشجيع للشعراء على السير قدماً ليواصل اللاحق مسيرة السابق وتظلّ مملكتنا منارة للأدب ومركزاً لبناء الحضارة ورقيّ الإنسان.
بصمة في الذاكرة
• ماذا أعددتم من برامج وفعاليات وأنشطة للاحتفاء بهذا المسمى؟
•• أكاديميّة الشّعر العربي تسعى دائماً لتكون في مستوى الفعاليات التي تنظّمها سلطاتنا، وسبّاقة لبذل كلّ ما في وسعها لإنجاح كلّ الفعاليّات المتعلّقة بمجال تخصّصها ونعني الشعر العربيّ، وفي هذا المضمار، أعددنا برامج خاصّة بالأكاديميّة وأخرى بالشّراكة مع هيئة الأدب والنشر والترجمة ونطمح من خلالها لأن نكون في مستوى الحدث، وأن يترك هذا العام بصمة في ذاكرة المشهد الثقافيّ السعوديّ والعربيّ، وسنعلن قريباً عن برنامجنا التفصيليّ للبرامج التي وضعناها ونتطلّع من خلالها إلى التعريف بالشعر السعوديّ والعربي وتسليط الأضواء عليه وإيلائه ما يستحقّ من فعاليّات تجعل عام 2023 عام الشعر والشعراء بامتياز.
التصدي لحركة التغريب
• الشعر العربي يعد أهمّ مكونات الثقافة العربية؛ كون الشعر العربي هو المتصدر للمحافل الادبية والثقافية.. برأيك ماذا ستضيف للشعر العربي هذه التسمية وهذا الاحتفاء؟ وهل سيؤثر ذلك في الارتقاء بالذائقة الشعرية في الشعوب العربية؟
•• لهذه التّسمية وهذا الاحتفاء بعد رمزيّ بالأساس، فالشعر -كما تفضّلت- هو من أهمّ مكوّنات الثقافة العربيّة، لذلك فالاحتفاء بالشعر احتفاء بالهويّة وتأصيل للذائقة العربيّة وتذكير للأجيال الحالية بماضيها الحضاري والثقافيّ، فتخصيص عام للشعر العربي، بما يصاحبه من فعاليات، مهمّ بالنسبة إلى الناشئة خصوصاً، إذ يجذّرهم في هويّتهم الثقافيّة ويطلعهم على خصوصيات هذا الفنّ ويهذّب ذائقتهم ويساهم في التصدّي لحركة التغريب التي يعيشونها في عصر هيمنة الثقافات الأخرى بإغراءاتها الكثيرة والمتنوّعة.
إنّي أكاد أجزم أنّ هذا العام يرفع تحدّي مصالحة الأجيال الجديدة مع ماضيها العريق وعودة بها إلى الأصول وتشجيع للشباب الموهوبين على تنمية قدراتهم وطاقاتهم الإبداعيّة وجعلهم يكتشفون ما للشعر من أثر في تشييد الحضارة وتخليد الأمم ويدركون أنّ الشعر سبيل إلى بناء الذات وصون الإنسان.
باقٍ بقاء الإنسان
• في ظل العالم التقني و«السوشل ميديا»، هل ترى خطورة على الشعر العربي وبقاءه متصدراً المحافل في المستقبل؟
•• أنا ممّن يؤمنون أنّ الشعر العربيّ باقٍ ما بقي الإنسان العربيّ، فهو -كما أسلفت- جزء من هويّتنا، وأرى أنّ العالم التقني بقدر ما أغرقنا في تفاصيله بقدر ما خدم الشعر العربيّ، فالمبدعون قد استثمروا آلياته وفضاءات «السوشل ميديا» ليضعوا لأنفسهم موطئ قدم فيها، وقد نجحوا إلى حدّ كبير في تسخيرها للتعريف بشعرهم ولعقد الجلسات الأدبية والنقديّة الافتراضيّة ولتوسيع قاعدة جمهورهم.
حضور «مناسباتي» فقط
• هل ترى أن وسائل الإعلام المختلفة أعطت الشعر العربي حقه في وسائلها؟ وما المطلوب والمأمول منها في هذا العام؟
•• إذا استثنينا القنوات الثقافيّة المتخصّصة، فإنّ حضور الشّعر في وسائل الإعلام يكاد يكون «مناسباتيّاً»، ونحن نأمل أن تواكب وسائل الإعلام المختلفة هذا الحدث المهمّ من خلال تطويع برمجتها لتكثيف المادة الإعلاميّة المخصّصة للشعر العربي بشكل عام، ولشعرنا السعودي بشكل خاصّ؛ قديمه وحديثه، فصيحه وعاميّه.
الحاضنة الأولى للناشئة
• كيف لنا أن نرسخ أهمية الشعر العربي للجيل الحالي عن طريق مدارس التعليم العام في مشاريع تتبناها وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الثقافة؟
•• المدارس هي الحاضنة الأولى للناشئة، وهي الفضاء الأهم الذي يتلقون فيه أساسيّات ثقافتهم، ولهذا فمسؤوليتها في ترسيخ أهمية الشعر العربي مهمّة وكبيرة، في قاعات الدرس يتعرّف الطلاب إلى تراثهم الشعري الثرّ ويتذوّقون فيها جماليّاته ويتعلّمون فيها القيم الأصيلة التي توارثناها جيلاً بعد جيل. وإنّنا نشجّع على عقد شراكات بين وزارتي الثقافة التعليم من أجل تنفيذ برامج مشتركة تستهدف طلّاب المدارس بمختلف مستوياتهم وتوجّه لهم مساحات لـ«الثقافة الشعريّة»، ولقاءات مع الشعراء، وحصص خاصة بالشعر العربيّ وبالإلقاء المعبّر للقصائد المختلفة، وتشركهم في اختيار الفعاليات حتى ينخرط الأطفال والشباب بفاعليّة في عام الشعر العربي وتتحقق منه الإفادة المرجوّة الموجّهة إلى فئتهم العمريّة والتعليميّة.
• كيف يرى مدير أكاديمية الشعر العربي الفرق بين الشعراء الحاليين وشعراء العصر الجاهلي وصدر الإسلام والشعر الأموي والعباسي إلى آخره من الحقب الزمنية المختلفة؟
•• أعتبر أنّ لكلّ عصر مبدعيه من شعراء وغيرهم، وكما أنّ الإنسان -على حدّ قول علماء الاجتماع- ابن بيئته، فإنّ الشاعر -وهو المتميّز عن غيره برهافة إحساسه- نتاج طبيعيّ لخصوصيات العصر الذي يحيا فيه، ولذلك فإنّ المقارنة بين شعراء من عصور مختلفة لا تؤتي أكلها ولا تستقيم. فشعراء العصر الجاهليّ تفاعلوا مع بيئتهم الطبيعيّة والثقافيّة والنفسيّة والقيميّة فأنتجوا لنا قصائد معبّرة عن خصائص عصرهم، وانخرط شعراء صدر الإسلام في الجدل الدينيّ وفي الدعوة إلى الإسلام فكان شعرهم صدى لزمانهم، وهكذا سار الشعر مع الإنسان العربيّ في حركته في الجغرافيا وفي التاريخ فتطوّر وانفتح على الثقافات المختلفة التي انضمت إلى الحضارة الإسلاميّة وتفاعل معها وعرف الازدهار والانحطاط، مسايراً في ذلك أيضا نبض الحياة الإنسانية التي لا تستقرّ على حال.. وهو الآن متفاعل مع الآداب العالميّة فنتحدّث اليوم مثلاً عن قصيدة الومضة المعروفة بـ«الهايكو» اليابانيّة المنشأ.
وبناء على ما تقدّم، فالمقارنة بين شعراء العصور المختلفة تهضم حقوق الشعراء، ولكن بدل ذلك يمكن -كما بيّنت باقتضاب شديد- أن نتحدّث عن مسار الشعر العربي، وعن الروافد التي تنضاف إليه في كلّ عصر، وعن الأشكال الجديدة التي يتّخذها في كلّ محطّة من محطات تاريخه الطويل، إنّه كائن حيّ متجدّد وهذا ما يشكّل سرّ خلوده.
تذكير بمنجزنا الشعريّ الخالد وتشجيع للشعراء على السير قدماً ليواصل اللاحق مسيرة السابق وتظلّ المملكة منارة للأدب ومركزاً لبناء الحضارة ورقيّ الإنسان. وأوضح أن تخصيص عام الشعر يجذّر الهوية الثقافية للناشئة ويطلعهم على خصوصيات هذا الفنّ ويهذّب ذائقتهم. مشدداً على أنّ الشعر العربيّ باقٍ ما بقي الإنسان العربيّ، فهو جزء من هويّتنا، والعالم التقني بقدر ما أغرقنا في تفاصيله بقدر ما خدم الشعر العربيّ، فالمبدعون قد استثمروا آليات وفضاءات التواصل الاجتماعي. وتابع الحارثي: إن المقارنة بين شعراء من عصور مختلفة لا تؤتي أكلها ولا تستقيم. فشعراء العصر الجاهليّ تفاعلوا مع بيئتهم الطبيعيّة.. فإلى الحوار:
• ماذا يعني لمدير أكاديمية الشعر العربي الدكتور منصور الحارثي، إطلاق اسم الشعر العربي على عام 2023؟
•• يحمل في طيّاته الكثير من المعاني والدّلالات، يعني أوّلاً أنّ المملكة تحتفي بالشّعر في مهده الأوّل على الأرض التي انطلقت منها الحركة الأدبيّة إلى العالم. يعني أنّ توجّه بلادنا نحو العالميّة ليس توجّهاً اعتباطيّاً وإنّما مدروس، إذ يجمع بين البحث عن الرقي العلمي ومواكبة التطور التقنيّ وبين الجوانب الفنيّة الأدبيّة التي تضرب بجذورها في تاريخ مملكتنا العريق، فالشعر جزء من هويّتنا والشّعر مكوّن اساسيّ من مكوّنات ذائقتنا الأدبيّة وهو جزء من شخصيّة الإنسان السعوديّ خصوصاً والعربيّ عموماً. ولطالما كان شعرنا العربيّ خلاصة تجاربنا المتنوعة ووعاء لروافد ثقافتنا العربيّة الإسلاميّة فهو يختزن تاريخنا في مختلف جوانبه ويخلّد قيمنا ويروي للعالمين قصّة فنّ قوليّ حافلة بالإبداعات.
إنّ جعل هذا العام عاماً للشعر العربيّ، هو لفتة إلى تاريخنا الأدبيّ ولفت الأنظار إليه وتذكير بمنجزنا الشعريّ الخالد ووفاء لمبدعينا الراحلين، وتشجيع للشعراء على السير قدماً ليواصل اللاحق مسيرة السابق وتظلّ مملكتنا منارة للأدب ومركزاً لبناء الحضارة ورقيّ الإنسان.
بصمة في الذاكرة
• ماذا أعددتم من برامج وفعاليات وأنشطة للاحتفاء بهذا المسمى؟
•• أكاديميّة الشّعر العربي تسعى دائماً لتكون في مستوى الفعاليات التي تنظّمها سلطاتنا، وسبّاقة لبذل كلّ ما في وسعها لإنجاح كلّ الفعاليّات المتعلّقة بمجال تخصّصها ونعني الشعر العربيّ، وفي هذا المضمار، أعددنا برامج خاصّة بالأكاديميّة وأخرى بالشّراكة مع هيئة الأدب والنشر والترجمة ونطمح من خلالها لأن نكون في مستوى الحدث، وأن يترك هذا العام بصمة في ذاكرة المشهد الثقافيّ السعوديّ والعربيّ، وسنعلن قريباً عن برنامجنا التفصيليّ للبرامج التي وضعناها ونتطلّع من خلالها إلى التعريف بالشعر السعوديّ والعربي وتسليط الأضواء عليه وإيلائه ما يستحقّ من فعاليّات تجعل عام 2023 عام الشعر والشعراء بامتياز.
التصدي لحركة التغريب
• الشعر العربي يعد أهمّ مكونات الثقافة العربية؛ كون الشعر العربي هو المتصدر للمحافل الادبية والثقافية.. برأيك ماذا ستضيف للشعر العربي هذه التسمية وهذا الاحتفاء؟ وهل سيؤثر ذلك في الارتقاء بالذائقة الشعرية في الشعوب العربية؟
•• لهذه التّسمية وهذا الاحتفاء بعد رمزيّ بالأساس، فالشعر -كما تفضّلت- هو من أهمّ مكوّنات الثقافة العربيّة، لذلك فالاحتفاء بالشعر احتفاء بالهويّة وتأصيل للذائقة العربيّة وتذكير للأجيال الحالية بماضيها الحضاري والثقافيّ، فتخصيص عام للشعر العربي، بما يصاحبه من فعاليات، مهمّ بالنسبة إلى الناشئة خصوصاً، إذ يجذّرهم في هويّتهم الثقافيّة ويطلعهم على خصوصيات هذا الفنّ ويهذّب ذائقتهم ويساهم في التصدّي لحركة التغريب التي يعيشونها في عصر هيمنة الثقافات الأخرى بإغراءاتها الكثيرة والمتنوّعة.
إنّي أكاد أجزم أنّ هذا العام يرفع تحدّي مصالحة الأجيال الجديدة مع ماضيها العريق وعودة بها إلى الأصول وتشجيع للشباب الموهوبين على تنمية قدراتهم وطاقاتهم الإبداعيّة وجعلهم يكتشفون ما للشعر من أثر في تشييد الحضارة وتخليد الأمم ويدركون أنّ الشعر سبيل إلى بناء الذات وصون الإنسان.
باقٍ بقاء الإنسان
• في ظل العالم التقني و«السوشل ميديا»، هل ترى خطورة على الشعر العربي وبقاءه متصدراً المحافل في المستقبل؟
•• أنا ممّن يؤمنون أنّ الشعر العربيّ باقٍ ما بقي الإنسان العربيّ، فهو -كما أسلفت- جزء من هويّتنا، وأرى أنّ العالم التقني بقدر ما أغرقنا في تفاصيله بقدر ما خدم الشعر العربيّ، فالمبدعون قد استثمروا آلياته وفضاءات «السوشل ميديا» ليضعوا لأنفسهم موطئ قدم فيها، وقد نجحوا إلى حدّ كبير في تسخيرها للتعريف بشعرهم ولعقد الجلسات الأدبية والنقديّة الافتراضيّة ولتوسيع قاعدة جمهورهم.
حضور «مناسباتي» فقط
• هل ترى أن وسائل الإعلام المختلفة أعطت الشعر العربي حقه في وسائلها؟ وما المطلوب والمأمول منها في هذا العام؟
•• إذا استثنينا القنوات الثقافيّة المتخصّصة، فإنّ حضور الشّعر في وسائل الإعلام يكاد يكون «مناسباتيّاً»، ونحن نأمل أن تواكب وسائل الإعلام المختلفة هذا الحدث المهمّ من خلال تطويع برمجتها لتكثيف المادة الإعلاميّة المخصّصة للشعر العربي بشكل عام، ولشعرنا السعودي بشكل خاصّ؛ قديمه وحديثه، فصيحه وعاميّه.
الحاضنة الأولى للناشئة
• كيف لنا أن نرسخ أهمية الشعر العربي للجيل الحالي عن طريق مدارس التعليم العام في مشاريع تتبناها وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الثقافة؟
•• المدارس هي الحاضنة الأولى للناشئة، وهي الفضاء الأهم الذي يتلقون فيه أساسيّات ثقافتهم، ولهذا فمسؤوليتها في ترسيخ أهمية الشعر العربي مهمّة وكبيرة، في قاعات الدرس يتعرّف الطلاب إلى تراثهم الشعري الثرّ ويتذوّقون فيها جماليّاته ويتعلّمون فيها القيم الأصيلة التي توارثناها جيلاً بعد جيل. وإنّنا نشجّع على عقد شراكات بين وزارتي الثقافة التعليم من أجل تنفيذ برامج مشتركة تستهدف طلّاب المدارس بمختلف مستوياتهم وتوجّه لهم مساحات لـ«الثقافة الشعريّة»، ولقاءات مع الشعراء، وحصص خاصة بالشعر العربيّ وبالإلقاء المعبّر للقصائد المختلفة، وتشركهم في اختيار الفعاليات حتى ينخرط الأطفال والشباب بفاعليّة في عام الشعر العربي وتتحقق منه الإفادة المرجوّة الموجّهة إلى فئتهم العمريّة والتعليميّة.
• كيف يرى مدير أكاديمية الشعر العربي الفرق بين الشعراء الحاليين وشعراء العصر الجاهلي وصدر الإسلام والشعر الأموي والعباسي إلى آخره من الحقب الزمنية المختلفة؟
•• أعتبر أنّ لكلّ عصر مبدعيه من شعراء وغيرهم، وكما أنّ الإنسان -على حدّ قول علماء الاجتماع- ابن بيئته، فإنّ الشاعر -وهو المتميّز عن غيره برهافة إحساسه- نتاج طبيعيّ لخصوصيات العصر الذي يحيا فيه، ولذلك فإنّ المقارنة بين شعراء من عصور مختلفة لا تؤتي أكلها ولا تستقيم. فشعراء العصر الجاهليّ تفاعلوا مع بيئتهم الطبيعيّة والثقافيّة والنفسيّة والقيميّة فأنتجوا لنا قصائد معبّرة عن خصائص عصرهم، وانخرط شعراء صدر الإسلام في الجدل الدينيّ وفي الدعوة إلى الإسلام فكان شعرهم صدى لزمانهم، وهكذا سار الشعر مع الإنسان العربيّ في حركته في الجغرافيا وفي التاريخ فتطوّر وانفتح على الثقافات المختلفة التي انضمت إلى الحضارة الإسلاميّة وتفاعل معها وعرف الازدهار والانحطاط، مسايراً في ذلك أيضا نبض الحياة الإنسانية التي لا تستقرّ على حال.. وهو الآن متفاعل مع الآداب العالميّة فنتحدّث اليوم مثلاً عن قصيدة الومضة المعروفة بـ«الهايكو» اليابانيّة المنشأ.
وبناء على ما تقدّم، فالمقارنة بين شعراء العصور المختلفة تهضم حقوق الشعراء، ولكن بدل ذلك يمكن -كما بيّنت باقتضاب شديد- أن نتحدّث عن مسار الشعر العربي، وعن الروافد التي تنضاف إليه في كلّ عصر، وعن الأشكال الجديدة التي يتّخذها في كلّ محطّة من محطات تاريخه الطويل، إنّه كائن حيّ متجدّد وهذا ما يشكّل سرّ خلوده.