يفد الحجاج إلى بلاد الحرمين من نحو 200 دولة، ومن الدولة الواحدة يمكن أن ترد إلى الديار المقدسة أطياف ثقافية متنوعة، وعادات، وتقاليد، ما يحيل مشهد الثقافة في الحج إلى نهر تصب فيه خُلجان وفُلجان ليتلاقى ويتلاقح باحثاً عن مصب يحتويه، وراصد يوثقه، كون وحدة المسلمين ليست في الشعائر بل تتجاوزها إلى المشاعر والتفكير والتفاعل وتعضيد الروابط والأواصر، ولعلنا كنا نجد في ندوة الحج ما يشفي بعض غليل الظمأ، ويروي بعض الصدى، إلا أن توقفها أفقد نهر الركن الخامس مصبه. وبطرح سؤال: كيف يمكن تفعيل الدور الثقافي في الحج ليكون موسم عبادة وإبداع؟ جاءت ردود المثقفين في هذا التحقيق، وهنا نصها:
إذ عدّ الشاعر أحمد آل مجثِّل؛ الحج شعيرة دينية في المقام الأول باعتباره الركن الخامس للإسلام؛ لمن استطاع إليه سبيلاً، ولا يغفل الجوانب الأخرى للحج كونه موسماً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، ويراه رافداً مهماً في توثيق ثقافة بلدان الحجيج ومسيرة الرحّالة والمؤرخين؛ لهذه الشعيرة الذين يفدون «من كل فجٍّ عميق»، مشيراً إلى أنه منذ نحو 50 عاماً كانت تقام «ندوة الحج الكبرى» بتنظيمٍ من وزارة الحج، وترعاها أيضاً رابطة العالم الإسلامي، وتُسخِّر لها أكفأ العلماء والكتاب والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي والمفكرين المقيمين في دول غير إسلامية من أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا. ويذهب آل مجثل إلى أن التأثير الثقافي لهذا الموسم كبير، إذ يحضر ضيوف الرحمن من مختلف اللغات والثقافات ويمثلون أطياف التنوع الفكري، ويجلب الحجاج معهم كثيراً من صناعاتهم التقليدية؛ إما لبيعها أو لتقديمها هدايا لضيوف الرحمن، أو إبقائها بجوار بيت الله الحرام، أو استبدالها بالمقابل مما يحملونه معهم في طريق عودتهم إلى بلادهم؛ باعتبارها ذكرى ديار مقدسة.
وأضاف: من الضروري إدراك هذه القيمة والأهمية للدور الثقافي والحضاري للحج في نفوس ضيوف الرحمن وكذلك في تدوين هذه الوحدة الربانية والرحلة الإيمانية للنسك والشعائر، التي يتكبّد معها ضيوف الرحمن عناء السفر وبالذات من يستقلون عربات النقل البري التقليدية ويستغرق سفرهم وقتاً طويلاً، خصوصاً أولئك الذين يفدون من شرق أوروبا وروسيا عبر هذه الحافلات ويقطعون المسافات الطويلة براً وبحراً ومن خلال «عبّارات» النقل البحري، ما يستلزم توثيق وتدوين الرحلة إلى أشرف البقاع «ذهاباً وعودةً»، وما تشتمل عليه من الاختلافات المتنوعة في جغرافية الأمكنة، وتاريخ الطرق، وتعدد ثقافات السالكين وتقاليدهم وأفكارهم، ما يؤسس لوثائقية الحياة المسلمة بكل تفاصيلها في كل البلدان.
وترى الناقدة الدكتورة سميرة الكناني، أن الحج تظاهرة دينية، فكرية، اجتماعية، ثقافية من النوع المميز الذي تلتقي فيه الثقافات، وتتآلف الأمم من جميع بقاع المعمورة، ما يوحي بتجمّع تتلاقح فيه الأفكار وتتقارب المشاعر وتتعزز الصلات وتتحد التوجهات. ودعت إلى الإفادة من هذه التظاهرة ثقافياً بشكل مرتب له ومعّد مسبقًا وليس اجتهاداً، كونه توجد لقاءات مرتب لها لكافة القطاعات الوزارية، مدنية كانت أو عسكرية، فجميل أن يكون هناك لقاء ثقافي، وجميل أيضاً ألا يقتصر على مثقفي المملكة العربية السعودية، بل يتم استقطاب كل من له علاقة بالثقافة من قريب أو بعيد ممن كتب الله له أداء مناسك الحج، ويكون اللقاء به وبغيره من المثقفين فرصة لولادة أفكار ثقافية تسهم في تطوير جوانب ثقافية وأدبية عدة ليس في الوطن العربي فحسب، بل على مستوى العالم كله. وأضافت: حبذا لو كانت هذه اللقاءات قبل الشروع في مناسك الحج أو بعده بترتيب يتم الاتفاق عليه مسبقاً ليحقق الأهداف المرجوة منه، ويتم الاتفاق على كيفية تنفيذ المقترحات المطروحة، والتوصيات، لتتمثل لاحقاً على أرض الواقع عبر أقنية ثقافية، وأدبية، ومبادرات شبابية. وتطلعت الكناني لعقد لقاءات ومؤتمرات وندوات ثقافية في جدة ومكة والمدينة والطائف، وتقييم تلك الفعاليات الثقافية المنفذة وتطويرها بما يخدم الثقافة والأدب والفن ويعلي شأنها ويمنحها الحضور الذي تستحقه أسوة ببقية المجالات، ومسارات الحج.
فيما ذهب الشاعر اليمني محيي الدين علي إلى أنه يجدر بالجهات المعنية بالتفويج، وتسيير شؤون الحج، تفهم طبيعة التعامل مع السمات الثقافية المتعددة لبلدان وجنسيات المسلمين الوافدين للأراضي المقدسة، بغرض الحج، وجعل السبل والعوامل والخدمات مهيأة بشكل بدهي وطبيعي لتصب في خدمة معطيات عدة. ويرى ضرورة النأي عن أي مزاج تعسفي للبعض خارج إطار اللوائح المنظمة لطبيعة التسيير، ليشعر الوافدون من الحجيج بجماليات التنظيم وتناغمه مع قيم المناسبة التي لها مكانة خاصة في العرفان والروحانية. وتطلّع لأن تضع الجهة التي تقوم بدور ثقافي في اعتباراتها، أن طبيعة الحج ليس مجرد مناسبة شعائرية، أو منفعية اقتصادية، أو معطى ديني فحسب، وإنما قيمة روحانية تكتسي بقداسة أمكنتها ومزاراتها، في كل ركن أو زاوية وموضع لأداء الشعائر. وعدّ خصوصية الحج أوسع من كل بُعد وطني لأي بلد أو جهة، بقدر ما يمثّل من قيمة عليا للمواطنة واتحاد الإنسان وروحه تحت سقف الرحمن. وتوقع أن تتحلى ثقافة المسيرين للحج بأفق التعايش الإنساني مع مختلف طيف الحجيج.
إذ عدّ الشاعر أحمد آل مجثِّل؛ الحج شعيرة دينية في المقام الأول باعتباره الركن الخامس للإسلام؛ لمن استطاع إليه سبيلاً، ولا يغفل الجوانب الأخرى للحج كونه موسماً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، ويراه رافداً مهماً في توثيق ثقافة بلدان الحجيج ومسيرة الرحّالة والمؤرخين؛ لهذه الشعيرة الذين يفدون «من كل فجٍّ عميق»، مشيراً إلى أنه منذ نحو 50 عاماً كانت تقام «ندوة الحج الكبرى» بتنظيمٍ من وزارة الحج، وترعاها أيضاً رابطة العالم الإسلامي، وتُسخِّر لها أكفأ العلماء والكتاب والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي والمفكرين المقيمين في دول غير إسلامية من أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا. ويذهب آل مجثل إلى أن التأثير الثقافي لهذا الموسم كبير، إذ يحضر ضيوف الرحمن من مختلف اللغات والثقافات ويمثلون أطياف التنوع الفكري، ويجلب الحجاج معهم كثيراً من صناعاتهم التقليدية؛ إما لبيعها أو لتقديمها هدايا لضيوف الرحمن، أو إبقائها بجوار بيت الله الحرام، أو استبدالها بالمقابل مما يحملونه معهم في طريق عودتهم إلى بلادهم؛ باعتبارها ذكرى ديار مقدسة.
وأضاف: من الضروري إدراك هذه القيمة والأهمية للدور الثقافي والحضاري للحج في نفوس ضيوف الرحمن وكذلك في تدوين هذه الوحدة الربانية والرحلة الإيمانية للنسك والشعائر، التي يتكبّد معها ضيوف الرحمن عناء السفر وبالذات من يستقلون عربات النقل البري التقليدية ويستغرق سفرهم وقتاً طويلاً، خصوصاً أولئك الذين يفدون من شرق أوروبا وروسيا عبر هذه الحافلات ويقطعون المسافات الطويلة براً وبحراً ومن خلال «عبّارات» النقل البحري، ما يستلزم توثيق وتدوين الرحلة إلى أشرف البقاع «ذهاباً وعودةً»، وما تشتمل عليه من الاختلافات المتنوعة في جغرافية الأمكنة، وتاريخ الطرق، وتعدد ثقافات السالكين وتقاليدهم وأفكارهم، ما يؤسس لوثائقية الحياة المسلمة بكل تفاصيلها في كل البلدان.
وترى الناقدة الدكتورة سميرة الكناني، أن الحج تظاهرة دينية، فكرية، اجتماعية، ثقافية من النوع المميز الذي تلتقي فيه الثقافات، وتتآلف الأمم من جميع بقاع المعمورة، ما يوحي بتجمّع تتلاقح فيه الأفكار وتتقارب المشاعر وتتعزز الصلات وتتحد التوجهات. ودعت إلى الإفادة من هذه التظاهرة ثقافياً بشكل مرتب له ومعّد مسبقًا وليس اجتهاداً، كونه توجد لقاءات مرتب لها لكافة القطاعات الوزارية، مدنية كانت أو عسكرية، فجميل أن يكون هناك لقاء ثقافي، وجميل أيضاً ألا يقتصر على مثقفي المملكة العربية السعودية، بل يتم استقطاب كل من له علاقة بالثقافة من قريب أو بعيد ممن كتب الله له أداء مناسك الحج، ويكون اللقاء به وبغيره من المثقفين فرصة لولادة أفكار ثقافية تسهم في تطوير جوانب ثقافية وأدبية عدة ليس في الوطن العربي فحسب، بل على مستوى العالم كله. وأضافت: حبذا لو كانت هذه اللقاءات قبل الشروع في مناسك الحج أو بعده بترتيب يتم الاتفاق عليه مسبقاً ليحقق الأهداف المرجوة منه، ويتم الاتفاق على كيفية تنفيذ المقترحات المطروحة، والتوصيات، لتتمثل لاحقاً على أرض الواقع عبر أقنية ثقافية، وأدبية، ومبادرات شبابية. وتطلعت الكناني لعقد لقاءات ومؤتمرات وندوات ثقافية في جدة ومكة والمدينة والطائف، وتقييم تلك الفعاليات الثقافية المنفذة وتطويرها بما يخدم الثقافة والأدب والفن ويعلي شأنها ويمنحها الحضور الذي تستحقه أسوة ببقية المجالات، ومسارات الحج.
فيما ذهب الشاعر اليمني محيي الدين علي إلى أنه يجدر بالجهات المعنية بالتفويج، وتسيير شؤون الحج، تفهم طبيعة التعامل مع السمات الثقافية المتعددة لبلدان وجنسيات المسلمين الوافدين للأراضي المقدسة، بغرض الحج، وجعل السبل والعوامل والخدمات مهيأة بشكل بدهي وطبيعي لتصب في خدمة معطيات عدة. ويرى ضرورة النأي عن أي مزاج تعسفي للبعض خارج إطار اللوائح المنظمة لطبيعة التسيير، ليشعر الوافدون من الحجيج بجماليات التنظيم وتناغمه مع قيم المناسبة التي لها مكانة خاصة في العرفان والروحانية. وتطلّع لأن تضع الجهة التي تقوم بدور ثقافي في اعتباراتها، أن طبيعة الحج ليس مجرد مناسبة شعائرية، أو منفعية اقتصادية، أو معطى ديني فحسب، وإنما قيمة روحانية تكتسي بقداسة أمكنتها ومزاراتها، في كل ركن أو زاوية وموضع لأداء الشعائر. وعدّ خصوصية الحج أوسع من كل بُعد وطني لأي بلد أو جهة، بقدر ما يمثّل من قيمة عليا للمواطنة واتحاد الإنسان وروحه تحت سقف الرحمن. وتوقع أن تتحلى ثقافة المسيرين للحج بأفق التعايش الإنساني مع مختلف طيف الحجيج.