حاول المؤرخ بالكتابة أن يوثّق الحدث القابل للنسيان، ويحيله إلى أثر لا يفنى، والتاريخ لا يمزح، بل ربما يجرح، وكل حقبة جديرة بالاحتفاظ بها في زمن لاحق فهي تاريخ، وتظهر في أزمنة انتقال من مرحلة نعرفها إلى أخرى لا نزال نجهلها.
يتخيل البعض التاريخ زمناً مضى، وانقضى، ويراه البعض مكاناً كان عامراً بالناس والأحداث، ويراه البعض كل ما سبق من زمان ومكان وإنسان، وليست العبرة بنفخ الروح في الرميم ليعود الموات حياً، إنما استذكار ما جرى واستلهام الدروس والعبر لكي لا يعيد التاريخ نفسه.
ولعل زمن الصورة التوثيقية والأفلام الوثائقية ألقى بظلاله على تاريخنا، وأصبح التلفزيوني الواقعي أكثر خياليةً مما كنا نقرأه في تاريخ مكتوب أو شفوي يتجاوز أحياناً إطار الأسطرة، ما يدفعنا للتساؤل عن مستقبل التدوين التاريخي والتوثيق الكتابي ومدى جدواه في زمن الصورة والتوثيق الحركي (للصوت والشخص والزمن والمكان). ويرى المفكر العربي الدكتور عبدالله العروي، أنه يصعب تحديد مفهوم التاريخ الشفوي بسبب الخلط المستمر بين مسائل متعلقة، بالماضي والتاريخ، وأخرى مرتبطة بالحاضر والإثنولوجيا. وأضاف العروي؛ لكي يستقيم كلامنا في هذا الموضوع لا بد أن نميز بين شؤون مختلفة: منها البحث عن أصول مروية لنصوص مكتوبة منذ قرون عدة مثل ملحمة هوميروس، أو الشعر الجاهلي، وهذا ميدان واسع يصول فيه ويجول مؤرخو ونقاد الآداب، إضافةً إلى تدوين الأدب الشعبي، وذاك يختص به الفولكلوريون، ولهم فيه مقاصد ومناهج معروفة، وتسجيل أخبار مجتمع لا يعرف، أو لم يعرف الكتابة إلا أخيرا، وهو ما يحصل اليوم في مناطق كثيرة من أفريقيا، وتسجيل الشهادة الفورية على واقعة ما، وهذا هو التاريخ اللحظي، تاریخ الصحافيين، والذي يقال عنه إنه يزودنا بالمعنى المضمن في ما جرى، كما عاشه صاحبه، وقبل أن يتحول إلى شيء آخر بسبب التأطير، ورواية أستاذ التاريخ في قاعة الدرس أمام التلاميذ والطلبة، إذ القاعة بمثابة حلقة، والأستاذ في مقام الراوي، موضحاً أننا في كل هذه الحالات أمام موقف واحد: راوية يروي وحوله جمع من الناس يسمعون ويسجلون في ذاكرتهم أو على الورق أو على الشريط.. وتساءل: هل الظروف والأهداف واحدة؟ إذا أجبنا بنعم دخلنا میداناً ملغوماً لا يمكن أن نخرج منه سالمين.
وأكد العروي أننا لم نعد نرى المشكلات التي تخص المؤرخ، عندما يعمد إلى استغلال المرويات الشفوية، ولا بد أن نفرق بين الراوي المكلف داخل مجتمع ما بالمحافظة على أخبار، ويكون بمثابة المؤرخ الرسمي لجماعة لا تعرف الكتابة أو لا تحتاج إليها، وشاهد على حوادث يحكي مذكراته بعد فترة قد تطول أو تقصر، مشيراً إلى أنه يجب أن نميّز على الأقل بين الرواية الشفوية، التي تمثل التاريخ وكل التاريخ، والرواية التي ليست إلا إحدى شواهده. لذا، عندما نقابل التاريخ الشفوي والتاريخ المكتوب، فإننا لا نعني بالعبارة الثانية كل مروية مسجلة بالحروف: فالرواية تبقى كذلك حتى في صورة المكتوب إذا سجلت بأمانة. إننا نضع الصيغة المكتوبة اعتماداً على المرویات مقابل تلك التي تكتب اعتمادا على الوثيقة المعاصرة للحدث، ونعني بالخبر الوصف الشفوي للواقعة، والتاريخ بالخبر، في اصطلاحنا، هو تاریخ الأحداث المبني على المرويات المتوارثة شفويا جيلا عن جيل، ويمثل هذا النوع جزءا كبيرا من مراجع المؤرخين إلى يومنا هذا.
يتخيل البعض التاريخ زمناً مضى، وانقضى، ويراه البعض مكاناً كان عامراً بالناس والأحداث، ويراه البعض كل ما سبق من زمان ومكان وإنسان، وليست العبرة بنفخ الروح في الرميم ليعود الموات حياً، إنما استذكار ما جرى واستلهام الدروس والعبر لكي لا يعيد التاريخ نفسه.
ولعل زمن الصورة التوثيقية والأفلام الوثائقية ألقى بظلاله على تاريخنا، وأصبح التلفزيوني الواقعي أكثر خياليةً مما كنا نقرأه في تاريخ مكتوب أو شفوي يتجاوز أحياناً إطار الأسطرة، ما يدفعنا للتساؤل عن مستقبل التدوين التاريخي والتوثيق الكتابي ومدى جدواه في زمن الصورة والتوثيق الحركي (للصوت والشخص والزمن والمكان). ويرى المفكر العربي الدكتور عبدالله العروي، أنه يصعب تحديد مفهوم التاريخ الشفوي بسبب الخلط المستمر بين مسائل متعلقة، بالماضي والتاريخ، وأخرى مرتبطة بالحاضر والإثنولوجيا. وأضاف العروي؛ لكي يستقيم كلامنا في هذا الموضوع لا بد أن نميز بين شؤون مختلفة: منها البحث عن أصول مروية لنصوص مكتوبة منذ قرون عدة مثل ملحمة هوميروس، أو الشعر الجاهلي، وهذا ميدان واسع يصول فيه ويجول مؤرخو ونقاد الآداب، إضافةً إلى تدوين الأدب الشعبي، وذاك يختص به الفولكلوريون، ولهم فيه مقاصد ومناهج معروفة، وتسجيل أخبار مجتمع لا يعرف، أو لم يعرف الكتابة إلا أخيرا، وهو ما يحصل اليوم في مناطق كثيرة من أفريقيا، وتسجيل الشهادة الفورية على واقعة ما، وهذا هو التاريخ اللحظي، تاریخ الصحافيين، والذي يقال عنه إنه يزودنا بالمعنى المضمن في ما جرى، كما عاشه صاحبه، وقبل أن يتحول إلى شيء آخر بسبب التأطير، ورواية أستاذ التاريخ في قاعة الدرس أمام التلاميذ والطلبة، إذ القاعة بمثابة حلقة، والأستاذ في مقام الراوي، موضحاً أننا في كل هذه الحالات أمام موقف واحد: راوية يروي وحوله جمع من الناس يسمعون ويسجلون في ذاكرتهم أو على الورق أو على الشريط.. وتساءل: هل الظروف والأهداف واحدة؟ إذا أجبنا بنعم دخلنا میداناً ملغوماً لا يمكن أن نخرج منه سالمين.
وأكد العروي أننا لم نعد نرى المشكلات التي تخص المؤرخ، عندما يعمد إلى استغلال المرويات الشفوية، ولا بد أن نفرق بين الراوي المكلف داخل مجتمع ما بالمحافظة على أخبار، ويكون بمثابة المؤرخ الرسمي لجماعة لا تعرف الكتابة أو لا تحتاج إليها، وشاهد على حوادث يحكي مذكراته بعد فترة قد تطول أو تقصر، مشيراً إلى أنه يجب أن نميّز على الأقل بين الرواية الشفوية، التي تمثل التاريخ وكل التاريخ، والرواية التي ليست إلا إحدى شواهده. لذا، عندما نقابل التاريخ الشفوي والتاريخ المكتوب، فإننا لا نعني بالعبارة الثانية كل مروية مسجلة بالحروف: فالرواية تبقى كذلك حتى في صورة المكتوب إذا سجلت بأمانة. إننا نضع الصيغة المكتوبة اعتماداً على المرویات مقابل تلك التي تكتب اعتمادا على الوثيقة المعاصرة للحدث، ونعني بالخبر الوصف الشفوي للواقعة، والتاريخ بالخبر، في اصطلاحنا، هو تاریخ الأحداث المبني على المرويات المتوارثة شفويا جيلا عن جيل، ويمثل هذا النوع جزءا كبيرا من مراجع المؤرخين إلى يومنا هذا.