تجنّد رابطة العالم الإسلامي كافة كوادرها البشرية، وتوظف قدراتها المادية والمعنوية، لتفنيد نظرية الصراع الحضاري، والتصدي لخطابات الكراهية، بالدعوة للتعايش والتعاون بين نحو 7 مليارات إنسان من أتباع الأديان والثقافات، ما يقيم جداراً عازلاً بين الواقع المحتّم للتواصل والتفاعل الإيجابي، وبين ماضٍ أشاعت فيه النخب السلبية أصوات الكراهية والنفور، ورفعت شعارات الصدام والصراع الحضاري، ما رسّخ فرضية انعدام إمكانية الحوار بين التنوُّع الديني والثقافي.
وتستلهم وثيقة مكة مبادئ العهد النبوي، وما عُرف بصحيفة المدينة المنورة، التي أصدرها النبي صلى الله عليه وسلم قبل 14 قرناً، متضمنةً القِيم الإيمانية الداعية إلى المساواة والعدل وحرية العقيدة، وترسيخ التعايش والوئام بين أتباع الثقافات والأديان.
وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى أن الإسلام اعتنى بكُلِّ «قِيْمةٍ أخلاقيةٍ»، من شأنها أن تعزز السلام والوئام الإيجابيَّ بين الجميع، في ظل احترام الإسلام لسنة الاختلاف، والتنوع والتعدد، مما هو فطرة إلهية حتمية، لا يجادل فيها إلاَّ مكابرٌ، ومعاند للحقيقة ولمُسَلَّمة لتدبير الإلهي الحكيم: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ».
ولفت العيسى خلال مشاركاته في مناسبات أممية ودينية أن الإسلام احترم الجنس البشري، وأكد كرامة الإنسان، ودعا إلى البِرّ والإحسان انطلاقاً من قوله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا»، ويربأ القرآن بمشاعر المسلمين عن الحيف والجور مع المخالف والمختلف أيّاً كان دينُه أو فكره أو عرقه أو لونه، قال تعالى:«لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ».
وأوضح العيسى أن كتاب المسلمين وخطاب الإسلام يقوم على العناية بوَحْدَة النوع البشري، وأهمية رابطة الأُسرة والأُخوَّة الإنسانية الواحدة، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، وهذه المعطيات الرئيسة في دين الإسلام تؤكد الآصرة الإنسانية، وما يجب لها من حفظ سلامها واستقرارها، وتعزيز تفاهمها وتعاونها، فبالحكمة التي تُمَثّل هدياً إسلامياً رفيعاً يكون الحوار، ويكون التفاهُمُ والتعاون، بل والمحبةُ الإنسانيةُ التي لا بد أن تحوط الجميعَ، وتشملهم بنفحاتِ أُنْسها وتآلفها.
وعدّ العيسى مبدأ التعايُشِ في الإسلام راسخاً في التاريخ، ومحفوظاً بالسيرة المحمدية العَطِرة، ومدوناً في وثيقةٍ دستورية عالمية، هي وثيقة: «المدينة المنورة»، التي أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم، وتضمنت أرقى القيم المدنية، التي حَفظت الحقوق والحريات المشروعة، وركزت على الإخاء الإنساني، واحترام وجود التنوع الديني، في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا عدّها غير المسلمين، فضلاً عن أهل الإسلام، من أعظم المواثيق الإنسانية، لتتبعها إثر 1400 عام وثيقة مكة المكرمة التي صدرت من القبلة الجامعة للمسلمين (الكعبة المشرفة)، في الـ24 من شهر رمضان المبارك لعام 1440هـ ووقعها أكثر من 1200 مفتٍ وعالم وأكثر من 4500 مفكرٍ إسلامي، يُمثلون 27 مذهباً وطائفة، تحت مظلة: «رابطةِ العالم الإسلامي»، في أول ملتقىً جامع لكافة التنوُّع المذهبي الإسلامي «عبر التاريخ الإسلامي»، بل وفي أول وئام متكامل للتنوع المذهبي عقب تشكل المذاهب الإسلامية.
وشددت الوثيقة على أن البشر باختلاف مكوناتهم ينتمون إلى أصل واحد وأنهم متساوون في إنسانيتهم، مستدلين بقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»، فالجميع يشمله التكريم الإلهي، والكل ملزم بالاعتراف بالاختلاف بين الشعوب والأمم في معتقداتهم وثقافاتهم وطبائعهم وطرائقِ تفكيرهم كونه قدراً إلهياً قضت به حكمةُ الله البالغة، وسنة كونية، ما يُحتّم التعامل معها بمنطقِ العقل والحكمة للوصول إلى الوئام والسلام الإنساني.
ولا ريب أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبَرِّر الصراعَ والصدام بل يستدعي إقامةَ شَرَاكةٍ حضاريةٍ إيجابية وتواصلاً فاعلاً يجعل من التنوُّعِ جسراً للحوار والتفاهم والتعاوُن لمصلحة الجميع، ويَحْفِزُ على التنافُس في خدمة الإنسان وإسعادِه، والبحثِ عن المشتركات الجامعةِ واستثمارِها في بناءِ دَولة المواطنة الشاملة المبنية على القيم والعدل والحُريات المشروعة وتبادُل الاحترام ومحبة الخير للجميع، خصوصاً أن أصل الأديان السماوية واحد وهو الإيمان بالله سبحانه إيماناً يُوَحِّده جل وعلا لا شريك له، وأن شرائعها ومناهجها متعددة ولا يجوز الربطُ بين الدين والممارسات السياسية الخاطئة لأيٍّ من المنتسبين إليه.
وترى الوثيقة أن الحوار الحضاري أفضلُ السبل للتفاهُم السويِّ مع الآخر والتعرُّفِ على المُشتركات معه، وتجاوُزِ معوقات التعايش، والتغلب على المشكلات ذوات الصلة ما يفيد في الاعتراف الفاعل بالآخر، وبحقه في الوجود وسائر حقوقه المشروعة، مع تحقيق العدالة والتفاهُم بين الفرقاء بما يُعزز احترام خصوصياتهم ويتجاوز الأحكام المسبقة المحملة بعداوات التاريخ، التي صعدت من مجازفات الكراهية، ونظرية المؤامرة، والتعميم الخاطئ لشذوذات المواقف والتصرفات، مع التأكيد على أن التاريخ في ذمة أصحابه، ولا تزر وازرة وزر أخرى، أياً كانت فصول التاريخ المستدعاة، وعلى أي دين أو فكر أو سياسة أو قومية حُسبت، قال تعالى: «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، وقال تعالى: «قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى».
ومدت رابطة العالم الإسلامي جسور التعايُش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات، ودعت لحتمية التعاوُن وتعزيزِ الأخوة الإنسانية المشتركة، وترسيخ المبدأ على أرض الواقع من خلال مبادرات عملية، ولقاءات حوارية فعالة، وإسهامات مباشرة في حل بعض المشكلات القائمة على خلفية حيثيات دينية أو عرقية، وسعت لتعميق أواصر التفاهم والتعاون والثقة المتبادلة بين أتباع الأديان الثقافات، ونفّذت برامجَ عمليةٍ فعالة، ووجّهت النداءات المعلنة حول العالم لتعزيز مبدأ الاندماج الوطني الإيجابي في بلدان التنوع الديني والإثني.
واختار «منتدى الأديان الدولي 2022» المقام في تكساس الأمريكية الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى ضيف شرف، وعدّه من الحلفاء غير العاديين الذين يبنون معاً مجتمعات مزدهرة.
وفي كلمته التقديمية لضيف الشرف، قال القائد الإنجيلي بوب روبرت: «نسعد أن يكون الدكتور العيسى في ضيافة المنتدى العام، وهو الشخصية الدينية الدولية الأشهر في العالم الإسلامي، بقيادته لمنظمة تمثل الشعوب الإسلامية كافة، ومقرها مكة المكرمة، وهو الشخصية التي نقشت اسمها في ميدان صناعة السلام العالمي، وبناء الجسور بين الأديان والثقافات والحضارات». وأضاف: «إن الدكتور العيسى هو صوت معتدل قوي يحتاجه عالمنا اليوم في مواجهة أصوات الكراهية والعنصرية والتطرُّف، بما له من ثقل كبير في العالم الإسلامي، ومن تأثير قوي على الساحة الدولية».
وأكد شعوره بالفخر للشراكة القوية مع رابطة العالم الإسلامي بقيادة الدكتور العيسى في مسيرتها الأخيرة المميزة لإرساء التعايش المجتمعي والسلام العالمي، وأن نعمل معاً جنباً إلى جنب في ردم الفجوات السلبية بين أتباع الديانات والثقافات، ولا سيما خطاب الكراهية والعنصرية والتعصُّب، التي يروجها المتطرفون والمتعصبون ودعاة الصدام.
لافتاً إلى أن مثل هذه القيادة الاستثنائية وبهذه الجهود المشتركة «هي ما يمنحنا الأمل دائماً في تخطي أزمات الواقع، والتطلع إلى مستقبل أفضل لعالمنا، تجمعنا فيه المحبة والمصالح المشتركة وإرادة الخير لمجتمعاتنا الإنسانية». وأشاد بـ«وثيقة مكة المكرمة» التي قدَّمت أنموذجاً مختلفاً في نقل صورة الإسلام الحضارية للعالم، وما تضمنته من بنود ترسي أسس العدل وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية الشاملة.
وتستلهم وثيقة مكة مبادئ العهد النبوي، وما عُرف بصحيفة المدينة المنورة، التي أصدرها النبي صلى الله عليه وسلم قبل 14 قرناً، متضمنةً القِيم الإيمانية الداعية إلى المساواة والعدل وحرية العقيدة، وترسيخ التعايش والوئام بين أتباع الثقافات والأديان.
وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى أن الإسلام اعتنى بكُلِّ «قِيْمةٍ أخلاقيةٍ»، من شأنها أن تعزز السلام والوئام الإيجابيَّ بين الجميع، في ظل احترام الإسلام لسنة الاختلاف، والتنوع والتعدد، مما هو فطرة إلهية حتمية، لا يجادل فيها إلاَّ مكابرٌ، ومعاند للحقيقة ولمُسَلَّمة لتدبير الإلهي الحكيم: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ».
ولفت العيسى خلال مشاركاته في مناسبات أممية ودينية أن الإسلام احترم الجنس البشري، وأكد كرامة الإنسان، ودعا إلى البِرّ والإحسان انطلاقاً من قوله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا»، ويربأ القرآن بمشاعر المسلمين عن الحيف والجور مع المخالف والمختلف أيّاً كان دينُه أو فكره أو عرقه أو لونه، قال تعالى:«لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ».
وأوضح العيسى أن كتاب المسلمين وخطاب الإسلام يقوم على العناية بوَحْدَة النوع البشري، وأهمية رابطة الأُسرة والأُخوَّة الإنسانية الواحدة، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، وهذه المعطيات الرئيسة في دين الإسلام تؤكد الآصرة الإنسانية، وما يجب لها من حفظ سلامها واستقرارها، وتعزيز تفاهمها وتعاونها، فبالحكمة التي تُمَثّل هدياً إسلامياً رفيعاً يكون الحوار، ويكون التفاهُمُ والتعاون، بل والمحبةُ الإنسانيةُ التي لا بد أن تحوط الجميعَ، وتشملهم بنفحاتِ أُنْسها وتآلفها.
وعدّ العيسى مبدأ التعايُشِ في الإسلام راسخاً في التاريخ، ومحفوظاً بالسيرة المحمدية العَطِرة، ومدوناً في وثيقةٍ دستورية عالمية، هي وثيقة: «المدينة المنورة»، التي أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم، وتضمنت أرقى القيم المدنية، التي حَفظت الحقوق والحريات المشروعة، وركزت على الإخاء الإنساني، واحترام وجود التنوع الديني، في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا عدّها غير المسلمين، فضلاً عن أهل الإسلام، من أعظم المواثيق الإنسانية، لتتبعها إثر 1400 عام وثيقة مكة المكرمة التي صدرت من القبلة الجامعة للمسلمين (الكعبة المشرفة)، في الـ24 من شهر رمضان المبارك لعام 1440هـ ووقعها أكثر من 1200 مفتٍ وعالم وأكثر من 4500 مفكرٍ إسلامي، يُمثلون 27 مذهباً وطائفة، تحت مظلة: «رابطةِ العالم الإسلامي»، في أول ملتقىً جامع لكافة التنوُّع المذهبي الإسلامي «عبر التاريخ الإسلامي»، بل وفي أول وئام متكامل للتنوع المذهبي عقب تشكل المذاهب الإسلامية.
وشددت الوثيقة على أن البشر باختلاف مكوناتهم ينتمون إلى أصل واحد وأنهم متساوون في إنسانيتهم، مستدلين بقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»، فالجميع يشمله التكريم الإلهي، والكل ملزم بالاعتراف بالاختلاف بين الشعوب والأمم في معتقداتهم وثقافاتهم وطبائعهم وطرائقِ تفكيرهم كونه قدراً إلهياً قضت به حكمةُ الله البالغة، وسنة كونية، ما يُحتّم التعامل معها بمنطقِ العقل والحكمة للوصول إلى الوئام والسلام الإنساني.
ولا ريب أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبَرِّر الصراعَ والصدام بل يستدعي إقامةَ شَرَاكةٍ حضاريةٍ إيجابية وتواصلاً فاعلاً يجعل من التنوُّعِ جسراً للحوار والتفاهم والتعاوُن لمصلحة الجميع، ويَحْفِزُ على التنافُس في خدمة الإنسان وإسعادِه، والبحثِ عن المشتركات الجامعةِ واستثمارِها في بناءِ دَولة المواطنة الشاملة المبنية على القيم والعدل والحُريات المشروعة وتبادُل الاحترام ومحبة الخير للجميع، خصوصاً أن أصل الأديان السماوية واحد وهو الإيمان بالله سبحانه إيماناً يُوَحِّده جل وعلا لا شريك له، وأن شرائعها ومناهجها متعددة ولا يجوز الربطُ بين الدين والممارسات السياسية الخاطئة لأيٍّ من المنتسبين إليه.
وترى الوثيقة أن الحوار الحضاري أفضلُ السبل للتفاهُم السويِّ مع الآخر والتعرُّفِ على المُشتركات معه، وتجاوُزِ معوقات التعايش، والتغلب على المشكلات ذوات الصلة ما يفيد في الاعتراف الفاعل بالآخر، وبحقه في الوجود وسائر حقوقه المشروعة، مع تحقيق العدالة والتفاهُم بين الفرقاء بما يُعزز احترام خصوصياتهم ويتجاوز الأحكام المسبقة المحملة بعداوات التاريخ، التي صعدت من مجازفات الكراهية، ونظرية المؤامرة، والتعميم الخاطئ لشذوذات المواقف والتصرفات، مع التأكيد على أن التاريخ في ذمة أصحابه، ولا تزر وازرة وزر أخرى، أياً كانت فصول التاريخ المستدعاة، وعلى أي دين أو فكر أو سياسة أو قومية حُسبت، قال تعالى: «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، وقال تعالى: «قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى».
ومدت رابطة العالم الإسلامي جسور التعايُش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات، ودعت لحتمية التعاوُن وتعزيزِ الأخوة الإنسانية المشتركة، وترسيخ المبدأ على أرض الواقع من خلال مبادرات عملية، ولقاءات حوارية فعالة، وإسهامات مباشرة في حل بعض المشكلات القائمة على خلفية حيثيات دينية أو عرقية، وسعت لتعميق أواصر التفاهم والتعاون والثقة المتبادلة بين أتباع الأديان الثقافات، ونفّذت برامجَ عمليةٍ فعالة، ووجّهت النداءات المعلنة حول العالم لتعزيز مبدأ الاندماج الوطني الإيجابي في بلدان التنوع الديني والإثني.
واختار «منتدى الأديان الدولي 2022» المقام في تكساس الأمريكية الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى ضيف شرف، وعدّه من الحلفاء غير العاديين الذين يبنون معاً مجتمعات مزدهرة.
وفي كلمته التقديمية لضيف الشرف، قال القائد الإنجيلي بوب روبرت: «نسعد أن يكون الدكتور العيسى في ضيافة المنتدى العام، وهو الشخصية الدينية الدولية الأشهر في العالم الإسلامي، بقيادته لمنظمة تمثل الشعوب الإسلامية كافة، ومقرها مكة المكرمة، وهو الشخصية التي نقشت اسمها في ميدان صناعة السلام العالمي، وبناء الجسور بين الأديان والثقافات والحضارات». وأضاف: «إن الدكتور العيسى هو صوت معتدل قوي يحتاجه عالمنا اليوم في مواجهة أصوات الكراهية والعنصرية والتطرُّف، بما له من ثقل كبير في العالم الإسلامي، ومن تأثير قوي على الساحة الدولية».
وأكد شعوره بالفخر للشراكة القوية مع رابطة العالم الإسلامي بقيادة الدكتور العيسى في مسيرتها الأخيرة المميزة لإرساء التعايش المجتمعي والسلام العالمي، وأن نعمل معاً جنباً إلى جنب في ردم الفجوات السلبية بين أتباع الديانات والثقافات، ولا سيما خطاب الكراهية والعنصرية والتعصُّب، التي يروجها المتطرفون والمتعصبون ودعاة الصدام.
لافتاً إلى أن مثل هذه القيادة الاستثنائية وبهذه الجهود المشتركة «هي ما يمنحنا الأمل دائماً في تخطي أزمات الواقع، والتطلع إلى مستقبل أفضل لعالمنا، تجمعنا فيه المحبة والمصالح المشتركة وإرادة الخير لمجتمعاتنا الإنسانية». وأشاد بـ«وثيقة مكة المكرمة» التي قدَّمت أنموذجاً مختلفاً في نقل صورة الإسلام الحضارية للعالم، وما تضمنته من بنود ترسي أسس العدل وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية الشاملة.