أقبلتُ على حياة والديَّ، آخر إخوتي، بعثت لهم فرحةً، أملاً وعوضاً، هكذا كانوا يظنون بل ويتمنون.
طرقتُ باب ضلع أبي وفتحت لي أمي بطنها بعدما ما نال الحزن والكدر ما نال منهم، بعدما فجعوا بوفاة إخوتي، أتوا إليّ إخوتي، إلى السماء، كُتب لنا أن نتقابل في زرقة السماء، جلبوا معهم رائحة لم أشمّ مثلها هنا أبداً، إنها رائحة والديَّ، وقبل أن أنزل إلى الإرض طمعتُ في أخذ نصيبي من متعة عتاب الإخوة وقلت لهم: ناشدتكم الذي أنتم ذاهبون إليه، أليس ثقيلاً ما تتركونه لي وتذهبون؟ كيف أصبح لهم أنتم؟! بل كيف سأقوم بتضميد جراح هذه الرائحة؟! قلتها.. ونزلت باكياً مستشعراً صعوبة مهمتي.
ذبح أبي عشرين خروفاً وأطعم مئة مسكين.. لا يأبي لا، لا تبالغ بفرحتك، أنا لست كما تظن.
قامت أمي بخياطة عشرة فساتين لعشر عرائس.. آه يا أمي، ويل حزنك يا أمي، أنا لست كما تتمنين.
حان وقت تعليمي، دخلت المدرسة، كان والدي يحضر معي كل الحصص التعليمية، لا تستغربوا، ما عاشه أجبره على ذلك.
أما والدتي فكانت تقرأ عليّ كتيباً من الأذكار والأدعية في كل يوم، لا تلوموها، فقد ترقرقت دموعها كثيراً.
رسبت في السنة الأولى، ليس إهمالًا مني، إنما باغتني مرض لوكيميا النخاع (ابيضاض الدم)
هنا فجيعة أخرى تداهم وتزيد من أوجاع الرائحة العتيقة، بكم أنتم بك يا أبي وبك يا أمي، ألم أقل لكم؟! اتركوني اتركوني، أصيح راجياً منهم،
سأعود إلى اخوتي، أهمس قائلاً لهم.
لم يقوموا بقتل أملهم في الله، بل قرروا تربيته.. أقصد (الأمل) فجعلت أمي من المستشفى بيتاً ومن غرفة التنويم مطبخاً، أما أبي استسلم لحزنه ووجعه وقرر الذهاب إلى إخوتي.
بقيت أنا وأمي ومرضي وحدنا دون أبي، يا أمي أناديها دامعاً: أرجوك لا تذهبي قبلي أرجوك دعيني أذهب أنا أولاً، قبّلتني مبتسمة ابتسامة بيضاء، وكأنها رسمت في رأسها ما سيحدث.
أهلكني المرض، متى سأنجو.. ليس من المرض.. من الخوف من رحيل أمي.
أتتني ذات يوم بقصائدها التي تحب، سمعناها سوياً ثمّ نمنا، استيقظت باكراً وهي نائمة، استمعت إلى هدنة الصباح، لشاعرها المفضل (درويش) وهو يقول: «أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي».
ولكن أمي لم تستيقظ، ظلّت نائمة إلى الأبد.
شُفيت يا أمي وكبرت وقمت بتأسيس عائلة جميلة كما تريدين، ولكني أحن إليك، أحن إلى خبزك.
طرقتُ باب ضلع أبي وفتحت لي أمي بطنها بعدما ما نال الحزن والكدر ما نال منهم، بعدما فجعوا بوفاة إخوتي، أتوا إليّ إخوتي، إلى السماء، كُتب لنا أن نتقابل في زرقة السماء، جلبوا معهم رائحة لم أشمّ مثلها هنا أبداً، إنها رائحة والديَّ، وقبل أن أنزل إلى الإرض طمعتُ في أخذ نصيبي من متعة عتاب الإخوة وقلت لهم: ناشدتكم الذي أنتم ذاهبون إليه، أليس ثقيلاً ما تتركونه لي وتذهبون؟ كيف أصبح لهم أنتم؟! بل كيف سأقوم بتضميد جراح هذه الرائحة؟! قلتها.. ونزلت باكياً مستشعراً صعوبة مهمتي.
ذبح أبي عشرين خروفاً وأطعم مئة مسكين.. لا يأبي لا، لا تبالغ بفرحتك، أنا لست كما تظن.
قامت أمي بخياطة عشرة فساتين لعشر عرائس.. آه يا أمي، ويل حزنك يا أمي، أنا لست كما تتمنين.
حان وقت تعليمي، دخلت المدرسة، كان والدي يحضر معي كل الحصص التعليمية، لا تستغربوا، ما عاشه أجبره على ذلك.
أما والدتي فكانت تقرأ عليّ كتيباً من الأذكار والأدعية في كل يوم، لا تلوموها، فقد ترقرقت دموعها كثيراً.
رسبت في السنة الأولى، ليس إهمالًا مني، إنما باغتني مرض لوكيميا النخاع (ابيضاض الدم)
هنا فجيعة أخرى تداهم وتزيد من أوجاع الرائحة العتيقة، بكم أنتم بك يا أبي وبك يا أمي، ألم أقل لكم؟! اتركوني اتركوني، أصيح راجياً منهم،
سأعود إلى اخوتي، أهمس قائلاً لهم.
لم يقوموا بقتل أملهم في الله، بل قرروا تربيته.. أقصد (الأمل) فجعلت أمي من المستشفى بيتاً ومن غرفة التنويم مطبخاً، أما أبي استسلم لحزنه ووجعه وقرر الذهاب إلى إخوتي.
بقيت أنا وأمي ومرضي وحدنا دون أبي، يا أمي أناديها دامعاً: أرجوك لا تذهبي قبلي أرجوك دعيني أذهب أنا أولاً، قبّلتني مبتسمة ابتسامة بيضاء، وكأنها رسمت في رأسها ما سيحدث.
أهلكني المرض، متى سأنجو.. ليس من المرض.. من الخوف من رحيل أمي.
أتتني ذات يوم بقصائدها التي تحب، سمعناها سوياً ثمّ نمنا، استيقظت باكراً وهي نائمة، استمعت إلى هدنة الصباح، لشاعرها المفضل (درويش) وهو يقول: «أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي».
ولكن أمي لم تستيقظ، ظلّت نائمة إلى الأبد.
شُفيت يا أمي وكبرت وقمت بتأسيس عائلة جميلة كما تريدين، ولكني أحن إليك، أحن إلى خبزك.