أوضح الباحث الدكتور عبدالمحسن بن طما أن ما ورد في حوار الدكتور فايز بن موسى البدراني تحت عنوان «دعوى انتساب القبائل المعاصرة للأنصار لا أساس لها». والمنشور في صحيفة «عكاظ» يوم الجمعة 11 فبراير 2022م، مكرر وليس بجديد، فقد ذكر أكثر من ذلك في صحيفة الوطن يوم الجمعة عدد 3 مارس 2017م، حين عنون قوله بـ«الأنصار اختفوا من المدينة المنورة بشكل نهائي»، وفي السبت 4 مارس 2017م عنون قوله في صحيفة «عكاظ» بـ«لا وجود للأنصار في المدينة المنورة اليوم»، وها هو يكرر قوله بصيغة أخرى لإيهام العامة، ومرد قوله هذا مبني على فهمه الخاطئ لمعنى الحديث (النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ)، والحقيقة أن العلماء قد وضّحوا معنى هذا الحديث، وآراءهم تذكر أن المعني بالأنصار هنا هم الذين ناصروا النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، ومن تلك الآراء:
الرأي الأول: قال ابن حجر: «أي أن الأنصار يقلون، وفيه إشارة إلى دخول قبائل العرب والعجم في الإسلام وهم أضعاف أضعاف قبيلة الأنصار، فمهما فرض في الأنصار من الكثرة كالتناسل فرض في كل طائفة من أولئك، فهم أبدا بالنسبة إلى غيرهم قليل. [ابن حجر: فتح الباري، 8/501].
الرأي الثاني: قال ابن حجر: (بصيغة الاحتمال): ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم اطلع على أنهم يقلون مطلقا فأخبر. فلم يرجح ابن حجر الرأي الثاني بل جعله كله ضمن الاحتمال حين قال: «ويحتمل» وبذلك فهو ليس رأيا راجحا لديه.
الرأي الثالث: قال بدر الدين العيني: «لأن الأنصار هم الذين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه، وهذا أمر قد انقضى زمانه لا يلحقهم اللاحق ولا يدرك شأوهم السابق وكلما مضى منهم أحد مضى من غير بدل فيكثر غيرهم ويقلون. قوله (حتى يكونوا كالملح في الطعام) يعني من القلة ووجه التشبيه بين الأنصار والملح هو أن الملح جزء يسير من الطعام وفيه إصلاحه فكذلك الأنصار وأولادهم من بعدهم جزء يسير بالنسبة إلى المهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا الأقاليم». [العيني: عمدة القاري، ج15/266]، ويدعم ذلك نص هذا الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر المهاجرين فإنكم قد أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيئتها التي عليها اليوم». لا يزيدون لأنهم قد أسلموا جميعا بينما المهاجرون يتوافدون للمدينة.
الرأي الرابع: قال الأبي: «الأظهر أنه يعني المباشرين لنصرته صلى الله عليه وسلم لا أبناءهم» [الكوكب الوهاج، ج24/153].
الرأي الخامس: قال الشيخ صالح المغامسي في تفسير الآية الكريمة: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ)، «المقصود بالأنصار هنا من كان ناصرا للنبي صلى الله عليه وسلم على حياته» من الأوس والخزرج [ كتابي: الحق الأبلج، ص26].
إن آراء العلماء السابقين تؤكد بأن المقصود بالأنصار في الحديث السابق هم من ناصروا النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وقد مات آخر الأنصار سنة 88هـ وقيل 91هـ [السيوطي: البدور السافرة ج1/473]، وقد ظل أبناؤهم وأحفادهم في مدينتهم محتفظين بأسماء فروع قبائل الأوس والخزرج ثم ذكرت المصادر أخبار انتقالهم لأودية الفرع والصفراء والروحاء وينبع وشرق المدينة في القرون الأُول ثم اندمجوا في كيان واحد معروف مثلهم مثل غيرهم من الكيانات الحجازية الواقعة على طريق القوافل بين مكة والمدينة. ولا شك بأن إقحام ذكر لسان اليمن الحسن بن أحمد الهَمْداني الزيدي في موضوع عن الأنصار في غير محله، لأن ذلك يجرنا إلى خبر منقول عن كتاب الإكليل المزيف (ج1-2) لمحمد ابن نشوان [ت:614هـ] ونقل عنه الأشعري، [ت:650هـ]، وللحسين بن أحمد تقريض لبعض نسخه، وقد حقق كتاب الإكليل أحد أشهر المتعصبين لتاريخ اليمن وهو القاضي محمد الأكوع ومن شواهد تعصبه حين تعرض بالإساءة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، [الإكليل1-162]، وإن إشادة الشيخ مقبل الوادعي بالأكوع كانت قبل أن يتحول الشيخ مقبل للسلفية. وأما الطاعنون في الهمداني فأولهم أبناء عمومته من علماء اليمن أنفسهم.
الرأي الأول: قال ابن حجر: «أي أن الأنصار يقلون، وفيه إشارة إلى دخول قبائل العرب والعجم في الإسلام وهم أضعاف أضعاف قبيلة الأنصار، فمهما فرض في الأنصار من الكثرة كالتناسل فرض في كل طائفة من أولئك، فهم أبدا بالنسبة إلى غيرهم قليل. [ابن حجر: فتح الباري، 8/501].
الرأي الثاني: قال ابن حجر: (بصيغة الاحتمال): ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم اطلع على أنهم يقلون مطلقا فأخبر. فلم يرجح ابن حجر الرأي الثاني بل جعله كله ضمن الاحتمال حين قال: «ويحتمل» وبذلك فهو ليس رأيا راجحا لديه.
الرأي الثالث: قال بدر الدين العيني: «لأن الأنصار هم الذين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه، وهذا أمر قد انقضى زمانه لا يلحقهم اللاحق ولا يدرك شأوهم السابق وكلما مضى منهم أحد مضى من غير بدل فيكثر غيرهم ويقلون. قوله (حتى يكونوا كالملح في الطعام) يعني من القلة ووجه التشبيه بين الأنصار والملح هو أن الملح جزء يسير من الطعام وفيه إصلاحه فكذلك الأنصار وأولادهم من بعدهم جزء يسير بالنسبة إلى المهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا الأقاليم». [العيني: عمدة القاري، ج15/266]، ويدعم ذلك نص هذا الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر المهاجرين فإنكم قد أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيئتها التي عليها اليوم». لا يزيدون لأنهم قد أسلموا جميعا بينما المهاجرون يتوافدون للمدينة.
الرأي الرابع: قال الأبي: «الأظهر أنه يعني المباشرين لنصرته صلى الله عليه وسلم لا أبناءهم» [الكوكب الوهاج، ج24/153].
الرأي الخامس: قال الشيخ صالح المغامسي في تفسير الآية الكريمة: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ)، «المقصود بالأنصار هنا من كان ناصرا للنبي صلى الله عليه وسلم على حياته» من الأوس والخزرج [ كتابي: الحق الأبلج، ص26].
إن آراء العلماء السابقين تؤكد بأن المقصود بالأنصار في الحديث السابق هم من ناصروا النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وقد مات آخر الأنصار سنة 88هـ وقيل 91هـ [السيوطي: البدور السافرة ج1/473]، وقد ظل أبناؤهم وأحفادهم في مدينتهم محتفظين بأسماء فروع قبائل الأوس والخزرج ثم ذكرت المصادر أخبار انتقالهم لأودية الفرع والصفراء والروحاء وينبع وشرق المدينة في القرون الأُول ثم اندمجوا في كيان واحد معروف مثلهم مثل غيرهم من الكيانات الحجازية الواقعة على طريق القوافل بين مكة والمدينة. ولا شك بأن إقحام ذكر لسان اليمن الحسن بن أحمد الهَمْداني الزيدي في موضوع عن الأنصار في غير محله، لأن ذلك يجرنا إلى خبر منقول عن كتاب الإكليل المزيف (ج1-2) لمحمد ابن نشوان [ت:614هـ] ونقل عنه الأشعري، [ت:650هـ]، وللحسين بن أحمد تقريض لبعض نسخه، وقد حقق كتاب الإكليل أحد أشهر المتعصبين لتاريخ اليمن وهو القاضي محمد الأكوع ومن شواهد تعصبه حين تعرض بالإساءة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، [الإكليل1-162]، وإن إشادة الشيخ مقبل الوادعي بالأكوع كانت قبل أن يتحول الشيخ مقبل للسلفية. وأما الطاعنون في الهمداني فأولهم أبناء عمومته من علماء اليمن أنفسهم.