-A +A
عبدالوهاب أبو زيد
تارةً يتفجّرُ نبعًا

فتشربُ منه


تارةً يتجلّى سماءً

فتصعدُ فيها

تارةً يتردّدُ مثل الصدى

في الجبال القصيّةْ

تارةً يتضوّعُ كالوردِ في المزهريّةْ

تارةً يتكثّفُ مثل الندى

فوق مرآةِ روحكَ

من ألمٍ يعتريك

ومن رجفةٍ تعتريها

تارةً يتلفّتُ كالأمِّ باحثةً عن بنيها

تارةً يصبحُ الشعرُ بيتًا

تارةً يصبحُ الشعرُ تيهًا

تارةً يصبحُ الشعرُ صحراءَ شاسعةً

تارةً يصبحُ الشعرُ جنّةْ

تارةً يصبحُ الشعرُ نايًا

تارةً يصبحُ الشعرُ أنّةْ

تارةً يتهشّمُ مثل المرايا

تارةً يتقدّمُ كالحربِ

عاثرةً بالضحايا

تارةً يصبحُ الشعرُ صخرةْ

تارةً يصبحُ الشعرُ زهرةْ

تتفتحُ بين الحنايا

تارةً يصبحُ الشعرُ شعرةْ

ترسمُ الفاصلَ المتوهمَ ما بين عقلٍ يغيمُ

وبين جنونٍ مقيمْ

تارةً يشبه الشعرُ أن تتقلّبَ وحدك

في حجراتِ الجحيمْ

تارةً يتشكلُ ما بين جفنيك مثل الدموعْ

تارةً يشبعُ الشعرُ منك

وحينًا يجوعْ

إليكَ. وحينًا ينالُ الظمأ

منكما، لكما في الزمان/‏المكان الخطأْ

تارةً يسقطُ الشعرُ

في شَرَكِ المفرداتْ

تارةً ليس تخرجُ كفّاكَ منه

بغير الفُتاتْ

تارةً يتلعثمُ فوق شفاهِ الحروفْ

تارةً يتصاخبُ ملتبسًا

بضجيجِ الدفوفْ

تارةً يصمتُ

تارة ينبتُ

كالحشائش بين الصخورْ

تارةً يتسمّرُ شاهدةً

فوق صمتِ القبورْ

تارةً يصبحُ الشعرُ عشًا

تارةً يصبحُ الشعرُ ريحًا

تارةً يجرحُ الشعرُ كالنصلِ

أو مثلما مخلبٍ

تارةً يتهاوى جريحًا

تارةً ينهضُ الشعرُ من قبره

كي يعيشَ قيامته من جديدٍ مسيحًا

تارةً يتحنّثُ في غاره

أو يجيئك من ناره

قبسٌ تستضيءُ بهِ مقلتاكْ

تارةً يتلامعُ من ضوئه في سماكْ

وهجٌ لا يراه سوى الراسخين بتأويلِ معنى الظلالْ

تارةً لا يُنالْ

تارةً تتوهمُ أن الخلودَ يمرُّ به لا سواه

تارةً تتمنى بألا يراكَ وألا تراه

تارةً يصبحُ الشعرُ صنوَ العدمْ

هامسًا لكَ: لا.. لن.. ولمْ!