مع كثرة الاختلافات التي أحدثها التتبع التاريخي لليهود في الجزيرة العربية، ونخصّ هنا مدينة «نجران» التي قيل إنّ اليهود فيها كانوا أقلية، وليسوا جزءاً من النسيج الاجتماعي قبل خمسينيات القرن الماضي، وأنهم جاءوا إلى منطقة نجران على هيئة عمال وأرباب تجارة وصناعة، لكونهم في الأصل امتداداً ليهود صعدة المعروفين، وقيل أيضاً في مصادر تاريخية أخرى أنّ أعداد اليهود في عام 1932م في نجران قدرت بسبعة آلاف، ولكنهم وصلوا في عام 1948م إلى نحو 260 شخصاً، كان يعمل معظمهم في الحرف والمهن اليدوية، واشتغل قليل منهم في الرعي والزراعة، وسكنوا بحسب الكاتب محمد الساعد أحياء في نجران من أهمها «القابل، ورجلاء، والحضن، ومراطة، والجربة، وبيردار، ووسط صاغر، والحوية، ودحضة، والقلح، والعوكلة».
أما المصادر اليمنية فقد أبرزت هجرة اليهود من اليمن بحسب تحقيق لصحيفة اندبندت عربية، التي أشارت إلى أنه في عام 1948م نظمت هجرة اليهود من نجران واليمن إلى إسرائيل وأطلق عليها (بساط الريح) أو (البساط السحري) وأنها جرت في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1948، حين بدأت الوكالة اليهودية بترحيلهم عبر رحلات جوية عدة، نقل خلالها 65 ألف يهودي يمني إلى إسرائيل، ولم تكن تلك الهجرة الأولى من نوعها لليهود اليمنيين إلى إسرائيل، ولا الأخيرة، غير أنها كانت أكبر وأهم الهجرات، لا سيما أنها جاءت في ظروف سياسية معقدة إثر تداعيات حرب نكبة فلسطين.
من هذه الأحداث والمصادر يقدم الروائي السعودي حاتم حسين حاتم روايته التاريخية «شيوط» (النار) الصادرة مؤخراً عن النادي الأدبي الثقافي في نجران بالتعاون مع مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع في 199 صفحة من القطع المتوسط، ليعيد بهذا العمل الأدبي كتابة تاريخ مدينة نجران، معتمداً على حدثين تاريخيين جمع بينهما المكان في زمنين مختلفين.
الحدث الأول جلوس «لخاعة» في منتصف القرن الرابع الميلادي على عرش حمير، وقتله السلالة الحميرية الحاكمة والنقية التي لم يبقَ منها سوى القليل من الأطفال والنساء، بدافع الحقد عليهم بعد مهاجمتهم قريته في الحبشة وقتلهم والديه أمام عينيه، إذ لم ينس مشهد سحل أمه وغرز الرمح في صدر أبيه وإحراق قريته وقتل كل من فيها، مع أنّ الحميريين تبنوا «لخاعة» بالعمل في قصرهم وهو ابن عشر سنوات إلاّ أنه أخذ يخطط منذ نعومة أظفاره للانتقام والقضاء على السلالة الحميرية، لكنه قتل في ما بعد على يد صبيّ حميري لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره اسمه «ذو نواس» يوسف بن شرحبيل، لتبدأ قصة انتقام جديدة.
أما الحدث الآخر فقد كان في عام 1949م وبطله صالح الدباح الزعيم الديني لليهود في مدينة نجران وابنه يامن.
هذا العمل قدمه الروائي حاتم علي في 39 فصلاً، وأداره بحدثيه التاريخيين بمهارة كتابيّة عالية، وتشويق وإتقان دون تكلف لغوي، أو مبالغة، وفي تسلسل تاريخي محكم راوح فيه الروائي بين الحقيقة التاريخية والخيال الأدبي دون طغيان أحدهما على الآخر، أو نفور أحدهما من الآخر.
اتصل هذا العمل الروائي التاريخي بإبادة تبع اليمن ذي نواس نصارى نجران كأول محرقة في التاريخ نفذها اليهود في حقّ نصارى نجران المدينة التي كانت تلتقي فيها جميع الأديان في ذلك الزمن من يهودية ووثنية ومسيحية، وهجرة يهود نجران إلى فلسطين المحتلة في خمسينيات القرن المنصرم والدور الذي لعبه عبدالله فيلبي الذي دفع (بحسب الرواية) اليهود للهجرة بحجة خوفه عليهم من الإبادة.
اعتمد الروائي في سرد معلوماته التاريخية على نقش حميري قديم يعود إلى 623 بالتقويم الحميري الموافق 518م وكان المصدر في الكشف عن إبادة التبع ذي نواس لنصارى نجران وإحراقهم في الأخدود، فيما اعتمد في توثيق هجرة يهود نجران الحديثة إلى فلسطين على التاريخ العربي الحديث متكئاً على المصادر التاريخية التي أشارت إلى إنّ آلاف اليهود نُقلوا من جزيرة العرب عن طريق ميناء عدن إلى تل أبيب تحت الحماية البريطانية.
الجمع بين هاتين الحادثتين في مكان واحد كان الثيمة الأبرز في هذا العمل، تجمع بينها طفولة ذي نواس ويامن وخوف اليهود من الإبادة وتاريخ نجران الثقافي والربط المتقن الذي اعتمد على الواقع والخيال، الواقع الذي مثله في هذا العمل (لخاعة، ذي نواس، والقديس، الحارث بن كعب، جون فيلبي)، والخيال الذي مثّلته شخصيات (عكرمة العبسي، أسعد بن فهم، عدي، الدباح صالح، يامن بن صالح الدباح)، وعلى الرغم من دور هذه الشخصيات في الانتقال بالعمل الروائي من حالة إلى حالة إلاّ أنّ رهان السارد الأكبر كان على الزمان والمكان الذي انتقل فيه يامن بن صالح الدباح من نجران إلى إسرائيل إلى ألمانيا ليعود إلى نجران، متفحصاً النقوش الأثرية في الأخدود حتى وصل لصورة الحصان ذي القرون الثلاثة.
الرواية أكدت أنّ محرقة الهولوكوست التي يتذكرها العالم دون أيّ منغصات تاريخية على الأمة الإسرائيلية ليست الأولى في التاريخ بل نفتها المخطوطة السريانية عن مجازر الملك اليهودي ذي نواس والنقوش الموجودة في منطقة الأخدود في نجران لمسيحيي نجران.
حسنات هذا العمل الأدبي تتجاوز بعض الهنات التي لا تكاد تذكر في عمل روائي تاريخي أعاد كتابة تاريخ «نجران» مدينة المؤمنين كما كان يطلق عليها.
أما المصادر اليمنية فقد أبرزت هجرة اليهود من اليمن بحسب تحقيق لصحيفة اندبندت عربية، التي أشارت إلى أنه في عام 1948م نظمت هجرة اليهود من نجران واليمن إلى إسرائيل وأطلق عليها (بساط الريح) أو (البساط السحري) وأنها جرت في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1948، حين بدأت الوكالة اليهودية بترحيلهم عبر رحلات جوية عدة، نقل خلالها 65 ألف يهودي يمني إلى إسرائيل، ولم تكن تلك الهجرة الأولى من نوعها لليهود اليمنيين إلى إسرائيل، ولا الأخيرة، غير أنها كانت أكبر وأهم الهجرات، لا سيما أنها جاءت في ظروف سياسية معقدة إثر تداعيات حرب نكبة فلسطين.
من هذه الأحداث والمصادر يقدم الروائي السعودي حاتم حسين حاتم روايته التاريخية «شيوط» (النار) الصادرة مؤخراً عن النادي الأدبي الثقافي في نجران بالتعاون مع مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع في 199 صفحة من القطع المتوسط، ليعيد بهذا العمل الأدبي كتابة تاريخ مدينة نجران، معتمداً على حدثين تاريخيين جمع بينهما المكان في زمنين مختلفين.
الحدث الأول جلوس «لخاعة» في منتصف القرن الرابع الميلادي على عرش حمير، وقتله السلالة الحميرية الحاكمة والنقية التي لم يبقَ منها سوى القليل من الأطفال والنساء، بدافع الحقد عليهم بعد مهاجمتهم قريته في الحبشة وقتلهم والديه أمام عينيه، إذ لم ينس مشهد سحل أمه وغرز الرمح في صدر أبيه وإحراق قريته وقتل كل من فيها، مع أنّ الحميريين تبنوا «لخاعة» بالعمل في قصرهم وهو ابن عشر سنوات إلاّ أنه أخذ يخطط منذ نعومة أظفاره للانتقام والقضاء على السلالة الحميرية، لكنه قتل في ما بعد على يد صبيّ حميري لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره اسمه «ذو نواس» يوسف بن شرحبيل، لتبدأ قصة انتقام جديدة.
أما الحدث الآخر فقد كان في عام 1949م وبطله صالح الدباح الزعيم الديني لليهود في مدينة نجران وابنه يامن.
هذا العمل قدمه الروائي حاتم علي في 39 فصلاً، وأداره بحدثيه التاريخيين بمهارة كتابيّة عالية، وتشويق وإتقان دون تكلف لغوي، أو مبالغة، وفي تسلسل تاريخي محكم راوح فيه الروائي بين الحقيقة التاريخية والخيال الأدبي دون طغيان أحدهما على الآخر، أو نفور أحدهما من الآخر.
اتصل هذا العمل الروائي التاريخي بإبادة تبع اليمن ذي نواس نصارى نجران كأول محرقة في التاريخ نفذها اليهود في حقّ نصارى نجران المدينة التي كانت تلتقي فيها جميع الأديان في ذلك الزمن من يهودية ووثنية ومسيحية، وهجرة يهود نجران إلى فلسطين المحتلة في خمسينيات القرن المنصرم والدور الذي لعبه عبدالله فيلبي الذي دفع (بحسب الرواية) اليهود للهجرة بحجة خوفه عليهم من الإبادة.
اعتمد الروائي في سرد معلوماته التاريخية على نقش حميري قديم يعود إلى 623 بالتقويم الحميري الموافق 518م وكان المصدر في الكشف عن إبادة التبع ذي نواس لنصارى نجران وإحراقهم في الأخدود، فيما اعتمد في توثيق هجرة يهود نجران الحديثة إلى فلسطين على التاريخ العربي الحديث متكئاً على المصادر التاريخية التي أشارت إلى إنّ آلاف اليهود نُقلوا من جزيرة العرب عن طريق ميناء عدن إلى تل أبيب تحت الحماية البريطانية.
الجمع بين هاتين الحادثتين في مكان واحد كان الثيمة الأبرز في هذا العمل، تجمع بينها طفولة ذي نواس ويامن وخوف اليهود من الإبادة وتاريخ نجران الثقافي والربط المتقن الذي اعتمد على الواقع والخيال، الواقع الذي مثله في هذا العمل (لخاعة، ذي نواس، والقديس، الحارث بن كعب، جون فيلبي)، والخيال الذي مثّلته شخصيات (عكرمة العبسي، أسعد بن فهم، عدي، الدباح صالح، يامن بن صالح الدباح)، وعلى الرغم من دور هذه الشخصيات في الانتقال بالعمل الروائي من حالة إلى حالة إلاّ أنّ رهان السارد الأكبر كان على الزمان والمكان الذي انتقل فيه يامن بن صالح الدباح من نجران إلى إسرائيل إلى ألمانيا ليعود إلى نجران، متفحصاً النقوش الأثرية في الأخدود حتى وصل لصورة الحصان ذي القرون الثلاثة.
الرواية أكدت أنّ محرقة الهولوكوست التي يتذكرها العالم دون أيّ منغصات تاريخية على الأمة الإسرائيلية ليست الأولى في التاريخ بل نفتها المخطوطة السريانية عن مجازر الملك اليهودي ذي نواس والنقوش الموجودة في منطقة الأخدود في نجران لمسيحيي نجران.
حسنات هذا العمل الأدبي تتجاوز بعض الهنات التي لا تكاد تذكر في عمل روائي تاريخي أعاد كتابة تاريخ «نجران» مدينة المؤمنين كما كان يطلق عليها.