أكد الناقد محمد العباس أنّ حركة الحداثة الأدبية في السعودية لم يكن خطابها من عندياتها بل كانت محمولة على مهبات العولمة، في الوقت الذي كان خصوم الحداثة يتمترسون في ما عرف بالصحوة، حيث كان المد الديني في أوجه إلى أن انكسرت موجة الصحوة بعد ثلاثة عقود فخفتت حدة المواجهة التي تأسست على الثنائيات الحادة في المقام الأول ولم يتبق من تلك الذكريات الوعرة إلا ذكرى المؤلفات والكاسيتات التي يمكن عبرها التأريخ للخطابين: الحداثي والتقليدي لدرجة أن أنصار الحداثة تيقنوا أن الحداثة ماتت ولم تعد ذات أثر يذكر لا على المستوى الأدبي ولا في السياق الاجتماعي، حيث أعلن فريق منهم موتها وتجرأ فصيل آخر على التبشير بلحظة ما بعد حداثية يجد نفسه فيها.
وأضاف العباس في كتابه «السيناريو الدنيوي للعالم» الصادر حديثاً عن النادي الأدبي الثقافي بنجران ومركز الأدب العربي للنشر والتوزيع في 245 صفحة من القطع المتوسط أنّ القصة القصيرة غرقت في الكم وصارت محلا مشاعا لكل من يريد تسجيل حضوره في حقل الأدب ولم تكن محاولات تطوير القصة القصيرة جدا إلا مراودات شكلية لتحريك القصة القصيرة باتجاه آفاق أكثر حداثة، حيث انفتح هذا الحقل على اتساعه ليجرب فيه طابور طويل من الكتاب الذين تنقصهم الخبرات اللغوية واللالغوية، وبالتالي تحول المشهد إلى متاهة يصعب الوقوف فيها على نص يمكن الاطمئنان إلى مختزناته الحديثة، فيما اكتفى شعراء الثمانينات الذين كان ينظر إليهم كرموز للحداثة الأدبية بنصوصهم التي بهتت ولم تعد لهم تلك القدسية والنجومية بعد أن خضعت قصائدهم لقراءات بمزاج محايد وبرؤى بعيدة عن الشخصنة ولم يصمد من تلك النصوص والرموز إلا القليل أمام أكبر ناقد وهو الزمن بل يمكن القول إنّ بعض شعراء تلك المرحلة تجوهر إثر القراءات المتلاحقة وبعضهم لم يعد له من الوجود الأدبي إلا التكريمات الموسمية والاستعراضات الإعلامية ولم تعد قريحتهم الشعرية تسعفهم بأيّ نصوص تؤكد شاعريتهم وكأنهم مجرد ضرورة مرحلية أو أدوات للحظة حرجة من الوجهة الاجتماعية وهذا ما يفسر لجوء بعضهم إلى طباعة مخطوطات ومسودات نصوصهم الأولى ليستبقوا أنفسهم في ذاكرة ووجدان الجمهور والأسوأ أن هؤلاء الرموز ما زالوا يحجبون تجارب أكثر نضجا واكتمالا منهم بمقتضى اختلال البنى الثقافية !
ولم تسلم الرواية من انتقادات العباس مع أنها كما يقول شكلت وعدا حداثيا هائلا، إلا أنها دخلت في دوائر التكرار والاستسهال حيث تحولت بانفتاحها الواسع من أداة تعبير عن الحداثة الاجتماعية إلى وسيلة للثرثرة الشخصية !
فيما عدّ العباس بحث الناقد سعيد السريحي (شعر أبي تمام بين النقد القديم ورؤية النقد الجديد) الصادر عام 1983 المنعطف الأول والأهم لتحديث الخطاب النقدي في السعودية، لأنه استجلب النظرية النقدية الحديثة، ومع أنّ هذا الاستجلاب مغامرة إلاّ أنه كان بمثابة منصة الانطلاق لخلخلة المقاربات الانطباعية للمنتج الأدبي القديم بمنهجية ورؤية مغايرة، فيما لامس كتاب عبدلله الغذامي (الخطيئة والتكفير) بحسب العباس المنجز الشعري المحلي بشكل تطبيقي إلى جانب التبشير والاستعراض التنظيري للمرة الأولى خارج رطانة الشكل والمحتوى القصدية، فيما اقترن حضور معجب الزهراني النقدي بتوطينه حوارية باختين في المشهد الثقافي حيث قدم مجموعة من القراءات المعتمدة على الحوارية، ويرى العباس أنّ جيل النظرية النقدية لم يتقدم بما يكفي في حقل النقد التطبيقي الحداثي بقدر ما أشبع الساحة بالتنظير وإثارة المشهد بالسجالات الحادة حيث استدرج التيار بمجمله إلى معركة على هامش النص، كما أنه لم يجادل نقد سعد البازعي المنهجي للتفكيك كما ينبغي حيث اعتبره الغذامي في كتابه حكاية الحداثة ممثلا لتيار من الأكاديميين المحافظين مع أنّ البازعي كما يقول العباس لم يكن على تلك الدرجة من المخاصمة الفارغة من المحتوى أو المستندة إلى قناعات لا عقلانية بل قدم طروحاته المضادة من واقع النظرية التي حمل الآخرون لواءها، إذ يميل البازعي إلى أن مناهج النقد الأدبي في الغرب متحيزة في جوهرها للأنساق الحضارية التي نشأت فيها وأنّ الناقد العربي أمامه طريقان الأول تطبيق تلك المناهج مع مضامينها وتوجهاتها الفكرية المعرفية والثاني إحداث تغيير جوهري في هذا المنهج أو ذاك والنتيجة اختلاف المنهج المعدّل عن المنهج الأصل !
وحمل العباس على جيل النظرية ممثلا بأبرز عرابيها وهو عبدالله الغذامي إقدامه على تنازلات غير مبررة على مستوى النظرية ذاتها والمفهوم والمصطلح، إضافة إلى قيادته فكرة تأسيس جماعة (منطق النص) التي يرى العباس أن نظرة عابرة لأسماء الجماعة تكفي لتقويض الفكرة والحكم على واقعها والمأمول منها، حيث ضمت الحركة بالإضافة إلى الغذامي كلا من سعيد السريحي، عثمان الصيني، عالي القرشي، خالد المحاميد، أحمد عائل فقيهي، عبده خال، عبدالمحسن يوسف، محمد الثبيتي، وعبدالعزيز الصقعبي، وهاشم الجحدلي وهي أسماء كما يقول العباس فاعلة في فضاءات إعلامية وإبداعية إلا أنها لا تمتلك القدرة ولا الخبرة ولا المعرفة لتكون جزءاً لا يتجزأ من جيل النظرية باستثناء سعيد السريحي الذي صنفه الغذامي نفسه مجرد طارئ على الحداثة والنظرية !
الكتاب ضمّ 23 مقالاً انتخبها العباس من بين عشرات المقالات المنشورة في منابر وأزمنة مختلفة لا يربط بعضها ببعض سوى ذات كاتبها كما قال !
وأضاف العباس في كتابه «السيناريو الدنيوي للعالم» الصادر حديثاً عن النادي الأدبي الثقافي بنجران ومركز الأدب العربي للنشر والتوزيع في 245 صفحة من القطع المتوسط أنّ القصة القصيرة غرقت في الكم وصارت محلا مشاعا لكل من يريد تسجيل حضوره في حقل الأدب ولم تكن محاولات تطوير القصة القصيرة جدا إلا مراودات شكلية لتحريك القصة القصيرة باتجاه آفاق أكثر حداثة، حيث انفتح هذا الحقل على اتساعه ليجرب فيه طابور طويل من الكتاب الذين تنقصهم الخبرات اللغوية واللالغوية، وبالتالي تحول المشهد إلى متاهة يصعب الوقوف فيها على نص يمكن الاطمئنان إلى مختزناته الحديثة، فيما اكتفى شعراء الثمانينات الذين كان ينظر إليهم كرموز للحداثة الأدبية بنصوصهم التي بهتت ولم تعد لهم تلك القدسية والنجومية بعد أن خضعت قصائدهم لقراءات بمزاج محايد وبرؤى بعيدة عن الشخصنة ولم يصمد من تلك النصوص والرموز إلا القليل أمام أكبر ناقد وهو الزمن بل يمكن القول إنّ بعض شعراء تلك المرحلة تجوهر إثر القراءات المتلاحقة وبعضهم لم يعد له من الوجود الأدبي إلا التكريمات الموسمية والاستعراضات الإعلامية ولم تعد قريحتهم الشعرية تسعفهم بأيّ نصوص تؤكد شاعريتهم وكأنهم مجرد ضرورة مرحلية أو أدوات للحظة حرجة من الوجهة الاجتماعية وهذا ما يفسر لجوء بعضهم إلى طباعة مخطوطات ومسودات نصوصهم الأولى ليستبقوا أنفسهم في ذاكرة ووجدان الجمهور والأسوأ أن هؤلاء الرموز ما زالوا يحجبون تجارب أكثر نضجا واكتمالا منهم بمقتضى اختلال البنى الثقافية !
ولم تسلم الرواية من انتقادات العباس مع أنها كما يقول شكلت وعدا حداثيا هائلا، إلا أنها دخلت في دوائر التكرار والاستسهال حيث تحولت بانفتاحها الواسع من أداة تعبير عن الحداثة الاجتماعية إلى وسيلة للثرثرة الشخصية !
فيما عدّ العباس بحث الناقد سعيد السريحي (شعر أبي تمام بين النقد القديم ورؤية النقد الجديد) الصادر عام 1983 المنعطف الأول والأهم لتحديث الخطاب النقدي في السعودية، لأنه استجلب النظرية النقدية الحديثة، ومع أنّ هذا الاستجلاب مغامرة إلاّ أنه كان بمثابة منصة الانطلاق لخلخلة المقاربات الانطباعية للمنتج الأدبي القديم بمنهجية ورؤية مغايرة، فيما لامس كتاب عبدلله الغذامي (الخطيئة والتكفير) بحسب العباس المنجز الشعري المحلي بشكل تطبيقي إلى جانب التبشير والاستعراض التنظيري للمرة الأولى خارج رطانة الشكل والمحتوى القصدية، فيما اقترن حضور معجب الزهراني النقدي بتوطينه حوارية باختين في المشهد الثقافي حيث قدم مجموعة من القراءات المعتمدة على الحوارية، ويرى العباس أنّ جيل النظرية النقدية لم يتقدم بما يكفي في حقل النقد التطبيقي الحداثي بقدر ما أشبع الساحة بالتنظير وإثارة المشهد بالسجالات الحادة حيث استدرج التيار بمجمله إلى معركة على هامش النص، كما أنه لم يجادل نقد سعد البازعي المنهجي للتفكيك كما ينبغي حيث اعتبره الغذامي في كتابه حكاية الحداثة ممثلا لتيار من الأكاديميين المحافظين مع أنّ البازعي كما يقول العباس لم يكن على تلك الدرجة من المخاصمة الفارغة من المحتوى أو المستندة إلى قناعات لا عقلانية بل قدم طروحاته المضادة من واقع النظرية التي حمل الآخرون لواءها، إذ يميل البازعي إلى أن مناهج النقد الأدبي في الغرب متحيزة في جوهرها للأنساق الحضارية التي نشأت فيها وأنّ الناقد العربي أمامه طريقان الأول تطبيق تلك المناهج مع مضامينها وتوجهاتها الفكرية المعرفية والثاني إحداث تغيير جوهري في هذا المنهج أو ذاك والنتيجة اختلاف المنهج المعدّل عن المنهج الأصل !
وحمل العباس على جيل النظرية ممثلا بأبرز عرابيها وهو عبدالله الغذامي إقدامه على تنازلات غير مبررة على مستوى النظرية ذاتها والمفهوم والمصطلح، إضافة إلى قيادته فكرة تأسيس جماعة (منطق النص) التي يرى العباس أن نظرة عابرة لأسماء الجماعة تكفي لتقويض الفكرة والحكم على واقعها والمأمول منها، حيث ضمت الحركة بالإضافة إلى الغذامي كلا من سعيد السريحي، عثمان الصيني، عالي القرشي، خالد المحاميد، أحمد عائل فقيهي، عبده خال، عبدالمحسن يوسف، محمد الثبيتي، وعبدالعزيز الصقعبي، وهاشم الجحدلي وهي أسماء كما يقول العباس فاعلة في فضاءات إعلامية وإبداعية إلا أنها لا تمتلك القدرة ولا الخبرة ولا المعرفة لتكون جزءاً لا يتجزأ من جيل النظرية باستثناء سعيد السريحي الذي صنفه الغذامي نفسه مجرد طارئ على الحداثة والنظرية !
الكتاب ضمّ 23 مقالاً انتخبها العباس من بين عشرات المقالات المنشورة في منابر وأزمنة مختلفة لا يربط بعضها ببعض سوى ذات كاتبها كما قال !